أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - تريدون القضاء علي بعوض الكراهية.. جففوا مستنقعات التطرف الديني















المزيد.....

تريدون القضاء علي بعوض الكراهية.. جففوا مستنقعات التطرف الديني


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1524 - 2006 / 4 / 18 - 12:08
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الاعتداء علي ثلاث كنائس بالإسكندرية يوم الجمعة الماضي جريمة بشعة وخطيرة..
لكن الأخطر منها هو طريقة التعامل معها.
فقد كان رد الفعل الأول هو بيان مقتضب لوزارة الداخلية قال بالنص: »إن أحد المواطنين قام بالتعدي علي ثلاثة من المصلين داخل كنيسة مار جرجس بشارع ماهر بيومي بالحضرة مستخدماً سكيناً وفر هارباً ثم عاود التعدي علي ثلاثة آخرين داخل كنيسة القديسين الكائنة بقسم باب شرق، وبملاحقة المتهم تم ضبطه أثناء محاولته الدخول لكنيسة مار جرجرس الكائنة بشارع عمر لطفي بدائرة قسم باب شرق«.
وأضاف البيان: »أسفرت تعديات المتهم عن إصابة 6 توفي أحدهم متأثراً بإصابته وتم نقل الباقين للعلاج، وتبين أن المتهم يدعي محمود صلاح الدين عبدالرازق عامل بمحل حلواني يقيم بالحضرة ويعاني من اضطراب نفسي«.
انتهي البيان الذي صدر يوم الجمعة.. بهدف توضيح ما حدث وتهدئة الرأي العام، لكنه تسبب في العكس علي طول الخط، حيث أثار استياء الجميع، مسيحيين ومسلمين، الذين شعروا بالاستهانة بعقولهم، والاستمرار في سياسة الاستخفاف في تناول أمور بالغة الخطورة.
فقد تم تعليق هذه الجريمة الخطيرة في رقبة شخص »مضطرب نفسياً«، وتلك نغمة معادة ومكررة وأصبحت ممجوجة.
وتم تحميل الجرائم الثلاثة، التي وقعت في أماكن غير متقاربة، لهذا الشخص الأوحد »المضطرب نفسياً«، وكأنه سوبرمان خارق القدرات.
وتم تبرئة ساحته مقدماً بالتأكيد علي أنه غير مرتبط بأي تنظيمات متطرفة فضلاً عن أنه غير مسئول عن جرائمه بحكم أنه »مضطرب نفسياً!«.
وكان من الطبيعي أن يتسبب هذا البيان الكارثة في إثارة حفيظة الاقباط الذين تعرضت كنائسهم لهذه الاعتداءات البشعة في جمعة ختام الصوم التي يبدأ بعدها »أسبوع الآلام« بما يتضمنه من مناسبات دينية مهمة ولها قيمة وجدانية كبيرة.
وكان من الطبيعي أيضاً أن تتحول جنازة دفن الشخص القبطي الذي لقي حتفه في هذه الاعتداءات الجبانة إلي مظاهرة حزن وغضب ليس فقط علي ما جري، وإنما أيضاً علي هذا البيان السخيف والاستفزازي.
وبعد أن تبين أن البيان إياه تسبب في تعقيد الأمور، بدلاً من أن يؤدي إلي تهدئة الخواطر، حاول الحزب الوطني أن ينقذ ما يمكن إنقاذه، لكنه كما يقول المثل الشعبي »بدلاً من أن يكحلها أعماها« فخلال مؤتمر اليوم الواحد المنعقد أمس الأول السبت فجرت مصادر قيادية داخل الحزب الوطني مفاجأة حينما نفت أن تكون وزارة الداخلية قد أصدرت بياناً حول الحادث أو اتهمت مريضاً نفسياً بارتكابه، وقالت إن الحزب الوطني أكد أنه سيتم محاكمة جميع المتورطين في الحادث، وأنه ليس من مصلحة مصر التهويل أو التهوين من شأن ما حدث وأن جهات التحقيق سوف تكشف عن الجناة.. وأنهم سوف يمثلون أمام القضاة لينالوا جزاء ما ارتكبوه من جرم في حق مصر وشعبها.
والواضح من هذا الموقف الذي اتخذه الحزب الوطني أنه جاء بعد أن اتضح أن البيان المشار إليه ينطوي علي قدر هائل من التبسيط المخل والتهوين الفادح من شأن ما حدث، وأنه لا يمكن أن يكون مقنعاً حتي للأطفال.
ولذلك فانه تبني موقفاً أكثر تحوطاً حيث أشار إلي »جناة«، أي أكثر من شخص واحد، وهذا يتناقض مع الرواية التي روجها البيان.
ثم إنه حذر من »التهوين« في إشارة ضمنية إلي حكاية »المضطرب نفسياً« المتكررة.
لكنه بدلاً من أن ينتقد ما ورد في هذا البيان، نفي صدوره أصلاً.
وهذا موقف من الحزب الوطني لا يقل سوءاً عن بيان الداخلية.
ويتضمن نفس القدر من الاستخفاف بعقول المصريين.
وإلا.. بماذا يفسر أن التليفزيون المصري، الرسمي، أذاع هذا البيان منسوباً إلي »مصدر أمني«؟
وبماذا يفسر أن نفس الشيء فعلته الصحف »القومية« ووكالة أنباء الشرق الأوسط »الرسمية«؟
هل اتفق كل هؤلاء علي اختلاق بيان وفبركته ونسبته إلي »مصدر أمني« مسئول؟!
ومن يجرؤ علي فعل ذلك أصلاً؟!
وإذا صدقنا أن الداخلية لم تصدر هذا البيان، وهو أمر مستحيل، فلماذا لم تبادر إلي تكذيبه بعد أن ظل يذاع مراراً وتكراراً وبعد أن وجد طريقه للنشر في كل الصحف السيارة؟!
ثم كيف لا تصدر الداخلية بياناً حول هذا الحادث الخطير.
إن هذا ـ لو كان حدث ـ يستحق المحاسبة والمساءلة، لأنه أبسط وأول الواجبات.
وقد كان مجمع كهنة الإسكندرية والمجلس الملي علي حق عندما أصدرا بياناً أعربا فيه عن استنكارهما لتلك الاعتداءات، ووصفا تصريحات الأمن ـ التي تراجع عنها ـ بأنها استخفاف بالعقول والمشاعر وعبث بمصير الوطن وتبتعد عن الحقيقة والشفافية، وأضاف البيان أن الاعتداء مخطط وشارك فيه أكثر من فرد، داعياً إلي ضرورة أن تكشف تحقيقات النيابة عن »العقل« المدبر لتلك الاعتداءات.
ونضيف إلي هذا البيان أن هناك أوجهاً كثيرة للخلل والتقصير كانت بمثابة ثغرات حقيقية نفذ منها مدبرو هذا الاعتداء الغاشم، وكان الاعتداء علي أول كنيسة كافياً لرفع حالة التأهب في جميع الكنائس الأخري، خاصة في هذه الفترة التي تشهد أعياداً متواصلة للإخوة الأقباط.
وإذا كان مهماً الإجابة علي كل الأسئلة التي تثيرها هذه الاعتداءات الغاشمة ، وإلقاء القبض علي الجناة الحقيقيين، ومساءلة كل من يثبت تقصيره أو تقاعسه من الأجهزة المعنية..
فان الأهم هو فتح الملف الأصلي، نعني ملف مشكلات الأقباط، بصراحة وجدية وشفافية.. وحزم.
فنحن أمام ملف متخم بالمشكلات الحقيقية التي يجب حلها، والتي يجب علي المثقفين المسلمين ـ قبل المثقفين الأقباط ـ أن يطرحوا مبادرات جادة لإزالة الاحتقان الطائفي في البلاد.
وهذا لن يتأتي بترديد أناشيد الوحدة الوطنية، ونشر صور القسيس الذي يعانق شيخاً، واجترار قصص التآخي بين المسلمين والأقباط في العهود الغابرة.
بل يتأتي فقط بالاعتراف بالمشكلات القائمة وتشخيصها تشخيصاً علمياً وموضوعياً ووضع جدول زمني محدد لعلاجها علاجاً جذرياً وشاملاً وسريعاً.
والمسألة ليست ألغازاً.
فهناك أولاً مشكلة بناء الكنائس وترميم القديم منها، وليس معقولاً استمرار الاحتكام إلي قوانين ولوائح بالية وعنصرية تقيد هذا الحق الذي يكفله الدستور.
والأمر لا يحتمل المماطلة أو التسويف أو التبرير. فهذا حق يتعلق بحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لا يجب الاستمرار في تعطيله أو تقييده.
وهو لا يحتاج سوي قرار سياسي مكون من فقرة واحدة واضحة لا تقبل التأويل، يصدر في خمس دقائق، يحل مشكلة عمرها قرون من الزمان.
وهناك ثانياً التمييز في تولي المناصب العامة، وبخاصة في وظائف الإدارة العليا بمديريات الأمن والأجهزة الرقابية ورئاسات الجامعات وغيرها فكل هذه المراكز يجب أن تكون للأكفأ، بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو غير ذلك من الاعتبارات.
وهذا يتطلب إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية، كما يتطلب تدعيم مبدأ »المواطنة« وصيانته والاحتكام إليه.
ولن يتحقق هذا بـ »قرارات إدارية« فقط، وإنما يتحقق أساساً من خلال التنشئة المشتركة وحظر جميع صور التمييز والكراهية، بكل ما يتطلبه ذلك من إيقاف المتطرفين ـ من الجانبين ـ عند حدودهم، وأن نعترف ـ نحن المثقفين المسلمين ـ بأن المسئولية الملقاة علي عاتقنا بهذا الصدد أكبر بحكم أننا نشكل الأغلبية، وبحكم أن المرحلة الراهنة قد أفرزت ثقافة متطرفة ومتزمتة لا علاقة بها بقيم التسامح المصرية التقليدية.
والاعتداءات التي تعرضت لها أربعة من كنائس الإسكندرية يوم الجمعة الماضي ليست مبتوتة الصلة بالأفكار والمنظمات والهيئات الظلامية التي تفشت في أرض الكنانة في السنوات والعقود الماضية.
فإذا أردنا أن نتجنب هذه الجرائم التي تهدد بإشعال حريق في الوطن بأسره ـ وليس لنا ترف الاختيار في ذلك ـ فإنه يجب علينا أولاً وقبل كل شيء معالجة هذا المناخ الظلامي الملائم لتفريخ المتعصبين والمتزمتين والموتورين، ويجب علينا تجفيف منابع الكراهية بدلاً من تعليق الجريمة في رقبة شخص »مضطرب نفسياً«.
وقديماً قالوا إنك إذا أردت أن تتخلص من البعوض فإنه يجب عليك أن تجفف المستنقعات.
ويجب أن ندرك أن كل دقيقة نتأخر فيها عن القيام بذلك تعطي وقوداً جديداً للمتطرفين من الجانبين لإحراق الوطن ووحدته، كما تعطي مبرراً جديداً للإدارة الأمريكية للتدخل في شئوننا الداخلية.. وهو ما حدث!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف
- عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!
- تقرير مهم لمجلس غير مشكوك في مصاهرته للحكومة
- حوار ساخن مع الجنرال جون أبى زيد
- معاقبة السعودية بسبب إسرائيل.. ومصر بسبب نور.. والسودان بسبب ...
- فضيحة خطيرة
- الوزراء .. مطالبون بصوم ربيع الأول والآخر!
- من الذى أضرم النار فى معقل الليبرالية المصرية ؟
- المهندسون يرفعون شعار: الضغوط الأجنبية هى الحل!
- تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد
- نصف قمة
- عفواً يا فضيلة المفتي: أرفض تطليق ابنتي
- »عمر أفندي« يستنشق أولي نسائم الشفافية
- استقلال تونس .. بدون عدسات الحكومة اللاصقة .. والملونة
- ! أرباب الصناعة.. وأرباب السوابق
- يا عم حمزة .. رجعوا الأساتذة .. للجد تانى
- طرق أبواب مغلقة بالضبة والمفتاح!
- البراءة ل»عمر أفندي«.. و»العبّارة«!
- ليس من حق -بلير- التأكيد على أن الله معه
- -ترماى- الكويز .. وقطار منطقة التجارة الحرة


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد هجرس - تريدون القضاء علي بعوض الكراهية.. جففوا مستنقعات التطرف الديني