أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [5]. عبدالأحد برصوم وصبري يوسف، يتحدَّثان عن الزَّمن، العمر، الحياة!















المزيد.....

[5]. عبدالأحد برصوم وصبري يوسف، يتحدَّثان عن الزَّمن، العمر، الحياة!


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6106 - 2019 / 1 / 6 - 17:38
المحور: الادب والفن
    


عبدالأحد برصوم وصبري يوسف، يتحدَّثان عن الزَّمن، العمر، الحياة!

5

حقيقةً شخصيّة النّحات المبدع الدُّكتور عبد برصوم، كانت غريبة الأطوار من حيث العطاء، وغرابة أطواره كانت إيجابيّة إلى أبعد الحدود، ويبدو أنّه قضى عمره كلّه عندما كان بعيداً عنّا بهذه العطاءات لناسٍ لا نعرفهم، نجهل ما كان يجول في خاطره، ونظنُّ أنّه منغلق على ذاته في صومعاته المتنقِّلة من عاصمة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى ومن قارّة إلى أخرى، إلّا أنّ حقيقة الأمر وبعد أن عايشته عن قُرب، فقد خلخل كلّ توقّعاتي وتوقّعات من كان لا يعرفه عن قُرب ومعرفة مباشرة وجهاً لوجه ويوماً بيوم!

أنا صبري يوسف، كنتُ أعرف عبد برصوم منذ أكثر من نصف قرن من الزّمن، وأستطيع أن أصرّح بأنّني على ما يبدو ما كنتُ أعرف عنه سوى نسبة ضئيلة من آفاق فكره، تكاد لا ترى هذه النّسبة في المجهر، فمعرفتي به قبل أن يحلَّ عليَّ ضيفاً وساكناً عندي، تكاد تكون معرفة مثل قلّتها، وما كنتُ نهائيَّاً في موقع تقييمه ومعرفة أبعاد فكره وآفاق تطلُّعاته إلّا من زاوية المشاهد عن بُعد، لهذا أستطيع القول أنَّ معرفتي به خلال هذه الفترة الَّتي قضيناها معاً في شقّتي، فقط استطعتُ أن أتعرّفَ عليه معرفة عميقة، وببساطة أستطيع القول أنّني تعرفت عليه بعمق، لأنّنا وبحكم أنّنا كنّا كلينا من هواة الاعتكاف في صومعاتنا لهذا كنّا نخوض نقاشات طويلة ومفتوحة، هذه النِّقاشات قادتنا إلى معرفة بعضنا بعضاً إلى أبعد حدود المعرفة الَّتي في دواخلنا، حتّى أنّه هو نفسه اعترف عشرات المرَّات قائلاً أنا يا صبري ما كنت أعرفكَ نهائيَّاً بالطَّريقة الّتي أعرفها الآن، لأنَّ معرفتي ما كانت تعدو على أنَّك مجرَّد إنسان طموح ولك هواية في تقديم البكالوريات الأدبيّة واحدة تلو الأخرى وتتابع دراسات جامعيّة، مجرّد أنّك تملك طموحات في مجالات الدِّراسة، ولكنِّي عن فكرك المتنوّر وكتاباتك وعوالمك الّتي تنقشها عبر نصوصك وخصوصيّات أفكارك، ما كنت أعرف عنها شيئاً، ثمَّ قال أنتَ تشبهني في مسألة الطَّموحات اللَّانهائيّة، لهذا أنسجم معك مع أنّني مندهشٌ جدّاً كيف تنسجم معي كل هذا الاِنسجام في الوقت الَّذي أنا نفسي لا أنسجم مع نفسي وأنا عندك مثلما أراك منسجماً معي، وبكلِّ بساطة لو لم أرَ فيك كل هذه الطَّاقات الإيجابيّة في طريقة تعاملك معي ومع نفسك وخصوصيّة رهافتك وهدوئك في الكتابة وطريقة حياتك البسيطة العصاميّة المدهشة في تحمُّلكَ وأنت تجلس ساعات طوال خلف حاسوبك وتكتب وتكتب وكأنّك تسابق الزَّمن في تجسيد رؤاك عن الزّمن الهارب من حياتنا!

وصدقَ عبد لأنّني مراراً ناقشته عن الزَّمن، وقلتُ له، عندي فكرة خارقة تتعلَّق بالزّمن، بالعمر، بالحياة الَّتي نعيشها وما تبقَّى من عمرنا! فقال لي ما قصدك يا صبري، ماذا تريد أن تقول، قلت له أريد أن أكتب نصَّاً روائيَّاً عن الحياة، عن العمر، عن الزَّمن الّذي يعيشه المرء ونعيشه نحن البشر، نصَّاً روائيّاً مدهشاً، أبيِّن فيه من خلال سردي أنَّ حياتنا قصيرة وغير كافية نهائيَّاً لأن نعيش عمرنا، لهذا نخسر نحن الكتّاب والمبدعين عشرات، بل آلاف المتع الحياتيّة حيث ننصلب خلف حواسيبنا وحضرتك منصلب أيضاً تقوم ببحوثك الطّبِّيّة وتريد أن تجسِّد أفكارك وقد هلكتَني بعبارتك وأنت تقول يا صبري أريد أن أنجز كتابي قبل أن أموت، وأريد أن أساعد مريم ابنة فدوى قبل أن أموت وأريد أن أعلِّم فريد مراد دروساً في الموسيقى قبل أن أموت، .. كنتُ أقاطعه ولماذا تردِّدُ عبارة قبل أن أموت عند كل جملة وموقف وفكرة تراودك؟ فقال لي يا صديقي إنّها نفس فكرتكَ الَّتي تريد كتابتها كنصٍّ روائي وأضاف قائلاً تعرف هذه الفكرة الّتي تراودك عن كتابة عمل روائي عن الزّمن، العمر، هي فكرة عبقريّة ربّما لم يجسِّدها أي مبدع على وجه الدُّنيا ضمن نصٍّ روائي؟ فقلت له يا صديقي عبد ستكون إحدى شخصيَّات روايتي هذه وأنا سأكون أيضاً إحدى الشّخصيَّات وصديقتي الغالية د. أسماء غريب ستكون إحدى الشَّخصيّات المحوريّة وكذلك سيكون للروائيّة لينا هويان الحسن دوراً بديعاً في فضاءات سردي وللكثير من أصدقائي وصديقاتي دوراً في تفاصيل عملي القادم! فأكّد لي يا صبري إيَّاك ثمَّ إيَّاك أن تهمل هذا المشروع الرِّوائي الَّذي يلخِّص فلسفة كبيرة، وقال إنّكَ تدهشني في أفكارك يوماً بعد يوم، وأفكِّر كيف لو انتقلتُ إلى مكان آخر سأعيش بعيداً عنك؟ فقلت له ولو يا صديقي ستبقى معي، فقال كيف سأبقى معك وأنا في مكانٍ آخر؟ فقلت له هل تعلم أنَّني قادر على استحضار روحك وعالمك وفضائك متى ما أشاء إلى ربوع شقّتي وأتحدَّث معك ونناقش كما نناقش الآن؟! كان يحدّق بي ممعناً النَّظر ثمَّ يقول لم أرَ في حياتي شخصاً نبيلاً مثلكَ في محبَّة الأصدقاء، وتضحياتك تشهدُ على ما أقول! تعرف يا صبري منذُ شهورٍ كنتُ قادراً على الانتقال من شقَّتك، لكنّي كنت قلقاً لو عشت منعزلاً في عالمي وصومعتي أن أفتقدكَ وأخسر هذه اللَّحظات معك وأضاف قائلاً أنا أعيش معك في نفس الشّقة وبنفس الوقت أشعر أنَّني حرّ وكأنّني وحدي فلا تقيِّدني نهائيَّاً، لهذا آمل أن أبقى معك حتّى أمدٍ طويل! صدّقني يا عبد، من دواعي سروري أن تحظى بشقّة يتوفّر فيها كل وسائل الرَّاحة، وثق تماماً أنّني سأفتقدك أيضاً لكنِّي أتمنّى لك كلَّ الفرح والسَّعادة والرّاحة والهناء في حياتك القادمة!

كم كنتُ أشعر أنَّ في 1. 9. 2018 سيكون صديقي عبد برصوم في مكان آخر غير شقّتي! وكم شعرْتُ عندما خرج من شقّتي ظهر يوم الإثنين 20. 8. 2018، فألقيتُ نظرة عليه ونظرَ نحوي دون أن ينطقَ كلمة وأومأ برأسه وتصوَّرتُ أنّه سيخرجُ كي يتسوَّق، وبعد ثوانٍ من خروجه انتابني شعور أنّني لن أراه مرّةً أخرى! وأزعجني شعوري جدّاً، وهمستُ لنفسي ما هذا الَّذي انتابني وصديقي خرج من المنزل بكلِّ قيافته، ولكن سيارة الإسعاف كانت تنتظره أمام مدخل البناية دون أن أعلم شيئاً، لأنّ جاري قال لي عصراً بحدود السَّاعة السَّادسة، خير صديقك راح إسعافاً، فقلت له صديقي بخير، فقال لا، إنَّني رأيته يخرج من المنزل سيراً على أقدامه وخرجنا معاً وإذ بسيارة الإسعاف تنتظره، فجلس فيها وانطلقت به، فقلتُ له هل أنت متأكّد؟ فقال نعم أعرفه جيّداً لأنّه طبيب رائع ودائماً يتحدّث معي بكلِّ ودِّ ويسألني فيما إذا أحتاج نصيحة طبِّيّة، تمتمتُ، يا إلهي هل من المعقول أن تتحقّق مشاعري ولن أراه مرَّة أخرى؟! فما وجدت نفسي إلّا وأنا أبكي، فقال جاري هل أزعجتك، أنا أعتذر؟ فقلت له، لا لم تزعجني، لكنِّي قلقٌ عليه ثمَّ وجّهت أنظاري نحو كنيسة السَّيّدة العذراء كي أقدّم التّعازي بوفاة طفل يافع في الرَّابعة عشرة من عمره، وعلى طول الطَّريق أناجي نفسي، يا رب تكون مشاعري مجرّد هواجس وتوجُّسات وأرى صديقي في القريب العاجل!

1 . 9 . 2018






#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [4]. عبدالأحد برصوم شخصيّة إبداعيّة نادرة وطافحة بتجدُّد الأ ...
- [3]. عبدالأحد برصوم ورعايته واهتمامه الكبير بابنة أخيه -جِيْ ...
- [2]. أدهشني الصَّديق الرّاحل عبدالأحد برصوم بتعاونه المنقطع ...
- [1]. أعلنُ الحدادَ أربعين يوماً على النّحّات الرّاحل الدّكتو ...
- نصوص تأبينيّة، حداداً على روح النّحات الدُّكتور عبدالأحد برص ...
- [10]. هدهدات عشقيّة ، قصّة قصيرة ، 4 ... 4
- [10]. هدهدات عشقية، قصّة قصيرة ، 3 ... 4
- [10]. هدهدات عشقيّة ، قصّة قصيرة، 2 4
- 10 . هدهدات عشقيّة، قصّة قصيرة (1 4)
- [9]. عطر خشب الصَّندل ، قصَّة قصيرة
- [8]. غيمةٌ وارفة في مذاقِ العناقِ ، قصَّة قصيرة
- [7]. صداقة تذكِّرُنا بالنّوارج ، قصَّة قصيرة
- [6]. عذوبةُ القهقهات ، قصَّة قصيرة
- [5]. عناق روحي جامح ، قصَّة قصيرة
- [4]. بهاء الطَّبيعة ، قصّة قصيرة
- [3]. جموح التَّجلِّيات ، قصّة قصيرة
- [2]. إيقاعات الفلامنكو ، قصّة قصيرة
- [1]. السَّالسا، ابتهالات بهجة الجَّسد، قصّة قصيرة
- [10]. مفاجآت مدهشة للغاية، قصَّة قصيرة
- [9]. استنفار لإنقاذ قطّة، قصّة قصيرة


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [5]. عبدالأحد برصوم وصبري يوسف، يتحدَّثان عن الزَّمن، العمر، الحياة!