أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - هل «الديمقراطية» مجرد «تفاصيل»؟














المزيد.....

هل «الديمقراطية» مجرد «تفاصيل»؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6088 - 2018 / 12 / 19 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يقولون إن «الشيطان يكمن في التفاصيل»، وهذه الأخيرة معقّدة ومتشابكة، فحين أطيح بالدكتاتوريات بفعل العامل الخارجي: أفغانستان والعراق وتداخلات دولية وإقليمية بعد هبّة شعبية: ليبيا واليمن أو الحراك الشعبي المدني اللّاعنفي: تونس ومصر أو الملف المأساوي المفتوح: سوريا، قيل إن الطريق سيكون مفتوحاً للانتقال الديمقراطي، حتى أن هناك من بالغ حين اعتبر مجرد إطاحة الأنظمة السابقة يعني التوجه فوراً نحو الديمقراطية، وهناك من بشّرنا بتفاؤل مفرط أن الرخاء والكرامة الإنسانية واحترام الحقوق ستكون أولوية أساسية للأنظمة الجديدة.
لكن التغيير الذي طال انتظاره جلب معه فوضى وعنفاً وإرهاباً، وزاد من منسوب التعصّب والتطرّف والغلو، ولاسيّما حين ارتفعت الموجة الإسلاموية إلى أقصى المستويات حتى بلغت منصّات الحكم، لدرجة أن مصطلح «الربيع العربي» أخذ يثير ردود فعل حادة، تجعله في دائرة الشك و«الشبهة»، بالإشارة إلى دور القوى الدولية المتنفّذة، وفي غمرة مثل هذا التشاؤم المحبط لا يتذكر البعض تضحيات شعوب هذه البلدان وتطلّعاتها للتغيير.
لقد حمل التغيير معه صراعات دينية وطائفية ومذهبية وجهوية وسياسية وحزبية وقبلية، وأيقظ نعرات كانت نائمة، وزاد الأمر خطورة انتشار السلاح واستخدامه لدرجة تفشّى العنف واستفحل الإرهاب واستشرى الفساد المالي والإداري، ولاسيّما في ظلّ تعويم مرجعية الدولة أو تفتّت بعض مقوّماتها.
كانت شعوب العديد من البلدان العربية والإسلامية تأمل تحسين أوضاعها الاقتصادية والمعاشية بعد إطاحة الأنظمة التي بدت مثل كابوس مطبق على صدورها، ولكن حين رحلت تلك الأنظمة لم يرحل معها الاستلاب والقهر، وزاد أحياناً بفعل ضعف الدولة وانتعاش قوى الإرهاب، وهوت «الوحدة الوطنية» حتى وإن كانت هذه «مفروضة» أو شكلانية في ظلّ غياب المواطنة الفاعلة، لكنها كانت صمام أمان للناس في تعايشهم بوطنهم، ومع ما سمّي ب «الديمقراطية»، حلّ التشتت والانقسام والعودة إلى مرحلة ما قبل الدولة، الأمر الذي أصاب الشعوب بخيبة أمل مريرة.
ولعلّ الأكثر مفارقة كانت مواقف النخب السياسية التي صدّعت رؤوس الناس على مدى عقود من الزمان بالمبادئ والقيم، فإذا ب «الثورات» لا تطيح الدكتاتوريات فحسب، بل تُعرّي معارضاتها أيضاً (حكام اليوم)، وتكشف عوراتهم وأطماعهم وتنافسهم المحموم على النفوذ والمال واستعدادهم لتوظيف كل شيء في سبيل المصالح الخاصة والأنانية الضيّقة، وهكذا تم مقايضة تضحيات الناس وأحلامهم بالتغيير والرخاء، بالصراع على السلطة والاستماتة للظفر بها، وهكذا تصالحت مع أسوأ ما في الأنظمة السابقة، دون أن ترتقي إلى بعض حسناتها ومزاياها.
لقد عمل «الحكام الجدد» على تشريع امتيازاتهم عبر البرلمانات أحياناً، مضفين صفة «الشرعية» عليها، وحصلوا على تعويضات مجزية «لنضالهم» وامتدت أيديهم إلى المال العام فعاثت بالبلاد فساداً، حتى إن دولاً مثل العراق وليبيا هي اليوم الأكثر فساداً في العالم، في حين أن ميزانياتها يمكن أن تكفي شعوب المشرق والمغرب.
أتكون «الديمقراطية» لا تليق بشعوبنا ولو أننا لم نقاربها بعد، فتلك فقط بعض آلياتها ليس إلّا ؟ وكم كانت فرحة القوى المخلوعة كبيرة لمثل تلك النتائج، فقد ظلّت تسوّق فرضية عدم صلاح الديمقراطية لشعوبنا لتبرير سياسية الاستبداد والقمع السابقة.
لكنْ ثمة جانب موضوعي لا بدّ من الإقرار به، فالثورات والتغييرات لم تأتِ بما هو أفضل، ويبرّر المعارضون السابقون وحكام اليوم أنهم اصطدموا بإرث ثقيل أعاقهم عن تحقيق المنجزات، وخصوصاً ما واجهوه من إرهاب «القاعدة» و«داعش»، لكن ذلك مجرد تبريرات للفشل الذريع الذي لا يريدون الاعتراف به، مدّعين أنه لولا وجودهم لكان الوضع أسوأ بكثير، وهل ثمة أسوأ من أنظمة المحاصصة والفساد المالي والإداري وتفشي العنف والإرهاب وسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتدهور الخدمات التعليمية والصحية واستفحال الأمية والبطالة.
لكن هل الدكتاتوريات أفضل من «الديمقراطيات» أم ثمة فارق كبير، فالأولى كانت مفروضة على الشعوب، أما حكام اليوم فهم من اختيارها أو هكذا يتبجحون، على الرغم من العزوف وتراجع المشاركة وانعدام الثقة، بغض النظر عن نتائج انتخابات تجري في ظلّ بعض الدساتير الملغومة وقوانين الانتخابات «المبرمجة» والنتائج التي تكاد تكون معروفة سلفاً، بفعل عمليات التزوير المفضوحة، وهي مداورة بين بضع مئات من السياسيين، وكأن الحياة أصبحت حكراً عليهم وأن شعوبهم أصيبت بالعقم.
العيش الكريم هو ما تحتاج إليه الشعوب العربية، وعدم تحقق ذلك دفع أوساطاً شعبية تعبر عن جزعها وتبرّمها لدرجة اليأس من القدرة على التغيير بامتداحها نظام بن علي وصدام حسين وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح والملّا عمر، الذين كان التخلّص منهم أقرب إلى الحلم.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة حلف الفضول
- دين العقل
- منعطفات الواقع والفكر العربييْن: حوار مع عبد الحسين شعبان- م ...
- المتخيّل والواقعي في تجنيد الإرهابيين
- بثينة شريف سلاماً للروح الحيّة
- البرازيل بين ضفتي العرب و«إسرائيل»
- مبدأ ترامب وأركانه الخمسة
- هل روسيا دولة عظمى؟
- في ندوة عن سسيولوجيا الدين والتديّن
- روسيا -اليهودية-
- السينما بصيغة التعدد
- العراق يتألق فكراً وموسيقى بالناظور
- روسيا «العربية»
- مهدي الحافظ: يا له من زمن؟ لم يبقَ ما يحتجّ به سوى الموت
- إدارة الصراعات وفض المنازعات
- اللّا عنف.. القوة الخارقة
- في استشكال «حوار الحضارات»
- تونس والعرفان - كتاب جديد عن الدكتور عبد الحسين شعبان
- روسيا «المسلمة»!!
- سيناريو ما بعد البصرة!


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - هل «الديمقراطية» مجرد «تفاصيل»؟