أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 1















المزيد.....

كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 1


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 6098 - 2018 / 12 / 29 - 00:38
المحور: الادب والفن
    


كيف أحببتُ اللغة العربية

1

*** التلفزيون ***

يقولون إن الحبّ سرٌّ من أسرار الكون، شعور لا يُفسّر، ولا نعرف بالضبط كيف ومتى ولماذا نحبّ شخصًا أو شيئًا ما. هكذا كان حبّي للغة العربية.
كنتُ طفلة مثلي ومثل غيري من بنات وأبناء عائلتي، حارتي، صفّي، مدرستي وقريتي. بدأتُ بتعلّم الأحرف العربية مع بداية الصّف الأوّل في المدرسة الابتدائية في قريتي كفر كما، التي تأتي فيها اللغة العربية بالدرجة الرابعة، بعد اللغة الشركسية (لغة الأم)، اللغة العبرية (لغة التدريس)، واللغة الإنكليزية (اللغة العالمية). ولا أدري لماذا أذكر جيّدا حتى الآن ذلك اليوم الأوّل من الصّف الأوّل، حين عدتُ إلى البيت وجلستُ أراجع درسنا الأول في اللغة العربية: دار، دور...
صحيحٌ أن العديد من الكلمات العربية دخلت إلى لغتنا الشركسية التي نتحدث بها بين بعضنا البعض، ولكن لا أحد من حولي كان يتحدث بالعربية، عدا عن معلمة اللغة العربية (في معظم الأوقات) ومعلمة الأشغال، معلمة مخضرمة من مدينة الناصرة تعلّمت على يدها حتى والدتي، ولم أكن أفهم عليها شيئًا حقا، ولم أكن من الطالبات اللاتي يجلسن بقربها ويشاركنها الحديث بطريقة أو بأخرى، بلغة تختلط فيها العربية الفصحى والعامية والعبرية.
انكشفتُ للغة العربية من خلال التلفزيون، الذي دخل إلى قريتنا الصغيرة وإلى بيتنا قبل ذلك بفترة وجيزة، كما أذكر، حيث كنت أشاهد برامج ومسلسلات الأطفال، ولاحقا، الأفلام والمسلسلات والأغاني العربية ومختلف البرامج التي كانت تُقدّم على شاشة التلفزيون الأردني. كلّنا كنا نشاهدها ونتحدث عنها في الصف والمدرسة والحارة.
بعد بضع سنوات، حين كنتُ في الصف الخامس أو السادس، افتُتحت القناة الثانية الأجنبية من التلفزيون الأردني، وقناة "ساعد حداد" من قبرص، وبدأت صديقاتي وبنات جيلي يشاهدن هذه القنوات ببرامجها الأجنبية، إلى جانب القناة الأولى من التلفزيون الإسرائيلي، وابتعدن شيئًا فشيئًا عن مشاهدة البرامج العربية، فلم تعُد أحاديثهن في تلك الفترة تدور حول مسلسلات الكرتون مثل ساندي بيل وتوم سوير وسنان وحنان... بل تحوّلت أحاديثهن حول مسلسلات الكبار الأجنبية، كما راجت في تلك الفترة الأغاني الأجنبية لمطربين مشهورين في الغرب مثل موديرن توكينغ وساندرا ولا أذكر باقي الأسامي، وبدأت صديقاتي يسمعنها ويتداولن صورهم.
ولكنّ ذلك كله لم يكن حقا يثير اهتمامي. صحيحٌ أنّني كنت أشاهد بعض المسلسلات الأجنبية (مثلا: "السيارة العجيبة") وأسمع من خلال ابنة خالتي بعض الأغاني الأجنبية والعبرية، ولكنني
تابعتُ مشاهدة البرامج ومسلسلات الأطفال في التلفزيون الأردني، وأضفتُ إليها أيضا التلفزيون السوري الذي بدأ التقاطه في بيتنا الجديد أفضل من بيتنا القديم، كما أضفتُ إليها أيضا الاستماع إلى إذاعة دمشق، ولاحقا راديو مونتي كارلو، وفي الحقيقة، هذا الأمر أدّى شيئا فشيئا إلى مسافة كبيرة بيني وبين بنات جيلي الأخريات اللاتي لم تعُد تجمعني بهن اهتمامات مشتركة كثيرة.
*** بداية القراءة والكتابة ***
في طفولتي المبكرة، كنتُ أسكن مع عائلتي في بيت جدّي وجدّتي، إلى أن بنَينا بيتنا الخاص وانتقلنا للعيش فيه، حين كنتُ في الصف الثالث تقريبا. والحقيقة أن تلك السنوات كان لها الأثر الكبير في حياتي وفيها عشت أجمل الأيام.
كان جدّي يعشق القراءة، وكانت لديه كتبٌ كثيرة في البيت، يقرأها صباحًا ومساءً، قبل النوم وبعد النوم... وكان لديه جهاز راديو بالقرب من سريره، يسمع من خلاله الأخبار كل ساعة، وفي الصباح كنتُ أستيقظ على أغاني فيروز، سلّم لي عليه، ويا طيرة طيري يا حمامة، ثم ... دقات الساعة التي تعلن عن موعد نشرة الأخبار و "هنا لندن".
لم يكمل جدّي أكثر من الصّف الرّابع في المدرسة. لم يجد الإمكانيات ليكمل أكثر، ولكنه كان يعشق القراءة منذ الصّغر. يقولون إن والده أيضا كان كذلك. كتبه الكثيرة في البيت كانت هناك طوال الوقت، على الرّفوف، على الكرسيّ الذي يقف عليه الراديو، على الطاولة التي كان يجلس إليها للكتابة، كان جدّي إنسانًا مثقّفًا وإمام القرية في سنوات طفولتي.
وفي أحد الأيام، حين كنتُ في الصّف السّادس تقريبًا، لمحتُ على طاولته كتابًا على غلافه قرأتُ اسمًا عرفته.
في تلك الأيام كنا نتعلّم في المدرسة، في درس العربية، قصة لمحمود تيمور. وكانت المعلمة قبل البدء بقراءة القصة قد أخبرتنا قليلا عن كاتب القصة، بأنه كاتبٌ مصريٌ معاصر (وشرحت لنا ماذا تعني كلمة معاصر) وقرأنا في كتابنا بعض المعلومات عنه.
حين رأيت اسم محمود تيمور على غلاف كتاب جدّي، وقفتُ عنده أتأمّله طويلا. وحين رآني جدي قال لي إنّ هذا الكتاب هو للكبار وأن بإمكانه، إن كانت لديّ الرّغبة، أن يعطيني كتابًا يناسب سنّي كي أقرأه.
لم أكن أقرأ الكتب في ذلك الحين، عدا عن بعض الكتب التي كنتُ قد قرأتها في مكتبة القرية باللغة العبرية. لم أعرف إن كانت لديّ رغبة حقا، ولكنّ جدي أعطاني كتابًا على كل حال. كان ذلك الكتاب هو رواية "الملك لير" وبقيت معي فترة طويلة وأنا أحاول قراءتها وفهمها، ولكن الأمر كان شاقّا جدا.
م اشترى لي جدي قاموسا (عربي-عبري) حتى يسهّل عليّ الأمر أكثر، فكنتُ أبحث عن ترجمة الكلمات التي لا أفهمها إلى العبرية، وكانت كثيرة جدا، واستغرقت قراءتي وقتا طويلا. بعد أن أتممت قراءة الكتاب أعدته إلى جدّي، فاختار لي من بين كتبه كتابًا آخر وأعطاني إياه.
وهكذا، بدأتُ أقرأ كتب جدي، والحقيقة، لم تكن لديه الكثير من الكتب للصغار، ولكن أذكر مثلا أنني قرأتُ كتبًا مثل: نوادر جحا، سلسلة طرزان، ألف ليلة وليلة، بعض الروايات للصغار والشبيبة وغيرها...
كان جدي سعيدًا جدّا باهتمامي بكتبه، وكان يسمح لي بأخذ ما أشاء منها لقراءتها، ولكنه كان في كل مرة يوصيني أن أحافظ عليها وأعيدها إليه. كم كان يعشق تلك الكتب! ورغم أن لجدي أربعة أولاد وأربع بنات، لم أكن أرى أحدًا منهم يهتمّ بكتبه. تقول عماتي إنهنّ كن يقرأن في شبابهن كتب "ألف ليلة وليلة" والمجلات الفنية ("الموعد" و"الكواكب") والتي كنتُ أراها بأعداد غير معقولة في المخزن، وكنت أقرأها. لم يكن جدي يرمي شيئا منها حتى لو مرّت عليها سنوات طويلة.
يتبع...
(كفر كما- الجليل الأسفل)






#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصّراحة جارحة
- ليلة الرّحيل الأخير
- فن الإغراء الفاشي
- إمرأة تحب نفسها
- الهاربة 2
- الهاربة 1
- انتظار
- فيسبوك، خواطر وتأخير
- ابتسامة جدي
- الدفتر
- قلب في مهب العاصفة
- عازفة البيانو
- نظرة إلى الوراء
- أشواق (قصة مترجمة)
- صمت
- جدي، التستر والثقة بالآخرين
- مزاج، رجال وفشة خلق
- الزوج المثالي
- خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني
- أنا شركسي... أنا شركسية


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 1