أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الثقافة والذاكرة














المزيد.....

الثقافة والذاكرة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6116 - 2019 / 1 / 16 - 19:20
المحور: الادب والفن
    



ينطوي مفهوم الثقافة على بعدين أساسيين، أحدهما كوني عام، والآخر وطني، أو محلي خاص، ويتجسّد البعد العالمي بالمشترك الإنساني الجامع للبشر، أما البعد الوطني أو الفرعي فهو الذي يأخذ السمات الخاصة والمعتقدات وطرائق الحياة التي تمكّن مجموعة بشرية من الشعور المشترك بتميّزها عن الآخرين، بفعل الروابط الخاصة التي تجمعها، لأن الثقافة في نهاية المطاف تمثّل مجموعة السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميّز مجتمعاً بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل طرائق العيش من مأكل، وملبس، وعادات، وتقاليد، إضافة إلى الحقوق الأساسية للإنسان والنظم القيمية التي يعتمدها، علاوة على الفنون والآداب.
وذهب إعلان مكسيكو في 6 أغسطس/‏ آب 1982 بشأن السياسات الثقافية والتنوّع الثقافي، إلى تأكيد ذلك من خلال هويّات تُميّز الجماعات والمجتمعات الإنسانية، وهو ما يقرّه القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما ورد في العهدين الدوليين الأول- الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والثاني - الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الصادرين في العام 1966 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، واللذين دخلا حيّز النفاذ في العام 1976، إضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة في العام 1979.
والثقافة ركن لا غنى عنه في عملية التنمية بجميع جوانبها، ولا يمكن الوصول إلى الهدف المنشود من التنمية من دون إعطاء الثقافة المكان الذي تستحقّه، فقد كانت في السابق والحاضر وستكون أكثر تأثيراً في المستقبل، عنصراً أساسياً لتقارب الشعوب، فالمجتمعات من دون ثقافة هي بلا ذاكرة، كما أن الثقافة عنصر جوهري للاستقرار الاجتماعي، مثلما هي محرّك أساسي للنشاط الاقتصادي، ولنتذّكر طريق الحرير في الماضي والحاضر، وما يمكن أن يبعثه اليوم من فرص جديدة للتقارب والتعاون على المستوى الكوني. وقد لعبت المسيحية، وبعدها الإسلام، دوراً مهماً وحيوياً في التقارب بين ثقافات الشعوب على المستوى العالمي.
وفي حوار مغاربي جمعني مع نخبة من المثقفين على هامش مهرجان الناظور السينمائي لمناقشة دور الثقافة في المشترك الإنساني، بما لها من تنوّع وتعدّد وتشعّب، ابتدأنا فيه من دور السينما، فهي ليست للمتعة من خلال الصورة والصوت والحركة، بل إنها أفكار ومشكلات تعبّر عن مضمون ومعنى اجتماعي أيضاً، وهذا الأخير يمكن أن يكون عنصراً للخير، أو عنصراً للشر، بحسب الجهات التي توظّفه. والشيء ذاته ينطبق على الموسيقى، فهي رسالة سلام وصداقة بين الشعوب يمكن تعميمها بالتذوق والتواصل والتفاعل، أما عن المسرح، فكثيراً ما ردّدنا القول الأثير « أعطني خبزاً ومسرحاً أعطك شعباً مثقفاً»، وفي الشعر كان أكتافيو باث، الشاعر المكسيكي الحائز على جائزة نوبل يقول: «إذا خلا رأس السياسي من الشعر تحوّل إلى طاغية»، وهكذا، فالبشر من دون فن سيتعرضون للصدأ سريعاً، وللعطب على نحو شديد بفقدان التخيّل وانحسار الرؤى والأحلام.
الثقافة من هذه الزاوية هي رافعة أساسية للقيم الإنسانية التي بإمكانها إذا ما تم نشرها وتعميقها رفع درجة الوعي، ولاسيّما بالمشترك الإنساني لما يمكن أن تقوم به من دور للتواصل بين الشعوب والبلدان على الرغم من شسوع المسافات، وبهذا المعنى فهي أداة صداقة وتعاون، وإحدى وسائل إنعاش الذاكرة المشتركة، خصوصاً إذا ما كُرّست للخير والعمران والجمال والسلام، بدلاً من نكء الجراح، والهدم، والحرب، والكراهية، والانتقام.
ولكي تكون الثقافة عادلة، فلا بدّ أن تكون شاملة ومن دون تمييز، خصوصاً في الموقف من المرأة، فلا حريّة حقيقية من دون تحرّر المرأة، وإلغاء جميع أشكال التمييز ضدها، ولا يمكن تحرير المجتمع من دون تحرير المرأة، وإلّا فإن نصفه سيبقى معطلاً وغير فاعل.
وقد حاول إعلان مكناس حول «حوار الثقافات وأسئلة الهويّة» الاستناد إلى هذا المفهوم والبنيان عليه في إطار مشروع للتواصل الثقافي من خلال التعبير عن رؤية جديدة تنطلق من الحوار والإقرار بالحق في الاختلاف.
ولا يمكن تحقيق ذلك من دون دور حقيقي للثقافة بشكل عام، وللفن بشكل خاص، سواء في السينما، أو المسرح، أو الموسيقى، أو الغناء، أو الرقص، أو الرسم، أو النحت، أو الكتابة، وستكون الحياة من دون ثقافة مملّة، بل غير ممكنة في العالم المعاصر، والإنسان يختلف عن الحيوان بثقافته، ولغته، وقدرته على التحكّم في عواطفه.
ومن تجارب الشعوب، فإن الاطلاع على ثقافة الغير هو الوسيلة الأولى للتواصل التي يمكن أن تغتني بالاختلاط والتبادل والتفاعل، أما العزلة والتصورات المسبقة عن الآخر، فإنها تقود إلى الاستعلاء من جهة، ومن الجهة الأخرى إلى ضيق الأفق، فضلاً عن ردود الفعل العدائية حدّ التناحر.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ...
- فنجان قهوة .. مع الموسوعي د. عبد الحسين شعبان
- -اسرائيل- خارج اليونسكو
- -حكم القانون- والأمن الإنساني
- طريق حكومة عادل عبد المهدي- وألغام الدولة العميقة
- مقدمة لكتاب - يوميات أرمينيا-- أرمينيا وسمفونية المبارز!
- للمرة الأولى في الصحافة : د. عبد الحسين شعبان يروي أسرار حيا ...
- دولة مدنية.. هل هي إبداع عربي؟
- إيطاليا «الشيوعية»
- الشيوعيون لا يعادون الدين .. والاستحواذ هاجس الإسلاميين
- حسين مروّة وتجربته العراقية
- هل «الديمقراطية» مجرد «تفاصيل»؟
- ثقافة حلف الفضول
- دين العقل
- منعطفات الواقع والفكر العربييْن: حوار مع عبد الحسين شعبان- م ...
- المتخيّل والواقعي في تجنيد الإرهابيين
- بثينة شريف سلاماً للروح الحيّة
- البرازيل بين ضفتي العرب و«إسرائيل»
- مبدأ ترامب وأركانه الخمسة
- هل روسيا دولة عظمى؟


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الثقافة والذاكرة