أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوان ديبو - -المنطقةالآمنة- في شمال وشمال شرق سوريا بين الرؤيتين الأمريكية والتركية















المزيد.....

-المنطقةالآمنة- في شمال وشمال شرق سوريا بين الرؤيتين الأمريكية والتركية


جوان ديبو

الحوار المتمدن-العدد: 6122 - 2019 / 1 / 22 - 19:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الممكن ادراج فكرة "المنطقة الآمنة" في شمال وشمال شرق سوريا في عداد الشروط التي يجب ان يخضع لها الانسحاب الامريكي "المشروط" من سوريا والذي تحدث عنه مستشار الامن القومي الامريكي جون بولتون خلال زيارته الاخيرة الى الشرق الاوسط. لكن ما ان اطلق الرئيس الامريكي تغريدته بخصوص فكرة "المنطقة الامنة" بتاريخ 13/01/2019 حتى تلقفتها تركيا بغبطة مشوبة بالحذر واعادت تذكير واشنطن والمنخرطين في المأزق السوري بأنه قد سبق لها وان طرحت هذه الفكرة منذ 2012.

لكن المعضلة هنا تكمن في الاختلاف شبه الجذري بين الاطروحتين الامريكية والتركية بشأن "المنطقة الامنة" المقترحة، من حيث الدوافع والمآلات وحجم ادوار وهويات اللاعبين الذين سيوكل اليهم حماية وادارة تلك المنطقة. الهدف من وراء فكرة "المنطقة الامنة" أمريكيا كما جاء في السياق العام لتغريدة ترامب هو حماية الاكراد عموما وقوات سوريا الديمقراطية خصوصا في سوريا من اي عدوان تركي طالما لوحت به انقرة. خاصة وان الفكرة ترافقت مع تهديد امريكي واضح بتدمير الاقتصاد التركي المنهك اصلا في حال بادرت تركيا بالاعتداء على الاكراد في سوريا. بمعنى آخر، الهدف الامريكي (الظاهري على الاقل) هو ابعاد الخطر التركي عن الاكراد في سوريا، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستجابة النسبية للمخاوف الامنية التركية. بينما التفسير التركي الرسمي هو لتأمين حدودها الجنوبية الطويلة بمحاذاة المناطق الكردية في سوريا والتي يسيطر عليها الادارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، في حين ان المرامي التركية الحقيقية هي إزالة الحالة العسكرية الكردية في سوريا المتمثلة في "وحدات حماية الشعب" وتقويض الإدارة الذاتية" التابعة لحركة المجتمع الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي والتي تعتبر بشكل او بآخر من ملحقات حزب العمال الكردستاني المناوئ لتركيا.

الإشكالية الاخرى المتعلقة بتفاصيل موضوع "المنطقة الامنة" والمرشحة ربما ان تتفاقم في قادم الايام وتصبح حجر عثرة امام اتمام الموضوع وتجسيده على الارض هي مسألة جلب قوات اممية تابعة للامم المتحدة لرعاية وحماية تلك المنطقة. هذا الموضوع الذي يثير حساسية فائقة لدى تركيا لأوجه الشبه بين الحالة الراهنة المقترحة في شمال وشمال شرق سوريا وبين حالة كردستان العراق سنة 1991. وهذا ما تجلى واضحا في التصريح الاخير للرئيس التركي، عندما أكد "ان بلاده لن تسمح ابدا بمنطقة آمنة في سوريا من شأنها ان تتحول الى "مستنقع" على غرار ما حدث في شمال العراق" قبل حوالي ثلاثة عقود. أيضا، في هذا الاطار، قال زعيم حزب الحركة القومية التركي المعارض دولت بهتشلي "الولايات المتحدة تحلم برسم خريطة لمنطقة ذاتية الحكم للارهابيين في شمال سوريا، شبيهة بإقليم شمال العراق".

الجزء الآخر من الإشكالية والذي من المرجح ان يثير حفيظة تركيا الاردوغانية الى اقصى الحدود هو ان نجاح الولايات المتحدة في تحويل فكرة "المنطقة الآمنة" في شمال وشمال شرق سوريا الى واقع ملموس وفق صيغتها، ربما سيعني بشكل او بآخر عدم انسحاب الولايات المتحدة من سوريا بعد ان تتبوأ دور الريادة في الاشراف على تلك المنطقة ودرء الاخطار عنها. علاوة على ذلك، في حال نجاح الفكرة واستحواذها على الاستحسان الدولي ومصادقة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي عليها، فإن الوجود العسكري الامريكي في سوريا سيكتسي الطابع الشرعي والقانوني استنادا الى المبادئ والقوانين الدولية المتعارف عليها والمعمول بها في مثل هذه الحالات. بالاضافة الى ذلك، في حال تحقيق مقترح "المنطقة الامنة" وفق الصيغة الامريكية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين سيكون بمقدورهم المشاركة في رسم ملامح سوريا المستقبل عبر فرض رؤيتهم بخصوص التسوية السياسية النهائية للمعضلة السورية التي لا تروق كثيرا لتركيا، لأن تلك الرؤية تتحدث عن سوريا لا مركزية، سورية تعددية متنوعة فيدرالية للجميع وفق المعايير الدولية الحديثة، ويكون للأكراد دور مهم وأساسي فيها.

لهذه الاسباب وغيرها تسابق تركيا الزمن هذه الايام عبر محاولتها تمرير رؤيتها الخاصة "بالمنطقة الامنة" والتي تنص على ان تكون لتركيا اليد الطولى فيها وإسكان مئات الالاف من اللاجئين السوريين المقيمين على اراضيها في تلك "المنطقة الامنة" مما يهدد بتغيير ديمغرافي جديد في المناطق الكردية يضاف الى جملة التغييرات الديمغرافية التي طبقها نظام البعث في دمشق خلال العقود المنصرمة. هذه الاعتبارات التركية الخاصة، افرزت نشاطا تركيا عسكريا ملحوظا تجسد في حشد الالاف من الجنود والمسلحين المتشددين من المعارضة السورية المسلحة الموالية لتركيا على الحدود المتاخمة للمناطق الكردية في سوريا وكذلك على الجهة المقابلة لمدينة منبج بهدف التأثير على القرارت التي يمكن ان يتخذها الجانب الامريكي سواء فيما يتعلق الأمر بمسألة الانسحاب المؤجل او موضوع "المنطقة الامنة". كذلك رافق التحركات العسكرية التركية نشاط دبلوماسي محموم تجسد في اتصال هاتفي بين الرئيس التركي والرئيس الامريكي وكذلك بين وزير الخارجية التركي من جهة وبين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا من جهة ثانية. أيضا، ضمن هذا السياق، تأتي زيارة الرئيس التركي الى موسكو يوم الاربعاء 23/01/2019.

لذلك اضحى موضوع "المنطقة الامنة" مسألة حياة او موت بالنسبة الى تركيا. إذا أخفقت تركيا في تعويم وجهة نظرها بشأن "المنطقة الامنة"، عندها سينقلب السحر على "الساحر" التركي، وسَتُطالب أنقرة فيما بعد من قبل الجميع واولهم روسيا بمغادرة المناطق التي تحتلها في الشمال السوري ومن ضمنها عفرين. بمعنى آخر، ستنتقل تركيا من موقع الهجوم الى موقع الدفاع. لكن إذا نجحت تركيا في إقناع واشنطن وموسكو بخصوص رؤيتها حول "المنطقة الامنة"، عندها ستحلُ تركيا ضيفا محتلا ثقيل الظل لسنوات طويلة وربما لعقود، وسينعكس ذلك سلبيا على الطموحات الكردية في الحقوق ضمن سوريا موحدة فيدرالية. استبعاد هذا الخيار نسبيا هو بسبب عدم رغبة واشنطن وموسكو في ان تلعب تركيا في المستقبل دورا اكبر مما تلعبه الان في سوريا لعدم الإضرار بمصالح امريكا وروسيا في سوريا والمنطقة، وكذلك لإطمئنان حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط مثل دول الخليج واسرائيل، لأن ترك حوالي ثلث مساحة سوريا لتركيا بما تحتويها من موارد وثروات مسألة تخل بالموازين الاقليمية قبل التداعيات الكارثية على الصعيد السوري الداخلي.

الجانب الكردي في سوريا والمتمثل هنا في حزب الاتحاد الديمقراطي والقائمين على الادارة الذاتية، يعيش أيضا حالة من القلق والتوجس بأن يتم صياغة مفهوم "المنطقة الامنة" وتطبيقها في الميدان وفق المنظور التركي والذي يعني بالنسبة للجانب الكردي الرسمي والشعبي وضع نهاية دراماتيكية لحلمهم العتيد في الفيدرالية ضمن سوريا اتحادية وكذلك لاداراتهم الذاتية الحالية، لا بل وتتخذ المخاوف الكردية منحى آخر اشد خطورة وهو الخشية على الوجود ذاته ومثال عفرين ماثل للعيان وخير دليل على صحة هذه المخاوف من الاستفراد التركي "بالمنطقة الامنة". على هذا الاساس، باشر حزب الاتحاد الديمقراطي الى اجراء مباحثات ماراثونية مع النظام السوري بوساطة روسية بهدف الوصول الى تسوية تفضي الى تسليم مناطق الادارة الذاتية الى الحكومة السورية مقابل تلبية بعض المطالب البسيطة للأكراد. لكن على الرغم من بساطة وبدائية تلك المطالب، لم يبدي النظام السوري اية مرونة للاستجابة للمطالب الكردية وتبين بأنه ما زال يحكم وفق نفس العقلية التسلطية الإقصائية القديمة.

إذا كانت الولايات المتحدة جادة في النية والعزيمة في تبني فكرة "المنطقة الآمنة" في شمال وشمال شرق سوريا وفق رؤيتها، أو الرؤية التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح واشنطن ومستقبل التسوية السياسية في سوريا ومصالح الشعب السوري ومن ضمنهم الاكراد، عندئذ من الممكن القول بأن العد العكسي وبوتيرة متسارعة باتجاه التسوية السياسية للمعضلة السورية سوف يبدأ مع وضع اللبنات الاولى في مدماك تلك "المنطقة الآمنة". لكن إذا باشرت الولايات المتحدة الى تبني الفكرة والشروع في تنفيذها وفق الشروط التركية الخبيثة واوكلت المهمة برمتها الى انقرة التواقة الى التهام المزيد من الاراضي السورية والانقضاض على مكتسبات الاكراد في سوريا، عندها من الممكن القول بأن مسار التسوية السياسية في سوريا سيدخل في غيبوبة ابدية وستتكاثر القضايا والمآسي وستدخل سوريا والمناطق الكردية وربما دول الجوار بشكل نسبي الى نفق مظلم لن يتراءى فيه اي اشعاع او بصيص امل على المديين المنظور والمستقبلي.



#جوان_ديبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيارات الأكراد المحدودة في سوريا ما بعد الانسحاب الامريكي
- اقليم كوردستان والبديل الذي لا يلوح في الافق
- كذبة اوجلان ام كذبة نيسان؟ PKK: من تغيير العَلَم الى طمس الو ...
- ماذا يحدث في كوردستان؟
- هل وقع المحظور في المناطق الكوردية من سوريا؟
- الكورد في سوريا واقتناص الفرصة التاريخية
- عندما تتأبد الضحية دورها
- جنيف 2: عُقد ولم يُعقد
- أضواء على زيارة رئيس اقليم كوردستان ( العراق ) الى آمد ( ديا ...
- مواسم الهجرة الى الجنوب


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوان ديبو - -المنطقةالآمنة- في شمال وشمال شرق سوريا بين الرؤيتين الأمريكية والتركية