أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سمير عادل - في رحيل جبار مصطفى.. بضعة كلمات للتاريخ















المزيد.....

في رحيل جبار مصطفى.. بضعة كلمات للتاريخ


سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 6101 - 2019 / 1 / 1 - 06:02
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تعجز الكلمات عن وصف مدى الم الفراق الذي تركته عندنا، نحن رفاق دربك واصدقائك ومحبيك. حقا لا ادري كيف توصف المشاعر عندما تفقد انسان عزيز عليك. انها نفس اللحظات، ونفس المشاعر بالنسبة لي على الاقل، عندما غادرت رفيقتك منى علي "ليلى محمد". وما يزيد من الم فراقك هو أنك غادرت الحياة من نفس المدينة التي رحلت هي، واذا قلت عنها انطفأت شمعة لم تكن تريد ان تطفأ ابدا، فأقول عنك ان قلبا مفعما بالحياة والامل وانتصار الشيوعية، شيوعية ماركس الذي قال ان الانسان اثمن راس مال، وشيوعية منصور حكمت الذي قال ان الاشتراكية هي اعادة الخيار للانسانية، اقول عنك ان قلبا توقف اراد ان ينبض ابدا من اجل الانسانية.
ان كل انسان عزيز وله قيمة في هذه الحياة، وفقدان البشر لحياتهم دائما كان مصدر الم بالنسبة لنا جميعا. الا ان اناس مثلك ايها الغالي، اناس قرروا ان يكونوا دائما مصدرا لخلق السعادة واعادة البسمة الى شفاه الاطفال الذين انتزعت منهم طفولتهم، واعادة الضحكة الى وجوه محرومي المجتمع بعدما سلبتها البرجوازية بتياراتها القومية والطائفية منهم، واعطاء امل الى مئات المناضلين من اجل عالم افضل، مثل هؤلاء الناس، عندما تفقدهم البشرية، فاي فراغ يتركونه!.
جبار مصطفى المناضل الشيوعي والقائد الذي تعلمت منه ورفاقي في عصبة تحرير الطبقة العاملة، بأن الشيوعية لا تُقهر، وبأن ما عرفناه من الاتحاد السوفيتي والاحزاب الشيوعية التقليدية التي درات في فلكها لم تكن الا اوهام كنا نسبح في بحارها.
جبار مصطفى الذي حول سجن ابي غريب السيء الصيت في السبعينات، في سنوات الارهاب البعثي، الى مدرسة لتعلم شيوعية ماركس، شيوعية الطبقة العاملة، في الوقت الذي كان يصفق الجميع في تلك المرحلة لشيوعية الاتحاد السوفيتي والصين والبانيا والاورو الشيوعية.
جبار مصطفى الذي عرف بجلال محمد، برهن بأن الشيوعية ممارسة اجتماعية يومية، بدءا من المعاملة اليومية في البيت من تقسيم العمل وممارسة العمل المنزلي وتربية الاطفال ومنع كل اشكال العنف ضدهم، ومرورا بالدعاية والتحريض بين العمال وتنظيمهم وانتهاء بالتحزب الشيوعي وبأعلى درجاته. انه احد معالم الشيوعية في كردستان العراق، ونقل تجربته وخبرته النضالية الى وسط وجنوب العراق. ان عدد من اعضاء قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي بما فيهم كاتب هذه السطور مدين الى تعلم شيوعية ماركس ومنصور حكمت الى عدد من قادة الشيوعية العمالية في العراق وكردستان وكان احدهم جبار مصطفى.
لقد تعرفنا على جبار مصطفى قبل انتفاضة اذار 1991 وتحديدا بعد دخول العراق للكويت، التقيت به في مدينة السليمانية مع فارس محمود، كنا يومها متعطشين لسماع طروحات وموضوعات الشيوعية العمالية. في تلك الفترة كانت الاحزاب الشيوعية البرجوازية تمسك بقبعتها خوفا من ان تطيرها عاصفة دوي انهيار الاتحاد السوفيتي وجدار برلين، وتتسابق فيما بينها لتغيير اسمائها والتخلص من ارث الشيوعية التي كانت تثقل كاهلها بعد ان حولوا ماركس الى كاريكتير اكاديمي ولينين الى مومياء منزوع الافكار الثورية، مثل حليب منزوع الدسم، وكانت تزايد فيما بينها على تبني الديمقراطية، مصطفين وراء جوقة تعزف لنظام العالم الجديد المخضب بالدم كما صوره منصور حكمت، كان جبار مصطفى يتحدث لنا عن افاق الشيوعية، وعن افكار ماركس في نقد النظام الرأسمالي ونقد القومية وترهاتها، وعن الطبقة العاملة ودورها في العراق، وعلى تهيئة الاستعدادات لأسقاط النظام البعثي، وعلى تشكيل المجالس العمالية....
لم يسكن جبار مصطفى يوما طوال التاريخ الذي عرفناه فيه، واينما حط رحاله حول المكان الذي فيه الى منبرا للدعاية الشيوعية، وحتى عندما وجهت اول ضربة امنية الى عصبة تحرير الطبقة العاملة في عام 1992 من قبل النظام البعثي، فتح جبار مصطفى بيته مع رفيقته شيرين وحوله الى مأوى ومقر ومسكن للاعضاء الذين هربوا من بطش النظام واعتقالهم، وهناك ايضا بعث الامل والطمأنينة من جديد في صفوف الرفاق، وبدء في نفس الوقت بنقل تجربته النضاليه اليهم ونقل ما كان بوسعه من افكار وتجارب شيوعية اليهم، ليواصلوا مرحلة جديدة من النضال.
بعد اطلاق سراحي من معتقلات الامن العامة في بغداد في بداية التسعينات، كنت احاول ان انقل تقريرا مفصلا الى رفاقنا في كردستان عن كل ما حدث وما دارحول اعتقالنا واسبابه، واساليب التحقيق، والمسائل التي تريد السلطة البعثية ان تعرفها عن المنظمات الشيوعية العمالية. وقد ارسلت رسلة شفهية الى رفاقنا في كردستان، طلبت لقاء احدهم، وارسلت طلب بالاسم جبار مصطفى، وقد اتى دون تردد او اي خوف من الاعتقال او الوقوع في كمين، وقد التقيته في منطقة الشورجة في مدينة كركوك ولمدة اكثر من 4 ساعات. وكالعادة استطاع جبار مصطفى ان يحتوي كل هواجسي ومخاوفي وشكوكي والمشاعر المختلطة في داخلي التي تنتاب كل شخص يفلت من معتقلات البعث الدموية، لقد قدم لي شخصيا، دعما معنويا عظيما، واضاف لي خبرة نضالية جديدة لمواصلة عملي السياسي.
بعد عام 2003، لم يهدئ البال لجبار مصطفى، اذ ترك مدينة سدني الاسترالية، وشد رحاله من جديد الى العراق، وهذه المرة الى بغداد ومن ثم الى البصرة برفقه ريبوار احمد، ليلتقي صف من رفاقه الذين كانو معه في سجن ابي غريب في السبعينات الذين تحدث معهم عن شيوعية ماركس، وهناك وفي مدينة البصرة تحدث عن مكانة البصرة الحيوية في العراق بسبب صناعيتها وتاريخها العمالي والنضالي، تحدث عن مكانة عمال النفط والموانئ ودورهم في تقرير المصير السياسي للعراق، وعن اليات وسبل التصدي للاحتلال، وعن الامكانيات الكامنه في الطبقة العاملة في البصرة، لتساهم زيارته بعد فترة وجيزة في تأسيس لجنة تنظيم البصرة للحزب الشيوعي العمالي العراق التي بدأت بتوزيع ادبيات الحزب وصحافته وتأسيس المنظمات الجماهيرية للعمال والمشردين والعاطلين عن العمل والشباب وكسب عشرات الاعضاء الى صفوف الحزب.
وبالرغم من مرض جبار مصطفى، الا ان دوره كان فعالا مع قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي بالتشاور وتبادل الخبرات والمناقشات حول تقديم كل اشكال الدعم لاحتجاجات البصرة في تموز المنصرم. لم يفت يوما وخلال كل تلك الايام الا وكان جبار مشاركا نشطا وحيويا مع قيادة حزب العراق.
ارقد بسلام ايها الرفيق العزيز، لقد اعطيت كلما ما لديك لنا، رفاقك، محبيك، اصدقاءك، حزبك، والحركة الشيوعي العمالية. ان سلوانا الوحيد هو مواصلة دربك.

31-12-2018



#سمير_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنودع عام تبدد الاوهام
- اعادة تأهيل داعش في المنطقة، ودور الشيوعيين والقوى التحررية ...
- الكذب السافر لسلطة الاسلام السياسي الفاشلة
- السترات الصفراء وحكومة عبد المهدي
- الاغتيالات في العراق من وجهة نظر غربية
- داعش يعود من الشباك
- الجماهير وازمة السلطة السياسية
- سلطة المليشيات بين الدولة الفاشلة والدولة الفاسدة
- هيئة اعلام واتصالات ام هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
- بمناسبة العام الدراسي الجديد.. تدمير التعليم من اجل خصخصته
- الاصلاحات بين القمع ونشر الاوهام
- اين نقف من الحكومة الجديدة؟
- القتل المنظم وترسيخ دكتاتورية الاسلام السياسي
- الحرية والاصلاح والاحتجاجات
- حكومة الاسلام السياسي الجديدة وافاق الاحتجاجات
- انتفاضة جماهير البصرة والصراع على السلطة
- رسالة مفتوحة الى لجنة منتسبي النفط وعمال الموانئ وربان السفن ...
- نداء الى جماهير العراق
- البصرة والكارثة المحدقة وكيفية مواجهتها
- سلطة الميليشيات وشبح الدولة ودور الشيوعيين


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سمير عادل - في رحيل جبار مصطفى.. بضعة كلمات للتاريخ