أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل اليابس - الجذور التاريخية والجيوسياسية للمسألة العراقية















المزيد.....



الجذور التاريخية والجيوسياسية للمسألة العراقية


عادل اليابس

الحوار المتمدن-العدد: 6133 - 2019 / 2 / 2 - 14:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1- مدخل ، جيوتاريخي عرف العراق تحت اسم بلاد الرافدين (Mesopotamia ( ، واطلق عليه سكانه تسمية العراق نسبة لحضارة قديمة على الفرات عرفت باسم (اوروك) ، يقع جغرافيا ، في الشرق الاوسط وضمن مجموعة الدول التي يطلق عليها (MENA) ،وهذا الموقع يعرف (ِ Pivot Area) أي قلب أومركز العالم ،وهي منطقة حيوية واستراتيجية ، وملتقى مايطلق عليه جزيرة العالم (أفروأوراسي) ، حيث تمثل ممرا لالتقاء ثلاث قارات ، اسيا واوربا واقريقيا .وهذا الموقع تاريخيا التقت عليه وتصارعت وامتزجت اقوام و حضارات من كل الاتجاهات ، الجنوب والشرق والغرب والشمال ،وتركت فيه عبر التاريخ بصمات ، اثنوغرافية عديدة ، قومية ودينية ومذهبية . ، ، وقبل قيام الدولة العراقية من قبل الاحتلال الانكليزي ، كان العراق ثلاث ولايات ، ولاية الموصل وبغداد والبصرة ، والانكليز وفقا لمصالحهم تجاوزو الاعتبارات التي ذكرت ، وصنعوا دولة من هجين عرف رسميا ( بالعراق )، دون اعتبار للواقع الجيوديمغرافي .(1)
2 - التنوع الديموغرافي (Multiculturalism) في العراق وآثاره الاجتماعية والجيوسياسية يتميز البناء الاجتماعي في العراق بظاهرة التعددية ( Pluralism) أو المجتمعات الفسيفسائية ( Mosaic) ، تتعدد مكوناته الاجتماعية والثقافية متباينة في اصولها اللغوية والعرقية والدينية يضاف لهذا التنوع التركيبة العشائرية للمجتمع العراقي . اذ تتشكل مكوناته الاجتماعية من ثلاث مجموعات رئيسية، العرب الشيعة ، الذين يشكلون أغلبية البلاد ويعيشون في الغالب في الجنوب من العاصمة بغداد ، العرب السنة في الشمال والغرب. بغداد العاصمة مختلطة سنية وشيعية.
في أقصى الشمال هناك الأكراد ، في ثلاث محافظات اضافة للاغلبية في المحافظة المختلطة كركوك . كما توجد (اقليات) ،ضمن المحافظات الشمالية الكردية والعربية ،منهم واكثرهم عددا التركمان )سنة وشيعة) ، يليهم الاكراد الفيليين شيعة)،ومجموعات من الاقوام الاقدم التي استوطنت تلك المناطق ، كالاشوريين (الاثوريين ) واليزيديين والاذريين والافغان والبلوش والهنود. يضاف الى الدين الاسلامي بطائفتيه ( السنة والشيعة) هناك اديان اخرى ، كالمسيحية واليهودية والصابئية واليزيدية. يتمدد هذا التشضي افقيا ، من خلال الولاءات العشائرية والمناطقية ، فعدد العشائر العراقية العربية () والكردية أكثر من ستة ومثلها التركمانية ، وقد أشار حنا بطاطو الى أهمية ذلك ، عندما قسم العرب في العراق الى حضر وعشائر . هذا التنوع في القوميات والاديان ، يثير التسأول حول الصعوبة والجدية لبناء مؤسسات ووطن موحد في العراق ، وقد أثبتت الاحداث التاريخية اللاحقة ، صعوبة هذا الخيار ،فقد كانت حصيلته عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي ،لهذا الكيان منذ قيامه كدولة .وهذا ماعبر عنه بدقة الملك فيصل الاول (1921-1933) في خطابه عام 1921: )) أقول وقلبي ملآن أسىً… إنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء ميالون للفوضى، مستعدون دائماً للانتفاض على أي حكومة كانت ،)).. (2) وفي مذكرته في آذار سنة 1933 حدد الملك فيصل ما كانت تعانيه البلاد من نواقص ، وفي مقدمتها قوله :" (( إن البلاد العراقية هي من جملة البلدان التي ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية ، ذلك هو الوحدة الفكرية والملية (الوطنية ) والدينية .فهي والحالة هذه مبعثرة القوى ،مُنقسمة على بعضها )) (2). فالح عبد الجبار ( العمامة والافندي 2010) ،يذهب الى أن الدولة العراقية تشكلت بعد اقنطاعها من اراضي الرجل المريض ( الامبراطورية العثمانية ) من تجميع ثلاث ولايات ، بغداد موصل البصرة ، وهذه الدولة كانت نتاجا للحقبة الاستعمارية ، بعد الحرب العالمية الاولى ، ومن رقعة عشوائية قرر حدودها وحماها البريطانيون ( اختراع دولة العراق ) ،وتضم مزيجا غير متجانس من المجموعات الاثنية والدينية والمذهبية ، ذوات خصائص متباينة اقصى درجات التباين. (3)،(4) يؤيد البروفيسور أزهر السماك ، بتحليله للمجتمع العراقي والذي يعزوه لموقع العراق الجغرافي واكتشاف النفط فيه " ريع الموقع ، أن غالبية الغزاة والاحلاف العسكرية ، مرت في العراق وخلفت فيه بصمات اثنوغرافية ، وهبات الموضع ، صراع الدول الكيرى للسيطرة على البترول ابتدأ من خط بغداد برلين بصرة عام 1870 ، كل هذه العوامل ، انعكست على الشخصية العراقية ، وباتت تعاني من التناشز الاجتماعي ، وثقافة متناقضة ، غير منسجمة ، تجمع بين البداوة والحضرية ،العشيرة والمواطنة ، بين التقدم ومظاهر التخلف ،وهذه الشخصية انعكست على الوضع السياسي والاقتصادي ". وهذا ما توصل اليه عالم الاجتماع العراقي علي الوردي في تحليله للشخصية العراقية ، حلل علي الوردي الشخصية العراقية على اعتبارها شخصية ازدواجية تحمل قيم متناقضة هي قييم البداوة وقيم الحضارة وأثبت أن لجغرافيا العراق أثر في تكوين الشخصية العراقية فهو بسبب وجود النهرين، بلد يسمح ببناء حضارة، ولكن قربه من الصحراء العربية جعل منه عرضة لهجرات كبيرة وكثيرة عبر التاريخ آخرها قبل 250 سنة تقريبا . (5)
3- العراق من 1921-1958 خضعت بلاد مابين الرافدين للحكم العثماني (الخلافة العثمانية) للفترة التاريخية من عام 1534م إلى 1920 ،كانت العراق العثمانية مقسمة إلى ثلاث ولايات ، ولاية بغداد ،ولاية الموصل ولاية البصرة. وللضرورات البحثية ،لن نتطرق الى هذا التاريخ ، لتماثله مع اغلب الدول العربية في الشرق الاوسط لكن لابد من الاشارة هنا للفترة من (1508-1623) ، اذ تعرضت بلاد مابين الرافدين لاحتلال تناوب فيه العثمانيون والصفويين ، عاش فيها البلاد تصاعد في المد الطائفي وارتكبت مذابح (لأعتبارات طائفية ) وحدثت كوارث ومجاعات ، تركت بصمات واضحة على طبيعة المجتمع العراقي وتاريخه اللاحق. العديد من المؤرخين والباحثين ، يعتبرون ان تاريخ العراق الحديث ، يبدء من الاحتلال البريطاني للعراق (1918)، واقامة الدولة العراقية في عام 1921 ومابعده،وهذا يتماشى مع نهج هذا البحث ، بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى(1914-1918) ،والاحتلال الانكليزي و بموجب معاهدة [ سايكس بيكو ] السرية عام 1916، ومن ثم معاهدة [ سان ريموٍ] ، والتي جرى الإعلان عنها في أوربا في 25 نيسان 1920 ، كان العراق من نصيب البريطانيين الذين فرضوا بادئ الأمر حكم العراق بصورة مباشرة . اسس البريطانيون ،عدد من الدوائر المدنية ، وجهاز للشرطة والتعليم ، وقسمت البلاد الى وحدات ادارية سميت في حينها بالالوية ( محافظات حاليا ) ، وقسموا الاخيرة الى اقضية ونواحي ،وذلك بغية تعزيز سيطرتهم على البلاد ،لابد من الاعتراف ، بأن هذا كان تاسيسا (للدولة العراقية ). لم يستقر الوضع في العراق ، لاسباب يعزوها الباحث بصورة رئيسية للمرجعيات الدينية الشعية في العراق والتي كان جلها من اصول فارسية ، وبعد سلسلة من الانتفاضات والمعارك ، من تداعيات صك الانتداب البريطاني على العراق والذي اصدرته عصية الامم في 17 حزيران 1920 ، حدثت انتفاضة قوية ، انتهت بما يطلق عليه العراقيون ( ثورة1920 ) ، والتي كان هدفها الاسمى استقلال العراق .ونتيجة للخسائر الفادحة التي تكبدها البريطانيون في هذه الانتفاضة ، كان لابد لهم من استخدام اسلوب آخر لبقاء هيمنتهم على العراق ، وخير سبيل لتجنب المزيد من الخسائر البشرية والمادية هو إقامة ما سمي بالحكم الوطني ، وتأليف حكومة محلية ، والإتيان بالأمير فيصل أبن الحسين من الحجاز وهو من اصول هاشمية ، ليتوج ملكاً ، مكتفين بالاحتفاظ ببعض القواعد العسكرية ، بعد تكبيل البلاد بقيود ثقيلة بموجب معاهدة سنة 1920، التي تم بموجبها لهم الهيمنة الفعلية على مقدرات العراق السياسية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، والثقافية ، وسائر المجالات الأخرى. . (5،6،7) الحكم الوطني في العراق كان بصيغة الملكية الدستورية ،ويعتبر الملك فيصل الاول (1921-1933 ) ، المؤسس للدولة العراقية الحديثة ، وقد نال الكثير من الاحترام والتقدير ، ووضعه المؤرخون العرب والاجانب في مكانه الذي يستحقه لما كان يتميز به من حكمة ، ودراية ، وذلك ماعبر عنه شاعر ثورة 1920 الاستاذ الدكتور محمد مهدي البصير حين قال سنة 1934 :" إن الجيل الحاضر ، قد لايدرك كل الادراك ، قيمة الاعمال الخطيرة التي قام بها البطل الراحل فيصل الاول ، ولكن الاجيال القادمة ستفهم كل الفهم ،وتقدر كل التقدير، إخلاص فيصل ، وجهاده وتضحيته . استطاع الملك فيصل الاول ، وبمعيته عدد من الشخصيات السياسية العراقية ابرزهم رئيس الوزراء نوري السعيد ان يضعوا الاسس والبنى التحتية التي رسمت المستقبل للدولة العراقية ، وفي مقدمتها تاسيس جيش وطني " ، وبناء اقتصاد وطني ،من خلال سياسة نفطية مع بريطانيا ، بمنح الامتيازات، ومد انابيب النفط الى سواحل البحر المتوسط عبر سوريا .كما شهدت قطاعات الزراعة والصناعة ، تطورا كبيرا ، وارسي نظام للتعليم و توسعت الخدمات الصحية. (9)،(10)
4- آتون الايديولوجيات السياسية في العراق بعد 1958 شهدت أوربا والعالم في بداية القرن العشرين تصارع حاد بين الأيديولوجيات السياسية ، تمثلت بمعارك أيديولوجية ضارية بين النازية التى تزعمها «هتلر» والفاشية التى قادها «موسولينى» في كل من المانيا وايطاليا واليابان ، وبين الديمقراطية التى كانت سائدة فى العديد من البلاد الغربية التى كانت تدين بالرأسمالية باعتبارها المذهب الاقتصادى القادر على تحقيق تنمية المجتمعات والإسراع بتطورها الحضارى. تحالفت هذه الدول مع الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الاخرى ، وكانت كارثة الحرب العالمية الثانية(1939-1945). القت هذه الاحداث الجسام بظلالها ، على الانتلجسيا والشارع العربي ، الذي كان يأن من سطوة الدول الاستعمارية ، فشهد سلسلة من النقلابات العسكرية (اول الانقلابات العسكرية في العالم العربي هو انقلاب العقيد حسني الزعيم سنة 1949 ، وكان فاتحة لعشرين انقلاب ومحاولة انقلاب في سوريا بعد ذلك)، تلاه عام 1952 في مصر، والذي اتخذ طابعا قوميا ( الناصرية)، ولعب فيما بعد دورا كبيرا في صراعات المنطقة العربية وعدم استقرارها. لابد ايضا من الاشارة هنا الى تنامي الفكر الريدكالي الاسلامي الذي قاده حسن البنا في مصر لينتج ( الاخوان المسلمين ). في الحين الذي غزا الفكر العربي الاشتراكي ( البعث) دول المشرق العربي ، ولقرب العراق من روسيا الشيوعية ، بات اسفنجة امتصت هذه الايديلوجيات السياسية ، ولتنوعه الديمغرافي ، تسيد هذه الافكار والنزعات اليسارية ( الشيوعية) ، كانت حصيلتها انقلاب العسكر عام 1958 ، ليدخل بعدها في سلسلة من الانقلابات العسكرية ، وعدم الاستقرار السياسي والمجتمعي ، حتى عام 2003،الذي انتهى بالاحتلال الامريكي للعراق .عززت الايديولوجيات السياسية التشضي والاتقسامات الديمغرافية في العراق ، لتضيف صراعات ثقافية وفكرية بين النخب والشارع العراقي ، تحولت فيما بعد الى مجازر وتصفيات جسدية واقصاءات (1958-1963)، بسبب فكرها الاقصائي الشمولي البعيد عن الوطنية ( اممي ، قومي ، امة اسلامية بفكر رديكالي شيعي أو سني ). (11) أورثت الايديلوجيات السياسية ، حكم العسكر بانقلابات عسكرية في عدد من الدول العربية كان من تداعياتها ، تسييس الدولة وفقدان شرعيتها تحت ذريعة " الشرعية الثورية " باقامة انظمة حكم دكتاتورية ، وزعماء مدى الحياة ، وتنكيل وابادة لكل صوت معارض ، كما اورثت تصدير الثورات وحروب طاحنة مع دول الجوار . في العراق على مستوى الاقتصاد ، وبعد قانون الاصلاح الزراعي عام 1958 تراجع الانتاج الزراعي الى 10% بعد أن كان يشكل نسبة 30% من الناتج القومي ، في عام 1964 تم تاميم الصناعات الوطنية وفي عام 1972 ، احتكرت الدولة التجارة
الخارجية وبالتالي واجه القطاع الخاص في البلاد محنة كبيرة ، ضعفت أنتاجيتة وتحول الى قطاع طفيلي ، لايشكل الا نسبة ضئيلة في مجمل الناتج المحلي ، وليطغى الطابع الريعي على الاقتصاد القومي . أحدث تأميم نفط العراق 1972 ، هزة في اسعار النفط العالمية وماعرف حينها ( Oil Crisis)، وتعاظمت ايرادات الخزينة العراقية ، ووضعت خطط استرتاتيجية لبناء بنى تحتية وصناعات ثقيلة وشهدت الخدمات الاجتماعية ( الصحة والتعليم) تقدما ملحوظا، وتحسن الدخل السنوي للمواطنين ، لكن سرعان مالتهمت وأحرقت حروب النظام وتدخلاته الخارجية ، تلك الانجازات ، بعد دخوله بحرب طاحنة (تصادم الايديولوجيات) مع ايرأن 1979-1988 ، اذ وجهت موارد النفط لتمويل الآلة الحربية ، ليخرج العراق من هذه الحرب باقتصاد على حافة الانهيار ( خرج مفلساً من تلك الحرب بخسارة مليون قتيل وجريح وخسارة احتياطاته التي كانت بحدود 40 مليار دولار) ، ومع ذلك لم تكن نتائج هذه الحرب كافية لردع النظام حينها ، فتبعها بحرب أحتلال الكويت ، لتنتهي بحرب الخليج ، تكبد العراق خسائر فادحة على كافة المستويات ، وتم فرض الحصار الاقتصادي علي البلاد ، كانت له نتائج كارثية على مجمل الحالة الاقتصادية والمعاشية للمواطنين ، خاصة بعد انهيار العملة ( الدينار) ، اذ كانت تقاس في التداول بالوزن ، بعد ان كانت في السبعينيات تعادل ثلاثةونصف دولار للدينار الواحد . انتهت فترة الحكم الدكتاتوري في العراق ، بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003. لكن تداعيات هذا الاحتلال لم تكن حميدة للشعب العراقي ، بعد ان سلم الامريكان مقاليد ادارة الجكم للمعارضة العراقية ، والتي جلها تحمل ايديلوجيات سياسية ( دينية طائفية ، قومية ، يسارية ) ، وبدلا من بناء دولة التنمية والديمقراطية ، أثيرت النزعات الاثنية والطائفية أنخرطت في احتراب اجتماعي ، أنتج دولة هشة وفاشلة ، منذ عام 2005 ، توج هذا الفشل بالفساد ، فكان حصيلته احتلال داعش لثلث العراق 2014 ، أدخلت البلاد في حربا طاحنة جديدة ، كلفته مئات الاف من الضحايا وملايين النازحين ، وتهديم تام للبنى التحتية للمحافطات التي غزاها داعش . يؤيد حسين درويش العادلي (2012) دور الايديلوجيات السياسية في مصادرة مفهوم الوطن في العراق "" عوامل عدة وراء فشل مشروع الدولة العراقية، وفي الطليعة تأتي (العلة الإيديولوجية)، فقد وقع مشروع الدولة منذ التأسيس ضحية المدارس الإيديولوجية، فكيان الدولة تنازعته ثلاثة مديات ايديولوجية، هي: (القومية والماركسية والدينية)،.. في ظل غياب كامل للمدى الوطني، تأثير الإيديولوجيات السياسية على الدولة (سياسياً واقتصادياً وثقافياً واعلامياً) كان قاتلاً منذ تأسيسها"".(12)،(13)
5- ثروة العراق النفطية ... نعمة أم نقمة ...؟. تاريح النفط في العراق ، يعود الى خمسة الاف سنة ،يرتبط باستخدام السومريين للقار بطلاء قواربهم واستخدمه البابليون كمانع للروطبة قبل ثلاثة آلاف سنة، وفي انشاء زقوراتهم وجدران عاصمتهم بابل وجنائنها المعلقة (احدى عجائب الدنيا السبع )، كان يتم جمعه من عيون يتسرب منها الى سطح الارض في كركوك والقيارة وبلكانا وهيت ، وكان يتم ملئه في قرب تحمل على
ظهور الحمير والخيل الى مناطق استعماله. توجد دلائل على ان الكيمياوي محمد الرازي في القرن التاسع الميلادي تمكن من الحصول على الكيروسين (النفط الابيض او الكاز) لاستعماله في الاضاءة من تقطير النفط الخام ،ويعتقد بان عملية التقطير
هذه قد نقلت الى اوروبا في القرن الثاني عشر عن طريق المسلمين بعد فتح الاندلس . ومنذ القرن السابع عشر بوشر بتأجير منابعه الى متعهدين كعائلة النفطجي في كركوك التي حصلت على تعهدها بموجب فرمان خاص من السلطان العثماني حيث شمل تعهدهم منابع النفط في منطقة كركوك ليستمر لغاية اكتشاف النفط في في حقل كركوك العملاق الذي تدفق النفط من اول بئر تحفر فيه بالطرق الحديثة الى اعالي برج الحفر في تشرين الاول من عام1927 ليجري في الوادي القريب منه المعروف بوادي النفط.( اول بئر نفطي اكتشف في العراق وكان يضخ 95000 برميل يوميا) ، قبل ذلك كان هناك تنافسا شديدآ بين المانيا وبريطانيا وهما من الدول العظمى آنذاك للحصول على امتياز من الامبراطورية العثمانية للتنقيب عن النفط,. بعد الحرب العالمية الاولى ، تناحرت الدول الغربية على ميراث الدولة العثمانية في العراق وعلى ثروته النفطية ، كان الاتفاق بين بريطانيا وفرنسا أن يحتل البريطانيون بلاد ما بين النهرين من البصرة وحتى بغداد وترك محافظة الموصل لفرنسا، لكن الانجليز لم يلتزموا بهذا الاتفاق فأكملوا احتلال الموصل وشمال العراق. قبلت فرنسا فيما بعد ان تبادل شمال العراق بحصةً متساوية من النفط مع الانجليز بعد أن اثبتت التقارير العثمانية الالمانية وجوده بغزارة . (14) ،(15) اصر الامريكيون بالحصول على حصة لهم ، وهكذا تمّ انشاء شركة نفط العراق (IPC) من تآلف شركة بريطانية ( والتي اصبحت BP) وشركة فرنسية والتي اُسست خصيصاً لهذه الشراكة (وهي CFP) وشركة شل الهولندية الانجليزية. اثبتت احداث التاريخ ان منذ اكثر من نصف قرن سعي الولايات المتحدة الامريكية وبشكل متواصل وبكل الوسائل ،وشكل الاستحواذ على منابع النفط الاولوية القصوى في سياستها الخارجية ، فمنذ سقوط حكومة مصدق في ايران عام 1953 ، وسقوط حكومة عبد الكريم قاسم في العراق عام 1963 ، (قرر عبد الكريم في كانون اول 1961 تأميم 99.5%من انشطة الشركات النفطية الايرو امريكية العاملة في العراق ، لم يبق لها الا مقراتها الادارية وكان هذا القرار الوطني من بين اهم الاسباب الرئيسية التي عجلت باسقاطه) ، مرورا بدعم صدام حسين في شنه الحرب على ايران عام 1980 ، وماتبعها من حرب الخليج ) شجعت السفيرة الامريكية ايربل غلاسبي ضمنياً صدام حسين بغزو الكويت حينما قالت ان الولايات المتحدة لن تدخل في النزاعات العربية (، وتحرير الكويت من الغزو العراقي في عام 1991 ، وليس اخيرا سقوط نظام صدام حسين نفسه عند غزو العراق عسكريا عام 2003 , هو سعي يُدلل من خلال هذه المسيرة الطويلة للاحداث في تاريخ المنطقة منذ منتصف القرن الماضي على مدى اهتمام امريكا الكبير في نفط العراق و منطقة الخليج العربي. اصدق ما قيل في تأثيرات النفط على الشعوب العربية هو ما قاله وزير الطاقة الامريكي ريتشاردسون سنة 1999: ″ لقد كان البترول محور القرارات الأمنية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال القرن العشرين، والنفط كان وراء تقسيمات الشرق الأوسط إلى دويلات بعد الحرب العالمية الأولى . (16) ------------------------------------------------------------------------ المصادر (1)-محمد ازهر السماك (2013)، العراق 1915-2025، ص16 / الموصلية ، على طاولة حوار 09‏/04‏/2017 ، الجزء الاول . الرابط https://www.youtube.com/watch?v=MnpBhfmQuZQhgvhf (2) عبد الرزاق الحسني (1988)، المجلد3،ص 315. (3) فالح عبد الجبار ، العمامة والافندي ( 2010) ، ص79. (4) حنا بطاطو ،العراق ، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية ، الكتاب الاول ،مؤسسة الابحاث العربية،،ص31. (5) علي الوردي، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي : في محاولة لدراسة المجتمع العربي الاكبر في ضوء علم الاجتماع الحديث ( بغداد ك مطبعة العاني ،1965) (6) محمد مهدي البصير، تاريخ القضية العراقية (1924) . (7)عبد الرزاق الحسني. ،تاريخ العراق السياسي الحديث ( 1948 ). (8) زكي صالح، مقدمة في دراسة العراق المعاصر (1953).. http://www.alnoor.se/article.asp?id=326937
. (9) توفيق السويدي، وجوه عراقية عبر التاريخ، رياض الريس للكتب والنشر، لندن 20. (10) نجدة فتحي صفوت ، المحقق ، مذكرات رستم حيدر ، الدار العربية للموسوعات ، بيروت ط1، 1988،ص783 ((12 محمد أزهر السماك ، المصدر السابق ، ص20
(13) حسين درويش العادلي ، خطيئة الأيديولوجيا خلقنا الدولة، ولم نخلق الأمة ،2012/02/10 ، كتابات في الميزان / http://www.kitabat.info/author.php11) السيد ياسين ، صعود وسقوط الايديولوجيات السياسية العربية ، الاهرام ، العدد45293،9 ديسمبر 2010
(14) عقيل الشويلي ، تاريخ انتاج النفط في العراق ، مركز النزر للدراسات ، 20/09/2017، (15) أياد الجصاني ،هل نفط العراق نعمة ام نقمة وهل هو السبب في غزو وتدمير العراق؟ ، الحوار المتمدن ،2018/26/1/ http://www.m.ahewar.org ( 16)غانم العناز ، النفط واكتشافه في العراق، Iraqi Economists Network ، raqieconomists.net/ar/wp-content/.Ghanim-Al-Anaz-Discovery-of-oil-in-I



#عادل_اليابس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخطيط علي شكري ومهدي العلاق ... اين اوصل العراق ...؟
- المخرج عزام صالح ... وصحوة الدراما العراقية
- وزارة الصحة العراقية ... و-مهزلة - التعليم الطبي المستمر
- ومن الحواسم - ما ينهق -
- البصرة : اللانيت ، والأطباء البيطريين ، والشاهد الأول
- حكومة - طبخة - آم حكومة -جوع - ...!!!
- مولدة صبح مولدة ليل - بلص مهفة - مهداة لوزير الكهرباء ورئيس ...
- حال العراق: سفسطة سياسة ... وتبيض فساد
- فقراء -مهدي العلاق - والبنك الدولي
- البصرة عاصمة - القذارة -
- التحالف ألكردستاني -برغماتية ولات ساعة مندم -
- البصرة بين بدعة -تنمية السيارات -
- الحكومة القادمة ...طريق أبو الخصيب ... مساعدة صديق... لعبة ا ...
- أعطوا البصرة لتكنوقراطيها
- العلمانية يتمها علاوي... والوصاية عليها للدستوري
- جمعية الحمير
- الآلوسي حتى أنت ... ياحيدر سعيد
- كوتة المرأة وحق الناخب العراقي
- دكتاتورية البروليتاريا ..- الضائعة -


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل اليابس - الجذور التاريخية والجيوسياسية للمسألة العراقية