أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر سالم - لماذا لا نقرأ إبراهيم الكوني ؟














المزيد.....

لماذا لا نقرأ إبراهيم الكوني ؟


حيدر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6096 - 2018 / 12 / 27 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


لماذا لا نقرأ إبراهيم الكوني ؟

لطالما تسائل الكاتب الليبي العظيم الكوني عن سبب عدم قراءته ، بينما تنتصب أمام وجوهنا المفارقة الكبيرة بأن يكون مقروءا في اوربا أكثر من أبناء لغته الثانية ( العربية ) فلغته الاولى هي لغة أمة الطوارق العريقة ، يتحدث الكوني بتسع لغات ، ويكاد لا يقيم في مكان حتى يغادره ،ولد عام 1948 ، الكوني يعدّ نقطة مفصلية في تاريخ الرواية العالمي ، فهو أول من نقل أحداث الرواية و صاراعاتها التي تتغذى من علاقات المدينة ؛ إلى الصحراء ، و إذا أمعنا النظر و تساءلنا كيف نكتب رواية من الصحراء . لا أحد يجيب عن هذا السؤال إلى من نشأ فيها .

في كتابه الربة الحجرية الصادر سنة 1992 ، ثمة قصة مذهلة ، أسماها الزعيم يتأمل الجمجمة ، تدور أحداث القصة في ورقتين عن شخصٍ تطارده كوابيس مزعجة لا تدعه يهنأ بنومٍ أبدا ، و من ثم يجد حلاً للأمر ، أن ينام في مقبرة الأسلاف ( إدبني ) .
يرسمُ الكوني قصته خلافا لأغلب الكتاب بالعربية ، و كأنه يتعامل مع لوحة ، ينقل الموضوع بإنطباعية ، و يدع الالوان تتكلم عن فحوى المشهد ، مثلما فعل في بداية القصة ( إعتلى الرابية و راقب شعائر الغروب ، حدّق في الاشعة النحاسية المطفأة فقال للشمس أن الاشياء المكابرة لا بدّ أن تنكسر ) . من خلال الالوان يوحي الكوني إلينا مسألة جوهرية في الوجود ، و على وجه الخصوص عند الفرد الصحراوي ، و هو التسليم للفناء ، خلافا للأبدية التي يبحث عنها قاطن المدينة ، و كأنما روح إبن الصحراء تتشرب كل يباس القفر ، و تكون هائمة على غير هدى مثلما غبار الرمال الذي يتطاير في الصحاري ، بينما إبن المدينة يكون مجبولا بأوهام الأزل ، مثلما البنايات الشاهقة ، المزينة بتماثيل جميلة كما في فيينا ، إن العلاقات الانتاجية ترفد السلوك اليومي للمجتمع المتمدن بإستبطان مستقبلي ، أي أنهم يعملون للغد البعيد ،و لا تغر السهول بصيرة الصحراوي مثلما تصبغ بضباب ملتبس نظرة إبن المدينة ، يقول الكوني ( كان السهل يفيض بالحياة ، ولكنه اليوم جزء من الفراغ و الصحراء و العدم ) .

رحلة الصحراوي كما يصفها الكوني في لقاءاته المتلفزة بأنها رحلة وجودية ، رحلة تخلي ، و كما في المثل المعروف ( ضيّع نفسك تجدها ) ، لذلك فالصحراوي لا تربطه مع المكان علاقة وطيدة ، كما هي العلاقة في المدن ، و في الغالب أن البحث عن الماء كان الدافع الصحراوي الرئيسي للرحيل الدائم ، بينما التشبث بمكان واحد ، ببيت واحد لحياية كاملة فهو سلوك أبناء المدن الذين فرضت عليهم علاقات الانتاج التوطن في اماكن العمل ، و في أحيان كثيرة ينتقل الناس للتوطن في أماكن بعيدة غير التي ولدوا فيها للعمل ، و بذلك تكون البيئة هي من تحدد سلوك المجتمع ، ( التنازل عن التخلي ، و العودة عن إحتراف العبور هو الخطوة الاولى في الزلل ) ، ليس هذا فقط ، فإنه يصف شخصية القصة بأنه ( خسر نفسه ) لأنه لم يختر الرحيل ، و في طوال القصة يمضي الكوني في طريق من الاشراقات الصوفية ، لكنني أقف على نقطة العبور و المكوث بإعتبارها الجوهر الرئيسي في القصة ، و عندما ينتقمون منه أهل الخفاء ، يقرر أن ينام في المقبرة ، لكنه يكتشف بأنه أصبح أسيرا للقبر ، لذلك يقرر أن يحمل معه جمجمة ، ينبش قبرا ، يستخرجها ، يحملها معه ، و أينما زاره النوم يتوسدها و ينام !



#حيدر_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الاخير
- المحلن المنسي / عبد العظيم عبد الحق
- ماركس بدون فيسبوك
- لايكات بدون حدود
- الشهد و الدموع مرة أخرى ، و للأبد
- الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الثاني
- الايقاع و محمد عبد الوهاب / الجزء الاول
- كافكا ليس كابوسياً
- أرصفة مريدي - قصة قصيرة
- مقطع من قصة ( ن ) / قصة طويلة
- أسير مريدي - قصة قصيرة
- حسناء مريدي - قصى قصيرة
- حسناء مريدي - قصة قصيرة
- الثياب الرثة تقلقكم
- المتفوقون بالعمل !
- طالبُ المُستنصرية الأخير - نص
- حنا مينه قاصاً
- سكّان الأزقة الكافكوية ، سعدي عباس العبد أنموذجا
- إبتسامة هاربة - قصة قصيرة
- العنف اللغوي في الاغنية العراقية


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر سالم - لماذا لا نقرأ إبراهيم الكوني ؟