أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس حميد أمانة - شجرة اللبلاب















المزيد.....

شجرة اللبلاب


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 6109 - 2019 / 1 / 9 - 10:09
المحور: الادب والفن
    


الجزء الثاني .. شجرة اللبلاب
يتطرق الجزء الثاني من سلسلة المقالات هذه إلى رواية شجرة اللبلاب للروائي المصري المبدع محمد عبد الحليم عبد الله .. واستكمالا للفائدة سأعيد كتابة النص المتعلق بحياة الروائي عبد الله قبل المرور لعرض الرواية والفيلم الذي يحمل نفس الاسم .
مقدمة موجزة عن الروائي :

يعتبر محمد عبد الحليم عبد الله من أشهر الروائيين المصريين في القرن الماضي وأحد رموز الرواية الحديثة في العالم العربي وقد لمع اسمه جنبا إلى جنب مع العديد من الروائيين والكتاب المصريين في تلك الفترة من أمثال يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وثروت أباضة وعبد الحميد جودة السحار وتوفيق الحكيم وغيرهم . وقد تشابه معهم في طرحه لمشاكل المجتمع المصري السائدة حينها إلا انه تميز عن الكثيرين بأسلوبه التحليلي الرائع وكتابته للحوارات بلغة عربية سليمة وليس باللهجة المصرية كالتيار السائد حينها كما تميز به مثلا إحسان عبد القدوس .
يعتبر الروائي عبد الله من أكثر الروائيين المصريين الذين تحولت أعمالهم الأدبية إلى أفلام سينمائية لثراء الشخصيات في رواياته وعلاقتها بالبيئة التي نبعت منها . ومن الأفلام المصرية الشهيرة التي أخذت عن رواياته أفلام لقيطة وغصن الزيتون وشجرة اللبلاب والليلة الموعودة ومسلسل للزمن بقية وغير ذلك . يطرح الروائي عبد الله رواياته عن لسانه أي أن يكون هو الراوي للقصة وهذا أسلوب تميز به عن الكثير من معاصريه حيث أن الرواية تكون أكثر صدقا وتأثيرا على السامع عندما يتحدث بها صاحبها من أن يرويها الكاتب عن شخص ما إذ لا يترك تفصيلا أو نأمة شعور إلا ويخبر عنه .
ولد الروائي محمد عبد الحليم عبد الله في 3 شباط من عام 1913 في كفر بولين بمحافظة البحيرة وتخرج من مدرسة العلوم العليا عام 1937 .. كتب العديد من الروايات والقصص القصيرة وترجمت أعماله إلى اللغات الانكليزية والفرنسية والايطالية والألمانية والصينية والفارسية .. توفي الروائي عبد الله في 30 حزيران عام 1970 عن عمر ناهز 57 عاما وهو في أوج عطائه الأدبي بعد إن حصل على عدة جوائز أدبية خلال حياته كما منح الرئيس المصري الأسبق أنور السادات وساما رفيعا إلى عائلته بعد وفاته .
رواية شجرة اللبلاب :
تتشابه هذه الرواية بمغزاها إلى حد ما مع رواية غصن الزيتون التي بحثتها في الجزء الأول .. فبينما دارت رواية غصن الزيتون حول محور الشك الذي يزعزع العلاقة الزوجية فان رواية شجرة اللبلاب تتمحور أيضا حول الشك وعدم الثقة بالنساء عموما وما يقوده هذا الشك إلى زعزعة بل تدمير العلاقات اللاحقة وتدمير حتى نفسية وشخصية الإنسان الشكاك والمتردد كما سيبدو من ملخص الرواية الذي أضعه أمام القارئ ..
ملخص رواية شجرة اللبلاب :
تدور حوادث الرواية في أربعينيات القرن الماضي حول الصبي الصغير حسني الذي عاش في الريف في ظل أب قاس ومغرور عانى منه مرؤوسوه في العمل من شدته وطبعه السيئ وعدم احترامه لهم .. توفيت والدته وهو في الخامسة من عمره ليتزوج أبوه لاحقا وبعد عام واحد فقط من وفاة الأم من شابة لعوب لا يتناسب شبابها مع كبر سنه الذي تجاوز الخمسين والذي أثر على صحته تهافته الجسدي عليها .. تعامله زوجة أبيه هو وأخته الكبيرة "هنية" بقسوة بالغة .. ما تلبث الأخت أن تتزوج ليعاني الصبي "حسني" الصغير من فقدان حنان الأم والأخت وليعيش في غربة حقيقية تحت رحمة زوجة أبيه اللعوب وأبيه اللاهي عن الحياة بجسد زوجة شابة يطفئ فيه شهوته العارمة كل ليلة ..
يصدم الصبي "حسني" يوما وهو يرى زوجة أبيه وابن عم لها غائبين في قبلة محمومة فتحاول المرأة الخائنة أن تسترضي الصبي بحنان مزيف تارة وبالطعام الذي حرمته منه تارة حتى لا يعرف الأب المخدوع فيتعرف الصبي لأول مرة على طعم الخيانة المر ينغص عليه طفولته وهو يكتم الأمر خوفا على أبيه أو بالأحرى خوفا منه .. وعند انتقاله إلى القاهرة ليبدأ دراسته الثانوية ويسكن عند "عم غانم" وهو من معارف خال الصبي فتسخره زوجة "عم غانم" في أعمال البيت ليؤثر ذلك على مستواه فينجح بالكاد نهاية دراسته الثانوية .. يرى الشاب اليافع "حسني" العم "غانم" مع سيدة شابة ذات جمال أخاذ يتمشيان دون أن يتأكد إن كانت بينهما علاقة تدخل في باب الخيانة الزوجية أم لا .. إلا أن تأثير ووقع خيانة زوجة أبيه تسيطر عليه وتسمم حياته فينظر للمرأة على أنها خائنة مثل زوجة أبيه ..
يسكن الشاب "حسني" في غرفة بالطابق الثالث " بعد ان أسر له خاله برغبة العم غانم بأن يترك البيت " ليعرف لاحقا أن عائلة "زينب" تلك الفتة الجميلة الصغيرة التي قابلها صدفة عند رجوعه لغرفته هي من يملك الدار ذات الطوابق الثلاث .. والفتاة تسكن مع عائلتها في طابق تحت طابق غرفته .. تنشأ بين الاثنين علاقة حب تتطور تدريجيا .. كانت الفتاة قد زرعت شجيرة لبلاب في أصيص بشرفة غرفتها فطلبت من خادمتها أن تصعد لغرفة الشاب لتستأذن منه بدق مسامير لتنمو فروع شجرة اللبلاب حتى غرفته .. لاحقا وبعد تطور علاقة الحب بينهما يتفقان على هز الفروع ليعرف كل واحد من الحبيبين أن الثاني يرغب بلقائه وهذا هو سبب تسمية الرواية بهذا الاسم .. إلى أن تحل ليلة تتسلل الفتاة إلى غرفة حبيبها لتسلمه جسدها لكنه يصف لنا ذلك بأنه كان "نصف كريم" لنفهم فورا أن الفتاة ظلت محافظة على عذرية جسدها لكنها فقدت عذرية روحها تحت جسده ..
تطفو ذكريات خيانة زوجة أبيه لتسمم له حياته وعلاقته الوليدة مع حبيبته زينب فيبدأ البرود يتسلل إلى قلبه ليجافي حبيبته متعللا بأنه يختبر حبها وصبرها فتقابله الفتاة بالصبر وبالمزيد من الحب الذي لا يجد صداه في قلبه .. يسافر الشاب فجأة لقريته دون إخبارها فتراسله عدة مرات لتبين له أنها غير نادمة على ما وهبته وأنها تنتظر إجابته لكنه يهمل رسائلها فقد قرر وضعها في نفس خانة زوجة أبيه الخائنة .. لفقد كان الشاب حسني ينتقم من زوجة أبيه بانتقامه من حبيبته على حد تعبيره .. انتهت العلاقة بطريقة مأساوية فقد انتحرت الشابة التي لم تستطع إقناع حبيبها بصدق حبها له ليقع الشاب فريسة للألم والندم والمرض .. تدرج حياته الرتيبة بعد ذلك ليستفيد من تجربته القاسية ويقدم على الزواج من فتاة رغم فارق المستوى الاجتماعي بينهما ..
يعرض علينا الروائي محمد عبد الحليم عبد الله ثلاث نماذج من الناس في روايته .. نموذجان لامرأة وفتاة ونموذج لشاب .. النموذج الأول هو المرأة المتزوجة الخائنة متمثلا بزوجة الأب اللعوب القاسية وينصب هنا تأكيد الروائي ليس على الشخصية بحد ذاتها بل على تأثير فعل تلك الشخصية بالآخرين وهو تأثير الخيانة الزوجية على بطل الرواية الشاب حسني ونمو عقدة نفسية لم يستطع الخلاص منها إلا بعد الصدمة الشديدة .. وكأني بالروائي عبد الله نبهنا ليس لأهمية الفعل بحد ذاته بل على تداعياته وتأثيراته السلبية .
النموذج الثاني هو نموذج الفتاة السلبية التي رغم تضحيتها بمنح نفسها لحبيبها إلا أنها لم تجد طريقا لإقناعه بصدق حبها وتأكيدها لمشاعرها إلا بالانتحار .. وهذا نموذج للفتاة الشرقية المغلوبة على أمرها .. اعتقدت أن الأجدر بها كان أن تتخلى عن شخص لم يستطع أن يثبت لها حبه ولم يتجرأ على الأقل أن يبوح لها بمخاوفه وشكوكه وسبب عقدته ..
النموذج الثالث هو حسني ذلك الشاب الذي وقع فريسة سهلة للشكوك بعد حادثة خيانة زوجة أبيه .. تلك الخيانة التي ولدت عنده كرها واحتقارا ونفورا من الجنس الآخر لكنه وقع أيضا فريسة مشاعره الطبيعية بحبه لزينب .. كأني به يعيش شخصيتين تتلبسان بجسده .. فهناك شخصيتان متناقضتان الأولى تلك الشخصية الطبيعية للشاب الذي يقع في الحب كما أي شخص آخر وهي الشخصية الايجابية والشخصية الأخرى هي شخصية المتردد الشكاك الذي يرفض صحة نقاء الجنس الآخر وهذه هي الشخصية السلبية المسيطرة .. وهذا صراع نفسي شديد لم يستطع حسم أمره به إلا بعد صدمته بانتحار حبيبته بسبب شكوكه وبسبب سيطرة الشخصية السلبية عليه ..
شجرة اللبلاب فيلما ومسلسلا تلفزيونيا :
أنتجت السينما المصرية فيلم "عاشت للحب" عام 1959 عن رواية شجرة اللبلاب للروائي عبد الله .. وقد مثل الدور الرئيسي فيه الممثل كمال الشناوي بدور الشاب المتردد حسني أما الفنانة زبيدة ثروت فقد مثلت دور الفتاة زينب .. وقد أخرجت الرواية أيضا كمسلسل تلفزيوني عام 1976 بطولة النجم محمود عبد العزيز والفنانة سعاد منصور ..
برأيي أن مخرج الفيلم أخفق إخفاقا شديدا في إخراج الفيلم بداية من التغيير غير المبرر لعنوان الرواية إذ جعله "عاشت للحب" بدلا من شجرة اللبلاب وهو العنوان الأصلي للرواية .. ولم يتوقف الإخفاق عند تغيير العنوان فحسب بل تعداه إلى تغييرين جوهريين أولهما أن جعل من دراسة البطل وبالتالي مهنته ليكون حسني في الفيلم طبيبا بدلا من مهندس زراعي كما في الرواية .. ثانيهما هو تغيير النهاية المأساوية حيث أن الرواية تنتهي بانتحار البطلة زينب بينما حورها المخرج ليصل في النهاية البطل الطبيب حسني في يوم زفاف حبيبته إلى رجل آخر ليجدها قد نقلت إلى المستشفى وهي بحال خطرة بسبب الانتحار بتناول كمية كبيرة من الحبوب المسكنة ولينقذها بل لعل وجوده بجانبها هو الذي أضاف لحياتها دفعة أمل جديدة وعند رؤية عريسها لحال الفتاة التي تبدل من عتبة الموت إلى التمسك بالحياة والأمل بسبب وصول الحبيب الشاب حسني فيقرر العريس الانسحاب متخليا للعاشقين عن حقوقه ..
برأيي أن المخرج أفسد روعة الرواية بهذا التغيير لسبب واحد فقط وهو مجاراة ذوق المشاهد العربي وولعه بالنهايات السعيدة ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوصية
- أضواء على رواية غصن الزيتون لمحمد عبد الحليم عبد الله
- هكذا كنا ٳ--------ذن
- بين سيوفنا ودروعنا .. ضاعت لحانا
- صديقي
- ما جدوى أن تزرع ورد الليلك ؟
- في المقهى العتيق
- تساؤلات
- هكذا .. أكتبُ فيك قصائدي
- الطريق
- اليوم خمر .. وغدا أمر
- قصة حب
- أطفال داعش .. اندماج .. أم قنابل مخبأة
- هدى جرجيس سعيد .. المسيحية -الكافرة-
- أنا .. ارهابي ( الجزء الثالث والأخير)
- أنا .. ارهابي .. الجزء الثاني
- أنا .. ارهابي
- الرحيل بعد صعود الجلجلة
- احتراق
- تحليق


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس حميد أمانة - شجرة اللبلاب