أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي شاكر العبيدي - شيخ المفلوكين














المزيد.....

شيخ المفلوكين


مهدي شاكر العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6133 - 2019 / 2 / 2 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


مهدي شاكر العبيدي
اوستن-تكساس

من أنفس ذخائر التراث العربي كتاب عنوانه (الفلاكة والمفلوكون) ألفه واحد من مجتهدة القلم والفكر هو أحمد بن علي الدلجي الذي عاش في دلجة بصعيد مصر بين 770- 838هـ كتبه بعد أنْ استلفت نظره ما يراه كلَّ آن ٍغالبا ًعلى سلائق الناس من شذوذ ونزق وحمق وغرابة أطوار ، ومن شعور بالاغتراب وإحساس بالذل والمهانة ، وتطلع من كـلِّ هذه الأحوال الشائنة المزرية وبالرَّغم منها إلى المخلص المنجي عسى أنْ يشملهم بالرَّحمة والحنان ، ويغمر نفوسهم بالصفو وراحة البال ، ويؤهلهم لتسوية مشكلاتهم في هذا العالم المضطرب والائتلاف مع بقية الجنس البشري ووضع حدٍ ونهاية لصدامهم معه ، وذاك معناه أنْ تنتفي منه المفارقات والنقائض التي تسود حياتهم ، فيقلعوا عن القراع والنزال ، لكن هيهات فهذا المطلب عسير التحقق أو في حكم المحال ، وقد بُنيت على كدر وجُلبت على نحس.

وقد تعود أسباب الفلاكة وعواملها إلى الفقر الذي شخصَّه من قبل مئات السنين عبد الله بن المقفع انـَّه رأس البلاء وأصل جميع الرذائل وجالب الشؤم والموفي بصاحبه على الهوان والضعة والزراية به بين الخلائق دون أنْ يتجاوز في تشخيصه هذا الوصف أكثر كأنْ يستجلي ما يتشعب عنه من أوضاع منفرة وحالاتٍ غريبة تتجلى في تمادي ذويها في إهمال مظهرهم وعدم عنايتهم بمأكلهم وملبسهم ، حيث الفلاكة في أقبح صورها وأدنى درجاتها من عدم الاكتراث والبرم بلوم اللائمين وإشفاق المشفقين.

وقد لوحظ أن الجمهرة من الناس الذين تشيع بينهم هذه الظاهرة العجيبة هم العلماء والمفكرون والأدباء لفرط ما يخامرهم من الأشواق الروحية ودون بلوغها والوصول إليها ثمَّة أهوال وأهوال ، فضلا ً عن توقهم وطماحتهم إلى الكمال ، ونزوعهم إلى أنْ يستتم كل شيء بلا نقصان أو معرَّة ، فإذا آلَ الأمر على غير ما يوافق مشربهم وهواهم ، انتهت بهم الحال إلى التضجر وموالاة شكاتهم وبالتالي يأسهم من صلاح حال العباد.

ولعلَّ فـي سيرة الدكتور زكي مبارك وامتحانه بأخلاق أبناء الزَّمان ، خير مثال ودليل على حالة الفلاكة المقرفة ، فقد شعر انـَّه غير موقر ومبجل كما ينبغي وانـَّه مهمل من لدن رؤسائه والمتصدرين في الجامعة وراح يطلق لسانه بالذم والتخرُّص لتقريعهم وتبكيتهم كي ينتصف لنفسه ، مـذكرا ًإياهم بتصنيفه أروع المؤلفات والدِّراسات في الأدب العربي والفكر الإسلامي خصوصا ًرسالتيه الأكاديميتين في النثر الفني والتصوف الإسلامي ومباهيا ًفي الوقت نفـسه بصبره على الجوع والضنى واستغراقه في الدَّرس والتمحيص والمقارنة ليصار به إلى هذه التوصلات العلمية الباهرة،لكن دون أنْ يتبوأ مكانته كما يجب وخلص إليها غيره من المشتغلين باللغات القديمة التي عفا عليها الزَّمان ، وما يزعمونه من ترجمتهم لبعض لقياتها وآثارها هو منقول بنصِّه وفصِّه عن اللغات الأوربية المحدثة ، وقد طال تحديه وشنآنه أستاذه طه حسين الذي يذكره بالخير دائما ً واصفا ًخـلافـه معه إنـَّه متصل بقضايا أدبية صرف وليس شخصيا ًسوى أنـَّه تسبب في إبعاده عن الجامعة ذات يوم لأنـَّه لم يحافظ على حرمةِ الأستاذ الجامعي ويحرص على سمته ومهابته ، بحيث تقبل هدايا تلميذه في كلية الحقوق فؤاد سراج الدين وكان ابن ذوات،هذه الهدايا المتمثلة بالعطور وغيرها ساعدت على إنجاحه في الامتحانات ، بذريعة انَّ مادة الأدب العربي دخيلة على دارس الحقوق وغيـر محوجة إلى الاجتهاد والتعمق.

وفؤاد سراج الدين هذا هو مؤسس حزب الوفد الجديد،ووزير الداخلية في آخر تشكيلة وزارية لحزب الوفد بزعامة النحاس ، يوم ذاع نبأ موت زكي مبارك في عرض الطريق ، فقد دعسته سيارة أو ارتطمت به إثر مغادرته الحانة التي يحتسي خمرته فيها ، ويؤثر أنْ يتناولها واقفا ًيشكو لعموم الناس ما يقاسي من إعراض وإهمال ، ومن كمد والتياع وحسرة ، وهذه هي الفلاكة بعينها.



#مهدي_شاكر_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص المصطلح الصوفي في الإسلام
- مذكرات منسية
- مروية عبد الحميد المحاري
- تعقيب على مقالة الباحث شكيب كاظم بخصوص ريادة مارون عبود للنق ...
- قلم الأديب بغير حظٍ مُغزل
- وثيقة من مؤرخ الوزارات العراقية عبد الرزاق الحسني
- رباعيات الخيام بالعربية
- إستذكار عبد الحميد الرشودي
- حول تمثال إنقاذ الثقافة العراقية
- الجواهري في عيون معاصريه
- عبد الحسن زلزلة شاعراً
- درس في الاخلاق والثقافة
- شيء عن دزموند ستيوارت
- شيء عن يوسف مراد
- من يوميات مغترب بخصوص (مداخلات و مناوشات) و رواية عن (بستان ...
- قصيدة مجهولة للجواهري
- عراقيون في كتابات العقاد
- فخري أبو السعود رائد الدراسات الأدبية المقارنة
- الكاتب والشاعر اللبنانِي صلاح اللبابيدي في كتاب ( الثمالات )
- مع افتخاري واعتزازي بالعربية الفصحى


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي شاكر العبيدي - شيخ المفلوكين