أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - لغة الأنثى في -شغف الأيائل- عفاف خلف















المزيد.....

لغة الأنثى في -شغف الأيائل- عفاف خلف


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6119 - 2019 / 1 / 19 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


لغة الأنثى في
"شغف الأيائل"
عفاف خلف
لغة الأنثى لها أثر جميل على القارئ، لما فيها من نعومة وهدوء، وتكمن أهمية صوت الأنثى في حاجتنا إلى سماعه، فنحن نحب أن نسمعها متحدثة كيف ترى الحياة، نطرتها إلى الأشياء/الأحداث، كل هذا عندما يجيء من أنثى، لا بد ان يجذبنا ويجعلنا نتوقف متأملين عند كل ما تبوح/تراه/تسرده، في هذا النص الشعري سنجد عالم الأنثى بكل تجلياته، تفتتح الشاعرة ديوانها فتقول:
"قالوا: زاره الحب يوما، وكان في رحلة إلى الصحراء، قيل هي باب من الأبواب، لا بد يعبرها كي يصفو به القلب ويغشاه البصر، انقطع به السبل أياما وكان يستهدي بالنجم ويقرأ ما تسير من تضاريس أرض يعرفها، حين صعقه سنا برقها فأغشاه، وحين وعى، ظل يتقلب ما بين حب وتيه، وقيل أخذته لوثة، وقيل، اكتشف العشق، فألف في العشق سفر، هو ما يستداوله الناس" ص3، أذا ما توقفنا عند هذا النص، سنجد أن هناك صحراء، وحالة من الضياع "انقطعت به السبل" لكن بداية التغيير الإيجابي حدثت لهذا العاشق بعد أن "صعقه سنا برقها" فالأنثى هي محدثة التغيير والتحول إلى الأفضل، من هنا نجد يؤلف سفر في العشق، فالأنثى هي مصدر فعل التقدم إلى الجمال والحياة البهية، وبدونها ستكون صحراء وتيه، وأثر الأنثى لا يقتصر على العاشق فسحب، بل نجده يطال المجتمع أيضا، وهنا تكمن أهمية رؤية الأنثى للحب، فهي تراه مصدر للحياة السعيدة والسوية للعشاق والناس العاديين أيضا.
ونجد أثر الأنثى في "يا غريبة" والتي تقول فيها:
"قلبك الذي يملك ولا أملك، موطن رأسي الذي ما فتأت أبحث عنه/ فيه عن انتماء، لأقول من رحم القلب: خرجت من زبد أصابعها بعد أن لفحتها الحروف فأخصبت، وجاءها المخاض "أنا" وضيعتني. تركتني هناك طفلا عند شجرة الميلاد وأسقطتني" ص5، الأنثى مصدر الكتابة، وبها يحصل الخصب للكلمات/للكتابة، فهي الواجد لهذا الفعل الإنساني الجميل والمُكثر له، والجميل في هذا المقطع أننا نجد فعل متعلق بالأنثى "المخاض" وقد سبقه فعل قاسي "لفحتها" وكأن الفعل الذي يجعل خصب الكلمات/الكتابة يتماثل تماما مع حالة تكوين الجنين/الإنسان، فهو ينشأ من فعل فيه قسوة، ومع هذا نحبه ونتلقفه بلهفة وشوق.
ولا تكتفي الشاعرة بهذا الحديث الخارجي، بل تقدمنا أكثر، فتصف لنا حالة من التوحد والتماهي مع الحبيب، حتى يصل إلى الوصف الصوفي:
"ولأنك في
ما عدت
أرى في الروح
من روح سواك
توأمتنا الروح
في جسدين
"غدرا"
وعذر الروح
إفناء
لصب
في هواك
سبحان من
أهلك ناسوته
ليبرق
في سنا معناك" ص 11، فالتوحد جاء في أكثر من موضع "في، توأمتنا" فالعلاقة بينهما لم تعد بين شخصين، بل روح واحدة بهيئتين، فالشاعرة تركز على العلاقة الروحية وتتجاهل الجسدية، وهذا ما أكدته من خلال "ناسوته" والتي تشير إلى المعنى المزدوج لسيد المسيح، إنسان وإله معا.
الشاعرة تقدمنا أكثر من علاقتها بالحبيب، متجاوزة العلاقة الروحية إلى الجسدية:
"قال: أكتبني
وأعيا بي الدماء
يا فاتني
لا اكتبك بحبر تجسد
بل بجسد توقد
+++
وأنا "ازدحامي بك
في ليلة
خير من ألف عمر" ص14و15.
لا تكتفي الشاعرة بالحبر كوسيلة للتعبير عن الحب، بل تضيف الجسد الذي يعرف كيف يعبر ويصيغ هذا الحب، واعتقد أن الطريقة التي قدمت بها الصورة الشعرية هي الأهم، فهنا ومضة عن الجسد "توقد" لكنها كافية لإيصال الفكرة المتلقي، وهذا ما يجعله يهيم في عالم الجسد بعيدا عن التحديد شكل هذه العلاقة.
وفي المقطع الثاني نجد تناص مع سورة "القدر" فالشاعر تجعل من "أزدحامي بك" وهي اشارة روحية وجسدية في ذات الوقت ، "خير من ألف عمر" بهذا التشكيل يمكننا القول أن الشاعرة لها طريقتها في التناص مع الآيات القرآنية، فلا تتشبه بأحد ولا أحدا يشبهها.
ونجد الثقافة الدينية الإسلامية حاضرة من خلال الأحاديث النبوية ومن خلال القرآن الكريم في أكثر من موضع في الديوان كما هو الخال في "المجنون" والتي جاء فيها:
"أتيك من كل فج عميق
...
وكان الليلة الأولى، المرة الأولى التي يتصفح فيها المجنون بارق الثغر، يسير غور الماء، كلما ابترد منه عضو، تداعى له سائر الجسد، وكانت الشفتان نار.
+++
وأتته النسوة "العارفات"
يرشقن وجهه بما تعطر من ماء الورد
يقرأن ما تسير
من سورة الوجد
وكان أن أبصر ضؤوها
يمم وجهه .. شطرها
يغشاه الضوء
خر راكعا ... ساجدا ... عابدا
ولما يستفق بعد" ص17
فهناك تناص مع الحديث النبوي مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشكى منه عضوة تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" نتوقف هنا عن هذا التناص لأن الحديث يدور حول الجسد، والشاعرة تناول الجسد أيضا، وهنا تكمن أهمية وجمالية هذا التضمين، فالقارئ عندما يستعيد نص الحديث يجد الاشارة التي يمكنه أن يذهب بها إلى عالم آخر، عالم متخيل متعلق بالجسد.
وفي المقطع الثاني نجد أكثر من تناص مع القرآن الكريم: "وأتته النسوة، يقرأن ما تسير، يمم وجهه، خر راكعا" كل هذا له تناص الآيات القرآنية، ومثل هذه الاستخدامات لا تقتصر على تجميل النص الشعري فحسب، بل تقدم القارئ من القرآن الكريم أيضا، وكأن الشاعرة تدعونا لنتقدم من القرآن الكريم، لكن بطريقة غير مباشرة.
وفي هذا المقطع تألق الشاعر والتي تقول فيه:
"أعود ببارئي
من شر الجسد
من شر نفس تسوس وتتعبد
من جمر تعرق وتقصد
من قلب تؤلبه الآيات
يؤمن ويلحد، ويرتد
أعوذ بالرحمة، بالحب" ص20، التقدم والتأخر، الإيمان والإلحاد، النفس والجسد، فهناك حالة صراع بين الخير والشر، بين الجسد والنفس، الإيمان والإلحاد/الردة، لكنها جاءت بثوب ديني، فهل أرادت الشاعر أن تلجأ إلى الله ليحميها مما ألم بها من حب؟.
ونجد حضور للسيد المسيح في هذا المقطع:
"وكانت ليلة أخرى،
حين أصابته ذات الحمى
تعرق شوقا وحنينا
وأضاء الحب
أحد شاهد يسوعا
يذوي مع دمع الأيقونات!!
تقدمه الحب كان
ومن اللهب أعاد
حكاية التكوين
نار ونور
وكانت الوسائد التي دس فيها أصابعه
تهذي:
ربي
متاع إلى حين
وطواء الليل
أنين" ص21و22، اعتقد أن مثل هذا التناصات مع الأديان تجعل الديوان يقترب/يلامس فكرة التقديس، وكأن الشاعرة تريد أن تقول أن الحب هو فعل نقي وجميل ويقترب من العبادة التي يمارسها المؤمنين، وإلا ما كان هذا الزخم في التناصات الدينية حاضرة بهذا الشكل في الديوان.
الديوان من منشورا دار الحكمة، جمهورية مصر العربية، القاهرة، الطبعة الأولى 2019.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبود الجابري وتقديم الانتحار
- الحركة الشيوعية في فلسطين -عبد الرحمن عوض الله-
- الكلمة والحرف والمعنى عند -السعيد عبد الغني
- -جواد الشمس- مرام النابلسي
- رواية صديقتي اليهودية صبحي فحماوي
- مناقشة مسرحية بيجماليون (لتوفيق الحكيم)
- اليهودي في رواية -مئا شعاريم- أحلام الأحمدي
- -مسلة الأحزان السومرية- علي السباعي
- المثل في رواية -على سكة الحجاز حمال الحسيني
- الملاحقة الأمنية في رواية -الوطن عندما يخون- عادل الأسطة
- الشارع في رواية -ليل الضفة الطويل- عادل الأسطة
- القسوة في ديوان -أجنحة في للريح- خليل قطناني
- تياترو 1949- رواية فواز حداد -حسني الزعيم- و -أنطون سعادة- ع ...
- السواد في قصيدة -قلبي والشتاء- أسامة مصاروة
- قراءات في متنوع السرد-
- مناقشة -ملامح من السرد المعاصر- في دار الفاروق
- السواد والاضطراب في -العدم- السيد عبد الغني
- الأسئلة في رواية -أهل الجبل- إبراهيم جوهر
- جواد العقاد البياض السواد في قصيدة -صوتك-
- ندوة بابيه في نابلس


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - لغة الأنثى في -شغف الأيائل- عفاف خلف