أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [81]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي















المزيد.....

[81]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6127 - 2019 / 1 / 27 - 19:21
المحور: الادب والفن
    


صبري يوسف

81. الموسيقى غذاء الرّوح والفكر، وهي اللُّغة الّتي لا تحتاج إلى وسيط، ما موقعها في حياة أسماء غريب، وكيف تعرّفينها أو تقدّمينها إلى القارئ من خلال تجربتكِ الرّوحيّة؟!

د. أسماء غريب

الموسيقى وحيٌ أُنزل على الإنسان من سماوات الصّفاء والنّقاء ليُعَرِّفَهُ بخالقه، ويُسْعِفَهُ بلغة جديدة يتواصلُ بها معهُ، تكونُ ترتيلةً من تراتيل الرّوح، وترنيمةً من ترانيم الفؤاد، وحبلاً سرّيّاً يُغذّيه بمصلٍ كونيّ ليس له مثيل. إنّهَا كالعشقِ تُفتّتُ بمائِها الزّلالِ قلبَ الصّخر، وتغسلُ همومَ النّفس وأحزانَها. وكالقنديلِ تطردُ العتمة من وجه النّهار، وتفتحُ ذراعَيْها لمعانقة كلّ البشر مهما اختلفت لغاتهم وعاداتهم وانتماءاتهم. إنّها الفنّ الَّذي يُجسِّدُ في أحسن صورة سرَّ الخلقِ والخليقة، وهيَ لهذا لصيقة بأهمّ الحالات والتَّجارب الرُّوحيّة الَّتي يمكنُ أن يمرَّ بها كلّ كائنٍ في حياته، وأعني بها تجربةَ العشق، ثمّ تجربةَ الموت والفقد، وكذا تجربة التَّعرفِ إلى اللّه، وهي أمُّ التَّجاربِ كلّها الَّتي منها انطلقَ كلّ شيء، لذا فإنّ صوتَ الإنسان وحده يُعَدُّ في هذه الحالة غيرَ كافٍ للتعبير عمّا يختلج الفؤاد من المشاعر القويّة الجارفة، وهذا ما يُبرّرُ لجوءَهُ إلى اختراع الآلات الموسيقيّة الَّتي تُعَدُّ القيثارة أكثرها رقيّاً وصفاءً.
وكلّمَا تعمّقتْ علاقة الإنسان المؤمن بخالقه كانت موسيقاه أكثر نقاءً وسُمُوَّاً وشفافيَّةً، وأصبحَ أكثرَ قدرةً على فهم أسرار لغة الكون المُشَفّرة بحِبْر الرِّياضيَّات، ورُزِقَ منطقَ الطّير والبحر والحجر، وأعْطِيَ مفتاحَ "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُوراً"، لأنَّهُ المفتاح الوحيدُ الَّذي يُخْبِرُ عن لغة أهل السّماء.
الموسيقى عارفٌ كبير يُحَدّثُ أهلَ الصّبرِ عن العرش والكرسيّ، ويعرفُ المعمارَ الدَّاخلي لكلّ الأشياء. إنّها ابنةُ النّقطة وشقيقةُ الحرف، تجدُها في نبضِ القلبِ، وفي طرفةِ العين، وفي صوت الجنين وهو يطلُّ من عالمِ المشيمة بوجههِ المُشرق ليدخلَ إلى عوالم الصّدق والكذب، والبسمة والدّمعة. وتجدُها أيضاً في ضحكات الأمّهات وزغاريدهنّ أثناء الأعراس ومواسم حصاد الحنطة وجني العنب والزَّيتون، كما تجدُها في تراتيلِ الرّجال وسط المعابدِ وتلاواتهم في المساجد وقدّاساتهم في الكنائس، وكذا في مآقي العرائس العذارى وهُنّ يبكينَ بعد الحروبِ موتَ مُحاربٍ حبيبٍ، أو فَقْدَ جُنديّ قريب.
إنّها رفيقُ الرّوح في رحلة الحياة: رفيقٌ مُجَنَّحٌ ما عرف مقامه حقيقةً سوى الواصلين؛ أصحابَ القلوب الخاشعة، والأرواح المرهفة الرقيقة السّابحة في بحار العلوم. رفيقٌ يراهُ الأعمى والمُبصر منهم، ويسمعُ حرفَهُ الأبكمُ والأصمّ فيهُم، لأنّها من أمرِ ربّي، روحاً تتجلّى مِن الدّاخل، وليس من الخارج أبداً، لذا تجدُ حتّى الأصمَّ يعرفُها، ويسمعُها بأذن غير الأُذن، فيصبحُ ضوءُ الفجر بها عندهُ مسموعاً، وأنفاسُ الحبيبة معزوفةً لا يُعادِلُ صفاء لحنها شيء، وحضورُ اللّيل نوتةً لا يُمكن عزفها أبداً ما لم يبلغ الفؤادُ مقامَ السّلام. لذا فإنّ أجملَ المعزوفات تلكَ الّتي يعرفُها أصحاب "وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّداً وَقِيَـاما"، لأنّهُم أهل السّلامِ الحقّ، أنبياء بدون رسالة وعُلماء بدون كراسٍ، وعرفاء بدون خرقة، ولأنّها وحدَها الموسيقى توحي لهُم بالجمالِ، وتأخذهم إلى فراديس الرُّؤية والمشاهدة، وجنان الخلّة والوفاء واللّقاء. ولأنّها وحدها الخمرةُ المعتّقة الَّتي ماذَاقَهَا بشرٌ إلّا وعافَتْ نفسُه كلَّ حانات الأرض وأهلها، واللّحنُ البلّوري الَّذي منْ سمعَهُ ظهرَ لهُ سيّدُ السّلام، وحظِي منهُ بقُبْلةٍ فوقَ الجبينِ، تظلُّ متلألئةً بين عينيه إلى ما شاء الله، وتصبحُ نبعاً يأتي إليه كلّ أهل الموسيقى ليغرفوا منهُ ما يطفئُ ظمأَ الرّوح ويُشْفي أسقامَ القلب والجسد، ويبدّدُ وحشةَ الأماكِنِ.
سقيمٌ هو قلبُ من لا يسمع الموسيقى ولا يستمتع بها، وعليلة روحُه يا صاحبي في الحرف والنّوتة، فهي المعراج إلى الحقّ، وهي السُلّم الَّذي ينبغي أن يعرفه أهل المحبّة ويمتلكوا كلّ مفاتيحه، وأعني هنا بأهل المحبّة، أهل المكالمات اللّطيفة والمسامرات العجيبة، والمُحادثات والمشاهدات العرفانيّة الأعجب، أولئك الَّذين يملكون قلوباً تغنّي بصوتٍ شجيّ ولحن بهيّ نقيّ؛ فإليكَ اليوم أيّها القارئ قولي، وافهمْ بلغة القلب حرفي، وادخلْ بعينِ الفؤاد إلى محّ المعنى في بوحي.
إنَّني أيّها الكريم نقطة بيضاء لا شأن لها بأهل المغنى والطَّرب، ولا بأهل الرّقص والطّبل أو الدَّفّ، ولم يسبقْ لي أبداً أن غنّيْتُ أو شدوتُ فوق مسرح، أو أمام جوقة، أو بين النَّاس وإن كانوا من أصحاب الخلّة والخلوة. لكنْ ما قولكَ في قلبي العجيب هذا؟! إنّه مُذ كنتُ طفلةً صغيرةً يغنّي: أجل، وليس هذا فحسب، إنّهُ يؤلّف الألحان، وينظمُ القصائد ويغنّيها. والأعجبُ من كلّ هذا أنّهُ كلما غنّى قلبي نبتتْ لهُ أجنحة، تطيرُ بي إلى الهناك حيث المشاهدات والأُنس الّذي ما بعدهُ أنس، بل حيث يفتحُ تلفازُ القلبِ شاشتَه ويبدأ في إرسال ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذه هي الموسيقى الَّتي أعني؛ سُلّم إلى الحبيب أسجّل بها تطوّر مسارات روح الإنسان وهي تحلّق إلى مدارات العزّة والسُّؤدد، بل إلى سدرة المنتهى وشجرة النُّور والسَّناء، كما أوضحُ هنا في هذا النَّصّ الشِّعري الَّذي أخاطبُ فيه الرّوح وأحثّها على طلب السُّموّ والكمال:
*
وقفَ ببابِ محْرابهَا
وبيده سـُلّـَمٌ ومـَفاتيح
وقال:
"بفجْر هذا اليوم أدخلُ قلبكِ
وأبني لكِ به معهداً للموسيقى
فتعاليْ هنا اتـّخـِذي لكِ به مقعدا"

*
في ذات الفجْر أخرجَ "المَايـِسـْتـْرُو"
مفاتيحَه السّبعة
وأدراج سُلـّـَمـِه الخَمْسة
ثم عَزَفَ نـُوتـَة العشْق الأكْبر
كانت النّوتة عالية
جـــدّاً
جـــــدّاً
جـــــدّاً

*
سمعتْ صاحبة القلب الرّيشـَةِ
نوتة "المايسترو"
فزعـَتْ منها
ومن أزمِنَتها الأربعة
ووَلّتْ هاربةً من قاعة الدّرس

*
عـَادَتْ خائفة مـُشـَوّشـَة الذِّهن إلى محرابها
وحينما ارْتـَمـَتْ فوق سريرِ رُوحها
وجـَدَتْ تحْت إزَار نوْمِها ثلاثة مفاتيح
أقصدُ مفتاح "الصّـُولِ" و"الـْـفـَا" و"الـدّو"
دَهـِشـَتْ وتسَاَءلتْ باكية:
"كيف لي يا قلبُ أن أجمع
بين نوتة "المايسترو" ونـُوتـَتـِي؟"

*
سمعَ "المايسترو" بكاءَها
ربـتَ بيده فوق شـَعـْرِها وقال:
"صعبُ المـَنـَال بـَلْ مُـسـْتـَحـِيلٌ ما تـَطـْلـُبـِيـن
يا صغيرتي
للعشق الأكبر نـُوتة لهَا نـَبـْضَان:
واحد في الرّوح وآخر في القلب
فإمّا عـَالـِيـَيْن مـَعاً وإمّا لا
ثـُمّ مـِنْ أيـْن لـَكِ بـِبـُعـْدٍ زَمَنِي واحدٍ
تـَجـْمـَعـِين فيه بين نـَبْضـَيـْن مُختلفَيِ الإيقاع؟"

*
وهمٌ ما أحـْلـُمُ به ويقينٌ ما تقولُ
لذّةُ إحساسٍ تشـْتـَعلُ بعواطفي
ونشوةُ روح هذا اللّـَهـَبُ بداخلكَ
نوتة نـَبـْضِكَ شاهقةٌ ونوتة نبضِي مُـنـْخـَفـِضَة
جـــدّاً
جـــــدّاً
جـــــدّاً

*
أجَل يا صَغيرتي
لا يستوي الـَوهْمُ واليقينُ
ولا تستوي اللّذةُ والنّشوةُ
وإلّا كـَسـَرْتِ السّـُلـّـَم والأدْراجَ معاً
وأضَعْتِ المفاتيحَ السّبعة
هيّا عودي إلى الفـَصْل
عودي إليّ تـَرْتـَفـِعُ نوتتُك
ويَـسـْمـُو لـَحـْنـُك ويـَتـّحـِد نبضُك مع نبضِي
فيـَسـْمـَعـُه جـَوقـِي ذو الملائكة المجنّحة
ويـَعـْزفـُهُ خـَلـْفـَكِ
ويـهـْدي أزْمـِنـَتـَه الصّافية
وأبْعـَادَهُ المُتـَوازنة
لكِ أنـْتِ وَحـْدَكِ.



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [80]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [79]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [78]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [77]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [76]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [75]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [74]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [73]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [72]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [71]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [70]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [69]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [68]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [67]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [66]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [65]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [64]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [63]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [62]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [61]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [81]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي