أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم عزيزي - (غزو عربي) أم (غزو إسلامي)؟















المزيد.....


(غزو عربي) أم (غزو إسلامي)؟


كريم عزيزي

الحوار المتمدن-العدد: 6099 - 2018 / 12 / 30 - 04:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سؤال تُوضح لنا الإجابات المقدمة عنه "فكر" مثقفينا، ومنه تتجلّى مأساتنا لكل عين فاحصة ولكل عقل خرج من كل سجون الوهم المفروضة على شعوبنا إلى اليوم.

"غزو عربي" يعني ذلك أن العرب هم الذين غزوا، و "غزو إسلامي" يعني أن الإسلام هو الذي غزا، ومحاولة التفريق بين العرب والإسلام بيِّنة من إطلاق التوصيفين، غزو العرب يعني أن الإسلام بريء من فعل الغزو ونستطيع تشبيه ذلك بغزو الفرنسيين لبلداننا مثلا: فرنسا غزت وليست المسيحية من قامت بذلك. أما "غزو إسلامي" فيعني ذلك أن العرب بريئون من الغزو في حقيقتهم، أي طرأ على طبيعتهم فكر جديد هو الإسلام الذي علّمهم الغزو؛ وهذا ما يمكن فهمه من العبارتين -غزو عربي/ غزو إسلامي- وأظنها لغة واضحة لا تتطلب فقيها فيها ليفهم معنى العبارتين.

-1-

لماذا يقولون "غزو عربي"؟ ومَنْ أصحاب هذا القول؟

الجواب أيضا لا يتطلب ذكاء خارقا بل أراه سهلا. لنتذكّر أولا أن الإسلام لا يزال حاكما لبلداننا ولثقافة شعوبنا، وللأسف لم تحدث فيه أي "نهضة" إلى اليوم حتى في تونس التي تظهر وكأنها رائدة في المجال، لأن الثقافة الشعبية الجمعية لا تزال سلفية أصولية بالرغم من كل المكاسب التي حصلت.

مِن أصحاب هذا القول أناس لا يستطيعون نقد الإسلام مباشرة فيختفون وراء العرب ليُمرِّروا رسالتهم، فشعوبنا -وأغلبها أناس طيبون لا يعرفون شيئا عن الإسلام- لن تقبل أن يوصف محمد بالصعلكة واللصوصية والإرهاب أي الغزو، لذلك يفصل بعض أصحاب مقولة "الغزو العربي" بين محمد وخلفائه الأربعة/ وبين الأمويين الذين يُحمِّلونهم كل المسؤولية، بعضهم يتجرّأ أكثر لتشمل المسؤولية "الراشدين" أيضا لكن مع تنزيه كلي لمحمد عن الغزو ويصل بهم الأمر إلى حدّ الطعن في كتب الحديث والسيرة، وحتى القرآن وآياته الصريحة في الغزو يعطونها تفاسير جديدة لم يقل بها أحد طوال التاريخ الإسلامي. أبرز مثال على هؤلاء: "القرآنيون" الذين قاموا بعمل أكثر من رائع، حيث فضحوا الإسلام وتاريخه بطريقة لم يصل إليها حتى الملحدون. ولعل من أهم هؤلاء أحمد صبحي منصور، والذي أنصح القراء بقراءة ما يكتب حتى قبل الملحدين والمسيحيين.

إذا أستطيع القول مما تقدم أن هؤلاء وجودهم مطلوب ومهم جدا، نتيجة فكرهم ستكون إما ملحدين وإما مسلمين متصالحين إلى حد كبير مع قيم العصر -وربما مع هوياتهم الحقيقية!-، ولا أشك أن هيأة الحوار بنشرها لأحمد منصور وفي صفحتها الأولى ذلك هدفها بالرغم من معرفتها بحقيقة الإسلام وغيره من الأديان. والحقيقة التي ربما تخفى عن الكثيرين أن الملحدين ليس هدفهم الأول جعل الناس ملحدين بل أرى أن هدفهم الأول هو تديّن يتصالح مع قيم الحداثة، والإلحاد –للأسف- ليس شأن الغالبية بل هو شأن خاصة!

إذا هذا النوع الأول من القائلين بـ "غزو عربي" يمكن أن أقول عنهم أن هدفهم الإسلام وليس العروبة، لأن أغلبهم إن لم أقل كلهم وبرغم من حملتهم على العرب إلا أنهم يقولون أنهم عرب. ويمكن تشبيههم بـ "إياك أعني واسمعي يا جارة". بعض هؤلاء يقولون أنهم ليسوا عربا لكن ذلك يأتي في خطابهم كـ "كلمة" تُلقى وسط المئات، ويعودون مباشرة بعد ذلك لإعلان انتمائهم للعروبة ولـ "عالمها" ولـ "حضارتها" المزعومة ولا يرون في ذلك أي مشكلة. وكونهم يقولون "حتى وإن لم نكن عربا حقيقة إلا أننا عُرِّبنا وانتهت القضية"، يكون نقدهم الغير مباشر للإسلام وحتى لتيار القومية العربية هو من قبيل نقد أي "شعب" لتاريخه ومحاولة للنهوض والرقي، أي القبول بهوية عربية لشعوبهم الغير عربية، وبالرغم من علمهم بسلبيات تلك الهوية إلا أنهم يرونها قابلة للتحديث ومن ثمّ النهوض والالتحاق بركب الأمم المتقدمة. وهؤلاء لا يختلفون في رأيهم هذا مع المسيحيين والملحدين وبذلك يعودون من حيث يعلمون ولا يعلمون إلى تنظيرات القوميين العرب.

طبعا هم يقولون عن هؤلاء القوميين أنهم متعصبون ودكتاتوريون عكسهم هم؛ حيث ينادون بالعلمانية وباحترام الآخر المختلف دينيا وعرقيا. و "اللطيف!" عند هؤلاء أنهم يرون الأصول الحقيقية لشعوبهم شوية فلكلور وأكلات شعبية ولغات مهددة بالانقراض كما عندنا في تونس، حيث يرون الأمازيغية كسكسي ووشم وحْرَام وبعض الألفاظ الباقية في لغتنا اليومية، ويرون الهوية التونسية عربية بالأساس وتحتها توجد "بعض المساهمات" للأمازيغية! كمساهمة الرومان والأتراك والأوروبيين، وهذا الخطاب الكولونيالي البائس هو نفس خطاب القوميين العرب الذي تربّى عليه (كل) هؤلاء الذين يقولون بـ "الغزو العربي".

النوع الثاني من القائلين بـ "غزو عربي" هم من ينطلقون من هويتنا الحقيقية، وينتقدون الإسلام بطريقة غير مباشرة كالنوع الأول، ويُلصقون كل المخازي بالعرب. فيهم من يُنزِّه الإسلام بطريقة مباشرة، وفيهم من يترك بين السطور للقارئ الحصيف أنه لا يُفرِّق بين العرب والإسلام، لكن مجمل خطابهم الذي سيفهمه أغلب من يسمعون ويقرأون لهم هو أن الإسلام وقع "اختطافه" من الخلفاء وخصوصا الأمويين.

هؤلاء يتكلمون مباشرة مع شعوبنا، السيف الإسلامي العروبي مُسلط على رقابهم والتهم بالكفر وبإثارة "النعرات العرقية" تطاردهم بالرغم من قولهم بهوية "وطنية" تجمع بين العروبة والأمازيغية والإسلام لكن تحت علمانية تساوي بين جميع "المواطنين"، مع تأكيدهم على أن العلمانية ليست منتج غربي "صرف" غريب عنّا بل بذراتها موجودة في ثقافتنا "المغاربية" المنفتحة على كل الثقافات والشعوب التي مرّت بشمالنا الإفريقي.

نتيجة خطاب هؤلاء "هوية وطنية" يتعايش تحت ظلها الجميع "عرب" وأمازيغ دون أي تفرقة وتمييز، وبقولهم بـ "الغزو العربي" يحاولون خلق سد منيع ضد الإسلام التكفيري الإرهابي المشرقي وتيارات القومية العربية المشرقية. بمعنى أن ما يأتينا من المشرق هو الضارب لوحدتنا الوطنية والرافض لعلمنة مجتمعاتنا ودمقرطة دولنا: هو إذا خطاب "واقعي" تمليه المرحلة الحالية التي تعيش فيها شعوبنا، وهذا الخطاب لا يشمل تونس بالطبع فكما قلت الأمازيغية فيها "شوية فولكلور!" لا غير بل يشمل خصوصا المغرب ثم الجزائر وبدرجة أقل ليبيا.

ملاحظة هامة هنا: هل يُعقل أن ننسى في نقدنا لأيٍّ كان الظروفَ التي يعيش تحتها؟ هل كل الملحدين الذين يكتبون هنا في الموقع يستطيعون قول نفس كلامهم لو وقعت دعوتهم على الفضائيات الموجودة في بلدانهم وهم يعيشون داخل تلك البلدان؟ في الغد ستُقطع رؤوسنا لو فعلنا، لذلك لا ولن يستطيع أيٌّ منا قول الحقيقة "مباشرة" ولا أرى ذلك "نفاقا" منا بل هو "مجبرون لا أبطال" وأيضا لن يأت بأي نتيجة؛ فلو قُطع رأسي أو رأسك وحقّق ذلك يقظة شعوبنا فقطعًا لن نرفض، لكننا سنكون أغبياء لو فعلنا ذلك وستخسر مسيرة التنوير الكثير، ثم أظن أن قصة كباش الفداء خرافة دينية وليست موقف ملحدين يدّعون العقل والمنطق.

أعود إلى نشر هيأة الحوار لصبحي منصور وهي العالمة بحقيقة الإسلام، ومنها أعبر إلى أكثر كتاب الحوار قراءة، مالك بارودي، وسأصفه بـ "الملحد العربي التونسي" وسأسأل بعد كل ما تقدّم: من سيتجرأ ويهاجم أحمد عصيد يا ترى؟ والجواب: الإسلاميون والعروبيون بالتأكيد. مالك عنده مقال من ثلاثة أجزاء عَنونَه: ((ردّ على أكاذيب ونفاق أحمد عصيد بخصوص الجذور الحقيقية للإسلاموفوبيا)) ولا أعلم حقيقة هل يظنّ مالك أن عصيد لا يعرف هذه الجذور الحقيقية؟ وهل حقا "ينافق" الإسلام وسدنته أم فقط الرجل "مجبر أخاك لا بطل"؟

ذكّرني مقال مالك بمقال لشاكر النابلسي عن سيد القمني بعنوان: ((سيّد القمني: بئس المفكر الجبان أنت!)) / الحوار المتمدن-العدد: 1258 - 2005 / 7 / 17 - 22:02، بعد التهديدات التي تلقاها من القاعدة وابتعد بسببها عن الكتابة لفترة. وملخص هذا المقال أنه يلوم القمني على جبنه وتوبته عن كتاباته السابقة لإعلان التوبة ذاك، ويذكّره بأنه ليس الوحيد الذي يتعرّض للتهديد بالقتل بل النابلسي نفسه والذي يعيش في أمريكا -وشتان مع من يعيش في مصر!- تعرّض منزله للاعتداء من الإرهابيين، ويدعوه للشهادة مذكِّرا إياه بالكثيرين الذين قضوا من أجل التنوير ومواجهة الظلامية و "اللطيف!" أنه يذكر من بين هؤلاء التنويريين الثائرين أبو ذر الغفاري!! الصعلوك سليل قبيلة غفار الصعلوكية والتي وصفها أبو ذر هذا نفسه بأنها كانت تمتهن قطع الطريق والإغارة على القوافل التجارية والحجيج! يذكّره أيضا بالتضحيات التي قدّمها التنويريون الأوروبيون وأنه لولا تلك التضحيات ما انتصر التنوير الأوروبي سائلا: ((كيف لفجر التنوير العربي أن يبزغ دون دماء المفكرين الليبراليين فداءً له، يا سيّد؟)) ذاكِرا أعلام هذا التنوير (العربي) الذين لم يتراجعوا عن مواقفهم برغم الضغوط والتهديدات ومنهم: ((فرج فودة المفكر المصري/ حسين مروة المفكر اللبناني/ مهدي عامل المفكر اللبناني/ محمود طه المفكر السوداني/ صادق جلال العظم المفكر السوري/ أحمد البغدادي المفكر الليبرالي الكويتي/ نصر حامد أبو زيد المفكر الليبرالي المصري و -وهذا أضعه أنا وحده لأعود إليه بعد قليل- العفيف الأخضر المفكر التونسي الليبرالي)). وقارئ مقال النابلسي يصعب عليه أن يُفلت من الخرافة العروبية التي يَنطلق منها، حيث سيضع -القارئ- الأسماء التي قيلت مع أسماء أوروبية ذَكَرها -النابلسي- في المقال وساهمت في التنوير الأوروبي وبالتالي نهضة أوروبا والأوروبيين.

لست في موضع دفاع عن القمني، بل هدفي الأول هو كشف الوهم الذي يَسبح فيه مثقفونا، وكيف لا يزالون يتبعون تنظيرات المشارقة -والنابلسي أردني- ثم يسقطونها على شمالنا الإفريقي انطلاقا من استلابهم الهوياتي الذي لا يزالون غارقين فيه، مقال النابلسي يقول أن كل الجنسيات التي تستعمل اليوم اللغة العربية (عرب) -وأتذكّر هنا كلاما للقمني يقول عن نفسه أنه ليس عربيا- ومنها أسماء "المفكرين" المذكورين ويُشبِّه حالهم بأوروبا وبمفكريها، أوروبا تعادل "العالم العربي" والفرنسي والإنكليزي والإيطالي و و و يعادلون المصري والأردني والتونسي إلخ، وهي نفس خرافة وأكذوبة القوميين العرب التي يتبناها هؤلاء المشارقة الذين لا يزالون يظهرون لنا أنهم ليبراليون وعلمانيون وتنويريون وللأسف لا يزال مثقفونا يرددون نفس خزعبلاتهم بل ويفتخرون بهم وبأيديولوجيتهم العنصرية، وحقيقتهم أنهم وجه من الوجوه الكثيرة لأكبر أكذوبة مرت في تاريخنا، ولا فرق بين هؤلاء الليبراليين وبين الماركسيين والإسلاميين والعروبيين فكلهم جيوش لنفس الفكر المستعمِر الظالم الغازي سارق أراضينا وشعوبنا، كلهم أصلهم المشروع القرآني في سحقه لهويات الشعوب ليستعبدها إلى الأبد.

أعود إلى العفيف الأخضر، لأقول أنه كان ضحية التعليم الذي تلقاه، ونتيجةَ عملية تعريب الأخضر واليابس حتى اعتقد كغيره أنّ شعبَه عربي ومصيره يستحيل أن يكون إلا في أحضان عالمه العربي الخرافي وبالعمل مع المفكرين التقدميين (العرب) -كما يسمون أنفسهم مهما اختلفت أيديولوجياتهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار-.

وإلى مقال مالك الآن، ولست أيضا في معرض الدفاع عن أحمد عصيد لكن هدفي هو نفسه، أي كشف أوهام مثقفينا والتي يظنّ بعضهم أنهم بإلحادهم "جابولنا الصيد من ذيله"! لا أختلف مع مالك في أقواله عن خرافة الإسلاموفوبيا التي أستطيع أن أقول عنها أنها "حق" بل و "واجب" كل إنسان شريف! وأستطيع الذهاب أبعد من ذلك إلى الدعوة ليس إلى الخوف من الإسلام فحسب بل إلى القضاء عليه وانطلاقا من شريعته الوحشية هو نفسه: "النفس بالنفس"! فجرائم الإسلام التي راح ضحيتها الملايين مع سبق الإضمار والتخطيط لها من الله في قرآنه ومن رسوله في أحاديثه تدعو كل إنسان عاقل عادل إلى الدعوة إلى إعدام الله وقرآنه ورسوله وأحاديثه وسيرته والفقه الذي نشأ من كل ذلك الإجرام: كلامي هذا ليس "ادعاءات" بل أستطيع دعمه بمجلدات من كتب الإسلام، لكني أقوله "هنا" وقطعا لن أستطيع قوله في جريدة الصريح التونسية التي تكلم فيها عصيد ولا في غيرها.

يصعب حقيقة الحكم على كل الذين يتكلمون مباشرة مع شعوبنا، لكنْ أرى أنه على الأقل يجب الاطلاع على مشوارهم قبل الحكم، عصيد قال أقوالا وصفها مالك بالتناقض وخلص في الجزء الثاني من مقاله: ((أم أنّك لا تحاول من خلال كلّ هذا الدّوران إلاّ تنزيه الإسلام، خاصّة بداياته، ممّا علق به من دماء وقتل وتمييز، تمهيدا لإلصاق كلّ التّهم بالغرب...؟))، فهل عصيد ينزه الإسلام أم أنه يتعامل مع الواقع المزري الذي يخاطبه؟ لنرى مثلا هذا المقطع بتاريخ 2013 ومقال مالك في 2014 https://www.youtube.com/watch?v=N3rxDmHfz34 ((رسالة أسلم تسلم رسالة إرهابية))، تستطيع الحكم بأنه "منافق" لكني لا أرى ذلك كما أسلفتُ، وأعيد مرة أخرى أن لا أحد منا سيقول ما نكتب هنا، وشخصيا لن أفعل ذلك لأكون كبش فداء لأكذوبة "التنوير العربي" على رأي النابلسي!

وأظن أن الفيديو يرد على كل أقوال مالك عن الإسلام مصورا عصيد وكأنه يدافع عنه، مثل قوله: ((الوهابيّة المتشدّدة التي تحاول أن تُظهرها هنا على أنّها دخيلة على الإسلام هي في الحقيقة تطبيق أمين للإسلام وإقتداء بما كان يفعله محمّد بن آمنة وصحابته وإلتزام بما جاء في القرآن والأحاديث.)) وذكره لشواهد من القرآن والأحاديث. الفيديو -البسيط والقصير، وهو نقطة من بحر بالمناسبة- يتكلم عن صاحب الرسالة! أي قبل قرون من ظهور ابن تيمية ومن بعده ابن عبد الوهاب.

هدفي من كلامي عن مقال مالك القول أن مالك لا يختلف عن خط العفيف الأخضر وشاكر النابلسي وكامل النجار وغيرهم من أصحاب "التنوير العربي"، وقد كانت خلاصة المقال بأجزائه الثلاثة: ((خلاصة القول هي أنّ الإسلام في حقيقته مثل حاوية الفضلات النّتنة المتعفّنة، وهو الوحيد المسؤول عن مشاعر النّفور والخوف والكراهية التي يرسّخها عند المتلقّي.)) والتي لا أختلف معها وأيضا عصيد معنا، لكني أنا وعصيد سنقول لمالك أنك للأسف وعيت نصف الحقيقة، أنا أقولها هنا مباشرة وأقصد الشق العربي من الخرافة، وأما عصيد فعليك البحث في أقواله وبين السطور لأنك لن تجد قولا مباشرا، فالرجل رأسه تحت السيف الإسلامي وأيضا وهذا ما يتجاهله ويجهله الجميع "السيف العروبي"! والرجل يعيش في بلد "يملكه" دكتاتور سفاح تحت زعم أنه عربي قح من سلالة محمد "الشريفة"! أي شخص يملك شعبا ويستعبده باسم العروبة والإسلام.

مثال بسيط أعين به "ثقيلي الفهم": أنا أقول أن هوية شمال إفريقيا أمازيغية ويستحيل أن تتقدم ما بقت عربية، لنسمع ماذا يقول "عني" أحمد عصيد https://www.youtube.com/watch?v=MM9mKWiDIbk ((كلام مقاهي... فيسبوك... غير مسؤول...))، طبعا لا أقول أن هناك "استعمارا عربيا" مثلما سأل المضيف، لكني أقول أن الهوية أمازيغية. عصيد قال أنها "مغربية" وأن العرب الذين قدموا للمغرب أصبحوا "مغاربة"، إذا لم تفهم أصول القضية سترى عصيد يهاجم قولي لكنه قرره وبالحرف. خطأ قد يقع فيه مُعرَّب لا يزال مصدقا لخرافة أننا عرب بالعرق، وقد يقع فيه أيضا من بدأ اكتشاف حقيقة أمازيغيتنا فيظن أن من تكلم العربية وقال أنه "عربي" عربي مستعمِر يجب إعادته إلى جزيرة العرب وهي أقوال لا يقولها إلا السذج المغيبون من الجانبين كما قلت.

أردت أن أضيف بخصوص مقال مالك أن من عرف الحقيقة "كاملة" يستحيل أن يقترب من كل يرفع راية الأمازيغية حتى وإن ذكرها كجزء من هوية وطنية تشمل العروبة أيضا، الحقيقة شيء والواقع للأسف شيء آخر وعلى من يدّعي التنوير ويظنّ أن بيده الحلول للنهوض بشعبه أن يراجع قبل كل شيء قناعاته حتى لا يبقى سابحا في نفس أوهام أغلب من يتكلمون -إما بحرية وإما والسيف العروبي الإسلامي على رقابهم-.

ولعل ما قيل يجيب على أحد المعلقين على مقال مالك حيث قال: ((من عنوانك فجعتني يا مالك يا بارودي لماذا كل هاده القسوة على المفكر والكاتب والناشط الامازيغي الاستاد أحمد عصيد ليس لنا سواه من يستطيع الرد بالمنطق البسيط والمعقد على العربان ودين العربان لماذا هاد التهجم وانت تعرف موقف الرجل من الدين واتباعه ام انك تجاهلته لشئ في نفس يعقوب على لسان العروبية ؟ / Jugurtha bedjaoui)) لأقول للأخ الذي علّق: "عروبة وليس إلحادا يا عزيزي، وبئس إلحاد يرضى لأمة أصولها ضاربة منذ آلاف السنين في هذه الأرض أن تُنسب لبدو نجد!".

طرح مالك وغيره الكثيرون لا يختلف في شيء عن طرح المسيحيين: محمد زعيم عصابة والإسلام خرافة... ثم وبعد ذلك؟ بعد ذلك نحن "عرب" وانتهت القصة! وهو طرح كما قلت يقتصر على نصف الحقيقة بل يُجافي أغلبها، فهذا الإسلام الخرافة هو الذي حمل إلينا اللغة العربية والعروبة وهو الذي قام بأكبر جريمة إبادة عرقية لا تزال متواصلة إلى اليوم؛ أمم بأسرها تُسحق وتُنسب للعرب! إذا كان المسيحي لا تعنيه الأرض أصلا وهمّه الوحيد مملكة ربه السماوية ويكفيه أن محمدا رسول إبليس، فكيف يقبل ذلك اللادينيون والملحدون؟ والجواب سهل بالتأكيد، فهؤلاء ضحايا تعليم كاذب عنصري ومتخلف جعل حتى المختصين يرددون أكاذيب القوميين العرب المشارقة، تعليم بورقيبة الذي جعل أستاذا محاضرا في التاريخ يقول أن أصلنا قبائل بنو هلال وبنو سليم البدوية المتوحشة! فإذا كان هذا حال الجامعي المحاضر في التاريخ والذي تعلّم "السحر" من تخاريف أساتذته محمد الطالبي ومحمد حسين فنطر لكم أن تتخيلوا حال غيره من غير المتخصصين. أيضا وإضافة إلى نشأتهم العروبية وتعليمهم العروبي، هؤلاء الملحدون لا يزالون ينهمون من أقاويل المشارقة التي وكما قلت (كلها) تصب في نفس المشروع العروبي التعريبي الذي يريدنا أن نبقى عربا إلى الأبد، وأقول أننا لا حاجة لنا بأقاويل هؤلاء ولا بتنويرهم المشبوه الذي علينا أن ننسحب منه، وعندنا ما يكفي للنهوض بأمتنا في أقوال وكتابات مثقفينا وكتابنا بعد غربلتها من كل ما علق فيها من أفكار المشارقة العروبية، والغريب أنه حتى من دعا بصراحة إلى القومية العربية من الشمال أفارقة كالجابري نجد أن مشروع نهضته يقوم (حصرا) على مفكري شمال افريقيا والأندلس مع ضرورة القطع مع المشرق: غصبا عنهم ومن دون أن يشعروا قالوا الحقيقة واعترفوا بالحق المسروق وإن كان ذلك في إطار النهوض بعالمهم العربي المزعوم!

ملاحظة: بالطبع (كل) أقوالي بخصوص أستاذنا أحمد عصيد هي "أقوالي" وليس مسؤولا عنها ولا تلزمه في شيء.



#كريم_عزيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال لا أجد له جوابا: (اذكر قضية عربية واحدة عادت على شعبك ب ...
- لماذا (كل) حكامنا ليسوا وطنيين؟
- عن العروبة والإسلام ومثقفي (قل أوحي إليّ) و (أنا ابن فلان ول ...
- الماركسيون والعروبة
- بعض تساؤلات عفوية بخصوص أكذوبة الهوية العربية
- رأسان جديدان يُقطعان في المروك: ما علاقة ذلك بعروبة المغرب؟
- إلى مليكة مزان: ((أمازيغيتي لا أساوم عليها!))
- القول بأمازيغية شمال افريقيا -قول عنصري- عند سدنة هياكل الوه ...
- ماذا لو بقي الأمازيغ مسيحيين؟
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (10)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (9)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (8)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (7)
- رسالة إلى أساتذة التاريخ (الشرفاء)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (6)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (5)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (4)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (3)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا (2)
- بين البدوية والرأسمالية والشيوعية ضاعت شعوبنا


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كريم عزيزي - (غزو عربي) أم (غزو إسلامي)؟