أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس














المزيد.....

أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6089 - 2018 / 12 / 20 - 03:36
المحور: سيرة ذاتية
    


لن تشعر أنك غادرت محيط وحدود مدينة حينما تستقل القطار من نارا إلى اوساكا إلا لبرهة وجيزة. لأن العمران يستمر حتى يكاد يتداخل مع ضواحي ثاني أكبر المدن اليابانية والثقل التجاري والإقتصادي الأول.
أوساكا (Osaka، ١٩ مليون نسمة)، المُطلّة بكبرياء على الخليج الذي يحمل إسمها، والذي يربط مدناً باتت تقترب، بدءاً بواكاياما في الجنوب إلى ساكاي، ثم نيشينوميا شمالاً، وشرقاً نحو كوبيه وأكاشي وناكوغاوا.
في يوم ما، إن ازداد سكان اليابان (وهذه فرضية خيالية في الوقت الحالي بسبب أن هذه الأمة يعيش فيها أكبر تجمع سكاني من الذين تجاوزت أعمارهم المائة سنة وأقل نسبة ولادة)، فقد تُصبح هذه المدن مدينة واحدة تحمل اسم اوساكا، والبقية ستكون مجرد أحياء لها. تماماً كما كان الحال في طوكيو، التي ابتلعت المدن المجاورة ووضعتها تحت رايتها.
ليس معروف تاريخ المدينة على وجه الدقة. فلقد أُكتشفت فيها هياكل عظمية بشرية ومستحاثات بحرية تعود إلى أربعة قرون قبل الميلاد. أما تاريخها المدّون فإنه يعود إلى سنة ٦٤٥ حينما بنى الإمبراطور «كوتوكُ» قصره في «نانيوا ناغارا تويوساكي» التي هي أوساكا الآن.
وبتعميد مدينة نارا، بعد ذلك بعشر سنوات، كعاصمة لليابان، جعل أوساكا، لموقعها على البحر، نقطة هامة لتجارة البلاد مع كوريا والصين. ومنذ ذلك التاريخ، والمدينة تحتفظ بثقلها التجاري والصناعي. هذا إضافة إلى مطبخها العريق والفريد.
قبل الوصول إلى محطة القطارات الرئيسية، فإنك ستمّر على عدة جسور على نهر «يودو» المزهو بمياهه الطينية بلون الذهب، والذي يشقّ المدينة قادماً من جبال شمال منطقة كانساي.
قبل أن يكون يودو، فإنه كان نهر «اوجي» الذي يلتقي بـ «كيزُ» و «كاتسُرا» ليشكلوا جميعاً يودو الذي يكبر وينمو كلما ولج أكثر في المدينة مُشكّلاً جزراً صغيرة، قامت السلطات بربطها مع بقية اليابسة، بجسور تفنّن المهندسون بتشييدها، مقلدين الأوروبيين حيناً، والعودة إلى التقاليد أحياناً اخرى.
هكذا هي الأنهر دوماً، تبدأ ضعيفة من الجبال منبثقة من الجوف، متحّدة مع الأمطار والثلوج، لأن في الإتحاد قوّة، جارية نحو المنحدرات باحثة عن طريق يؤدي بها إلى البحار والمحيطات، مُورّدة المعادن الضرورية للتربة لتُنبت خضاراً وفواكه، وإن صادفها مرتفع حاول أن يعيق تقدمها، تجتمع حوله على شكل بحيرة، وحينما تشتدّ المياه تفيض على شكل شلاّل ثم تمضي، تماماً مثل الأسماك، نحو المياه المالحة. وقبيل الإتحاد والتآلف معها، تتغيّر الألوان لتُصبح لوحة فاتنة من الأصفر والأزرق اللازوردي وأزرق البحار الداكن الغامض.
كل هذا بمساعدة الطبيعة هنا، حيث الأمطار الغزيرة وخاصة في مواسم الصيف، حالما تصبح الرياح رطبة حاملة مياهاً تجتاح جنوب آسيا وتنتهي في شمال الأرخبيل الياباني. خلافاً لأنهار خالدة مثل النيل المُهدد على نحو جدي بالقحل لقلة الأمطار، والذي سوف يقضي على رزق ملايين الفلاحين، وإقتصادات البلدان، وجواميس الماء والتماسيح.
في أقل من ساعة، كما في كل مكان ذهبت إليه في سهل كانساي المُبارك، وصلت إلى المحطة الرئيسية.
الإسم الرسمي والشعبي لمحطة قطارات اوساكا الرئيسية هو محطة Umeda، التي هي إسم المنطقة.
أُفتتحت المحطة عام ١٨٧٤، وكانت حينذاك صغيرة تُشبه إحدى محطات قطارات الغرب المتوحش التي بناها العمال الصينيون الفقراء والعبيد مؤسسين لنهضة وقوة أمريكا. وكما بقية المنشآت الوطنية فقد توسّعت ونمت مع الزمن، وأيضاً كما بقية مرافق البلاد فقد طالتها قنابل الطائرات الأمريكية إبّان الحرب العالمية الثانية.
في الجوار بُنيت عمارات شاهقة، وفي الجوف، تحت الأرض وبكيلومترات عديدة، شوارع تربط أجزاء المنطقة وأسواق كاملة على شكل متاهات لا تضيّع بسبب ألواح المعلومات والأسهم والإرشادات. أنهار وشلالات وحدائق من صنع البشر، تربط «وايتي أوميدا» و«دوجيما» حتى «ديامور» و«سُنبانغي». فكرة عبقرية للذين لا يستسيغون درجات الحرارة القاتلة في موسم الصيف، أو البرودة المطعمة بالأنفلونزا في موسم الشتاء.
وكما جرت العادة، فانني حجزت فندقاً قريباً من المحطة. لم يجذبني موقع فندق New Hankyu على مسافة سير وجيزة من البناء الرئيسي، بسبب موقعه فقط، بل أيضاً لأنه سُبق بإسم «جديد» كثير الإغراء.
بقيت تحت الأرض، جارّاً حقيبتي على بلاط الأرضية، مُلتزماً بتعليمات الفندق الإنترنيتية، مُتّجهاً نحو المخرج الشمالي «ميدوسوجي».
كانت دمدمة القطارات من الأعلى واضحة ومصحوبة بهزّة صغيرة، حينما لم تكن تلك المتاهات تحت الأرضية مكتظة بسيل بشري يُشبه الذين يطوفون حول الكعبة. وحين وصلت إلى الدرج الأبيض المفضي إلى الشارع الرئيسي، وجدت طريقي بسهولة.
بعد الإجراءات الطقوسية المُعتادة من التؤدّب الياباني المُميّز، أردت أن أخلد إلى السكون قليلاً قبل أن أعود إلى منطقة أوميدا بأسواقها وأبنيتها وناسها، لأنفض عني كل ذاك الخليط العجيب من أصوات الناس والحافلات والقطارات، ورائحة صابون ثياب السيدات وعطورهن والأطعمة المنوّعة بطعم صلصة الصويا ومرقة الأسماك والأعشاب البحرية. رائحة اليابان.
(يتبع)



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نارا (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- نارا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الميلاد في الدانمارك ليس جورج مايكل فحسب
- كيوتو (٣)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- طوكيو، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الشينكانسن، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- قامشلو
- لا، هذا ليس رثاء يا أمي


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - أوساكا (١)، هم الذين يطلقون سراح الشمس