أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - منير المجيد - بعوض وحشرات اخرى















المزيد.....

بعوض وحشرات اخرى


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6097 - 2018 / 12 / 28 - 21:39
المحور: كتابات ساخرة
    


في الجانب الجنوبي الشرقي من حديقتي، لاحظت طنيناً بصوت وتر آلة الكمان.
أعرف هذا الصوت من السينما: الممثل المتعرق السائر في غابة ما، يصفع رقبته ليبعد عنه الصوت. هذه هي الصورة النمطية للبعوض (Mosquitoes).

عندي بعوض، فقط، في هذا الجانب من الحديقة. تفسير الحالة يحتاج إلى خبراء، وأنا مجرّد هاوٍ في عالم الحدائق وعلم الحشرات.
أضطرّ أحياناً إلى الذهاب إلى تلك البقعة رغم أني أعرف أن آنسات وسيدات البعوض ينتظرنني. لا أستطيع التحايل عليهن برش مواد مُضللّة على جسمي لا أعرف شيئاً عن تركيبها. هؤلاء لا يكترثن كثيراً، ففصيلة دمي وإفرازاتي الجلدية تُثيرهنّ.
قبل بضع سنوات كنت في زيارة صديقة سويدية في دارتها الصيفية، وأرادت أن نذهب إلى الغابة المجاورة بحثاً عن الفطر. ارتديت سروالاً إضافياً ووضعت قبّعة على رأسي، ورفعت ياقة سترتي علّني أخدع البعوضات. صديقتي سخرت مني وكانت ترتدي شورتاً قصيراً.
استغرق الأمر مائة خطوة على الأكثر، حينما شعرت بأسراب من البعوض تتنافس وتتدافع لتنال منّي. لم تقم الثياب التي ارتديتها بأي مفعول، فذاك النوع الشيطاني كان له خراطيم طويلة تثقب الأشياء لتصل إلى جلدي.
عدت بسرعة واستطعت إحصاء سبعة عشر موقعاً مُحمرّاً منتفخاً يحثنّي على الحك والهرش، بينما تُركت الصديقة دون إزعاج.

هذه الحشرة العجيبة الكريهة المُرعبة التي تمصّ الدماء مثل دراكيولا لها شأن خاص.
الأنثى هي التي تلسعنا وتمصّ دماءنا (هذا يُذكّر ببعض الأمثلة التي سوف أتجنّبها خشية أن أُتّهم).
في الواقع هي لا تتغذّى بها، بل تستعمل الدم كعامل مُخصّب لتنشيط جهازها التناسلي كي تضع بيوضها. يعني فياغرا أنثوية بمعنى آخر.
لسعة الأنثى قد تسبب أمراضاً فظيعة مثل الملاريا، حُمّى غرب النيل، فيروس زيكا وغيرها. إنها تقتل وتُشوّه ملايين الناس كل سنة.
والسبب أنها الناقل لمختلف أنواع البكتيريا والفيروسات، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى شراهتها.
لا تكتفي بامتصاص دم مخلوق ما لمرّة واحدة، بل تتقيأ ما تحمله في جوفها في بقعة من الجلد لتمتص كميّة جديدة من بقعة اخرى، وبالإنتقال من حيوان لآخر، وإنسان لآخر تُخلط الدماء وتنقل الأوبئة.

حينما التحقت بمدرسة المُشاة شمال حلب كغرّ، وضعت ناموسيّة كبيرة في حقيبة حاجياتي. زملائي الأغرار رمقوني بنظرات السخرية في البداية، لكن سرعان ما اكتشفت، وهم كذلك، أنها كانت لفتة عبقرية، لأنني كنت الوحيد الذي أبعدَ عنه لسعات البعوض وبقية الحشرات، طيلة ذاك الصيف الحار المُغبرّ المُؤلم.
هكذا أنا، لأن السيدات البعوضات تستلطف دمي على نحو يُشعرني بالخجل.
ولهذا الأمر أسباب فسّرها العلم والعلماء: البعوضة تعشق، كما يبدو، إرتفاع نسبة الكولسترول والمُركّبات السترويدية على الجلد. ليست نسبة إرتفاع الكولسترول في الدم، كي لا أُفهم بالخطأ، بل على الجلد. ثمّ إرتفاع غاز ثاني أوكسيد الكربون، على الجلد أيضاً. وهذه خاصيّة لا تشمل الأطفال (دون أن يشغل الأمر إبتعاد البعوضات عن الأطفال بطبيعة الحال، ولأسباب «رائحية» اخرى)، بل البالغين وكبار السنّ والنساء الحوامل اللواتي تُرسل أجسامهن كميّات زائدة من هذا الغاز.
وهناك أيضاً فرط إنتاج حامض اليوريك بسب إنتاج المُركّبات الحمضية على الجلد. هذه الرائحة تودي بعقل البعوضة وتدفعها لشنّ غاراتها علينا.
يشمل، أيضاً، المُدمنين (الكحوليين)، وأيضاً الذين يُمارسون الرياضة. فحركة الجسم تُزيد من إنتاج حامض اليوريك من الغدّة الدرقية.
إذاً، وحسب العلماء، فإن جلودنا، بما تنتجه، هي التي تجذب إناث البعوض إليها، بفضل إفرازات المركّبات الحمضية مع التعرّق. وهذه الإناث، بشكل عام، تُفضّل الرجال (لأننا نتعرّق أكثر من النساء)، وخاصة البدناء منّا، وعلى نحو خاصّ أكثر إن كنّا من ذوي فئة الدم صفر. اللعنة.

أقتبس من غوغل معلومات إضافية، بعد القليل من التعديلات اللغوية:
«رصد الباحثون اختلافات عديدة لدى البعوض نفسه في اختيار أماكن اللدغ في جسد الإنسان، فبعض الحشرات تنجذب إلى اليدين والقدمين، أما البعض الآخر فيفضّل رائحة الخاصرتين والإبطين. لذلك نجد أيضا أن العوامل الجينية والكيميائية والتي تلعب دورا مهما في تحديد رائحة الجسم هي من تجذب أو تنفّر الحشرة عن اللّسع.
خلال دراسة تم إجراؤها في المملكة المتحدة على متطوعين من التوائم، تبين أيضا أن الجينات تلعب دورا مهما في تحديد نوع البكتيريا التي يُمكن أن تعيش وتزدهر داخل الأمعاء. ففي جسد الإنسان الطبيعي، يتواجد حوالي ١٠٠ ترليون ميكروب، ما يعني أن الميكروبات في أجسامنا تفوق عدد خلايانا الحية! واتضح أن جسم الإنسان لا يختار هذه الميكروبات، بل هي من تختاره وفق عوامل كيميائية معينة، تماماً كالبعوض الذي يختار ضحيته وفق الرائحة التي يجدها كريهة أو جذابة وجميلة.
في النهاية، يبدو أن العلماء ربطوا إنجذاب البعوض إلى أشخاص دون آخرين لعوامل كيميائية وجينية مسؤولة عن تكوين الرائحة، التي قد تجذب أو تنفر الحشرات منها. وكما ذكرنا سابقاً، فالعديد من العوامل تجعل منك إما ضحية سهلة ولذيذة للحشرة الأنثى أو تجعل الحشرات تبتعد عنك بمجرد أن تشتم رائحتك!».

ارتكب «نوح» خطأً فادحاً، من ضمن العديد الآخر من الأخطاء الكارثية، حينما أخذ منها زوجين في سفينته العتيدة. هذا في الأساطير، أما في العصور الحالية فقد أُستخدم الدي دي تي للقضاء عليها، أو لنقل للإقلال من أعدادها.
أتذكّر على نحو واضح عمّال بلدية القامشلي يأتون حاملين على ظهورهم مضخّات تنتهي بخراطيم وقطعة معدنية مستدّقة تبخّ وترشّ المادة المائعة، التي لها رائحة الديزل ومركبات اخرى جديدة عليّ، في فناءات بيوتنا، على الأشجار والنباتات، الأرصفة وغرف بيوتنا، علينا أيضاً إن لم نبتعد متجّنبين الدوش الكيميائي. كان ذلك في الستينات ومطلع السبعينات، وقبل أن يُمنع عالمياً، لأنه ترك آثاراً هائلة، ليس على البعوض فحسب، بل على كل الكائنات الحيّة والمزروعات والبيئة، مُسببّاً أمراض السرطان والفشل الكلوي وغيرها. علاوة على أن المادة، شديدة السميّة، لا تحلّ بسهولة وتبقى عالقة بالأماكن المُحيطة لمدة لا تقلّ عن ثلاثين سنة.
هناك تقارير بيئية تتحدّث عن إستعمالها خفية، حتى الآن، في معظم دول العالم الفقيرة.
يُقال أن في مخازن وزارة الصحة المصرية عشرات الأطنان منها.

الحشرات المولعة بإمتصاص الدماء عديدة في الواقع. في دمشق تعرّفت على بق الفراش (Bedbug) لأول مرّة حينما التحقت بالجامعة. وقبل ذلك كنت أعرف البراغيث والقمل وذباب الخيل (Tabanidae)، والذي يُسمّى أيضاً النُّعَرَية وذُبابُ الفَرَس .

أما هنا فقد أُضيف إلى ذلك القراد.
النوع الأوروبي والذي يُدعى بقراد بزر الخروع، وبالإنكليزية Castor Bean Tick أو بإسمه العلمي Ixodes Ricinus.
هو صنف صلب القشرة كان يقتصر وجوده على الغابات، لكنه، وجرّاء حظر المبيدات، صار ينتشر حتى وصل إلى الحدائق المنزلية. يختبئ ملتصقاً بالأغصان والحشائش بانتظار الفريسة. وخلافاً للبعوض، فنحن لا نشعر بالوخز، لأنه يعمل ببطء ويبقى ملتصقاً لأيام.
خطورته تكمن في نقله للعديد من الفيروسات والبكتيريات المُسببّة لإلتهاب الدماغ وداء اللايم. والأخير هو الأخطر لأنه مرض يهاجم الأعصاب ويسبّب الشلل الجزئي والوفاة في بعض الأحيان. يا ساتر.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عائلة سورية لاجئة في اليابان
- في ثقافة التواليت
- السريان، من القامشلي إلى السويد
- أوساكا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كوبيه، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الميلاد في الدانمارك ليس جورج مايكل فحسب
- كيوتو (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- طوكيو، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الشينكانسن، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- قامشلو
- لا، هذا ليس رثاء يا أمي


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - منير المجيد - بعوض وحشرات اخرى