أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الحريات العامة بين الدستور والقوانين والممارسة السلطوية














المزيد.....

الحريات العامة بين الدستور والقوانين والممارسة السلطوية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 18:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مضت ستون عاما على إقرار الحريات العامة وسن قوانين لحمايتها بالمغرب، حيث وضعت مدونة الحريات العامة في نونبر من سنة 1958، وعلى امتداد المسافة الزمنية التي تفصلنا عن ذلك التاريخ، عرف الشارع المغربي مختلف الانتهاكات الجسيمة للحق في التعبير الجماعي والتنظيم والتجمهر السلمي ولحرية تكوين الجمعيات ، كما عرفت الإدارة المغربية لوزارة الداخلية أشكالا وألوانا من التهرب من تسليم وصولات الإيداع للتنظيمات الناشئة.
ظلت السلطة على امتداد الحقبة التي تفصلنا عن فجر الاستقلال، تلجأ في كثير من الأحيان إلى منطق العنف والغلبة، كما ظلت تعمد إلى أسلوب المراوغة والتملص من المسؤولية، لحرمان التنظيمات المغربية من الوجود أو من العمل أو التعبير، ولمعاقبة الأشخاص الذين ينخرطون في تنظيمات معينة جمعوية أو حزبية أو نقابية، ما يجعلنا نتساءل عن جدوى وجود مدونة للحريات العامة إذا كانت السلطة لا تعترف بتلك الحريات في سلوكها ومنطق اشتغالها.
ولقد أدى ترافع الجمعيات الحقوقية والمدنية عامة بسبب الواقع المشار إليه إلى تجديد الترسانة القانونية المتعلقة بالحريات العامة سنة 2002، بإصدار قوانين جديدة للتنظيمات وللتجمعات العمومية. ورغم توسع النسيج الجمعوي المغربي إلى حد تجاوز المائة ألف جمعية، وخاصة بعد مجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة وسعيه إلى الإكثار من الجمعيات التابعة له ما بين 2012 و 2015، إلا أن السلوك السلطوي للدولة لم يتوقف تجاه الجمعيات التي تعمل في إطار معارض، أي خارج التصور الرسمي للحكومة وتوجهات للسلطة.
ومنذ سنة 2011 التي عرفت الحراك الشعبي كما شهدت مراجعة الدستور المغربي، ظهر ثمة تحديان جديدان يفرضان نفسهما على الدولة المغربية، ويحتم عليها إعطاءهما الاهتمام اللازم: الأول يتمثل في تزايد الاحتجاج الشعبي غير المؤطر تنظيميا (حراك سيدي إفني ـ الحسيمة ـ زاكورة ـ إلخ ...) والثاني وجود قوانين متجاوزة بعد مراجعة الدستور، حيث أصبحت تقتضي نوعا من التحيين لكي تصير مطابقة للالتزامات الجديدة للدولة، هذه الالتزامات التي لم تقم الدولة بتفعيلها بقدر ما أظهرت اتجاها حثيثا نحو مزيد من السلطوية والعنف، والقفز على المساطر القانونية، كما تجلى في المحاكمات الصورية للسنوات الأخيرة، والتي اتخذت رغم كل المظاهر والمساحيق الخارجية طابع المحاكمات السياسية.
من جانب آخر يبدو بأن موضوع الحريات العامة يقتضي ليس فقط وضع قوانين ومراجعتها بين الفينة والأخرى، بل وضمان استقلال القضاء الذي يعدّ من المرتكزات الأساسية لدولة القانون وللحياة الديمقراطية، ولعله من الصادم أن نقول بأننا بعد 62 سنة من الاستقلال ما زلنا نشاهد بشكل سافر تدخل السلطات في عمل القضاء بشكل مخل وفاضح، ما يجعل الحديث عن الحريات العامة مجرد تمرين ذهني أو بلاغة جوفاء بلا معنى.
سيكون على المغاربة كذلك البتّ في ما إذا كان من الضروري الحفاظ على ازدواجية الدولة التي تتمظهر بشكل صارخ بين الدستور والقانون الجنائي، (وهذا يخصّ أيضا جانب الحريات الفردية)، حيث يبدو الأول كما لو أنه واجهة معروضة للخارج، فيما يتمظهر الثاني في صيغة الوجه الحقيقي للدولة في علاقتها بالمجتمع، والتي تعتمد منطقا مغايرا للمنطق الدستوري التعاقدي.
إن الاستمرار في مراجعة القوانين وتنظيم لقاءات حولها دون وضع الأسس الصلبة للانتقال الفعلي نحو الديمقراطية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبإرادة سياسية واضحة، ومكتسبات حاسمة لا رجعة فيها، لن يكون إلا نكئاً للجراح، واحتفاء بنكباتنا وغمتنا التي لا تبدو أنها ستعرف انفراجا قريبا.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان إحيا بوقدير: سحر الصوت والكلمة والإيقاع
- -الجهاد الكروي-
- منع ندوة الحريات الفردية لا ينهي النقاش في المجتمع
- كنز -بولمان- وأسطورة -المنقذ-
- العقلية الإجرامية في رمضان
- عندما يكون الإنسان هو الرأسمال الأول
- تكريم المرأة على الطريقة الإخوانية (3)
- -تكريم المرأة- على الطريقة الإخوانية (2)
- -تكريم المرأة- على الطريقة الإخوانية (1)
- صفعة تونسية للمغرب
- أسئلة إلى -أهل الاختصاص-
- نعم -صحيح البخاري- ليس صحيحا
- النقاش في الإرث ليس إرادويا
- عندما يتهم الفقهاء غيرهم ب-الجهل-
- حقوق المرأة و-استقرار الأسرة-
- الحركة الأمازيغية وإسرائيل : أسئلة وتدقيقات
- التعامل الديني القاسي مع الأطفال يتعارض مع البيداغوجيا العصر ...
- هل أصبحت مهمة سائقي التاكسي نشر الجهل والتطرف ؟
- إلى أحمد الريسوني: من أوصل الجامعة المغربية إلى حافة الإفلاس ...
- مشكلتنا مع الدّعاة وفقهاء التشدّد


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الحريات العامة بين الدستور والقوانين والممارسة السلطوية