أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [9]. حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء، قصَّة قصيرة















المزيد.....

[9]. حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء، قصَّة قصيرة


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6097 - 2018 / 12 / 28 - 13:06
المحور: الادب والفن
    


9 . حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء

شممْتُ حبقَ الألوانِ المنبعثة من شجرةٍ مفتوحة على فضاءِ الرُّوحِ، فضاءات مجبولة برحيقِ الحنانِ تشمخُ أمامي كلّ صباح، بيوتٌ طينيّة متلاصقة كشهقةِ اِندهاشٍ على وجهِ الطُّفولة، لماذا حلمي ململمٌ حولَ وردةِ المساء، ألواني متطايرة من وجعِ الجبالِ، ألقٌ يسطعُ من بساتينِ المحبَّة، روحٌ تسمو نحوَ خصوبةِ الاِرتقاءِ، تفرشُ أحلامُ اليقظة حميميات منعشة بين غاباتِ اللَّوزِ والتِّينِ وكرومِ ديريك المكتنـزة في ذاكرتي منذُ أنْ عبرْتُ أوجاعَ المسافاتِ على أجنحةِ الرِّيحِ وأمواجِ البحارِ، ملتقطاً من زرقةِ السَّماءِ لوناً يتصالبُ معَ بهجةِ الرُّوحِ، ومن منعطفاتِ الجبالِ والوديانِ رذاذات مزنّرة بالسَّنابل، مستمدّاً زهوةَ الألوانِ من الزُّهورِ والعشبِ البرّي، لأكحّلَ وجنةَ لوحاتي على أنغامِ فيروز وهي تغنّي "راجعين يا هوى"، عائداً كلّ صباح باكر على إيقاعِ ثلجِ استوكهولم إلى مرابعِ الطُّفولةِ، مرابعِ الشَّبابِ، مرابعِ الحنينِ المتناثرة على جبهتي فارشاً هذا الحنين على خدودِ لوحاتي وكأنَّها من شوقٍ وبكاءٍ. محطّاتُ العمر مكتنـزة بألوانِ الخصوبةِ وقداسةِ المكانِ، أسافرُ معَ النَّسيمِ عابراً البحارَ حاملاً بين جناحي وجهَ معلولا المقدّس، مرشرشاً خيوطَ الحنينِ والوئامِ على صدرِ معلولا أينما حللْتُ وأينما رحلْتُ، تتماثلُ أمامي قامات الأصدقاء فأتذكّرُ مظهر برشين، ثمَّ أشهقُ شهقةً مسربلةً بالأنينِ، أهزُّ رأسي، أيعقلُ أنْ ترحلَ عنّا يا صديقي دونَ وداعٍ، برشين في ذمّةِ الخلودِ!
آهٍ .. يا سماء، أينَ تخبّئينَ الآنَ روحَ صديقي مظهر كي أعانقَها عناقياً متصالباً بكلِّ ألوانِ الشَّوقِ والنَّقاءِ، رفرفي يا روحي وطيري لعلّكِ تعثري على أوجاعِ الذَّاكرة البعيدة، اعبري ظلمةَ اللَّيلِ ولا تهابي زمهريرَ المسافاتِ! .. وأنتَ يا عمر إسحاق، هل ماتزالُ تقرأ الكفّ والفناجين، كيفَ خطرَ على بالِكَ أن تقدّمَ مشروعاً فنِّيّاً مركِّزاً على قراءةِ فناجينِ الشِّمالِ؟ كم فنجاناً قرأتَ وكم راحةَ كفٍّ نقشْتَ على بهجةِ المساءاتِ البعيدة؟ خطّةٌ رائعة يا صديقي، رسمناها بعيداً عن ضجيجِ النّهارِ، للتقرّبِ إلى معارجِ الأنثى، إلى حنانِ الأنثى، إلى خصوبةِ الصَّباحِ والمساءِ، إلى خصوبةِ اللَّونِ المحفورِ في تجاعيدِ الحلمِ، واِمتدّتْ قراءاتنا طويلاً لراحاتِ أيديهم الطَّريّة، مستمتعينَ بارتخاءِ أصابعهم الرَّفيعة تحتَ توهّجاتِ شوقِنا المتلاطمِ إلى شهيقِ الأنثى، وجعٌ ينمو في جبهةِ الصَّباحِ، آهٍ متى سنستطيعُ أن نملكَ ألواناً فرنسيّة جميلة كي نرسمَ الألقَ المتدفّقَ من وجهِ أنثانا المكتنـزِ بوجعِ الانتظارِ؟ .. انتظارِ قراءاتنا لتعرّجاتِ خطوطِ راحاتِ حنينهنَّ، وندى الشَّوقِ المنهمرِ من أخاديد توقهنَّ إلى إنعاشِ تدرّجاتِ الألوانِ المندلقةِ من سهولِ القلبِ إلى رحابِ ليالٍ تحملُ فوقَ مصاطبِها دفءَ الحياةِ!
البارحة ذهلتُ فرحاً، طرْتُ مثلَ فراشةٍ، وجدْتُ نفسي بينَ أزقّةِ باب توما، وفجأةً فيما كنتُ أدردشُ معَ صديقِ غربتي (صبري)، عبرنا جهةَ الشِّعرِ، اخترنا واحةَ التَّشكيلِ، استقبلتْنا لوحةً مفروشةً على ذاكرةِ الأيَّامِ والشُّهورِ والسِّنينِ، قلتُ لصديقي هذه لوحتي، تُشبِهُ ألواني تماماً! هذهِ ألواني!..
ضحَكَ صديقي قائلاً، لنرَ مَن هو الفنّان، ضغطة صغيرة عبر الفأرة السّحريّة على اللَّوحة، ثمَّ طرْتُ فرحاً، يا إلهي لوحة صديقي نزار صابور، على الجهةِ المتاخمة لجهةِ الشِّعرِ، جهةِ التَّشكيلِ، تشكيلِ دموعِ الفرحِ، ألَمْ أقُلْ لكَ إنّها ألواني، أنا وصديقي نزار كنّا نتواصلُ لونيّاً، أينَ أنتَ الآن يا صديقي نزار؟ أقبّلُكَ على الهواءِ مباشرةً، أثلجْتَ قلبي، كم كنْتُ سأحزنُ لو لم أرَ اسمَكَ على اللَّوحةِ، بكيْتُ فرحاً يا صديقي، اشتقْتُ إليكَ أيّها المفهرس بذبذباتٍ منعشةٍ منبعثة من نداوةِ (المدرِّسِ)، معلّمُنا ذات اللَّونِ المبهجِ، لمساتٌ ملامسة لخميلةِ زرقةِ السَّماءِ، تلمّسْتُ اللَّوحةَ فتنفَّستُ بهجةً كعبقِ الياسمينِ، هلْ وصلَكَ حنيني عبرَ الأثيرِ؟ فجأةً أتذكّرُ الآن كيفَ هيَّأ (فاتح المدرّس) نفسَه لزيارتي، خرجْنا سويةً من مرسَمِهِ، توقّفْنا قليلاً تمتمَ (المدرّس) معَ نفسِهِ، أظنُّني جئْتُ بسيارتي؟ وقبلَ أنْ أجيبَهُ، تمتمَ أيوه.. أيوه!.. تذكّرْتُ، لقد وضعتُها في شارعٍ ما قريب من المرسم، بحثْنا عنها، توزّعْنا في الشَّوارعِ القريبة، أعطانا مواصفاتها وبدأنا نبحثُ عنها، لم نجدْها في بادئِ الأمرِ، ثمّ قالِ احتمال كبير لم آتِ بها اليوم!
لا..لا أنا متأكّد أنّني أتيتُ بها، لكنّي لا أعلمُ أينَ وضعتُها، وفيما كانَ يفكّرُ، دخلَ صديقي الّذي رافقني على الخطّ وسألَهُ: عفواً أستاذ فاتح، هل تستطيعُ أن تحدّدَ لنا الأمكنة الّتي تعتادُ أنْ تضعَ سيارتَكَ فيها؟ نظرَ إلى صديقي شارد الذّهن، وردّدَ الأمكنة الَّتي أضعُ فيها سيارتي، (برافو) عليكَ!
.. كيف فاتني هذا، إنَّني لم أضعْها أبداً في هذه الجهة، دائماً أضَعُها في الجهةِ الأخرى، هلمَّ بنا نحو الجِّهةِ المقابلة، عبرْنا الشَّارعَ الآخر، مشينا بالقرب منها، فقال صديقي له: أليسَتْ الضِّفدعة المسترخية هناك هي سيارتكَ التَّائهة عنّا؟ فعلاً، إنّها هي، لقد أنقذْتَنا من ورطة، موجّهاً كلامه لصديقي، ركبْنا نحنُ الثّلاثة، المدرّس يقودُ السِّيارة وأنا بجانبه، يطلب منّي المساعدة كي أدلّه على الطَّريقِ الّذي يقودُنا إلى طريقِ طبّالة، وبطريقةٍ ما تمكّنا أن نصلَ باب شرقي، فقالَ (المدرّس)، من هنا أستطيعُ بسهولةٍ الوصول إلى طبّالة، فانعطفَ نحوَ اليمينِ ونحنُ نضحكُ، وقبلَ أن يجتازَ مفرق دويلعة، نبّههُ صديقي بأن ينعطفَ عبرَ المفرقِ الّذي يقودُنا إلى المنـزل، فانعطفَ شاكراً صديقي على ملاحظَتِهِ، عبرْنا دويلعة وهناك تركنا ضفدعتَهُ تستريحُ على مقربةٍ من الخزّانِ الكبيرِ كإشارةٍ للمكانِ المتموضِعة فيه، نزلْنا ثمّ عبرْنا الزُّقاقَ الضّيقَ المؤدّي إلى غرفتي، استقبلَتْنا عشراتُ اللَّوحاتِ والألوان تنضحُ في أركانِ الغرفةِ، صحفٌ ومجلّاتٌ وكتبٌ في كلّ أرجاءِ المكانِ، بدأ يلقي نظرةً تأمّليّةً على اللَّوحاتِ ويختارُ الأنسبَ للمعرضِ، تفضّلوا، البطيخ جاهز، قالَ صديقي، تقدّمَ (فاتح) بحواجبِهِ الكثيفة المعقوفة ثمّ قالَ، بطيخ أحمر مثلَ الدَّم، لونٌ جميل وطعمُهُ لذيذ، ثمَّ كتبَ رؤوس أقلام (ريف الشِّمال، الطُّفولة، دجلة، بيوت طينيّة، معلولا، أزقّة دمشق القديمة)، كي يدوّنَها في دليلِ معرضي القادم في صالةِ الشَّعب، ثمّ ألقى نظرة شاملة على اللَّوحاتِ، جيّد كبرئيل، خطوة رائعة، هناك (فاتحيّات) جميلة في ألوانِكَ، لكنّها في النِّهاية ألوان (كبرئيليّة) وليسَتْ ألواني، أنتَ الّتي أبدعتها، هي متداخلة معَ عوالمِ ألواني لكنّها ذات نكهة ريفيّة، (برافو) عليكَ، إنّكَ تجسّدُ طبيعة الشِّمال، خرجْنا، ماذا كانتْ نقطة العلّام يا..؟ ..ولو أستاذ، الخزان الكبير، (برافو)، قالها فاتح وضحكْنا .. ثمَّ بدأ ينطلقُ باتّجاهِ العودة، لكنّها كانت عطشانة، البنزين!
انقطعنا من البنزين، القضيّة محلولة، قال صديقي، كيفَ سنحلُّها؟
وقبلَ أنْ يجيبَ صديقي على سؤال المدرّس توارى عن الأنظارِ وعبرَ الزّقاقَ الصَّغيرَ وبعدَ لحظات جاءَ ومعهُ بيدونة صغيرة مملوءة بالبنزين، ضحكَ المدرِّسُ وقالَ لصديقي، لكلّ مشكلة عندَكَ حلّ، هذه ليسَتْ مشكلة أصلاً كي نجدَ لها حلَّاً، إنّها تتطلّبُ فقط حركة سريعة لا أكثر، ضحكْنا ثمَّ قالَ المدرّس مليح أنَّكَ معنا وإلّا ما كنّا نأكلُ بطيخاً ولا وجدنا بنزيناً، اِنطلقَ وهو يعدّلُ من حاجبِهِ الكثيف المتَدَلّى على رموشِهِ، غابَ في الزُّحامِ، تساءلَ صديقي، هل تظنُّ أنّهُ قادر على العودة؟ ضحكْتُ ثمَّ أردفْتُ قائلاً لا أظنّ أنَّهُ قادر على العودةِ بسهولةٍ وسطَ هذا الزُّحام، وفيما كنّا نتساءلُ عن رحلةِ العودةِ، وإذ بفاتح يصفُّ ضفدعتَهُ على مقربةٍ منّا، يفتحُ النَّافذة، لقد صفّيتُ في جرمانا، اطلعْ معي يا كبرئيل، لأنّ طريق العودة أصعب، ضحكْنا ثمّ صعدْتُ معَهُ، وفي نهاية دويلعة قلْتُ له، نحو اليمين، وفيما كانَ ينعطفُ قال لي، أنا اِنعطفْتُ بالعكسِ نحوَ اليسارِ لهذا ما وجدْتُ نفسي إلّا في جرمانا، عبرْنا باب شرقي ثمّ أصبحنا بعد لحظات في قلبِ دمشق.
آهٍ.. أينَ أنتِ يا دمشق يا صديقتي، ترتسمُ أمامي الآن شوارع أبو رمّانة والصَّالحيّة والقصّاع وباب توما. آهٍ .. وأنتَ الآخر يا نجيب قصبجي، ترحل عنّا فجأةً دون وداع، هل روحُكَ تعانقُ روحَ برشين كانت ضحكاتنا تختلطُ في شوارعِ القصّاع مع حبقِ الياسمين، وترحلُ الأيام ..
ثمَّ يتماثلُ أمامي مرسم سعيد مخلوف، حوارات ساخنة، نشربُ شاياً، تماثيل مبعثرة هنا وهناك، لوحات غزيرة، متحف فنّي خالص، يَمّمَ صديقي وجهته في أحدِ أركانِ المتحف وهناكَ بدأ يقرأ قصائد أنسي الحاج، ثمّ قرأ قصيدة جديدة لفائز خضّور، جاءَ إلينا قائلاً، هناك اخضرار مبهج للغاية في نصوصِ خضّور، فهل يستمدُّ خضّور اخضرارَهُ الشِّعري من كنيتِهِ أم أنّهُ لونٌ متصاعد في اِخضرارِ الشِّعرِ؟
تتلألأُ قاماتُ الأصدقاءِ تباعاً، آهٍ.. يا يعقوب لو تعلمُ كم أحنُّ إلى أيامِنا المطرّزة ببهجةِ الألوانِ، بسمةٌ دائمة على وجهٍ ضاربٍ إلى سمرةٍ مشتعلة بالسَّنابلِ، سنابلِ الشِّمالِ، تعبرُ المسافات غارفاً من رحمِ التَّشكيلِ تشكيلاً يعقوبيّاً جديداً، أيُّها الآتي من مرتفعاتِ الدّرباسيّة، المزروع بحقولِ الحنطة، ألوانُكَ المفروشة فوقَ ينابيعِ الشَّفقِ في ليلةٍ قمراء، عاشقان من ضوءِ المحبّة، عناقٌ على جناحِ إنعاشِ الرُّوحِ فوقَ لُجّةِ الألوانِ، تعالوا يا أصدقائي أريدُ أنْ ألملمَكم حولَ شهقةِ غربتي وأكحّلَ جبهتَكم بالزَّيتِ المقدَّس والماءِ الزُّلال، ولا تنسوا صديقنا العزيز أكثم عبدالحميد، حافراً من تلاطماتِ اللَّون لجينَ الفرحِ الآتي، هل ثمّة فرحٍ أجمل من أن نبكي شوقاً إلى جبهةِ الألوانِ، ألوانُنا تبكي، تفرحُ، تغنّي، تشتعلُ بالحنينِ إلى روابي الذَّاكرة الغافية فوقَ شواطئ المساءاتِ البعيدة، وأنتَ يا أيُّها الشَّقيّ الرَّائع، محمّد بعجانو، ما هذا الانبعاج الجميل في كُتَلِكَ المتماوجة فوقَ قاماتِ الغسقِ؟! حوارات كثيفة، يدخلُ أبو كابي الدِّمشقيّ على الخطِّ، حواراتٌ متشظِّية من أركانِ الرُّوحِ المبعثرة حزناً، فرحاً، إبداعاً، كم من اللُّوحاتِ غفَتْ بينَ أيدي صديقنا الدِّمشقي المشاكس.
تدخلُ فجأةً ندى شحّود الرَّائعة، كثافةُ الحبِّ والودادِ تندلقُ من كلّ الجهاتِ، تعبرُ صحنَ القلبِ، تتساءلُ: القهوةُ موجودة، وصبري أيضاً، يدخل صديقنا (صبري) على الخطّ بدعابته المعهودة، أبوسُكِ أيّتها المكتنزة بالفرح و..، وماذا أيضاً أيّها الشَّقيّ، لو تفوّهْتَ كلمةً أخرى سأعملُكَ (روليه) بالحائطِ، كاسات البيرة تقومُ ركباً، لوحاتي غطَّتْ جدرانَ الغرفة الصَّغيرة، ثمّ تلَمْلمَتْ باقي اللَّوحات تعانقُ بعضُها بعضاً في ركنٍ من أركانِ حنانِ الغرفة اللَّانهائي إلى عالمِ الألوانِ والقصصِ والأشعارِ. يقرأ صديقنا قصّة اللصّ والقطّة، فنضحَكُ على قطّته الهاربة تارةً وعلى المنافساتِ الَّتي رسمَها على برميلِ النّفاياتِ تارةً أخرى، ثمَّ نسألُهُ، ولماذا كلّ هذا التَّركيز على القطّةِ، فيجيبُنا إنّ الشَّخصيّة المحوريّة في القصّة هي القطّة، ثمَّ نضحكُ مرّةً أخرى، وتضيفُ ندى قائلةً لو سمحْتَ في المرّة القادمة اكتبْ لنا قصّة عن قطّةٍ أكبر حجماً من قطّتِكَ وأشارَتْ بسبابتِها إلى ذاتِها، ضحكَ صديقي ثمّ أردفَ قائلاً، لا أظنُّني أستطيعُ أنْ أدخلَكِ في شخصيَّاتِ قصصي .. لماذا؟.. لأنّكِ ستقضينَ على كلّ قططِ الحارةِ .. وبحزمٍ ودود قالَتْ، على ما يبدو أنكّ مصرّ أنْ أعملَكَ (روليه) في الحائط. أينَ أنتِ يا ندى، كي أطبعَ على خصوبةِ الحنينِ قبلةَ المسافات؟
تعالوا يا أصدقائي أخبّئكم بينَ بساتينِ الألوانِ العابقة على مرِّ السِّنينِ، تبعثرْنا فوقَ أجنحةِ الرِّيحِ، أريدُ أنْ ألملمَ أصدقائي وصديقاتي وأفرشُهم بحنانٍ عميقٍ فوقِ وجنةِ البحارِ .. رفرفي يا روحي ثمَّ حلّقي عالياً في قبّةِ السَّماءِ، انثري موشورَ ألوانِكِ معَ زخّاتِ المطرِ، لعلّها تهطلُ فرحاً، خيراً، مبلِّلةً في طريقِها خدودَ الأحبّةِ الأصدقاءِ كلّ الأصدقاءِ!

اليوم ستنامُ يا قلبي بانتعاشٍ لذيذٍ، أيّها المقطّر بتوهُّجاتِ نكهةِ الشَّوقِ إلى ذبذباتِ قلوبِ الأحبّة المتصالبة معَ تلألؤاتِ ألوانِ النُّجومِ الجامحة فوقَ قبابِ أحلامِ الصَّباح!

ستوكهولم: أيار (مايو) 2003

هوامش:
الرّاوي الَّذي يروي سرديّات هذه القصّة، هو الصَّديق الفنّان التّشكيلي كابي سارة، المقيم في ستوكهولم هو الآخر، وصديق غربته الطّويلة عبر القصّة والحياة هو كاتب القصّة (صبري يوسف)، وقد أحببْتُ أنْ أكتبَ هذه القصّة بصيغة المتكلِّم على لسانِ الفنّان كابي سارة، كي تأتي حميميّةً عبرَ الخطابِ والتّواصلِ، وقد فكّرْتُ أن أكتبها بصيغة الغائب، ولكنِّي عندما جرَّبْتُ كتابتها بصيغة الغائب، وجدْتُها غير منسابة في تفاعلِ الأحداث، لهذا كتبتُها بصيغةِ المتكلِّمِ على لسانِ صديقي الفنّان، كي تأتي متفاعلة بطريقةٍ اِنسيابيّة ودافئة!



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [8] عمّتي تشتري عظامها من الله، قصّة قصيرة
- [7]. اللّحية واللّحاف، قصّة قصيرة
- [6]. الذَّبذبات المتوغِّلة عبر الجدار، قصَّة قصيرة
- [5]. حنين إلى ديريك بعقلائها ومجانينها، قصّة قصيرة
- [4]. أنا والرَّاعي ومهارتي بِبَيعِ العدس، قصّة قصيرة
- [3]. الكرافيتة والقنّب، قصّة قصيرة
- [2]. الّذكرى السَّنويّة، قصّة قصيرة
- [1]. فراخ العصافير، قصّة قصيرة
- [10]. استمراريّة القهقهات الصَّاخبة، قصَّة قصيرة
- [9]. وللزهور طقوسها أيضاً! ، قصّة قصيرة
- [8]. مشاهد من الطُّفولة، قصّة قصيرة
- [7]. احمرار السَواقي، قصّة قصيرة
- [6]. اللّص والقطّة، قصّة قصيرة
- [5]. قتل النَّاطور الحمامة، قصّة قصيرة
- [4]. حالات اِنفلاقيّة قُبَيْلَ الإمتحان قصّة قصيرة
- 3 رنين جرس المدرسة، قصّة قصيرة
- 2 . امطري علينا شيئاً يا سماء! قصّة قصيرة
- المجموعة القصصية الأولى، احتراق حافات الروح، استهلال، [1] اح ...
- خمس مجموعات قصصية المجلّد الأول، مدخل للقصص
- تصفّح العدد السّادس من مجلة السَّلام الدولية الصادرة في ستوك ...


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [9]. حنين إلى تلاوين الأمكنة والأصدقاء، قصَّة قصيرة