أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - حاشية من تاريخ مصر الحديث















المزيد.....



حاشية من تاريخ مصر الحديث


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6091 - 2018 / 12 / 22 - 17:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(يلقي مجنون حجراً في بئر فيعجز أربعون حكيماً عن إخراجه)
مثل أرمني
تختلف الأحداث المعاصرة عن تلك الأحداث التي صارت تاريخاً في أننا لا نعرف النتائج التي ستسفر عنها, بينما الأحداث التاريخية نستطيع أن نقيّم مغزاها وندرسها ونتتبع آثارها و العواقب التي جلبتها, وأيضاً نتعلم منها ونزداد حكمة ومعرفة. وسيكون الأمر مختلفاً لو أننا أُعطينا فرصة أن نعيش ثانية الأحداث التاريخية ذاتها, فكم ستظهر لنا الأمور مختلفة, وكم ستظهر أهمية التغييرات, المثيرة للقلق غالباً, والتي لا نكاد نلاحظها في حينها.
فهل نتصرف بالطريقة ذاتها لو عشنا الأحداث التاريخية من جديد؟ يُجيب القائد السياسي:
نعم بكل تأكيد كنتُ أخطو الخطوات ذاتها, وأسير في النهج الذي سلكته سابقاً والتي أثبتت الحياة صحته. بالله عليك كيف أثبتت الحياة صحته؟ أليس من الغباء أن نسلك النهج ذاته, ونقع في ذات الحفرة مرتين, بعد أن زودتنا الخبرة التاريخية بخارطة معرفية أكيدة نستطيع السير على هديها؟ يقول المثل الشعبي: الحمار لا يقع في الحُفرة مرتين. فهل يمكننا القول مثلاً أن معمر القذافي, علي عبدالله صالح, صدام حسين, حسني مبارك, زين العابدين بن علي –مع حفظ الألقاب- سيسلكون النهج ذاته لو أُتيحت لهم الفرصة للحُكم مرة ثانية.
الظاهر أن من حسن حظنا, على الأرجح, أننا لا نستطيع قط أن تكون لنا هذه التجربة التاريخية الفذّة. و التاريخ, على حدِّ قول كارل ماركس, يعيد نفسه أولاً في هيئة مأساة, ثم مهزلة. ولأنه ليس هناك أي تطور محتوم, فإننا يجب ان نتعلم بقدر ما من الماضي, لتجنب تكرار الأخطاء. فالبشر يدخلون المستقبل بزاد وفير من التجارب التاريخية , ولا يحتاج المرء لأن يكون نبياً لكي يكون على وعي بالأخطار المحدقة بحياته.
خطرت لي هذه الفكرة حين كنت أطالع نسخة من تقويم "المرآة" السنوي الذي صدر بإدارة خليل زينية في حارة الشواربي بالقاهرة عام 1925. ولا يعلم إلا الله -جلت قدرته- كيف وصلت هذه النسخة إلى مكتبتي في مدينة إدلب السورية.
تقويم "المرآة" كتاب في أربعمئة صفحة يتضمن من المواضيع والأبحاث والمعلومات والفوائد والفكاهات والصور والرسوم والإعلانات ما يجعله تأريخاً لتلك السنة والكتب وجهات نظر كما تعلمون. لفت نظري حاشية تتعلق بتاريخ مصر في تلك الفترة أحببت أن أقدمها للقارئ المعاصر لعله يجد فيها فائدة وعبرة ولا أدري لما شعرت أن هذه الحاشية معاصرة و طازجة ما تزال :
1
افتتح صاحب الجلالة الملك أحمد فؤاد الأول ملك مصر البرلمان في 12 نوفمبر عام 1924 حيث تلا فيه صاحب الدولة سعد زغلول باشا رئيس الوزراء خطاب العرش. وفي 14 نوفمبر استقال صاحب الدولة محمد توفيق نسيم باشا من وزارة المالية وفي اليوم التالي 15 نوفمبر رفع سعد زغلول باشا استقالة الوزارة إلى جلالة الملك لكنه استرجعها في 16 نوفمبر. وفي 17 نوفمبر انتخب مجلس النواب صاحب المعالي أحمد مظلوم باشا لرئاسته وكان وزيراً للزراعة بالنيابة فأحيلت في 18 نوفمبر هذه الوزارة إلى صاحب الدولة محمد سعيد باشا وزير الحقانية وعين حضرة علي بيك الشمسي أحد أعضاء مجلس النواب وزيراً للمالية.
وفي الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الأربعاء 19 نوفمبر عام 1924 روّع الناس في قاهرة المعز لدين الله بنبأ مفاده أن عصابة من سبعة أشخاص أطلقت الرصاص على السير لي ستاك باشا سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام فأصابه الرصاص إصابات ذات خطر وأصابت سائق سيارته إصابات غير مميتة. وعلى أثر ذلك ورد أن الحكومة الإنكليزية قررت فصل منصب السردار أي قائد الجيش المصري عن منصب حاكم السودان وكانا منذ إعادة فتح السودان مجتمعين في موظف واحد وأنها عينت رأساً اللواء هدلستون باشا سرداراً للجيش بالنيابة وعينت القائم بأعمال الحاكم العام في الخرطوم حاكماً عاماً للسودان بالنيابة.
وقبل منتصف ليل الجمعة 21 نوفمبر توفي السير لي ستارك باشا متأثراً بجراحه وهو في السادسة والخمسين من عمره وفي يوم السبت 22 نوفمبر من عام 1924 احتفل بدفن الفقيد احتفالاً عسكرياً كبيراً ربما لم تشهد مصر قبله مشهداً نظيره. وبعد الدفن بقليل قدم المفوض السامي الإنكليزي اللورد اللنبي بلاغاً إلى الحكومة المصرية يتضمن مطالب إنكلترا الناجمة عن مقتل السردار. وقدم مع البلاغ مذكرة تفسيرية لبعض النقاط. ولما كانت المذكرتان وجواب الحكومة المصرية عليهما من قبل الوثائق الرسمية التاريخية رأينا أن نثبتهما ههنا برمتهما مع الجواب المصري عليهما وهذا نص البلاغ والمذكرة البريطانية:
2
القاهرة في 22 نوفمبر 1924
إلى صاحب الدولة سعد زغلول باشا رئيس مجلس الوزراء
يا صاحب الدولة
أقدم لدولتكم من قبل حكومة صاحبة الجلالة البريطانية البلاغ التالي:
إن الحاكم العام للسودان وسردار الجيش المصري الذي كان أيضاً ضابطاً ممتازاً في الجيش البريطاني قد قتل بكيفية فظيعة في القاهرة. فحكومة جلالة الملك تعدُّ مقتله الذي يعرض مصر كما هي محكومة الآن لازدراء الشعوب المتمدنة نتيجة طبيعية لحملة عدائية ضد حقوق بريطانيا العظمى وضد الرعايا البريطانيين في مصر والسودان. وهذه الحماة قائمة على إنكار الجميل إنكاراً مقروناً بعدم الاكتراث للأيادي التي أسدتها بريطانيا العظمى لم تثبط من جانب حكومة دولتكم وقد أثارتها هيئات على اتصال وثيق بهذه الحكومة. وقد لفتت حكومة جلالة الملك دولتكم منذ أكثر من شهر إلى العواقب التي لابد أن تنشأ عن هذه الحملة إذا لم تتوقف ولا سيما فيما يتعلق بالسودان. ولكن هذه الحملة لم تتوقف. والآن لم تعرف الحكومة المصرية كيف تمنع اغتيال حاكم السودان العام وأظهرت أنها غير قادرة على حماية أرواح الأجانب أو أنها قليلة الاهتمام بهذه الحماية. فبناء على ذلك تطلب حكومة الملك من الحكومة المصرية:
- أن تقدم اعتذارات كافية وافية عن الحماية.
- أن تتابع بأعظم نشاط وبدون مراعاة الأشخاص البحث عن الجناة وأن تنزل بالمجرمين بدون مراعاة لأشخاصهم وأعمارهم أشد العقوبات.
- أن تمنع من الآن فصاعداً وتقمع بشدة كل مظاهرة شعبية سياسية.
- أن تدفع في الحال إلى حكومة جلالة الملك غرامة قدرها نصف مليون جنيه إنكليزي.
- أن تصدر في خلال أربع وعشرين ساعة الأوامر بإرجاع جميع الضباط المصريين ووحدات الجيش المصري البحتة من السودان مع التعديلات التي تنشأ عن ذلك .
- أن تبلغ المصلحة المختصة أن حكومة السودان ستزيد مساحة الأطيان التي تزرع في الجزيرة من 300000 فدان إلى عدد غير محدود على نسبة ما تقتضيه الحاجة.
- أن تعدل عن كل معاضة لرغبات حكومة جلالة الملك في الشؤون المبينة بعد فيما يتعلق بحماية المصالح الأجنبية في مصر.
وفي حال عدم تلبية هذه المطالب في الحال تتخذ حكومة جلالة الملك على الفور التدابير المناسبة لصيانة مصالها في مصر والسودان. وإني انتهز هذه الفرصة لأؤكد لدولتكم مرة أخرى احترامي الفائق.
المندوب السامي اللنبي فليد مارشال الإمضاء

يا صاحب الدولة :
الحاقاً ببلاغي السابق أتشرف بإعلام دولتكم من قبل حكومة صاحب الجلالة البريطانية أن مطالبها الخاصة المتعلقة بالجيش في السودان وحماية مصالح الأجانب في مصر هي كما يلي:
- بعد سحب الضباط المصريون والوحدات المصرية البحتة للجيش المصري تحول الوحدات السودانية التابعة للجيش المصري إلى قوة مسلحة سودانية تكون خاضعة وموالية للحكومة السودانية وحدها وتحت قيادة الحاكم العام العليا وباسمه تصدر الأوامر .
- إن القواعد الخاصة بخدمة الموظفين الأجانب الذين لا يزالون في خدمة الحكومة المصرية وتأديبهم وخروجهم من الخدمة وكذلك الشروط المالية لتسوية معاشات الموظفين الأجانب الذين اعتزلوا الخدمة يجب أن يعاد النظر فيها طبقاً لرغائب حكومة جلالة ملم التاج البريطاني.
- من الآن إلى أن يتم اتفاق بين الحكومتين بشأن حماية المصالح الأجنبية في مصر تحافظ الحكومة المصرية على مركز المستشار المالي والمستشار القضائي وتحترم سلطتهما وامتيازاتهما كما نص عليه عند إلغاء الحماية وتحترم أيضاً النظام والاختصاصات التي للمكتب الأوروبي في وزارة الداخلية كما حددت بالقرار الوزاري وتنظر بعين الاعتبار الوافي إلى المشورات التي يمكن أن يقدمها مديره العام فيما يتعلق بالشؤون الداخلة في اختصاصه. وإني اغتنم هذه الفرصة لأؤكد لدولتكم مرة أخرى احترامي الفائق. المندوب السامي اللنبي فيلد مارشال الإمضاء
3
وفي الحال التأمت الوزارة للمشاورة ثم عقد مجلس النواب جلسة سرية بحضور الوزارة كلها. وفي يوم الأحد 23 نوفمبر عام 1924 ذهب وزير الخارجية المصرية إلى دار المندوب السامي البريطاني فسلم جواب الحكومة المصرية وهو: يا صاحب الفخامة
رداً على المذكرتين اللتين سلمتا إليّ نهار أمس من فخامتكم باسم حكومة حضرة صاحب الجلالة البريطانية أتشرف بأن أرجو فخامتكم أولاً أن تتكرموا فتعربوا لحكومتكم مرة أخرى من قبل الحكومة المصرية عما خالج هذه الحكومة والأمة بأجمعها من شعور الألم و الاستفظاع بسبب الاعتداء الشنيع الذي وقع على حياة المأسوف عليه السير لي ستاك سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام.
على أنه لا يمكن اعتبار الحكومة المصرية مسؤولة بوجه من الوجوه عن هذه الجريمة المنكرة التي ارتكبها مجرمون تمقتهم الأمة بالإجماع وذلك لأنها حدثت في ظروف لم يكن في الاستطاعة معها توقع ارتكابها أو منعها.
ومن جهة أخرى فإن هذه الحكومة لا يمكنها أن تقبل التأكيد الذي تضمنته المذكرة الأولى من أن هذه الجريمة هي نتيجة طبيعية لحملة سياسية لم تعمل الحكومة المصرية على تثبيطها بل أثارتها هيئات على صلة وثيقة بها لأن هذه الحكومة كانت تلجأ وتدعو دائماً إلى استعمال الطرق السلمية المشروعة في المطالبة بحقوق البلاد ولم تكن على اتصال من أي نوع كان بهيئات تشير باستعمال العنف.
إن المسؤولية الوحيدة التي تعترف بها الحكومة وتأخذها على عاتقها إنما هي اقتفاء أثر المجرمين وقد اتخذت اجراءات سريعة وفعالة لهذا الغرض. وإن النتيجة المرضية التي أدت إليها هذه الإجراءات تجعلنا واثقين تمام الثقة من أن الجناة لن يفلتوا من القصاص العادل.
على أنه لا ثبات ما أثارته هذه الجناية في البلاد من الأسف البليغ وإرضاء لحكومة صاحب الجلالة البريطانية أتشرف بأن أصرح لفخامتكم بأن الحكومة المصرية تقبل أن تقدم اعتذارها كما أنها تقبل ان تدفع مبلغ خمسمائة ألف جنيه .
وتصرح الحكومة أيضاً بأنها قد اعتزمت أن تمنع بجميع ما لديها من الطرق القانونية كل مظاهرة شعبية يكون من شأنها الاخلال بالنظام العام وبأنها سترجع عند الحاجة إلى البرلمان للحصول على سلطة أوسع مما لها الآن.
أما فيما يتعلق بالطلب الوارد في الفقرة الخامسة من المذكرة الأولى والمفصل في المذكرة الثانية فأتشرف بأن ألاحظ لفخامتكم أن ما اقترح من ترتيب جديد للجيش المصري في السودان لا يعد فقط تعديلاً للحالة الحاضرة التي سبق للحكومة الإنكليزية بأن صرحت برغبتها في المحافظة عليها بل هو مناقض تماماً لنص المادة 46 من الدستور المصري التي تنص على أن الملك هو القائد الأعلى للجيش وهو الذي يولي ويعزل الضباط.
واما فيما يتعلق بالطلب الوارد في الفقرة السادسة فإني ألاحظ لفخامتكم إن مسألة إدخال تعديل منذ الآن على المقدار المحدد لمساحة الأراضي التي تروى بالجزيرة هي على الأقل سابقة لأوانها ويجب طبقاً للتصريحات المتكررة التي أبدتها الحكومة البريطانية ان تحل باتفاق الطرفين مع مراعاة المصالح الحيوية للزراعة المصرية.
وأخيراً فيما يتعلق بالطلب الوارد في الفقرة السابعة أتشرف بأن ألاحظ لفخامتكم أن حالة الموظفين الأجانب في مصر خاضعة الآن لأحكام قانون واتفاق سياسي لا يمكن تعديلها من غير اشتراك البرلمان. وعلى أي حال فإن مذكرة الحكومة البريطانية لم تبين قط التعديلات التي يراد ادخالها على النظام الحالي ولذلك لا نرى في وسعنا الرد على هذه المسألة. وأما فيما يتعلق بحماية المصالح الأجنبية بوجه عام فإن الحكومة المصرية اتخذت على الدوام أكثر الخطط تسمحاً بالقدر الذي يتفق مع حرمة مبدأ للاستقلال. ومع ذلك فإن الدول الأجنبية لم تقدم إي اعتراض في هذا الشأن.
وإني واثق كل الثقة أن حكومة صاحب الجلالة البريطانية ستجد هذا الجواب مرضياً تماماً. وعلى أي حال فقد املته علينا روح الرغبة الخالصة في ابقاء وتوطيد أحسن العلاقات مع الحكومة البريطانية بما يتفق مع حقوق مصر. وأنتهز هذه الفرصة لأكرر لفخامتكم الإعراب عن عظيم احترامي. رئيس مجلس الوزراء سعد زغلول القاهرة في 23 نوفمبر سنة 1924 الإمضاء
4
في مساء ذلك اليوم رد المندوب السامي البريطاني على جواب الحكومة المصرية بالمذكرة الآتية وهي:
حضرة صاحب الدولة سعد زغلول باشا رئيس مجلس الوزراء رداً على رسالة دولتكم بتاريخ اليوم أتشرف بأن أبلغكم أنه نظراً إلى رفض الحكومة المصرية تلبية مطالب حكومة جلال الملك الواردة في الفقرتين الخاصة والسادسة من بلاغي المقدم أمس أرسلت التعليمات إلى حكومة السودان بما يلي:
أولا – أن تخرج من السودان جميع الضباط المصريين والوحدات المصرية المحضة في الجيش المصري مع التغييرات المعينة التي تترتب على ذلك. ثانياً- أنها مطلقة الحرية في زيادة المساحة التي تروى في الجزيرة من 300 ألف فدان غير محددة وفقاً لما تقتضي به الحاجة. وستعلمون دولتكم في الوقت المناسب العمل الذي ستتخذه حكومة جلالة الملك نظراً إلى رفض دولتكم قبول المطلب السابع الخاص بحماية مصالح الأجانب في مصر. وإني أسجل أن الحكومة المصرية قد قبلت فيما قبلته من المطلب الرابع فحكومة جلالة الملك تنتظر أن يدفع لي مبلغ نصف مليون جنيه قبل ظهر الغد وإني أنتهز الفرصة لأجدد لدولتكم وافر احترامي الأكيد. المندوب السامي اللنبي فياد مارشال الإمضاء
5
وفي 24 نوفمبر أمضى وزير المالية تحويلاً بمبلغ نصف مليون جنيه فأرسلته الحكومة إلى دار المندوب السامي ثم احتلت فصيلة من الجنود الإنكليزية جمارك الاسكندرية وعادت الوزارة إلى التماس الاستقالة من جلالة الملك فقبل استقالتها وعهد إلى حضرة صاحب الدولة أحمد زيور باشا بتشكيل الوزارة الجديدة فشكلها على الوجه الآتي: أحمد زيور باشا رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية وللخارجية مؤقتاً . عثمان محرم بيك وزيراً للأشغال العمومية. محمد السيد أبو علي باشا وزيراً للزراعة. محمد صدقي باشا وزيراً للأوقاف. يوسف قطاوي باشا وزيراً للمالية. نخلة جورجي المطيعي بيك وزيراً للمواصلات. محمد صادق يحي باشا للحربية والبحرية .
وأبت الجنود المصرية في السودان أن تصدع بالتعليمات الصادرة إليها من السلطات الإنكليزية بمغادرة البلاد فخابرت دار المندوب السامي الحكومة في الخرطوم بانهم لا يعملون إلا بالأوامر التي تصدر إليهم من الحكومة المصرية فأصدرت الحكومة أوامرها إليهم بالطيارة رغبة منها في اجتناب الفتنة وحقن الدماء فبدأ حينئذ ترحيل الجنود المصرية من السودان.
وفي 25 نوفمبر صدر مرسوم ملكي بتأجيل أعمال البرلمان المصري مدة شهر كامل وفي اليوم التالي وضع أعضاء البرلمان احتجاجاً على أعمال انكلترا في مصر والسودان ورفعوه إلى برلمانات العالم وإلى جميع الأمم. وفي 27نوفمبر تمرد في الخرطوم بعض جنود الأورطة الحادية عشرة السودانية وقتلوا رئيس المستشفى العسكري وهو انكليزي وطبيباً وصيدلياً من رجاله وهما سوريان وحاول المسجونون القيام بفتنة في السجن فقمعت الجنود الإنكليزية كلتا الحركتين. وقبضت السلطة الإنكليزية العسكرية رأساً علي عبدالرحمن بيك فهمي ومكرم عبيد من النواب وعلي محمود فهمي النقراشي بيك وكيل الداخلية السابق الذي كانت وزارته الجديدة قد أحالته إلى المعاش. فلما نمى الخبر إلى الحكومة خابرت دار المندوب السامي وحملتها على تسليم المقبوض عليهم إلى القضاء المصري. وفي اليوم التالي قبضت السلطة المصرية على راغب أفندي اسكندر والشيخ مصطفى القاياتي وحسن أفندي يس والدكتور شفيق منصور من النواب وكانت قد قبضت على كثيرين من الذين اشتبهت بأنه يمكن أن يكون لهم يد أو ضلع في قضية مقتل السردار وبينهم سائق السيارة التي أقلت عصابة القتلة وشرعت في التحقيق.
6
وفي 30 نوفمبر استقال عثمان محرم بيك وزير الأشغال العمومية . وفي الأول من ديسمبر استقال أحمد محمد خشبة بيك من وزارة المعارف وأُحيلت وزارة الأشغال إلى محمود بيك صدقي. وفي ذلك اليوم تلقت دار المندوب السامي خطاباً أعلن رئيس الوزارة المصرية قبوله شروط المذكرة البريطانية فأصدرت أمراً بالجلاء عن جمارك الاسكندرية. وفي الثالث والرابع من ديسمبر رفعت الهيئة الوفدية البرلمانية التي يتألف منها حزب الوزارة السابقة عريضة إلى جلالة الملك تطلب فيها دعوة البرلمان في الحال إلى الاجتماع. وفي الثالث من ديسمبر عرضت على القومسيون البلدي في الاسكندرية مسألة معاملة الموظفين الأجانب في البلدية كموظفي الحكومة فيما يتعلق بمكافأتهم والتعويض عليهم فرفض القومسيون الموافقة على هذا المبدأ مستنداً في رفضه إلى أن لبلدية الاسكندرية صفة دولية مختلطة. وفي الرابع من ديسمبر أصدر جلالة الملك أحمد فؤاد الأول مرسوماً بتعيين السير أرشر حاكم أوغندا الإنكليزي حاكماً عاماً على السودان. وفي يومي الخامس والثامن من ديسمبر كررت الهيئة الوفدية طلب عقد البرلمان بعرائض وقعها النواب والشيوخ إلى جلالة الملك وفي التاسع منه صدر مرسومان ملكيان بإسناد وزارة الخارجية إلى صاحب الدولة أحمد زيور باشا رئيس الوزراء وبتعين المعالي اسماعيل صدقي باشا وزيراً للداخلية. وفي 14 ديسمبر أفرجت النيابة عن مكرم أفندي عبيد وراغب أفندي اسكندر وشفيق أفندي منصور من النواب وعن آخرين من غير النواب ممن قد قبض عليسهم للتحقيق معهم في قضية مقتل السردار. وفي 16 من ديسمبر وضعت الوزارة مذكرة برفض طلب عقد البرلمان. وفي 23 من ديسمبر وقع الملك مرسومين بحل مجلس النواب ووقف أعمال مجلس الشيوخ وبإجراء انتخابات جديدة لمجلس النواب في 24 فبراير 1925 وبان تكون الانتخابات وفقاً لنصوص قانون الانتخاب نمرة 11 الصادر في سنة 1923 أي على درجتين وبإعادة انتخاب المندوبين الناخبين في 2 يناير 1925.






#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفسحوا الطريق
- إذا قطعتم أصابع كفي سأرسم بأصابع قدمي
- سنة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو في العراق
- ثمن السُّكر الذي تأكلون
- هل فكرة الاشتراكية ما زالت خياراً اجتماعياً صائباً؟
- يُلكم المُدير الياباني كلّ صباح
- على هامش كتاب-حِكَم النَّبيّ مُحمَّد- للأديب الروسي الكبير ل ...
- فولتير و جرس الإنذار
- ثورة الملح
- عبد الوهاب المسيري ذلك الرجل النبيل
- مقطع من سمفونية الكمنجات الكردية
- اليهود في رواية الجندي الطيب شفيك
- شيوعيون يزرعون عبَّاد الشمس
- اللَّحظةُ الشُّقيريَّة
- لماذا خلق الله الذباب؟
- أنا مش كافر بس الجوع كافر
- أهلاً لينين
- عن ذلك الحصير في القصر الجمهوري
- كيف أصبحتُ شيوعياً
- الصورة الأكثر شهرة في العالم


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - حاشية من تاريخ مصر الحديث