أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فهمي عبد السلام - شاعر البؤس.... عبد الحميد الديب















المزيد.....



شاعر البؤس.... عبد الحميد الديب


فهمي عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 6129 - 2019 / 1 / 29 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


عبد الحميد الديب.....شاعر البؤس



-1-

أذلهُ الدهرُ لا مالٌ ولا سكنٌ..... فتى تزيدُ على انفاسهِ المحنُ
إذا سعى فجميع الأرضَ قبلتهُ... وإذا قامَ فلا أهلٌ ولا وطنٌ
مهاجرٌ بين أقطار الأسى أبداً ....كأنه بين الأرزاء مرتهنٌ

هذه الأبيات المُحكمةِ الجميلة، لشاعرنا عبد الحميد الديب( 1898-1943) تصور حباة الديب المشرد الفقير المهاجر أبدا بين أقطارالأسى. والذي يواجه من المحن ما يزيد على عدد أنفاسه، الشاعر آنذاك في عام 1920 مجاور فقير في الأزهر، جاء من أسرة معدمة في كمشيش بالمنوفية، لكي يحقق أمنية الأب الفقير أن يرى أحد الأبناء عالما ازهريا.
في حي الحسين يستأجر شاعرنا غرفة متهالكة، يتهكم الشاعر عليها وعلى نفسه فيكتب:

أفي غرفتي يارب أم أنا أم في لحدي....ألا إشد ما ألقى من الزمن الوغدِ
فأهدأ أنفاسي يكاد يهدها .............. وأيسر لمس في بنايتها يردي
أرى النمل يخشى الناس إلا بأرضها.... فأرجله أمضى من الصارم الهندِ
تساكنت فيها الأفاعي جريئة........... وفي جوها الأمراض تفتك او تعدي
تراني بها كل الأثاث فمعطفي........... فراشي لنومي أو وقاء من بردِ
اما وسادتي بها فجرائد........... تُجدد إلا لتبلى على حجرِ

الساكن في الغرفة المتداعية هو المستأجر وهو الأثاث والرياش كذلك، ويعرى الديب فقره المدقع ويسخر منه، فقد حبا الله غرفة الديب بنمل مقدام دونا عن بقية النمل، والأثاث والرياش هما معطف الشاعر، فهو الغطاء من برد الشتاء، فإذا ما جاء الصيف فهو الفراش. ثم يهتف الديب ساخطا على هذا الفقر الدكر، طالبا الموت حتى لو كانت جهنم هى المصير فيقول:

تعلمت فيها صبر أبوب في الضنى... وذقتُ هزال الجوع أكثر من غاندي
جوارك يا رب لمثلي رحمةُ.... فخذني إلى النار لا إلى جنة الخلد

عاش الديب تلك الفترة من حياته وهو مجاور في الأزهر، فقيرا جائعا مفلسا، مثل معظم حياته، ولا يملك سوى التحايل على الحياة، والعيش وفقا للشعار الشعبي الحكيم القائل " اكل العيش يحب الخفية"، فعلى سبيل المثال، كان هناك بالقرب من مقهى الفيشاوي دكان الحاج محمد شعبان الحلاق، إدخره الديب للزمن، على حد تعبير الديب، كى يقص شعر الديب مجانا، ومن أجل قروض الديب الصغيرة التي يقترضها من الحلاق، ولكي يستبقى الديب أريحيته ، يمتدح الديب تلك الأريحية هنا وهناك، وكلما ترامى للحلاق إطراء الديب، يأخذه قسرا كي يقص شعر الديب بالمجان، بالإضافة إلى قرشين أو ثلاثة قروش، يمنخها الحلاق للديب بغرض المزيد من المديح والدعاية الرخيصة، فيكتب الديب.
أخي وجاري وحلاقي ودياني...... وممسكي إن امال الدهر ميزاني
مقصه خالق الشيب يمحقه....... وحالق بالحديث الغث أحزاني
مرآة زينةَ للعين ساحرة..........وموساه أفضل من "موسى ابن عمرانِ"

من اجل قروش قليلة وحلقة مجانية يرى الديب اللاذع الفكاهي، أن موسى الحاج محمد شعبان الذي يحلق به، أفضل من" موسى ابن عمران"، فموسى إبن عمران لن يحلق للديب شعره ولن يقرضه، فيعترض أحد الأصدقاء، على مقارنة موسى ابن عمران نبي الله بموسى الحاج شعبان، والتي يفضل فيها موسى الحلاق، فيدافع الديب عن نفسهويختلق شخصية وهمية اسمها موسى ابن عمران، ويزعم أنه كان نقيبا للحلاقين في زمن الحملة الفرنسية، وأنه قطع بموساه رقبة ألف جندي من جنود الفرنسيين، وان هذا كله مذكور في كتاب الجبرتي، والحكاية كلها تأليف فوري من الديب، فلا جبرتي ولا غيره، المسألة كلها هى ان القروض الصغيرة والخلاقة المجانية تندرج كلها تحت بند التحايل على الحياة، وأكل العيش الذي لا يحب إلا الخفية.

-2-

تشرد الديب طويلا ، وتصعلك في المقاهي والمواخير ونام عند الأصدقاء وفي الخرابات، وفي المساجد التي كان يسميها" بيوت ربنا "، يعمل في التدريس في بعض المدارس الأهلية بعض الوقت، عاطلا مشردا متصعلكا معظم الوقت في " الحى اللاتيني"، كما كان يطلفق على حى سيدنا الحسين، متمردا متبرما من الزمن الوغد الذي يضن عليه بالكفاف.
ويحكي الديب كيف استأجر غرفة بائسة، وهي الغرفة نفسها التي شبهها فيما سبق باللحد، والتي يعيش فيها النمل الجسور، لقد استأجرها من صاحبها الشيخ جمعة ودفع له ريالا كمقدم إيجار، وبقية الأجرة سوف يدفعها الديب حين ميسرة، وتمر الشهور ولا تأتي للديب الميسرة المنشودة، فإذا ما طرق الشيخ جمعة باب غرفة الديب، الذي لم يدفع سوى الريال إياه، تظاهر الديب أنه بالخارج، وعندما يترصده الشيخ جمعة ويقبض عليه، يعاجله الديب بأعذار" تطلع الروح " على حد قول الديب. وبعد شهور من المراوغات والمطاردات قرر الشيخ جمعة طرد الديب، فعاد شاعرنا إلى الغرفة البائسة ليجد من يشاركه بها، ولم يكن ذلك الشريك سوى" جدى"، وملأ الشريك الغرفة مأمأة وعاث ببوله وبفضلاته بها فسادا. فذهب الديب إلى زوجة الشيخ جمعة، التي قالت له أن الجدي سوف يشاركه الغرفة حتى عيد الأضحى بعد عدة شهور، وإنتظر الديب حضور الشيخ جمعة، وعندما حاول الديب الاعتراض على وجود الشريك، فقال الشيخ جمعة التي كانت مماطلات الديب قد أزهقت روحه، فإنفجر في الديب قائلا:
- هو إنت اشتريت الأوضة بالريال بتاعك!!، إذا كان مش عاجبك ورينا عرض اكتافك.

يكتب الديب الساخر أنه لم يشترى الغرفة بالريال، ها صحيح، وصيح أن وجود الشريك لا يعجبه، لكنه لا يستطيع أن يترك الغرفة، مكث الديب في الغرفة مقهورا مفلسا جائعا، وقد تحولت الغرفة إلىحظيرة،واكتشف الديب أن ثمة شريك ثالث يقاسمهما الغرفة،الذي لم يكن سوى " صرصور " جميل رشيق. فقرر الديب أن يتخلص من الشريك الاول بواسطة الشريك الثاني، فامسك الديب بالصرصور بين عودين، وحمله بعناية ثم وضعه في أذن الجدي، خلال ثوان راح الجدي يرقص الشارلستون، وازداد الرقص عنفا. وبعد دقائق قليلة رقد الجدي على الأرض متشنجا وظل يتمرغ، وخرج الديب ينادي على الشيخ جمعة و يصرخ فيه ان الجدي يحتضر، فجاء الشيخ جمعة وذبح الجدي وطرد الديب شر طردة.
وتمضي الأيام بالديب عاطلا عن العمل مشردا، ثم يقبل العمل مصححا لدي فريد الرفاعي الذي كان يعد كتاب عصرالمأمون، وصبر الديب وهو الشاعر الموهوب على شروط العمل القاسية التي وضعها فريد الرفاعي، الي يحبس شاعرنا طيلة الليل والنهار للعمل في الكتاب، فلا يخرج الديب إلا نصف يوم في آخر الأسبوع. بأجر لا يزيد عن ثلاثةجنيهات، وماوى بائس ملحق بمنزل فريد الرفاعي. ويتمرد الديب، ويترك العمل عند فريد الرفاعي، ليعمل بوظيفة صبي نصاب عند دجال قراري يسمي نفسه طوالع النجوم.

كان طوالع الملوك دجالا يفك الأعمال ويسخر الجن لحل المشاكل النفسية والزوجية والعكوسات ويقرأ الطالع ويفك المندل. ووعد طوالع الملوك شاعرنا بغرفة يسكن بها، بالإضافة إلى راتب شهري هزيل والديب وشطارته في تقليب الزبائن على حد تعبير طوالع الملوك. أما مهام الوظيفة فهما مهمتان، الاولى غير شعرية وهى تحضيرالزبائن، فيجلس الديب وسط الزبائن يقول لهم أنه يخدم طوالع الملوك، لقد رآه الديب يذبح غرابا وألقى طوالع الملوك برأس الغراب بعيدا. وامتلأت الغرفة بدم الغراب القاني، وبعد ان همد الجسد، قرأ طوالع الملوك آيات من القرآن. ثم بصوت عظيم آمر، نادى طوالع الملوك على خادمه الجني" شمهورش الأكبر"، الذي دخل الغرفة في زوبعة عظيمة من الدخان والنيران.
يصمت الديب، تاركا الزبائن في لهفة لمعرفة ماذا سيفعل طوالع الملوك مع شمهورش الأكبر والغراب المذبوح. في هذه القفة يقوم الديب في تقليب الزبائن، سيتظاهر الديب بالبحث عن علبة السجائر التي يؤكد للحضور أنه اشتراها منذ قليل، يظل شاعرنا المفلس الخرمان يبحث هنا وهناك. فيهب الزبائن يقدم أحدهم علبة سجائر، والآخر علبة دخان، والثالث نقودا ثمن علبة السجائر بسرعة، كى لا يتعطلوا عن سماع بقية القصة. فيأخذ الديب السجائر والنقود وهو يتظاهر بالأسف، ويكمل بصوت مؤثر، إن طوالع الملوك وقد أشرق وجهه بنور الإيمان، يشير بإصبعه الصغير وبصوت مهيب آمر، يأمر طوالع الملوك المبارك خادمه شمهورش الأكبر، أن يعيد الرأس إلفى الجسد بإن الله، وأن يعود الغراب من حيث أتى.

يرين صمت عميق على غرفة انتظار طوالع الملوك، من ها الهراء الفارغ، ويكمل الديب أنه رأى بأم عينيه رأس الغراب تزحف من آخر الغرفة حتى تصل إلى الجسد الهامد، وإذا بالغراب الذبيح يطير مثل السهم، ويغادر الغرفة من النافذة، بأمر رب العباد وببركات طوالع الملوك المبارك الصالح.
أما مهمة الديب الثانية كانت شعرية. فقد اعتاد طوالع الملوك في مطلع كل عام إعداد كتيب يحمل تنبؤات طوالع الملوك خلال العام المقبل، وهمة الديب هى صياغة تلك التنبؤات شعرا.

و" ميم " يواتيه الهنا بوزارة.... ويأفل نجم العين من فلك " العلا "
ويغلب" ثور عقربا" بقرونه..... وفي أسد تعلو الحروب على الملا

شاعرنا خفيف الظل ويرى ان المسألة عبث في عبث، فيهزل مستمتعا بقدرته على السخرية من الناس ومن الدنيا التي أذته وظلمته طويلا، ومن هذا المورستان الكبير المسمى بالخياة،. فميم سيواتيه الهنا بوزارة، والتفكه واضخفي المفارقة بين الهنا والوزارة، من هو " ميم "؟، وما هى تلك الوزارة؟، ليس ها هو المهم، فلابد أن يهنأ " ميم " من الميمات بوزارة من الوزارات، ولابد أن يهلك" عين " من العينات، والثور سيبقربطن العقرب، والمسألة كلها أي كلام في أي أي كلام، واكل العيش يحب الخفية.
ويجلس الديب مأتم ملئ بأصحاب العمائم، ويعن له أن يعبث بالمعزين، ويهب الديب واقفا وبصوت وقور مهيب يصيح في الآلاف من فوق دكة خشبية قائلا:
- يا أيها الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات عزيز عليكم فحلوا عمائمكم.
- ويخيم الصمت على السرادق، ويحل جميع الموجودين عمائمهم في صمت، ثم يرتفع صوت الديب مرة أخرى قائلا:
- أعيدوها كما كانت.
ويكتشف طالب أزهري قد تواجد في السرادق- وكان قد حل عمامته هو الآخر- عدم وجود حديث نبوي في هذا الشأن، فتثور الجماهير على الديب الذي غرر بها، وقبل ان يتمكن الديب اللهي الساخر من الهروب يمسكوا به وينال علقة ساخنة، يرقد على إثرها شهرا بلا خراك.
ونوادر الديب المروية عنه كثيرة، ومنها عندما كانيحضر مولد السيد البدوي في طنطا، ووجد آلالاف القرويين السج يتضرعون إلى "صاحب الفرح" كما كانوا يقولون على السيد البدوي، وعنَ للديب أن يداعب هؤلاء السج، فأخ يصيح بهم أن ينتبهوا، فما أن انتبهوا حتى أنشدهم قائلا:

الحرب بالأبواب أين بنوك
يا مصر ناديهم لكي يحموك
يا مصر ما الطليان كفؤك فاهجمي
إن لك تكوني مرة........أكلوك...

لم يعجب ها التصرف احد الطلاب في المعهد الديني، فجرى الطالب في ثورة، وانتزع الورقة التى كتب الديب القصيدة فيها ومزقها، فإنقص الديب على الطالب وخطف غطاء رأس الطالب وفوقه شاله الأبيض وقال للطالب:
- انا لم أخسر شيئا لاني أحفظ القصيدة... اما أنت فقد خسرت لأنك لا تحفظ غطاء رأسك.
تدخل الجمهور، ورفض الديب التصالح إلا إذا كتب الطالب القصيدة بخط نسخ جميل، فأذعن الطالب، وانتهت المشكلة واعتنق الطالب رأي الديب فصفق الجمهور.

وتستمر حياة الديب صاخبة، فقر وتشرد وصعلكة في أقسام البوليس وفي غياهب السجون للتحرى وللاشتباه أو للشجار مع أحد الثقلاء او لديون عجز عن سدادها، وفي السجن يتألق الديب الذكي المحب للناس بقدرته الفائقة على اكتساب قلوب عتاة المجرمين، فالديب شاعر وفنان، والفنان هو نفس كبير، وأصحاب النفوس الكبيرة يشعرون بالضعفاء والمساكين، واستطاع الديب بذكائه أن يصل إلى قلب" سعادة مأمور السجن"، ويتحلق السجناء حول الديب ليمسح بحديثه الممتع وفكاهاته اللاذعة أحزانهم فيضحكون طويلا، وبالرغم من القضبان، لا ينسى الديب ألحانه واناشيده، فإذا ما إنفض السامر ونام الجميع، يجلس الديب على البرش وحده، يتأمل رفاقه فينشد:

ورفلق سجن قبحت من وجوههم....هموم توالى دائما وخطوب
فمنظرهم أضحوكة للباسهم.......... ومخبرهم في الحادثات رهيب
لقد كنت فيهم"يوسف" السجن صالحا....أفسر أحلاما لهم وأصيب

يخرج الديب من السجن إلى التشرد، يبحث عن عمل فيعابثه كامل الشناوي أنه وجد له وظيففة مدرس، يسعد الديب ويخلق في آفاق الأحلام الحلوة، ويسقط من حالق حينما يذهب إلى المدرسة ويعلم أن الوظيفة هى وظيفة مدرس ألعاب، وهو الازهري بالعمة والكاكولة، ويقوم كامل الشناوي بتقديم العشرة قروش إلى الديب مقدما كل منهما للآخر:
- حضرتها عشرة صاغ... وحضرته الشاعر الكبير عبد الحميد الديب
باعتبار أن هذا هو اللقاء الاول.


-3-

وتمضى الحياة بالديب مريرة كالعلقم، ويقرر ترك الأزهر وأن يلتحق بدار العلوم، لأنها تمنح الطالب بها وجبة مجانية بالإضافة لإلى راتب شهري بائس" احسن من لا شئ"، وفي دار العلوم يمهل الديب من عيون الشعر العربي، وتتبدى موهبة الديب الكبيرة واضحة للعيان، حتى أن أحد الساتذة قال" يقولون بدأت الكتابة بعبد الحميد وانتهت بابن، لكنني أقول بدأت الكتابة بعبد الحميد ةانتهت بعبد الحميد".
يتألق الديب محدثا وشاعرا في منتديات القاهرة الثقافية ومقاهيها، وعلى الرغم من الفقر الدكر والحرمان والمهانة، إلا أن الديب يستظل بموهبته الكبير، فهو يتحقق من خلالها، ويعتقد ان تلك البدايات القوية، لا بد ان تنتهي إلىمستقبل أدبي لامع، لكن الأقدار كان لها رأي آخر.
إذا أمعن المرء منا تأملا في حياته، سيجد أن حياة الفرد منا، لم تكن سوى بضع مصادفات تافهة، وعلى الرغم من تفاهتها، فإنها في النهاية، تتشكل منها حياتنا. مصادفة جعلت الديب يتطاوس على أحد الأساتذة، فيقرر الأستاذ قرص اذن التلميذ المغرور بحرمانه من الدراسة عدة أيام، يهيم الديب على وجهه، فيقوده القدر إلىمقهى عجيب الاسم يسمى مقهى " البرابرة الوحيد "، هل هناك مصادفة أكثر تفاهة من تلك المصادفة؟
يجلس الديب في المقهى فيجد شابا متين البنيان يترنم بمطلع أغنية يقول مطلعها" والله تستاهل يا قلبي "، ولا يتمكن المغني من اكمال المقطع، وتتكرر المحاولات دون جدوى، من ركن المقهى يجيز الديب بقية المطلع ويكمله قائلا:

والله تستاهل يا قلبي..... ليه تميل ما كنت خالي
أنت أسباب كل كربي...... انت أسباب ما جرالي
والله تستاهل يا قلبي

أبيات شجية جميلة تثبت موهبة الديب الفياضة التي تغرف من بحر في سهولة ويسر. ويفاجئ الديب بالمغني الشاب يعانقه ويقبله. لم يكن المغنى الشاب سوى الشيخ سيد درويش باعث نهضة الأغنية العربية.
ومنذ تلك اللحظة لم يترك الشيخ سيد صاحبنا، فقد وجد الشيخ سيد في هذا الفتى الزري الهيئة القادر على ارق المعاني ضالته المنشودة. وأصبح الديب في معية الشيخ سيد، يصحبه في كل مكان يتوجه إليه، إلى المسارح والكباريهات والملاهي ويسكن شاعرنا مع الشيخ سيد في قصره الجميل، فالشيخ سيد الذي يربح الكثير والذي ينفق الكثير المحب للحياة، جعل الديب يعيش معه عيشة الملوك.
فترة ذهبية حافلة بالترف وبالعز والمباهج والمسرات قضاها الديب مع الشيخ سيد، هذا يكتب أجمل الأشعار، وذاك يضع لها اجمل الألحان، وشاعرنا بعد الضنى لابس حرير في حرير. لكن السعادة أقدار مقدرة، لم يكتب لها أن تستمر طويلا، فإذا الدنيا كما نعرفها، وإذا الاحباب كل في طريق، كانت الدار الآخرة هى طريق الشيخ سيد، الذي مات عام 1921 في عنفوان الشباب ليترك الديب إلى الطريق الذي أتى منه، إلى الشارع مرة أخرى، إلى التشرد والفقر والخرمان، وبخلاف كل تلك البلايا ، أضيفت بلوى جديدة، بلو تفوق كل مصائب الديب ومحنه التي تزيد- كما كتب- على عدد أنفاسه، ولم تكن تلك البلوى سوى إدمان الديب لشم الهيرويين.
كان شم الهيروين مستشريا في مصر آنذاك، وغنى له حسن فائق المونولوج الشهير" شم الهيروين خلاني مسكين"، ولم يكن عبد الحميد الديب أول ضحايا الشيخ سيد، فقد ذكرت الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي في مذكراتها أن المخرج المسرحي الكبير عزيز عيد، الذي يعتبره البعض الأب الحقيقي للمسرح، إتفق مع الشيخ سيد درويش ليضع الحان مسرحية" العشرة الطيبة"، وكانت من تأليف محمود بك تيمور، ومن إنتاج نجيب الريحاني، فإصطحب الشيخ سيد المخرج عزيز عيد إلى بدروم ما، ولم يغادرا البدروم لمدة أسبوع كامل، وخرجا بعدها وقد تم تلحين وقد أدمن عزيز عيد الهيروين والأفيون والحشيش حتى آخر حياته.
وفي 29 من شهر مارس عاد سعد باشا من المنفى بعد ان إنتصر على الإنجليز، وبعد ثورة المصريين عام 1919 كان الشعب المصري يعد استقبالا تاريخيا للاحتفال بعود البطل الشعبي سعد زغلول، وبعد ان إنتهى الشيخ سيد من تلحين نشيد يحي به سعد زغلول، فاضت روحه إلى بارئها، وهو في عنفوان الشباب، ليترك الديب يواجه مصيبة جديدة تهون إلى جوارها كل مصائبه وهى مصيبة الإدمان. وكان علامة فارقة في حياةشاعرنا الذي تحدد مصيره المشئوم بالادمان. الدمان والعوز والتلطيم ورثاء النفس والسخط على الدنيا، وما يجلبه الادمان من عدوانية وكراهية واحتقار الذات، وفي كثير من الاحيان يتحول إلى شخص مسعور فيهجو هذا ويعقر ذاك، وقرأت أن الشاعر الرقيق إبراهيم ناجي، تأذي كثيرا- وهو الحساس الرقيق- عندما هجاه الديب هجاء فاحشا.
ويعيش الديب حياة المدمن البائس، فهو إما مذهول من شمة، او مذهول من الحرمان، هيئة ذرية ووجه مكفهر وتلطيم حزين في الخرابات وفب أقسام البوليس ولوكاندات ربنا، وقصة حب أليمة لمومس بائسة اسمها فاطمة، شمامة مثله، رق قلبه لها ورق قلبها له، ويقال أنها شخصية وهمية اختلقها الديب، بغض النظر عن ذلك، فقد كتب لها وهو يحاول اخفاء إدمانه عن الجميع فيقول:

أفاطم أن الناس فرقوا عقلي... صرت لعينا في السماء وفي الأرض
يقولون شمام وما شم معطسي.... سوى الروضة الهيفاء والنرجس الغض.

-3-

يحدثنا الجاحظ العظيمفي واحدة من رسائله" فسادأخلاق الكُتاب" عن ضراوة العداوة والخصومات بين من أدركتهم حرفة الادب، فهم يعرفون موطن الالم، ويصيبون في مقتل. والديب الموهوب ينتظره الأصدقاء والمحبون كى يمتعهم بالنوادر والأشعار والحديث الشيق، والموهبة الكبيرة عادة ما تثير الحسد، فهذا الشمام الزري الهيئة أينما حل، وعانى الديب المبتلى بالفقر والإدما حسد الحاسدبن، وشن شيخ معمم حملة شعواء على الديب في جريدة كبرى عن هذا البشع الهيئة المتسول الشحاذ الذي لا يعجبه أحد. وتستمر حملة المعمم في جريدته، حتى تصل إلى كمشيش، وامام بار اللواء- موضعه الآن عمارة اللواء- يجد الديب نفسه يتضارب مع صاخب الحملة بالأرجل والأقدام، فيكتب الديب متوهجا في هجء حار فاحش بحجم المذلة والمهانة التي يشعر الديب بهما فيقول:

عمة تحتها ضلال ولؤم..... وهى عش الخنا وبيت الداء
نُسِجَتْ من سفاهةٍ وفسوق...وعلى الخِسة انطوت والرياء
أًطعمت ربها دجاجا حُنيذا... وسقتهُ الكونياك بعد الماء

ثم يهجو بار اللواء فيقول

ببار اللواء جمعت بعض كتائب... والحقد فيهم مستبد متلف
وقفوا كما وقف الزمان بمحنتي,,,, لدمي البرئ جميعهم مستنزف.

ثم يعاني من شماتة العامة فيقول:

أعود اليوم إلى الربع المحيل.... ولؤم الناس من قال وقيل
بقهوة عسكر ينبوع بؤسي...... فياله من بؤس طويل

ويعطف كامل بك وكيل الطب الشرعي على الديب، فيجعل الديب يعطي دروسا خصوصية لنجله مأمون، ويصف لنا الديب في واحدة من مذكراته، وهي بعنوان" يوميات مجنون "، وقد نشرها في حلقات في مجلة "الإثنين"، عن تجربته في العلاج من الإدمان، وكيف كان الهيروين قد قضى على عقله. فيعطى تلميذه مأمون مسألة حسابية كالآتى: اشترى تاجر 70 دقيقة، وباعها بألف أردب من البقر(!!)، فبكم اشتراها إذا كان مكسبه ألف خروف. المضحك أن مأمون نجح في الامتحان، ذهب الديب إليه لاستئناف الدروس الصيفية، فإا بكامل بك يمنحه زوجا من الجنيهات وفوقها مفاجأة سعيدة سوف يعرفها في الغد لوجاء إلى مكان معلوم، ويسأل افلديب عن طبيعة المفاجاة فيحبره كامل بك أنها كيس من الهيروين الفاخر ماركة " أبو قراعة الأصلي. كان الموعد على باب مستشفى المجانين في الخانكة، تحدثنا المذكرات عن الليلة الليلاء التي قضاها الديب في الشوارع نتظرا بصبر نافذ مجئ الفجر، وفي الموعد وبدلا من أن يجد كامل بك يحمل كيس أبو قراعة، فوجئ بتشكيل جهنمي من الممرضين يهجمون عليه. وإذا به نزيلا بالخانكة للعلاج من الإدمان.
استسلم الديب لقدره، وعاش في المستشفى، وبعد فترة فوجئ الديب بمن ينادي عليه باسمه مصحوبا بلقب"افندي"، ولم يكن من ينادي عليه سوى تلميذه السابق مأمون الذي جاء لزيارته، أما سبب زيرة التلميذ، الحكاية أن مأمون شاهد مسرحية مع والده، ويموت البطل في المسرحية من إدمان الهيرويين،فيعتقد مأمون أن أستاذه قد مات هو الآخر،وأسرف مأمون في البكاء حزنا على معلمه، فلم يجد كامل بك مفرا من اصطحاب مأمون ليرى بعينيه أن معلمه مازال حيا ويشغل سريرا في الخاكة.
تلك العلاقة الجميلة بين مأمون ومعلمه تثبت أن الديب على الرغم من كل المحن كان بداخله قلبا رقيقا، والدليل على ذلك هو حب مأمون الطيب لمعلمه، فالأطفال لهم سجية لا تخطئ تمييز الخبيث من الطيب.
وخلال تلك المذكرات الممتعة، التي يثبت خلالها الديب أنه ناثر ساخر عظيم، يحكي لنا عن رفاقه في مستشفى المجانين. منهم القارئ الشاب الي جُنَّ أثناء التلاوة، وهوابن الشيخ إسماعيل سكر القارئ المعروف آنذاك. كان القارئ الشاب يجلس في العنبر خاشعا، فيجلس بقية نزلاء العنبر في هدوء وسكينة، فيقرا السورة التي فقد فيها عقله، بصوت جميل مرتل، فإذا ما وصل إلى قوله تعالى" وقسل يا أرض إبلعي ما بك ويا سماء أقلعي" ،إذا ما وصل لكلمة أقلعي، راح الشاب يكرر أقلعي" وهى الكلمة التي أفقدته عقله لسبب ما، ويكررها عشرات المرات، فيقف عشرة من المرضى على أسرتهم وهم يرددون من خلفه" أقلعي... أقلعي... أقلعي...، بصوت لا حكم الله بسماعه على العقلاء.
ثم يحكب لنا الديب عن المجنون الذي هام حبا بفتاة، فلما تحقق له أن يقبلها ذات مرة، فقد الشاب عقله من كل تلك الروعة، وعندما أبلغوا عنه قام الشاب بتقبيل الشرطى والمخبرين ثم الضابط ثم قبل مأمور القسم ثم قبل وكيل النيابة ثم قبل وكيل مستشفى المجانين نفسه، وهناك راح يوزع قبلاته على الجميع. اما عن علاج المرضى يحكي الديب عن كيف دهنوا وجه أحد الممرضين بالشطة الحارة، ووضعوه في طريق النلتاث بالتقبيل والقبلات، فما كاد يفعل حتى تراجع مجنون القبلات باكيا وهو في ذعر عظيم.
وتم شفاء الديب من الإدمان، لك الداء الوبيل، بعد أن تركه حطاما يثير الشفقة.

-4-

خرج الديب من الخانكة يطلب الرزق وقد تم شفاءه من الإدمان، وهو الكاتب الموهوب الذي يملك من القدرات ما يكفل له الستر على الأقل، وحفيت قدماه كى يعمل في جريدة الأهرام، ولكن سمعته كهجاء وكعدواني كانت- في أغلب الظن- تسبقه، فيخافون منه، أن يقلب عليهم فيهجوهم، ويشهر بهم، وفي الأهرام ويسمع الديب من المحررين ومن صاحبها معسول الكلام والوعود التي لن تتحقق، وأفاض الديب عليهم بالمقترحات والظافكار الصخفية، وكان الحنق يأكله وهو يرى أفكاره وقد تم السطوعليها. وكانت مصر عقب ثورة 1919 تشهد حياة حزبية حافلة وقد بعثتها الثورة، وتألفت الأحزاب والتكتلات السياسية والجماعات الثورية، وكلها كانت لها مجلات وجرائد، ويرى الديب عشرات من النكرات ومن المحاسيب والأذناب وقد تحولوا إلى صحفيين، ومعظمهم من العاطلين عن الموهبة، يقبضون الرواتب العالية ويعيشون في رغد، والديب يتضور جوعا. فيتحول إلى وحش عقور هجاء سليط اللسان، وراح يقتحم الأهرام وهو مخمور ثائر، فيطيبون خاطره بعد جديد، فيعود إلى بار اللواء، فيشرب ويشاكس هذا ويهجو ذلك ويعابث ثالث، وكتب ذات مرة يهجو فيها الأهرام وصاحبيه، جبرائيل ونيقولا تكلا، فيكتب:

أموتُ بحسرةٍ إن ضاع عمري.... ولم أظفر بجبرائيل تكلا
بداخل ملك فاروق أقاموا..........لهم ملكاً علا ثم استقلا

وأخذ الديب يجمع قصائده من الجرائد والمجلات والصحف، فقد علم الديب أن الصحفي الكبير محمد أحمد الصاوي ينوي طبع ديوان لأشعار الديب المتناثرة هنا وهناك، وات يوم في تلك الفترة، اصطحب الكاتب اللامع الصحفي حفني محمود- وهو أحد ظرفاء عصره- صاحبنا إلى بار اللواء، واسترج حفني محمود الديب أن يهجو كامل الشناوي مقابل كأس كونياك وريال، فلم يتردد الديب فقال على الفور، إذ كان بينه وبين كامل الشناوي نوادر ومساجلات، فقال الديب على الفور:

بار اللواء لُعِنْتَ بالشناوي

ثم تلفت الديب حوله فوجد محمداحمد الصاوي يجلس غير بعيد عنهما فقال الديب مكملا:
بار اللواء لُعِنتَ بالشناوي..... ورُزِئتَ قبلاً بالثقيل الصاوي.
غضب الصاوي وصاح: ليه كده يا ديب؟
فقال الديب في تسليم:
- معلهش يا أستاذ القافية حكمت وعلينا العوض في الديوان.
وتلقى الديب عشرة جنيهات من إبراهيم الدسوقي أباظة، الذي كان يحب الديب ويعطف عليه، فامتدحه الديب قائلا:
ومالي لا أزور كريم.... تكنف حافظاَ وراعَ حمام
الديب يقصد رعاية إبراهيم الدسوقي أباظة للشاعرين، حافظ إبراهيم ومحمد مصطفى حمام، وبعد ساعات قابل الديب صديقه كامل الشناوي، فقال له الديب عن العشرة جنيهات، فتظاهر الشناوي بالأسى وبالإشفاق، واخبر الديب أن أباظة ربح اليوم في البورصة 20 ألفا من الجنيهات، وأنت أيها الشاعر العظيم العبقري لا يعطيك سوى عشرة جنيهات!!، فأربد وجه الديب، وفي نفس اليوم قال هاجيا أباظة:
أبلغ أباظة عني أنهم.... ورثوا مالا ولم يرثوا لا ديناً ولا خُلقاَ.
وكان الديب يحب الشناوي ويخشاه، وكان الشناوي يعطف على الديب ويدبر له المقالب التي تكلف الديب االضرب المبرح من الذين يهجوهم الديب بتحريض من كامل الشناوي.

-5-

السنوات تمر، والاخفاقات تتوالى، الاخفاق تلو الاخفاق، مرارة الديب تزداد، ويشعر بدنو الأجل، ويتمنى الموت، فقد فشل في الزواج، وإضطر لتطليق زوجته إحسان لعجزه عن الإنفاق عليها وعلى طفليها، اللذين كانا يحبهما، فقد كان يسعد كثيرا عندما يرزق بنقود ويشتري لأسرته ما يسعدهم وما يجلب لهم السرور، فيقول لها وهو يرثي حظه العاثر ورزقه القليل:


ياربة الدار لا ترثي لأرزاقي..... فقد قرر الله اسعادي واملاقي

ويطلق إحسان ويعود الديب مشردا وحيدا، كم كان حزينا ممرورا، ويطلب الموت فيكتب:

يارب أين الرزق ؟ أين السماء.... وأين أنت يا إله الجميع؟
أليس لي في طيب عيشي رجاء..... أليس في عطف ربي شفيع
خُذْني إذا ما المال أمسى عسيرا.....فالموت خيرٌ من حياة الفقير
الشاعر الموهوب يحيا فقيرا........ وماله في شعبه من نصير.

ثم يعمل الديب بواسطة وزير من الوزراء في وظيفة حكومية، ويحلق الديب في خيالات جميلة عن الوظيفة والأٌ بهة التي سيستمتع بها بعد طول تشرد. ويذهب الديب إلى المصلحة فيفاجأ أنه لا مكان له في الأساس، فلا مكتب له ولا حتى مقعد، فيسألوه عن أخبار الوظيفة فيقول:

بالأمس كنت مشرداً أهلياً..... ةاليوم صرتُ مشرداُ رسمياً
ويحضر شقيقه عند صلاة الفجر، فيجد الديب في وكره يحتسي الخمر، فينزعج الشقيق وينهاه، ويطلب منه ان يبادر بالنزول، لان الله يوزع في هذه الساعة المبكرة، فيضحك الديب ساخرا ويخفف الديب عن شقيقه قائلا يعلم أنه خارج التقسيم ومن زمن طويل، فإذا خرج أو لم يخرج فالأمر سيان، لانه يعلم ومن زمن طويل أنه خارج أي توزيع فيم يخص الأرزاق، فدعني أكمل ما أنا به لأنها هى هى.
ويشعر الديب بدنو الاجل، وأن الرحلة التعسة قاربت على الانتهاء، ويموت صديقه الشاعر الهمشري، فكتب قصيدة يرمى نفسه ويرثي صديقه وهى بعنوان" من شاعر يموت إلى شاعر مات".

نم صديقى وارتقبني في غدِ......وغدِ أقرب من محو اتلحساب
لم نُمَتَع بحياةٍ أو غنىِّ............فلنتمتع من تضاعيف التراب
لم نُثَب فيهِ بجهدنا في عًمرنا.... فلنُصِبْهُ اليةم في دار الثواب
وفي 20 أبريل فاضت روح الديب القلقة المتوثبة إلى بارئها، منهيا الرحلة الشاقة الحزينة، وشاءت الأقدار أن يموت الديب في اليوم نفسه التي جاءته الوظيفة في وزارة الشئون الاجتماعية، لكنه جادت حينما لا ينفع الوصل، عاش بائسا ومات بائسا، ولم تنصفه الدنيا التي لا تعرف لا عدلا ولا انصاف، وكتب صديقه الشاعر الكبير كامل الشناوي يرثي الديب ويقول:
" تعرى الديب واكتست خةائط الأضرحة، وطعمت كلاب الأرض وجاع عبد الحميد الديب" ومر به تاريخ الشعر مرور الكرام، وهذا لا يثير بقدر ما يثير من الأسى، ألم يتسائل إشبنجلر قائلا:
" أليس قدرا أن يتبوأ أُكتافيوس التافه حقبة تاريخية بأكملها، ويمر التاريخ على تيوبيريوس العظيم، مرور الكرام؟"



#فهمي_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشك ...
- قراءة في - رباعيات الإسكندرية -- لورانس داريل - وتحديات الشك ...
- -حجرة الفئران-... قصة قصيرة
- في.... الجاكس...قصة قصيرة
- قراءة في - مرايا - نجيب محفوظ


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فهمي عبد السلام - شاعر البؤس.... عبد الحميد الديب