أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 8














المزيد.....

الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 8


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6106 - 2019 / 1 / 6 - 20:42
المحور: الادب والفن
    


لنحو دقيقة، رازَ كلّ منا الآخرَ بنظرة ملية. ثم ما لبثَ الشيف أن رد، مستفهماً بدَوره وهوَ يضيّق عينيه: " إلامَ تود التوصل، تحديداً، من هذه الأسئلة؟ ". فجأة، انتبهت لنفسي، وأنني أمارس مع الرجل دورَ محقق النيابة.. مع أنني، في واقع الحال، مجرد محققٍ أدبيّ تورط في مهمة متابعة أحداث سيرةٍ مضى عليها ما يزيد عن العقدين من الأعوام. ولكن، كيف يمكن شرح الأمر لشخصٍ غير مثقف ـ كالذي يجلس في مقابلي، لا توحي مسيرة حياته ( المعروفة لي على الأقل ) بأيّ اهتمام خارج الأعمال التجارية؟
" أعتذر ما لو ضايقك، سؤالي الأخير "، ابتدأتُ مشدداً على نهاية الجملة. بقيَ صامتاً، دونَ أن يلوحَ عليه التأثر بما سمعَ. أردفتُ القول، مصمماً على المضيّ في أسلوب المراوغة: " في الحقيقة، إنّ الموضوع ليسَ شخصياً تماماً. صديقة سويدية، كان فرهاد يعاشرها كزوج تقريباً حتى لحظة وفاته، هيَ من طلبت مني الحصول على معلومات تخصّ ابنته الوحيدة. لقد جاءت بنفسها إلى مراكش، عقب موته مباشرةً، وكانت تسعى آنذاك لتبنّي الفتاة الصغيرة "
" آه، تلك المرأة النصرانية! سمعتُ شيئاً من هذا القبيل حينَ كنتُ أزور منزل أبي بغيليز "، قاطعني وقد لاحَ هذه المرة وكما لو أنه تأثّر من موقفي المحرج. شجّعني ذلك على التقاط إشارته، كي أنفذ من خلالها إلى ما أبتغيه. في الأثناء، كنتُ قد أتيت على الزجاجة الثانية وكان مضيفي يبحث بعينيه عن النادل وسط غمامة دخان السجائر ولغط السكارى. شئتُ التريث حتى مجيء النادل إلى طاولتنا، ومن ثم ذهابه بعدما أوصاه " سيمو " بجلب المزيد من البيرة. سألته على الأثر، مواظباً على تكلّف نبرةٍ غير مكترثة: " هل ما زالوا يقيمون هنالك، في الفيللا؟ "
" لا، يسكنها الآنَ أناس أغراب. ذلك جرى بعيدَ وفاة امرأة أبي، حيث قرر أولادها بيعَ الفيللا وتقاسم ثمنها "
" كان للمرحومة ثلاثة أولاد، أليسَ كذلك؟ "
" بلى، ولكن أصغر البنتين أضواها المرض النفسيّ. كان يُنفق من حصتها في الإرث على إقامتها بمستشفى خاص وعلاجها، ثم اتفق أخواها بعد ذلك بفترة قصيرة على إيداعها في مأوى المجانين بحجّة نقصان المال. إلى أن امتدت يدُ الخير لأختنا، فأعيدت لرعاية المستشفى الخاص "
" يا لها من أخبار محزنة! "، عقّبتُ بلا وعي. من مكانه خلف الطاولة، المنزوية في ركن الصالة الصغيرة، راحَ المضيفُ يرمقني بنظرة غريبة. انتبهتُ ثانيةً لنفسي. مددت يدي إلى زجاجة جديدة، كان النادل قد وضعها للتو أمامي، ورحت أصبّ في القدح الشرابَ الذهبيّ. قبل أن أبادر بالاستطراد، جمجمَ الرجلُ في شيء من الانفعال: " أجل، أنفرط العقدُ غبَّ انقطاع السلسلة. وكانت للّا نظيرة هيَ مَن يشدّ العقد، بل لقد كانت أيضاً جوهرته! "
" رحمها الله. ولكن ماذا عن الآخرين في العائلة؟ "، سألته بحذر وأنا أرشفُ الشرابَ. تأملني مجدداً بعينين مستطلعتين، ثم أخذ يهز رأسه الضخم في حركة غامضة. كيلا يشك بأيّ نية مبيتة من قبلي، تخصُ مصيرَ امرأته الأولى، فإنني استدركتُ بنبرة معتذرة: " أتمنى ألا أكون قد جعلتك تبقى مطولاً هنا، لأن الغد يوم عمل؟ "
" لا، أبداً. عملي يبدأ يومياً من بعد الظهر وإلى ما قبل منتصف الليل بساعة، ولذلك فأنا معتاد على السهر يومياً حتى الفجر "، أجابني من فوره. ثم عاد ليقول بلهجة تحفل بالترحيب: " في وسعك المجيء إليّ ليلاً متى أردت، وشقتي على أيّ حال قريبة من مسكن ابن حميك "
" إذا كان دوامك كذلك، فإنني أدعوك غداً إلى ‘ لامار ‘. هنالك سنشرب النبيذ، بينما أمواج البحر تتلاطم وتهدر تحت بصرنا وسمعنا "
" بكل سرور، يا صاحبي! "، قالها مبتسماً منغّماً المفردة الأخيرة على عادة مواطنيه. رأيتُ أن الأمور تسير على مجرىً جيد، بشأن استنزاف ذخيرة معلومات الرجل وذاكرته على السواء. فأردتُ العودة لسؤالٍ، بقيَ معلقاً دونَ جواب بما جدّ من استطراد. بيدَ أن فكرة أخرى، مختلفة، ومضت في ذهني على حين غرّة: " أيعقل أنه سيامند، مَن ينفق على إقامة خدّوج في المستشفى؟ ". وما أسرع أن جرت الفكرة على لساني، المنطلق بفعل إسرافي بالشراب.
وعليّ كان بعدئذٍ أن ألبث معقود اللسان، مصعوقاً بجواب الرجل: " لا، بل إنها السكرتيرة السابقة لسيامند من تعهّدت بذلك. أعتقد أنها أرادت فعل الخير على روح شقيقها، كونه عُدّ فيما مضى خطيباً لخدّوج. أظنك سمعت عنها، زين تلك؟ نعم، إنها متزوجة من شيخٍ يعدّ من أغنى أغنياء الخليج. وقيل أن والدها كان في حياته يمد رياضَ الشيخ، الموجود في مراكش، بالأثاث الدمشقي الفاخر ".
أخذتُ أثوب لوعيي شيئاً فشيئاً، وقد حلّ هذه المرة شعور الحنق بمحل الدهشة: كنتُ أبحث عبثاً عن أخبار شخصيات السيرة، ثمة في المدينة الحمراء، فيما أنها كانت تنتظرني هنا في المدينة البيضاء. آنذاك كان قد غاب عن فكري، فوق ذلك، السؤال عن " آلان " لدى معاون ابن شقيقه، الذي كان يدير محلَ الأثاث بغيليز.











#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحسان عبد القدوس؛ الصورة النمطية للكاتب/ 2
- إحسان عبد القدوس؛ الصورة النمطية للكاتب
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 7
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 6
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 5
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 4
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 3
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 2
- الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 1
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 5
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 4
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 3
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 2
- من أجل نصف كرون
- شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1
- لقيط
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 5
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 4
- شيرين وفرهاد: الفصل السادس 3
- غسق أزرق


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الصراطُ متساقطاً: فصل الختام 8