أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بير رستم - تركيا.. إلى أين؟!















المزيد.....

تركيا.. إلى أين؟!


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 6127 - 2019 / 1 / 27 - 17:40
المحور: القضية الكردية
    


تركيا لا شك دولة إقليمية مهمة حيث تعتبر تاريخياً امتداد للدولة العثمانية التي حكمت نصف العالم لمدة تقارب نصف قرن وهي اليوم تشكل قطباً أساسياً، إن لم نقل الأهم بالنسبة لدول الشرق الأدنى والأوسط وحتى للقرم وأواسط آسيا، بل لها تأثيرها على سياسات عدد من الدول في القارة الأوربية وذلك بحكم عدد من الملفات، أهمها إنها منطقة ترانزيت لهم إن كان بالنسبة لإيصال الطاقة عبر أراضيها من حقول روسيا أو جعلها سداً أمام الهجرة الغير شرعية من آسيا لأوربا وغيرها من الملفات الأمنية والاقتصادية ولذلك نجد؛ بأن تركيا حظيت دائماً بنوع من "الدلال" في السياسيات الأوربية الأمريكية -بعد انهيار الخلافة العثمانية- وخاصةً عندما أضيف لما سبق، دورها الأساسي في التوازن بين سياسات المعسكرين الشرقي والغربي ونقصد معسكري الرأسمالية والاشتراكية أيام الحرب الباردة وامتداداً ليومنا مع سياسات كل من روسيا وأمريكا في الملف السوري.

وهكذا فإن تركيا ووفقاً لما سبق تعتبر دولة مهمة يمكن لها أن تلعب دوراً استراتيحياً لو أتبعت سياسات حكيمة بالمنطقة وهي فعلت ولعبت دوراً مشابهاً في عدد من المراحل التاريخية، لكن مشكلة تركيا مع حكومتها الحالية بقيادة حزب العدالة والتنمية وخاصةً في نصفها الثاني من الحكم هي إنها تعاني من أزمتين؛ الأولى تتعلق بطبيعة الذهنية الإسلامية وشخصية رئيسها أردوغان حيث الحلم بإعادة أمجاد الماضي للسلطنة والخلافة العثمانية وتحقيق مشروعه السياسي مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين –وهذا ما لا توافق عليه الغرب، بشرقها الروسي وغربها الأمريكي- وكذلك فإن زعيمها وفي زمن سقوط الديكتاتوريات يحاول أن يبني له مجداً شخصياً يحاكي زمن السلاطين العثمانيين أو بما يمكن أن يوصف ويقال عنه؛ "رايح ع الحج والناس راجعة" حيث العالم تشهد صراعات لإنهاء حقبة الأنظمة الديكتاتورية العسكريتارية، بينما أردوغان يحاول بناء ديكتاتوريته في تركيا!!

أما النقطة أو القضية الإشكالية الأخرى والتي لا تقل أهميةً عن الأولى وربما تفوقها تأثيراً وخاصةً على الصعيدين الداخلي والإقليمي، فهي المسالة الكردية والتي يمكن اعتبارها "مشكلة تركية" المتأزمة والتي عانت وتعاني منها كل الأنظمة السياسية التي شهدتها المرحلة المعاصرة لتشكيل الجمهورية التركية، بالتأكيد هي تعود بجذورها للحقبة العثمانية، لكن ليست بهذه الحدية وذلك لأكثر من سبب؛ أولاً لم يكن هناك الفكر القومي والدولة القومية من جهة ومن الجهة الأخرى كانت الخلافة تضم أقوام وشعوب وملل ونحل مختلفة متعايشة في شبه كونفدرالية سياسية بحيث أن الممالك والأقاليم وأمرائها كانوا يتمتعون بسلطات وصلاحيات واسعة تشبه صلاحية دولة في الاتحاد الأوربي تقريباً -بمقاييس تلك الحقبة التاريخية- وهكذا فلم نجد إشكالية في تلك المرحلة بين تلك القوميات والمكونات مع مركز الخلافة بالأستانة (استانبول) وإن وجدت فكانت بدافع زيادة نفوذ القادة والأمراء أو صراعهم مع أمراء آخرين ولم نجد النزاعات العرقية إلا مع وصول الفكر الغربي ومفهوم الدولة القومية وذلك في الفترة الأخيرة من الخلافة العثمانية والتي كانت من إحدى أسباب انهيارها ووقوف شعوب السلطنة إلى جانب القوى والجيوش الاستعمارية الغربية؛ الفرنسية والإنكليزية والإيطالية الإسبانية.

لكن قضية الأقليات القومية مع ولادة الدولة التركية على يد مؤسسها كمال أتاتورك تحولت إلى نوع من الفوبيا في السياسات التركية وخاصة بعدما فقدت الخلافة كل "أراضيها" التي كانت تحكمها كإحدى أكبر الإمبراطوريات الدينية التي عرفها التاريخ، مما شكل لديها ما يمكن اعتبارها صدمة وعي أو الصدمة الحضارية وكانت سبباً في تكوين ما يمن اعتباره نوع من عقدة الفوبيا التركية تجاه غيرها من المكونات؛ كونها –أي تلك الشعوب والأقوام- أشعرت العنصر التركي الذي كان يعتبر نفسه مركز الخلافة والدولة العثمانية بأنه عنصر غير مرغوب بل ومكروه منهم وذلك نتيجة سياسات السلاطين طبعاً، لكن العنصر التركي أعتبر انقلاب الآخرين والذي كان يفترض بهم كأخوة –بحسب المفهوم التركي- أن يقفوا إلى جانبه في معركته مع القوى الغازية الاستعمارية الغربية ولذلك وانطلاقاً من تلك القراءة المشوشة للواقع، فإن العنصر التركي "القوموإسلامي" شعر بنوع من "خيانة الأخوة"، مما شكل لديه دافعاً نفسياً إضافةً للعوامل والمحركات الاقتصادية والسياسية، بأن ينتقم ممن تبقى تحت السيطرة في الدولة الحديثة وذلك على يد أتاتورك حيث كانت وللأسف المجازر المروعة بحق كل من الأرمن والكرد والتي في جزء منها تعود لعوامل سايكولوجية نفسية كما أشرنا، إضافةً للعوامل الأخرى التي تتعلق بالسياسات الاستعمارية.

وهكذا يمكننا القول؛ بأن تركيا ومع الذهنية التركية القوموية الكمالية -وبعدها التيار القوموإسلامي من جماعة العدالة والتنمية- تعيش حالة فوبيا من القضايا القومية لباقي مكونات تركيا الحديثة وبالأخص مع القضية الكردية وذلك بعد القضاء شبه الكامل على الوجود الأرمني في تركيا وقد استفحل الأمر مؤخراً مع الحكومة التركية الحالية بقيادة حزب العدالة والتنمية وذلك لأسباب عدة، منها؛ بروز دور كردي إقليمي وبالأخص مع الأزمة السورية وبروز دور أكثر فصيل سياسي كردي تعاديه تركيا، ألا وهو دور حزب العمال الكردستاني، لأسباب تتعلق بالصراع الداخلي التركي أكثر ما تكون في قضية إدعاءاتها بتهديد أمنها القومي من الجانب السوري، قاصداً الإدارة الذاتية والتي تخشى تركيا بأن تكون بداية ولاية كيان سياسي مشابه بإقليم كردستان (العراق)، مما دعا برئيسها أردوغان لأن يعلن ولأكثر من مرة؛ بأنهم لن يسمحوا بتشكيل "مستنقع جديد على غرار شمال العراق".

وأخيراً نود التأكيد على أن المسألة الكردية ستكون منطلقاً لأحد مسارين يُحدّد من خلالهما مآلات تركيا في المستقبل المنظور وهو يتوقف على الحكومة الحالية أو القادمة وذلك في رسم واتخاذ أحد المسارين حيث سيتوقف على اختيارها لأحد المسارين مستقبل الدولة التركية وعلاقة الشعبين الكردي والتركي، فإما العلاقة التكافؤية والشراكة الحقيقية في دولة اتحادية فيدرالية ديمقراطية تحقق المساواة والحرية والكرامة لكل مواطنيها وتكون دولة مواطنة حقيقية تفتخر بكل مكوناتها وشعوبها وثقافاتهم ولغاتهم وليس كما أسسها أتاتورك؛ "دولة العلم واللغة والشعب الواحد" وهو الشعب التركي أو سوف تنفجر الأوضاع أكثر وتعيش تركيا حالة شبيهة بما تمر بها المنطقة العربية وقبلها دول المنظومة الاشتراكية، لتكون نهاية الدولة التركية الحالية وولادة كيانين مستقلين أحدهما للكرد والآخر للأتراك، كما حصل مع الخلافة العثمانية قبل قرن وولادة عدة كيانات ودول أخرى جديدة منها مجموع الدول العربية وبالتالي فإن سياسات أنقرة المرحلية والمستقبلية ستكون المفصل في تحديد أحد المسارين وبحسب قراءتنا للمشهد السياسي التركي ومع ذهنية رئيسها أردوغان وعموم سياسات حزب العدالة والتنمية، فإن تركيا ذاهبة إلى صراع داخلي قد ينفجر في وجه الجميع ولو عن طريق الاقتصاد وليس عسكرة المجتمع والحرب الأهلية، إلا أن حصلت متغيرات إقليمية وداخلية تعيد مسار الحوار بين الحكومة التركية والعمال الكردستاني.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولد المجنون قراءة في تصريح أردوغان!
- ندائي الأخير لكل من المجلس الوطني والإدارة الذاتية
- عفرين مجتمعاً وجغرافيا بين العمق التاريخي والصراع السياسي
- نفاق وتباكي البعض على دماء أبناء شعبنا من قوات الحماية.
- الأمازيغي بو يحيى يرد على كرم أحزابنا ب-عظمة-!!
- إسرائيل والمصلحة الكردية في معاداتها!!
- حزب العمال الكردستاني والتخلي عن كردستان والقضية الكردية!!
- ملاحظات أولية للإدارة الذاتية مع العام الجديد
- الوطن .. هل هو للهڤال أم المواطن؟!
- النظام السوري حليف للمعارضة أم للإدارة الذاتية؟!
- تركيا .. ومكتسباتها من احتلال عفرين.
- سؤال وحوار بشأن أحزابنا وأدوارهم!!
- لما الخطاب الإنهزامي مرفوض؟
- اللوبي الكردستاني ضروراته وإمكانية تحقيقه واقعياً
- كرد روجآفا بارزانيين أكثر من البارزاني!!
- أردوغان يكشف المستور: بأن هناك (ضغوط لإخراجهم من سوريا)
- صلاح الدين الأيوبي في القراءات والدراسات الأوربية - الجزء ال ...
- صلاح الدين الأيوبي في القراءات والدراسات الأوربية (ج3)
- صلاح الدين الأيوبي في القراءات والدراسات الأوربية (ج2)
- صلاح الدين الأيوبي في القراءات والدراسات الأوربية (ج1)


المزيد.....




- روسيا تدعو مجلس الأمن لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة ...
- نيبينزيا لمجلس الأمن: أقل ما يمكننا ويجب علينا القيام به هو ...
- حملة مكافحة الفساد في الصين تطال النائب السابق لمحافظ البنك ...
- رئيس نادي الأسير: الاحتلال يعاقب الأسرى الفلسطينيين بقانون - ...
- الجزائر: حان الوقت لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة
- أكسيونوف يؤكد اعتقال كافة المجموعات التخريبية التي تم كشفها ...
- فاقمت معاناة النازحين.. مغردون يتفاعلون مع السيول التي ضربت ...
- ليكن صمود الأسرى وصمود الشعب الفلسطيني نموذجنا في معارك شعبن ...
- ممثل الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة: كيف يضر الاعتراف بدولت ...
- إسرائيل أمام مجلس الأمن: إذا اعتُمد قرار بمنح فلسطين عضوية ك ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بير رستم - تركيا.. إلى أين؟!