أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - شيوعيون في المساجد















المزيد.....

شيوعيون في المساجد


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 15:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


غرابة العنوان تعود لغرابة الموقف, فقد لمحته مصادفة, كان خارجاً من صلاة العصر في مسجد عمر بن عبدالعزيز المتقشف في بناءه مثل صاحبه, والواقع في حي "الكسيح" في مدينة إدلب في الشمال السوري. أراد أن يختفى في زقاق مقابل باب المسجد. ناديته: رفيق. التفت مذعوراً و الفزع في قسمات وجهه, وأنا فزعتُ لفزعه, ما كنتُ أقصد ترويعه, ولكن حصل.
المهم, الرفيق من مواليد عام 1930 انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري في أوائل خمسينيات القرن العشرين و ما زال إلى اليوم أميناً مُخلصاً لحزبه ولقائده التاريخي خالد بكداش. وكان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فترة لا بأس بها. ما الذي أفزعه وتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه قبل أن يراني؟ هل لأنني ضبطه بالجرم المشهود يُصلي في المسجد, و قد كان مُلحداً؟ ما الذي غيَّر فكره؟ وهل الصلاة جريمة في عرف من يعتنق الشيوعيَّة؟ وبتعبير آخر هل من اللازم لتمسي شيوعياً أن تُصبح ملحداً؟
يُجادل الخلق في شأن ديننا منذ أن وجدت الأحزاب الشيوعيَّة. هل من الممكن أن تكون مسلماً تؤدي الفرائض, حاجَّاً-مثلاً- وشيوعيَّاً في آن معاً. أو مسيحيَّاً تذهب إلى الصلاة في الكنيسة و تنشطُ في حزب شيوعي؟ وقد رأيتُ رفاقي في الحزب الشيوعي يعودون إلى أحضان الكنيسة مع التزامهم بالفكر الشيوعي, أو هذا ما يقولونه, وأنا أُصدقهم, لأن عبارة: أنت مُلحد. ثقيلة على النفس في مجتمعاتنا. أقرينا بذلك أو نفيناه.
ولعلها نادرة تستحق الذكر أن "مصطفى جقمور" من أهل مدينة إدلب وأحد رفاقنا في الحزب الشيوعي السوري ظلَّ لأكثر من ستين عاماً شيوعياً مؤذّناً، يؤذّن في الناس، ويُصلّي في المسجد. والشيوعية كما فهمها رفيقنا-رحمه الله- موقف وجداني مؤنسن بحب الناس وكره الدولة والأغنياء و رجال الدين.
هل عليكَ أن تهجر الشيوعية وأهلها إن كنت ترغب في فرائض دينك؟ أو هل عليك أن تترك دينك لأنك شيوعي؟ وما نقول في "الشيوعي المزمن" الأديب السوري الكبير عبدالمعين الملوحي صاحب أكثر من مئة كتاب وقد عاش أزيد من تسعين عاماً, ومات شيوعياً مؤمناً؟ ما تفسير هذه الحالة؟ وهل يمكننا القول بأن خسارتنا الكثير من مواقعنا-ناهيك عن تشرذم أحزابنا الشيوعية وانقسامها إلى مزقٍ في مختلف دول العالم- ونقص متزايد في عدد من يقبل فكرنا الشيوعي من الأجيال الجديدة يعود في أحد أسبابه لموقف الشيوعية من الدين؟ و هل الدين أفيون الشعوب؟ وهل فكرة الشيوعية عن الدين غامضة وخطرة حتى ينفضّ الجمهور من حولها؟
يقول ماركس:
"الدين زفرة الكائن المثقل بالألم , روح عالم لم تبق فيه روح, وفكر عالم لم يبق فيه فكر, إنه أفيون الشعوب. إذن فنقد الدين هو الخطوة الأولى لنقد هذا الوادي الغارق في الدموع"
وفي ترجمة أخرى:
"التشوه الديني تعبيرٌ عن التشوه الواقعي واحتجاجٌُ ضد هذا التشوه. الدين, آهة المخلوق المضطهد, قلب العالم عديم القلب, كما هو روح فكر عديم الروح. الدين أفيون الشعوب" وفي ترجمة أيسر:
"إن التعاسة الدينية هي, في شطر منها, تعبير عن التعاسة الواقعية, وهي من جهة أخرى احتجاج على التعاسة الواقعية. الدين زفرة الإنسان المسحوق, روح عالم لا قلب له, كما أنه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح. إنه أفيون الشعوب. إن إلغاء الدين, من حيث هو سعادة وهمية للشعب, هو ما يصنع سعادته الحقيقية"
تعددتْ ترجمات العبارة الملتبسة في دلالاتها و الفجَّة في عباراتها, والتي حاول فيها ماركس الشاب -كان في الخامسة والعشرين من عمره- تقليد النمط الفكري الفلسفي السائدة في عصره, و هي أشهر ما ورد عنه بشأن الدين, تجدها في مقدمة كتابه (مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل) مكتوبة عام 1844.
يُلاحظ القارئ الجيد لمؤلفات ماركس أن عباراته عن الدين يرجع معظمها إلى عهد الشباب. وهي تُعبِّر عن فكر شاب لا فكر فيلسوف, وينبغي عند الاقتباس من ماركس الانتباه إلى المفاصل الزمنية المختلفة لتطور منهجه. فما يقوله ابن الخامسة والعشرين هو غير ما يقوله ابن الخمسين.
لو أمعنَّا الفكر في هذه المقولة عن الدين لوجدنا بأن الحماس الثوري لهذا المفكر الشاب طغى في كلماته. ما معنى العبارة وماذا كان يدور في رأس ماركس؟ هل لخص فيها رؤيته تجاه الأديان؟ وهل هذه المفهومات الدينية عن العالم تُخدِّر الناس وتُلهيهم عن شقاء الحياة واستغلال أصحاب رأس المال، فتنسيهم المطالبة بحقوقهم، والتفكير فيما يحيط بهم, وذلك طمعًا في حياة أفضل في ملكوت السماء أو في جنَّة الله؟
من تجربتي الشخصيّة أعرف تماماً قوة الضغط من المحيط الأُسري و الاجتماعي الذي يقع على المناضل الشيوعي. وحقيقة الأمر يزيد هذا الضغط كلما تقدَّم المرء في السنِّ. وبما أن المُناضل الشيوعي كرَّس مشروعه في مجمله لنصرة الخلق المتعبين, رفاق دربه من عمال وفلاحين وصغار كسبة وربات بيوت و فقراء مساكين وأهل سبيل, وقد امتلك وجداناً شيوعياً يدفعه لأن يكون مناضلاً اجتماعياً وهذا –في رأي- لا يلزم أن يكون مُلحداً في مجتمع يشكل الدين أحد أهم معتقدات الناس, ويحظى بتأثير كبير في سلوكهم وحياتهم وعاداتهم وتقاليدهم. ولا يمكن غض الطرف عن متعلقات الدين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فتاريخ الشرق هو تاريخ الأديان على حد تعبير ماركس.
و هُنا أعود إلى مقدمة كتاب "مدارات صوفية" لصديقي البغدادي هادي العلوي وأُنهي حديثي بما قاله عن الشيوعية-قبل أن أدخل في عواقب ومحظورات أنا في غنى عنها الآن- و تراني أميل لرأيه رحم الله:
"جاء كتاب مدارات صوفية-تراث الثورة المشاعية في الشرق- في مجمله لتعزيز الوجدان الشيوعي عند أجيالنا الجديدة لمساعدتهم في الخروج من حجاب العقيدة إلى فضاء الوجدان ولزعزعة المألوفات التي تعلموها من الثقافة المترجمة. فلكي يكون الإنسان شيوعياً جيداً يجب أن يكون له قلب شيوعي لا مجرد فكر شيوعي. بل إن الشيوعية لا صلة لها بالفكر بل هي ليست من الثقافة في شيء بل إن أسوأ غرارات الشيوعيين هم المثقفون"



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أحبُّ سقراط
- حاشية من تاريخ مصر الحديث
- أفسحوا الطريق
- إذا قطعتم أصابع كفي سأرسم بأصابع قدمي
- سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين
- عن ذلك الحصير في القصر الجمهوري


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - شيوعيون في المساجد