أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم منصوري والحسين بوزيل - تدبير النقود والسياسة النقدية في المغرب: أي دور للمتغيرات التوازنية والكامنة؟















المزيد.....


تدبير النقود والسياسة النقدية في المغرب: أي دور للمتغيرات التوازنية والكامنة؟


ابراهيم منصوري والحسين بوزيل

الحوار المتمدن-العدد: 6109 - 2019 / 1 / 9 - 05:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


• تمهيد:

تبين الدراسات المتاحة في المغرب على الخصوص وبلدان أخرى على العموم أن دالة الطلب الحقيقي على النقود تتميز بعدم الاستقرار (Instability). ففي المغرب مثلاً، يلاحظ أن حدة عدم استقرار هذه الدالة قد استفحلت، خاصة بعد دخول البلاد في سلسلة من الإبداعات المالية (Financial Innovations) منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي. ويلاحظ في هذا الإطار أن الدراسات القياسية كثيراً ما تستعمل المتغيرات الفعلية (Effectively Observed Variables) دون الاكتراث بالمتغيرات التوازنية والكامنة (Equilibrium and Potential Variables).

نعتقد أن الاشتغال على هذا النوع الخاص من المتغيرات يمكن أن يساعد الباحث على فهم أحسن للطلب على النقود ومن ثمة سبر أغوار السياسة النقدية (Monetary Policy) على صعيدي الصياغة والتنفيذ، وذلك من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق نمو اقتصادي مضطرد.

تسعى هذه الورقة البحثية إلى نموذجة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب باستعمال متغيرات توازنية وكامنة مع إجراء تقديرات واختبارت قياسية في الفترة الممتدة من 1978 إلى 2017، والتي ترمي في مجملها إلى استخلاص دروس مفيدة حول مآل السياسة النقدية في المغرب، خاصة في سياق يتسم بعدم توفر الشروط الملائمة لاتباع استراتيجية استهداف التضخم (Inflation Targeting).

وعلى الخصوص، فإن تقديراتنا واختباراتنا ترمي أساساً إلى اختبار مدى استقرار دالة الطلب على النقود في المغرب في حالة استخدام متغيرات توازنية وكامنة عوض البيانات الماكرو-اقتصادية الفعلية. وفي حالة تحسن استقرار الدالة، فإن مناهجنا من حيث بناء وقياس المتغيرات والطرق المتبعة في التقديرات والاختبارات ستبين أن المغرب يمكنه أن يستمر في بلورة وتنفيذ سياسة نقدية مع اتباع نموذج فريدمان (Friedman) المعروف، في انتظار توفر الشروط الضرورية للمرور إلى استراتيجية استهداف التضخم.

1. النموذج الأولي لدالة الطلب على النقود:

من المعروف أن دالة الطلب الحقيقي على النقود يمكن كتابتها على أساس أن الطلب النقدي المخفض (Deflated Money Demand)، أي الطلب الحقيقي على النقود، يحدده متغيران رئيسيان وهما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (GDP at Constant Prices) ومعدل الفائدة الحقيقي (Real Interest Rate). إلا أن ارتباط معدل الفائدة الحقيقي بمعدل التضخم يمكن من نموذجة الطلب الحقيقي على النقود بحيث يحدده الدخل الإجمالي بالأسعار الثابتة ومعدل التضخم ومعدل الفائدة الإسمي، رغم أن دراسات قياسية كثيرة تُدْخِلُ معدلي الفائدة الحقيقي والتضخم جنبا إلى جنب في نموذج قياسي عام (General Econometric Model) بدعوى أن الترابط المشترك بينهما ضعيف إلى حد ما.

إن هذا النموذج القياسي ليس خطياً (Non Linear) في كل الأحوال. وكما هو معروف، فإن إضفاء الطابع الخطي على هذا النموذج يستوجب إدخال اللوغاريتم النيبيري على شمال ويمين معادلة الطلب الحقيقي على النقود (Md) مع العلم أن التعبير اللوغاريتمي لا يخص طبعاً إلا الدخل القومي الحقيقي والمتغير (Md) التابع (Endogenous Variable). وطبقاً لما سبق، فإن المعامل المرتبط بالدخل القومي الحقيقي يجب اعتباره بمثابة مرونة للطلب الحقيقي على النقود بالنسبة للدخل بينما يكون المعاملان المتعلقان بمعدلي الفائدة والتضخم شبه مرونتيْن (Semi-elasticities). إلا أن طموحنا المتمثل في الاشتغال على متغيرات توازنية وكامنة عوض البيانات الفعلية يحتم البحث عن مناهج أكثر إبداعاً من أجل بناء هذه المتغيرات وقياسها قياساً مناسبا.

2. الإطار المفاهيمي والمنهجي لقياس المتغيرات التوازنية والكامنة:

لنموذجة دالة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب، ارتأينا إلى الاعتماد على ثلاثة متغيرات توازنية وهي الطلب الحقيقي على النقود في حالة التوازن بصيغته اللوغاريتمية ومعدل الفائدة الحقيقي ونسبة التضخم عند مستوى التوازن بالإضافة طبعاً إلى اللوغاريتم النيبيري للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الكامن (Potential Real GDP).

إن الأدوات المفاهيمية والمنهجية التي تم اعتمادها لقياس متغيراتنا التوازنية والكامنة تتمثل إجمالاً في ما يلي:

- تم تحويل الطلب الحقيقي على النقود باعتماد مؤشر الأسعار عند الاستهلاك كمخفض (Deflator) إلى متغير توازني بافتراض أن القيم الإسمية لمخزون النقود أو الكتلة النقدية (M3) تتطور بوتيرة (p+g+pg) طبقا لنظرية فريدمان التي تذهب إلى أن الكتلة النقدية يجب أن تتغير بوتيرة تُعَادِلُ نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي (Steady State Money Growth rate)، أي مجموع معدل التضخم (p) ومعدل النمو الاقتصادي (g) وجدائهما (p.g) وأن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك يتغير بالموازاة مع معدل النمو الاقتصادي، خاصة أن مفعول العرض للمتغير (g) على مؤشر الأسعار عند الاستهلاك غالبا ما يكون موجباً وأقوى من مفعول الطلب.

- أما بالنسبة لمعدل التضخم عند التوازن على أساس مؤشر الأسعار عند الاستهلاك (IPC) فقد تم تقديره بالاستناد إلى حساب IPC في حالة التوازن، أي IPC في الفترة السابقة (t-1) مضروباً في (1+g).

- تم تقدير معدل الفائدة الحقيقي من خلال تقسيم الفرق بين معدل الفائدة الإسمي التوازني (ieq) ونسبة التضخم عند التوازن (peq) على الكمية (peq+1) طبقاً لمعادلة فيشر (Fisher) الشهيرة؛ مع العلم أن ieq في الفترة الجارية t هو ieq في الفترة السابقة (t-1) مضروبا في جداء (p+1) و (g+1)، أي أن معدل الفائدة الإسمي عند التوازن يتأثر بالمفعول المزدوج للنمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار (التضخم).

- تم تقدير الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الكامن (Potential Real GDP : PRGDP) عن طريق الكمية التالية:

(PRGDPt = RGDPt-1(1 + gLFt)(1 + DRKt

في هذه المعادلة، يمثل RGDP و gLF و DRK بالتتابع، الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ومعدل تغير حجم قوة العمل ومعدل نسبة تآكل الرأسمال التي حددناها في 3,5 في المائة على غرار دراسات قياسية سابقة (أنظر مثلاً، Easterly, Rodriguez and Schmidt-Hebbel, 1994, Mansouri, 2003, Baouzil, 2019, forthcoming).

تجدر الإشارة إلى أننا استندنا إلى الفرضية المعقولة التي تذهب إلى أن معدل تغير حجم قوة العمل يحدد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الكامن، وذلك نظراً لعدم توفر البيانات الإحصائية حول معدل البطالة في المغرب على امتداد الفترة الزمنية الضرورية لتقديراتنا واختباراتنا القياسية.

3. نتائجنا القياسية وتأويلاتها:

باستعمال الاقتصاد القياسي العصري (Modern Econometrics)، أي التحليل الجديد للسلاسل الزمنية والمتغيرات اللا مستقرة (New Time-Series Analysis with Nonstationary Variables)، استطعنا تقدير نماذج تصحيح خطأ (Error Correction Models ) على الفترة الزمنية الممتدة من 1978 إلى 2017، وذلك بالاشتغال على المتغيرات التوازنية والكامنة (Equilibrium and Potential Variables) التي وضحنا السبل المفاهيمية والمنهجية لبنائها وقياسها في الجزء الأول من هذه الورقة البحثية.

بالاستناد إلى تقدير نموذج لتصحيح الخطأ في إطار العينة الزمنية التي تبدأ من 1978 وتنتهي في 2017، يتبين أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (Real GDP) له وقع إيجابي في المدى الطويل (In the Long Run) على الطلب الحقيقي للنقود بمعنى المتغير النقدي المُجَمَّع M3 (Monetary Aggregate M3). وطبقا لتقديراتنا القياسية، فإن أي تحسن بواحد في المائة (1%) في الناتج المحلي الإجمالي الكامن بالأسعار الثابتة (Potential GDP at Constant Prices) يمكن أن يؤدي على المدى الطويل إلى ارتفاع في الطلب الحقيقي على النقود عند التوازن (Equilibrium Real Demand for Money) بما يقارب واحد في المائة (1%)، مما يعني أن تقدير نموذج تصحيح الخطأ مع الاشتغال على متغيرات توازنية وكامنة، تنجُمُ عنه مرونة للطلب الحقيقي على النقود بالنسبة للدخل القومي الحقيقي تناهز قيمتها 1 (Unitary Elasticity of Real Demand for Money with respect to Real Aggregate Output).

يبدو أن لهذه النتيجة القياسية أهميةً كبيرة، خاصة إذا عرفنا أن الهدف الأهم للسلطات النقدية المغربية (Moroccan Monetary Authorities) يتمثل أساساً في الحصول على نتائج نقدية (Monetary Outcomes) تناسب تعاليم المدرسة النقدوية (Monetarist School) التي يتزعمها الاقتصادي الأمريكي الْمُنَوْبَل "مِلتون فريدمان" (The Nobelized American Economist Milton Friedman). وفي هذا الإطار، نذكر القارئة الكريمة والقارئ الكريم أن مدرسة التفكير الاقتصادي تلك تذهب أساساً إلى أن الدخل القومي الحقيقي (Real Domestic Income) والطلب الحقيقي على النقود يجب أن يتغيرا على مر الزمن بنفس النسبة المنتظمة (ٍSteady State Growth Rate).

أما بالنسبة لمعدل التضخم التوازني فإن تقديراتنا واختباراتنا القياسية (Econometric Estimates and Tests) في إطار نموذج لتصحيح الخطأ (Error Correction Model) تبين بوضوح أن شبه مرونة (Semi-Elasticity) الطلب الحقيقي على النقود بالنسبة لمعدل التضخم تجاور الوحدة (Unity)، أي أن شبه المرونة هذه تناهز قيمتها واحداً (The Semi-Elasticity nearly equals 1). ولهذا فإن أي استفحال للتضخم بواحد في المائة (1%) يمكن أن ينجم عنه تدهور في الطلب الحقيقي على النقود بما يقارب 1%. وهذا ما يوافق مرة أخرى الصلابة المفاهيمية والمنهجية لبناء وقياس متغيراتنا التوازنية والكامنة (Our Equilibrium and Potential Variables). كلما اعتمدت النموذجة على هذه الأنواع من المتغيرات عوض البيانات الإحصائية الفعلية (Effective Statistical Data)، كلما حصلنا على نتائج قياسية تناسب سياسة نقدية توازنية بالمعنى الفريدماني للمصطلح (In the Friedmanian Sense of the Term).

توحي نتائجنا القياسية إلى أن الاختبارت التي أُجْرِيَتْ بكل تمحيص تشير إلى أن معدل الفائدة الحقيقي التوازني (Equilibrium Real Interest Rate) لا يمكن الاحتفاظ به في معادلة الطلب الحقيقي على النقود التي تم تقديرها، خاصة أن إحصائية t لِستيُودَنْت (Student t-Statistic) بقيمتها المطلقة تبدو أقل بكثير من 2، رغم أن المُعامل المتعلق بمعدل الفائدة الحقيقي التوازني (The Coefficient associated with the Equilibrium Real Interest Rate) يأخذ إشارته السالبة والموافقة لتنبؤات النظرية الاقتصادية والتي تذهب إلى أن الطلب الحقيقي على النقود يتأثر سلباً بمعدل الفائدة لأن الفاعلين الاقتصاديين يفضلون صيغ الادخار (Savings) على طلب النقود إذا ما ارتفعت معدلات الفائدة. ونظرا لتعبير إحصائي غير ملائم، فإننا أزحنا معدل الفائدة الحقيقي التوازني من المعادلة النهائية ثم أعدنا تقدير نموذج تصحيح الخطأ. إلا أن هذه النتيجة القياسية لا يجب أن تفاجئنا بطريقة تراجيدية، خاصة إذا عرفنا أن كثيراً من الفاعلين الاقتصاديين المغاربة، ومنهم الأُسَر (Households) على الخصوص، لم يستوعبواْ بعدُ ثقافة ادخارية مدرة للفوائد (Culture of Interest-Bearing Savings). وربما يكون السبب الآخر لضعف التعبير الإحصائي لأثر معدل الفائدة الحقيقي التوازني على الطلب الحقيقي للنقود مرتبطاً بامتصاص هذا الأثر من طرف معدل التضخم، وذلك نظراً لوجود علاقة وطيدة بين معدل الفائدة الحقيقي ونسبة التصخم كما يبدو ذلك جلياً من خلال معادلة فيشر الشهيرة (Fisher’s Equation).

4. توصيات سياسة نقدية وملاحظات ختامية:

توحي تقديراتنا واختباراتنا في إطار نموذج تصحيح الخطأ أن نتائجنا القياسية تكتسي أهمية كبيرة. أولا وقبل كل شيء، يتضح أن الاشتغال على متغيرات توازنية وكامنة عوض بيانات فعلية يُمكِّنُ من الوصول إلى مرونة أُحَادِية (Unitary Elasticity) للطلب الحقيقي التوازني على النقود بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الكامن (Potential Real GDP). كما أن أدواتنا المفاهيمية والمنهجية في هذا الإطار أفضت إلى أن شبه مرونة الطلب الحقيقي على النقود عند التوازن بالنسبة إلى معدل التضخم التوازني يمكن اعتبارها أيضاً من النوع الأُحَادِي، مما يساير ما ذهبت إليه نظرية ملتون فريدمان التي ترى أن هناك ترابطاً وثيقاً بين كمية النقود ومعدل التضخم. وعلى هذا الأساس، فإن أي ارتفاع لمعدل التضخم التوازني بنقطة مئوية واحدة (One Percentage Point) يمكن أن ينجم عنه انخفاض في الطلب الحقيقي على النقود عند التوازن بما يقارب 1%. وتبين هذه النتيجة القياسية أن استفحال التضخم يدفع الفاعلين الاقتصاديين (Economic Agents) إلى استبدال طلبهم للنقود بالاتجاه إلى طلب أكبر على أصول حقيقية (Real Assets)، مما يؤدي في النهاية إلى تقلص الطلب على النقود.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره أعلاه، فإن أهم نتيجة قياسية توصلنا إليها في إطار هذه الورقة البحثية التي تدعمها دراساتنا النظرية والقياسية السابقة (Our Previous Theoretical and Empirical Studies)، خاصة تلك التي أجريناها في إطار رسالتينا لنيل الدكتوراه في الاقتصاد (Mansouri, 2003, Baouzil, 2019, forthcoming) أو مقالاتنا البحثية المنشورة (أنظر مثلاً، Mansouri and Baouzil, 2019, forthcoming)، تتمثل في كون الاشتغال على متغيرات توازنية وكامنة يُمكِّنُ من تقليص عدم استقرار دالة الطلب الحقيقي على النقود (Instability of Money Real Demand -function-)، بل يفضي في مجمله إلى إنتاج دالة تكاد تكون مستقرةً تماما كما توضحه اختبارات الاستقرار (Stability Tests) المعروفة كاختبار شو ( Chow Test) واختبار التقديرات الترجعية (Resursive Estimates).

وعلى هذا الأساس، فمن مصلحة السلطات النقدية في المغرب، أي بنك المغرب المركزي أساساً، أن تشتغل على المتغيرات التوازنية والكامنة من أجل تقليص عدم استقرار دالة الطلب الحقيقي على النقود ومن ثمة تعزيز الإطار المرجعي لصياغة وتنفيذ سياسة نقدية ناجعة تعتمد أساساً على النمو المنتظم (Steady State Growth) للكتلة النقدية، أي خلق النقود (Money Creation) مع اتباع صيغة فريدمان (Friedman’s Formula) الشهيرة والتي تذهب إلى أن التطور الزمني للنقود يجب أن يساير نمو الدخل القومي، وإلا استفحلت الضغوط التضخمية بما لها من آثار سلبية على تراكم الثروة، خاصة على المدى الطويل. وبالمقارنة مع إطارنا المفاهيمي والمنهجي، فإن الاشتغال على بيانات ماكرو-اقتصادية فعلية عوض سلاسل زمنية توازنية وكامنة (Equlibrium and Potential Time-Series) لن تنجم عنه إلا دالة غير مستقرة للطلب الحقيقي على النقود (Mansouri, 2003, Baouzil, 2019, forthcoming).

إن عدم استقرار دالة الطلب الحقيقي على النقود لدليل قاطع على أن السلطات النقدية في المغرب يجب أن تراجع الإطار المعتمد حالياً لتدبير النقود (Money Management). وبالفعل، فإن الاستهداف النقدي (Monetary Targeting) المتبع في المغرب والذي ينبني على فرضية استقرار دالة الطلب الحقيقي على النقود، ينطوي على مخاطر حقيقية طالما أن هذه الفرضية لا أُسُسَ إمبيريقية (Empirical Foundations) لها.

بالاستناد إلى أدواتنا المفاهيمية والمنهجية، نعتقد أن بنك المغرب لا يمكنه المضي قُدُماً في تبني سياسة نقدية تنفيها التقديرات والاختبارات القياسية. نعرف أن المغرب، في إطار السياسات الماكرو-اقتصادية (Macroeconomic Policies) التي تبنتها ولا زالت الحكومة تتبناها، خاصة السياسة النقدية في ترابطها بالسياسة المالية، يعتبر تلميذاً نجيباً جداً لمؤسسات التمويل الدولية. إلا أن اتباع مسطرة فريدمان النقدية دون الاشتغال على متغيرات توازنية وكامنة محسوبة بدقة لمن شأنه أن يخلط كل الأوراق ليُنتِجَ سياسة نقدية عمياء قادرة على خلق اختلالات كبرى، خاصة في ظل التطور الذي تعرفه المنظومة المالية (Financial System) للبلد وتراكم الإبداعات المالية (Financial Innovations) في ترابطها بتنوع الاقتصاد الوطني واتجاهه نحو التحول البنيوي (Structural Transformation) كمفهوم جديد في الأدبيات الاقتصادية الحديثة (New Concept in Modern Economic Literature). وتجدر الإشارة هنا إلى أن ورقتنا البحثية تقترح مقاربة تبدو مُبدعة وذلك من خلال بناء وقياس متغيرات توازنية وكامنة واستخدامها ضمن نموذج قياسي (Econometric Model) عصري يتوخى استيعاباً أفضل للتوازن النقدي بالمعنى الفريدماني للمصطلح، خاصة أن تقديراتنا واختباراتنا القياسية توافق التنبؤات النظرية لنموذج ملتون فريدمان.

بما أن دالة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب تَقَلَّصَ عدم استقرارها بشكل كبير بعد الاشتغال على سلاسل زمنية توازنية وكامنة، فإن إطارنا المفاهيمي والمنهجي يبدو أكثر صلابة. ويعني هذا أن البنك المركزي المغربي مدعو إلى الاستثمار في بناء متغيرات توازنية وكامنة والاشتغال عليها من أجل سياسة نقدية قائمة على مبدأ الاستهداف النقدي (Monetary Targeting) في انتظار توفر الشروط الملائمة لصياغة وتنفيذ استراتيجية ناجعة لاستهداف التضخم (Inflation Targeting)، مع العلم أن هذه الشروط تتمثل أساساً في التطور الكافي للقطاع المالي (Financial Sector) وإصلاحه إصلاحاً شاملاً وحقيقياً بالإضافة إلى العمل على توطيد استقلالية البنك المركزي والفصل بين السياستين النقدية والمالية (Monetary and Fiscal Policies).

المراجع حسب التسلسل الزمني:

• المرجع الأول: Easterly, W., Rodrigùez, C. A. and Schmidt-Hebbell, K. (1994), Public Sector Deficits and Macroeconomic Performance, Oxford University Press, USA. كتاب جماعي حول عجوزات القطاع العام في عدد من بلدان الجنوب.

• المرجع الثاني: Baouzil, L. (2019, forthcoming), Demande réelle de monnaie, règle de Taylor et ciblage de l’inflation : une étude analytique et empirique du cas marocain, PhD thesis, supervised by Prof. Dr. Brahim MANSOURI, Faculty of Juridical, Economic and Social Sciences, Cadi Ayyad University, Marrakech, Morocco . رسالة دكتوراه.

• المرجع الثالث: Mansouri, Brahim (2003), Soutenabilité, Déterminants et Implications Macroéconomiques des Déficits Publics dans les Pays en Voie de Développement: Cas du Maroc, PhD thesis, supervised by Prof. Dr. Mourji FOUZI, Faculty of Juridical, Economic and Social Sciences, Hassan II University, Casablanca, Morocco. رسالة دكتوراة دولة.

• المرجع الرابع: Mansouri, Brahim (2009), “What Determines Production and Utilization of Research for Development?: The Case of the Moroccan Ministry of Finance”, 7th Globelics Conference, United Nations University, Conference held in Dakar (Senegal), 6-8 October . ورقة بحثية حول إنتاج واستهلاك البحث العلمي.

• المرجع الخامس: Mansouri, Brahim and Baouzil, Lhoussein (2019, forthcoming), “A Modeling Process with Equilibrium and Potential Variables: The Case of Real Money Demand in Morocco”, International Journal of Commerce, Business and Management, Vol. 7, N° 7. ورقة بحثية مقبولة للنشر.



#ابراهيم_منصوري_والحسين_بوزيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دالة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب: نموذجة بمتغيرات توا ...
- دالة الطلب الحقيقي على النقود في المغرب: نموذجة بمتغيرات توا ...


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم منصوري والحسين بوزيل - تدبير النقود والسياسة النقدية في المغرب: أي دور للمتغيرات التوازنية والكامنة؟