أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - التونسيّون تحت المجهر














المزيد.....

التونسيّون تحت المجهر


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6097 - 2018 / 12 / 28 - 21:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


التونسيّ... يتذمّر من غلاء المعيشة ، وتدهور الأوضاع ،وتراه يخطّط للاحتفال بالمولد النبوي،

والسنة الميلادية وغيرها من المناسبات والأعياد.

التونسي الذي يندّد بتقاعس الموظفين عن أداء واجباتهم هو نفسه الذي يصل متأخرا إلى العمل وينتهز الفرص للخروج من موطن العمل قبل الوقت.

التونسي الذي يتحدّث عن فساد المسؤولين واستشراء لوبيات «الكناتريه» هو نفسه الذي لا يتوانى عن تقديم الرشوة قضاء لحاجاته.

التونسي الذي يفضح «إعلام العار» وبرامج «التسلية» الرديئة هو نفسه الذي يقبل على ما تبثّه مختلف القنوات الخاصّة من برامج «تافهة» تحرّك الغرائز وتنوّم العقول ثمّ يتحدّث عنها باستفاضة في الفايسبوك.

التونسي الذي يرفع شعار الديمقراطية والنزاهة والشفافية والعدالة الاجتماعية ...من موقعه سياسيّا داخل الحزب أو «مثقفا/ة» يجمّل الخطاب بعبارات من قبيل هبّوا للعمل ، احترموا القوانين، حكّموا ضمائركم... هو نفسه المستبدّ، والمتسلّط والعابث بمنظومة القيم والمستهتر بواجباته.

التونسي الذي «يبكي على حال تونس» وعلى غياب الحسّ الوطني وقلّة تحمّل المسؤولية هو نفسه الذي يرفض الانخراط في الحملات التي تنظّمها مختلف مكوّنات المجتمع المدنيّ لمساعدة المعوزين، لتنظيف الشوارع أو الشواطئ.

التونسي الذي يتذمّر من كثرة الإضرابات وتعطيل المصالح الوطنية هو نفسه الذي يساند قرارات اتخذت في مؤسسته فيخرج ليعبّر عن غضبه ساعة ثمّ ينسحب لقضاء حوائجه ويستمتع بيومه.

التونسي الذي يسبّ النهضة ويحمّلها كلّ الشرور، ويلعن ‘النداء’ و«الاتحاد» هو نفسه الذي، إن سُدّت أمامه السبل، يبحث عن نهضاوي أو ندائي أو جبهاوي أو مسؤول في الاتحاد لـ«يسلك» له أموره.

التونسي الذي يعنّف زوجته، ويسطو على ممتلكات «البيليك» ويركن سيارته في وسط الطريق فيحدث الأذى بالآخرين ، ويكذب في اليوم ألف مرّة هو نفسه الذي يرفض «تغيير أحكام الله والمسّ بالشريعة المقدسة».

وانطلاقا من هذا التشخيص الموجز يتحتّم علينا أن نطرح الأسئلة الحقيقية وأن نسمّي الأسماء بمسمياتها وأن نعترف بأصل الداء قبل أن نشكّك في قيام الثورة، ونضحك من منجزاتها ونلعن النخب. علينا أن نتساءل:

إن كانت الثورة مسارا ديناميكيا معبّرا عن إرادة التحرّر فلِمَ يرفض التونسي الانخراط في هذا المسار فيحرّر نفسه ويعيد بناء ذاته ويتخلّص من الاتكالية والكسل والرياء والنفاق...؟ ولِمَ يبحث عن النتائج والمكتسبات والاستحقاقات ولا يؤدي واجباته ولا ينهض بمسؤولياته؟ وإن كانت الثورة عمليّة فكّ الارتهان مع الأنظمة القديمة والمهترئة وأدوات الفهم التقليدية فلِمَ بقي

التونسي ميالا إلى استرجاع «النظام القديم» وفيّا للوجوه «القديمة»؟ وإن كانت الثورة حركة إلى الأمام وفعلا استشرافيا فلِمَ بقي التونسي شغوفا بالرجوع إلى الوراء يحمله الحنين إلى الماضي؟
وإن كانت الثورة «إعادة تنشيط للحياة السياسية» والثقافية وعمليّة ضخ دماء جديدة في عدّة مجالات فلِمَ أصيب أغلبنا بالعقم وكأنّ الابتكار والابتداع والارتقاء... أفعالا عصيّة على التحقّق؟

وإن كانت الثورة إعادة بناء لمنظومة العلاقات وفق قيم تتلاءم مع السياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية الجديدة تجمع في المواطنة فلِمَ اختلت بنية العلاقات الاجتماعية وظلّت قيم الحرية والمساواة والعدالة والتضامن والإخاء والموّدة والرحمة غير قادرة على التجذير؟

لا يكفي أن نقوّم مسار الانتقال الديمقراطي سياسيا وقانونيا ولا يكفي أن ننتقد ‘اللاعبين’ في هذا السياق بل علينا أن نهتمّ بالنقد الذاتي، وأن نحوّل أنفسنا إلى موضوع للدراسة. فالمتأمّل في تركيبة الشخصية التونسية سرعان ما يدرك التحوّلات التي طرأت على قيم المجتمع وعلى بنية العلاقات وسرعان ما ينتبه إلى التناقضات على مستوى السلوك والخطابات والقرارات وسرعان ما يرصد التشذرم والانفصام والعطب... وقد كان الأستاذ عياض ابن عاشور محقّا في الخلاصة التي انتهى إليها بعد إعادة النظر في المسار الانتقالي حين قال: «ظلّت تونس مجتمعا لا تجمعه قيم مشتركة» (تونس ثورة في بلاد الإسلام ص356) فمتّى نُخرج التونسيين من موقع ‹ضحايا الثورة› إلى موقع المواطنين الذين تحرّروا من فرض الوصاية؟ ومتى نصوّب النظر إلى التونسيين فنتأمّل في أدائهم باعتبارهم فاعلين ومسؤولين،هم ايضا عن هذا المسار الانتقالي؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدرسة العنف ...
- في الحق في عدم الصوم....«موش بالسيف» ...
- قراءة في الحملات الانتخابية البلدية
- في الأداء السياسي
- 8 مارس بطعم نضالي: بنات الحداد أم بنات بورقيبة؟
- وقفة تأمّل ...
- في محاسن التجربة السجنية وفضائلها .
- تحولات فى صلب النهضة
- تحويل وجهة الاحتجاجات السلمية
- الإرهاب فى بعده المغاربى
- الجمعة الأسود
- أزمة إدارة الشأن الدينى
- فى علاقة الدين بالقانون
- احذروا غضب المواطنات
- فى الدعوة إلى المراجعات
- هندسة الفضاءات
- التعاطى الإعلامى «الذكورى» مع الإرهاب
- عين تشهد وعين تنكر
- تصريحات المرزوقى فى قطر مثيرة للجدل
- داعشيات


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - التونسيّون تحت المجهر