أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب النايف - بين الواقع والمتخيل تناثرت اوراق المجهول (قراءة لرواية الروائي داود سلمان الشويلي















المزيد.....

بين الواقع والمتخيل تناثرت اوراق المجهول (قراءة لرواية الروائي داود سلمان الشويلي


حبيب النايف

الحوار المتمدن-العدد: 6130 - 2019 / 1 / 30 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


صدرت رواية اوراق المجهول للناقد والروائي داوود سلمان الشويلي عن دار المتن للنشر والتوزيع /بغداد عام 2019 التي ضمت ثمانية عشر ورقة وورقتان خارجيتان قد تكونا بمثابة ملاحظات اولية اراد بها الروائي اشراك القارئ للتفكير معه ومعرفة ما تحمله اوراق الرواية الرئيسية والتفاعل معها كل بطريقته الخاصة ومدى استيعابه لما دار على تلك الاوراق التي اعتبرها مجهولة بالرغم من انه حاول بطريقة او بأخرى ان يضخ لنا بعض المعلومات عن تلك الاوراق من خلال السجل الذي يحتفظ فيه خيري (الراوي ) والذ وثق فيه اهم احداث الرواية سوى كانت حقيقية او متخيلة اراد منها الروائي تصوير ما يدور في مخيلته (كما يقول في ورقته الاخيرة الثانية صفحة 135 ( ان هذه الرواية هي خيال لمخيال ..ربما كان فائرا ليوم تموزي حار ) الى ان يستدرك ويقول في نفس الصفحة لم اولد في القرية ,اذ اني ولدت في مركز المدينة وتعلمت في مدارسها التي تضم خيرة المدرسين والمختبرات العلمية والنشاطات الفنية والرسم ) او ربما هي احداث حقيقة عاشها او سمع بها كي يقول لنا بان هذه الاوراق التي اسردها لكم لا اريد منك سوى الاطلاع عليها والتمعن بها جيدا لأنها كانت حصيلة عقود من السنوات لقرية نائية من قرى الجنوب الوديعة بما تحمله من امن واستقرار وعلاقات اجتماعية مترابطة لكن لظروف ما تغيرت الحياة الامنة وتشتت ابناءها وحل الخصام والضغينة محل الحب والتفاهم اللذان اديا الى تشتيت وتفريق عوائل بأكملها وابتعادها عن بعضها رغم اواصر الرحم التي تربط فيما بينها حتى ان الاخ يبتعد عن اخيه والام تحاول ان تنأى بنفسها عن تلك الاحداث لتكون عاملا سلبيا ومؤثرا بما دار ويدور وكأنها طرف بعيد او غير مؤثر على الاحداث .
رواية اوراق المجهول لخصت حياة مجموعة من الناس يعيشون في قرية واحدة تربطهم علاقات اسرية والقرابة والالفة الاجتماعية لكنها تتعرض لهزة او صدمة في الورقة الاولى والتي ستكون البؤرة المركزية التي تنبعث منها الاحداث المتلاحقة في الرواية والتي ركز عليها الروائي وجعل كل ما تحتويه الاوراق الاخرى تدور حولها و تتشعب الصور وتتشابك وكان كل ما يجري ما هو الى امتداد لما دار في تلك الليلة التي صورت احتضار الشيخ وقبل تسليم روحه الى بارئها تجمع حولة ابناء القرية والمقربين من اجل سماع وصيته التي قد تكون هي بارقة الامل التي ترسم لهم طريق الحياة القادمة لأنها ستحدد ملامح الشيخ الجديد التي تلتف حوله القرية وابعاد ابناءها عن الصراع الذي يدور فيما بعد ليقود مسيرتها في المستقبل وحسب الاعراف العشائرية السائدة في حينا
لكن الشيخ لم يوصي بشيء لاحد ..الا امه
وكذلك لم يكلف اي شخص ان يكون شيخ بعده مما جعل الامور تسير بمنحى مختلف عن المألوف كما ينقل لنا الروائي بعد سؤاله لوالده الذي اعتبره الشخصية الاساسية الذي يستق منه معلومات اوراقه التي اشتغل عليها ودون كل ما دار سوى في اول ورقة او الاوراق اللاحقة ::
... مسح عينيه بكم دشداشته وراح يتابع ما بداه ::
عندما اوصى الشيخ الكبير رحمه الله بتركته الى والدته ,
سأله القاضي : شيخ ومشيخة القبيلة
ولاذ والدي بالصمت .....لم يجب الشيخ ..فردد القاضي سؤاله اكثر من مرة ,عندما وضع اخوه نهر الذي جاء مسرعا حست اشار له القاضي اذنه على صدرة يتنصت الى دقات قلبة وبعد لحظات قال :
الى رحمة الله _واكد_ انتقل الى رحمة الله ). ص18
لقد تركت هذه الحادثة الحيرة والقلق على كل من كان حاضرا حينها لأنها جعلت الامور تسير نحو الغموض وقابلة للتأويل والتكهنات وهذا ما حاول الروائي العمل عليه ومن خلال سرد محكم ومترابط ان يجعلنا طرف بحكاية حاك خيوطها بدقة وعمل على ترابطها مع بعضها عندما طلب من القاري اللماح ان يشارك في تفكيك شفرة الاوراق المجهولة وكيفية التعامل معها وهل بإمكانه ان يصل الى نتيجة ما , ام يبقى حائرا كبقية افراد العشيرة التي حاول كل من جاء بعد الشيخ الكبير كوكيل عام ان يدير الامور بغفلة واستخفاف بعقولهم وكأن هناك سر غامض حاولوا ان يجعلوه هو الوثيقة الاساسية التي يجب ان ينفذها الابناء السذج وكذلك الاشخاص الذين يعرفون اللعبة ومتأكدين من عدم صحتها بان ابن الشيخ الوهمي الذي يعيش في لندن هو من يصدر الاوامر ويعين الوكلاء وان الحصة التي ترسل له لسد مصاريف حياته ودراسته في خارج العراق ( لندن ) لم تكن سوى لعبة يستغلها الوكلاء من اجل زيادة حصصهم والتصرف بها لغرض الانفاق على ملذاتهم وشراء القصور والاراضي في بغداد وغيرها وهذا ما يقودنا الى اعتقاد بان بساطة الناس وطبيعتهم ووداعتهم قد ضيعت حقوقهم وجعلتهم يعيشون على الوهم بدون ان يتساءلوا عما يجري حولهم وكان حبهم لشيخهم الكبير قد خدرهم بطريقة عجيبة رغم موته لذلك نلاحظ بان الذي يعترض على تنصيب الوكلاء او يقدم راي مخالف لما تحتويه الوصية كما يدعون فان مصيره سيكون مجهول
(راح رديف يقرا : من ابن الشيخ الكبير الى ابناء قبيلتي .. نصبت وكيلا لي على حقوق المشيخة الشخص المدعو رديف فساعدوه والسلام عليكم ) ..(فيما قام شخص متوسط العمر وانكر البرقية الا ان الرجال الذين دخلوا المضيف مسرعين تلاقفوه بين ايديهم حتى وضعوه في سيارة احدهم وذهب به الى مكان مجهول ولم تعرف عنه عائلته شيئا بعد ذلك ’) ص 121)
ان اوراق مؤلفنا الذي حاول بكل نباهته ان يبقى مصير الاوراق مجهول رغم ملاحظاته التي دونها في سجله الخاص والذي عاد له في الورقة الثامنة عشرة بعد عمر ما يقارب خمسة وثمانون عاما هي الفترة التي امتدت به الحياة حتى جاء حفيده ليستكمل ما يكتب في السجل بعد ان توفاه الله وكانه يريد ان يقول لنا بان السجل لم يغلق وان تدوين الملاحظات به لازال مستمر لان اوراق المجهول لم يتنبأ بما ستؤول اليه كأن الزمن مفتوحا لتسجيل ما يجري فيما بعد .
(ها ان احد احفادي يسجل في السجل هذه السطور وانا بين يدي الرحمن )ص132
لقد حاول المؤلف ان يجعل المكان متداخلا لم يحدده ضمن بقعة جغرافية رغم انه يدور في احد عشائر الجنوب الا انه اخذ يمتد ويتوسع الى كل ارجاء العراق وقد يتحول الى خارجه في بعض الاحيان لان الاحداث التي رافقت موت الشيخ الاكبر واحجامه عن تسمية خليفه له قد حفز الكثير على الارتحال من مناطقهم الاصلية وارتباطهم بها باعتبارها ارض الاباء والاجداد متجها الى مناطق اخرى في غرب العراق ووسطه متخذا منها بيئة امنة له مما يعني بان المؤلف اراد من ذلك ان يقول بان العراق بلد واحد رغم تباعد مناطقه وان من يذهب الى اي مكان فيه لا يحس بالغربة والوحدة وانما يشعر بالأمان والاستقرار كانه في قريته الام وهذا ما نلاحظه من خلال عملية التزاوج التي تمت بين العوائل المرتحلة للمناطق الغربية واهاليها الاصليين لتكون لحمة فيما بينهم وتكوين عوائل ذات امتداد مشترك :
( ومنهم من تناسى ايام المحنة واصبح من ابناء المنطقة الغربية بعد ان ولد لهم الجيل الرابع من الابناء من خلال المصاهرة بينهم وبين الابناء الاصليين لقبائل المنطقة الغربية.)ص132
في الكثير من الاحيان يحاول الشاعر او القاص او الروائي استهلال مجموعته او روايته بمقولة لكاتب معروف لغرض الايحاء لشيء معين قد يعثر عليه القارئ بسهولة او يبقى متخفيا بين ثنايا الصفحات لا يمكن الوصول اليه الا بعد الانتهاء من القراءة وتأمل ما بين السطور
وقد استهل الروائي روايته بمقولة للكاتب دافنشي (كثيرون هم الذين اتخذوا من الاوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر تجارة لهم )
وختمها بمقولة اخرى لنفس الكاتب :: ( الجهل يعمي ابصارنا ويضللنا ,
ايها البشر الفانون افتحوا عيونكم )
وبين ما قدم به الرواية وما ختمها تناثرت اوراق المجهول بكل تفاصيلها ودلالاتها واحداثها لتوحي لما في المقولتين وكان الاوراق تجسيدا لهما لان الذين حاولوا خداع الناس البسطاء والضحك على عقولهم من خلال الوصية التي يقرؤونها بان الابن الغائب للشيخ يوصي بها وهم يعلمون بان الشيخ الكبير عقيم وكذلك عملية الكذب والالتفاف على زوجة الشيخ التي لم تكن حاملا واعتبارها خادمة له بعد ان تم جلب شهود زور لإثبات ذلك لغرض حرمانها من الارث هي عملية الالتفاف على الثروة والمتاجرة بها للأغراض الشخصية وكان الاكثرية يعلم بذلك لكنهم سكتوا عن قول الحقيقة اما بسبب الخوف او للاستفادة مما يحصلوا باعتبارهم وكلاء لمتنفذين يديرون اموال المشيخة حيث امتدت السنوات وتعاقب الوكلاء وهم يسرقون قوت الناس البسطاء ويتوالون على السرقة بحجج باطلة ومزيفة مما بدد الثروات وفرق الاهل والاحباب
لان الجهل وعدم المعرفة يجعل الباطل يتمادى ويستمر في طغيانه لذا فان ما تمخضت عنه نهاية الاوراق قد ايد ما جاء بالمقولة التي ختمت بها الرواية حيث الكل ساكت لا يحرك ساكن بالرغم من معرفته بانه مظلل وثرواته تنهب ولا يوجد شخص يطالب بحقه المهدور حتى من يعترض على ذلك فانه يعبر عنه بالرحيل والهجرة من قريته لاماكن اخرى متفرقة وكأنهم هياكل فارغة لا تجيد الدفاع عن حقوقها .
ان الكاتب ابن بيئته والمكان الذي استقر به لذلك يحاول دائما ان ينتهل من محيطه الذي يتواجد ويعكس الوقائع والاحداث بطريقه تجعله امينا على نقلها لأنه جزء منها سوى انه عاشها او عاصر من كان بالقرب منها لذلك فان ما يجرى يكون قد عكسه بعين متفحصة وقادرة على نقلها بحرفية
لذا فان الروائي قد تعامل في اوراقه بصدقية عالية من خلال تصويره لما دار ويدور في العشيرة التي ينتمي اليها وكيف انه كان شاهد على ذلك رغم صغره بالرغم من انه تحدث بان تلك الاوراق ليست بالضرورة ان تكون حقيقية ربما هي من خياله الذي يكتنز الكثير منها لكنها في النهاية سواء كانت احداثها معاشه او حوادث علقت بذاكرة من اقوال وحكايات الجدة التي كانت تقص لهم ما تختزنه ذاكرتها ايام الشتاء الطويلة ليدونها في سجله الخاص وتكون بالتالي وثيقة يعتد بها لمن يأتي بعده ليرى ما كان يدور في هذه القرية الوديعة والامنة والتي تسلط عليها مجموعة من الوكلاء بطرق مختلفة متناسين الاعراف التي كانت سائدة حيث ان الوكيل الرابع والخامس قد استلم الوكالة بوصية مزيفة وهو لا يمت للمنطقة باي صلة وكانه قد سلب حقوق الاخرين بخدعة ذكية انطلت على الجميع او ربما سكت عنها من حالوا ان يكونوا شركاء معه بطريقة النصب والاحتيال على هؤلاء البسطاء والتي كانت السبب في تأجيج الصراع والعنف بين ابناء العشيرة الواحدة والتي تفرقت على ارض الله الواسعة وكان هذا الصراع سمة ابدية لازمتهم منذ ان اعلن عن وفاة الشيخ الكبير والذي بموته فقدت العشيرة مفاتيح الاستقرار والامان والعلاقات الاجتماعية التي انفرط عقدها وضاع من خلالها الجميع .
لقد كان الروائي موفقا في مسك خيوط حكايته وصياغتها بطريقة متسلسله عكست الصراع الدائر بين اطراف لم تكن متكافئة لكنه تمكن من الوقوف بحيادية لعكس واقع مرير كان يدور في الريف الذي تتشابك فيه العلاقات العشائرية والظلم الذي يلحق بالفلاحين الذين تصادر حقوقهم واتعابهم من قبل الشيوخ المتنفذين .



#حبيب_النايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص قصيرة جدا
- تداعيات جسد متهالك
- البيت
- اشجار مكتظة بالهديل
- ضوء تنتظره العيون
- جمر الغياب
- الوقت
- جذور الحكاية الشعبية
- الباب
- وهج الشعر
- ضياع في الزحام
- الاقنعة
- قصائد
- حافة الفرجة
- وجوه اتعبها الحنين
- اشتياق
- جمرة الشعر تتوهج رغم الالم
- احلام عارية
- حب بلون المطر
- باب الله


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب النايف - بين الواقع والمتخيل تناثرت اوراق المجهول (قراءة لرواية الروائي داود سلمان الشويلي