أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس














المزيد.....

كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 6086 - 2018 / 12 / 17 - 10:04
المحور: سيرة ذاتية
    


بدأ يومي الثاني في كيوتو في المطعم المخصص للإفطار.
أول ما يُلاحظ هو ذاك الصمت المُطبق، الهمسات وحركة الضيوف الخفيفة اللصيقة بالأرضية الخشبية. لا ضجيج للصحون والملاعق.
مثل كل مطاعم فنادق الدنيا، كان هناك «بوفيه». الفارق في اليابان هو أن البوفيه تتألف من قسمين منفصلين، قسم الطعام الغربي، أخباز، سجق، بيض مسلوق أو مقلي، أجبان.
مُملّ يفتقر إلى الإبداع.
الثاني هو الطعام الياباني. الأرز دائماً حاضر، عدة أنواع من النودلز، شوربة الميسو الأبدية تُضيفُ إليها ما شئت: توفو، أعشاب بحرية وهكذا، أسماك نيئة ومطبوخة، لحوم دجاج وأبقار وخنازير. بالنسبة لي هذا القسم هو بيت القصيد.
كثير من الضيوف كانوا يرتدون الكيمونو والخف لإضافة المزيد من الكتومة على الجو. حتى الأطفال كانوا يتبعون الطقوس وتسمعهم يهمسون «إتاداكيماس» قبل البدء بتناول الطعام. يُقال أن الأطفال يتعلمون هذه الكلمة قبل «ماما» و «بابا».
حسناً، ليس لدي الوقت الكثير، فأمامي برنامج حافل اليوم. زيارة معابد المدينة وضواحيها.
المعروف أن معظم المعابد الحالية في كيوتو بناها رجال كان نفوذهم كبيراً حينذاك، قادة عسكريون، سياسيون، أغنياء وإقطاعيون.
فيها أكثر من ١٦٠٠ معبد، ١٧ منها هي كنوز وطنية وإرث ثقافي هام، وبعضها وضعته منظمة اليونسكو على لائحتها كإرث عالمي. أشهرها المعبد البوذي Byodo-in، والفضي Ginkaku-ji والذهبي Kinkaku-ji، و Kiyomizu-dera.
أردت أن أبدأ بالأخير (كي يو ميزُ-ديرا)، لأنه يقع على الجبال الشمالية التي تطل على المدينة.
قطار الضواحي، على خلاف الشنكسن المجنون، بطيء الإيقاع.
مدخل إلى الأجواء الروحانية التي أتوقعها من زيارة واحد من أشهر معابد اليابان.
هناك على جانبي الطريق المؤدي إلى المعبد حوانيت الهدايا التذكارية والأواني المطبخية الفخاريّة المصنوعة في قرى الجوار، ومطاعم صغيرة تُقدّم الرامن والسوبا والنودلز وبيرة مُثلّجة.
الطريق عثرٌ، وفي الأفق ترى البرج المستدق يرتفع شاقّاً الغابة المحيطة. الرؤية هناك ضبابية قليلاً، والغيوم القاتمة المستلقية على كتف الجبل تُنذر بمطر مفاجئ.
حينما بلغتُ الساحة الكبرى لمباني المعبد كنت قد استنفدت كامل طاقتي أيضاً، وازداد الضباب وجاءت نسمة عابثة ثم مطر. في الدكانة الصغيرة وضعوا دلواً في الخارج مليء بالمظلات، فالتقطت واحدة. بقية الزوار، الأذكى مني، سحبوا معاطفهم المطرية الشفافة مغطين رؤوسهم وأكتافهم.
من جهة يمين الساحة منحدر جبلي سحيق، وفي الجهة المقابلة المعبد الأكبر، يليه الأصغر «جيشو»، المخصص لآلهة الحب.
زيارة المعابد هي للتأمل، وفهم روح الأمم. بعض الزوار كانوا يقفون عند المذبح ويستغرقون في صلاة صغيرة. أنا كنت أفكر قليلاً وألتقط كثيراً من الصور.
أعدت المظلة إلى مكانها، وكان المطر قد صار رذاذاً خفيفاً، رجعت نحو محطة القطار الصغيرة المجهرية.
عرجت على «بيودو-ان»، الذي بُني، في الواقع، كبيت ريفي للسياسي ذوي السلطات الواسعة «فوجيوارا نو ميچيناغا» عام ٩٩٨، ثمّ حُوّل إلى معبد بوذي فيما بعد.
بقي على قائمة اليوم المعبدان الأشهر لدى السياح، الذهبي والفضي. اليابانيون يفضلون الفضي، بينما السياح يعشقون الذهبي. كلاهما ممتعان بسبب البناء الساحر ذي الشكل الأرستقراطي، والحديقة التي تحيط ساحة الرمل التي يسعى الرهبان إلى رسم أشكال هندسية عجيبة عليها بالعصا.
منظر انعكاس البناء المطلي بالذهبي على البحيرة الصغيرة بقربه، ومن ثمة إنعكاس أشجار الكرز بورودها البيضاء والوردية (الساكورا)، والأسماك الملونة التي تسبح بانتظار لا شيء، لن تراه في أي مكان سوى كيوتو.
حينما عدت إلى قلب المدينة، تعباً من الترف الروحي هذا، انتهى بي المطاف إلى منطقة الغيشا في حي «غيون». قلب المدينة النابض المزدحم. كان المساء قد امتد في كل مكان، والمطر جعل أضواء المدينة ، شارات المرور والسيارات تنعكس بلمعة محبّبة. زرت معبد «ياساكا-جينجا» بلونه الصاخب، متناغماً مع المنطقة والموقع.
في طريق العودة إلى الفندق، شممت رائحة لا يُخطئ أي شرق أوسطي فيها. شاورما وفلافل. وكأنني نُوّمتُ مغناطيسياً فتحت باب المُطيعم، فاستقبلني شاب بسحنة معروفة ورحب بي باليابانية.
طلبت بيرة «أساهي سوبر دراي» وتحدثت مع الشاب المنحدر من إيران، والذي، كما هو واضح، يعتدي على حرفتنا في الفلافل. طبعاً، بعد أن تذوقت واحدة لإشباع فضولي. لم تكن جيدة على الإطلاق. وحينما سألني عن رأيي، كذبت وقلت إنها جيدة. البيرة كانت جيدة بالمقابل، لأنها سدّت ثقب الجوع في معدتي التي اعتاشت على إفطار الفندق طيلة الوقت.
ذهبت في جولة في أنحاء المحطة (Kyotoeki)، وشعرت بألم في ساقي، وأصابتني حركة الناس السريعة بالدوار.
في شارع جانبي يقع بين المحطة وفندقي دخلت Izakaya Miho. وكلمة إيزاكايا تشمل تلك البارات التي تقدم كل أنواع المشروبات علاوة على وجبات صغيرة. تماماً مثل بارات التاپاس الإسبانية، أو مطعم «قصر البللور» في حي باب توما الدمشقي. بنسخته في زمن السبعينات بطبيعة الحال.
(يتبع)



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوكيو، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- الشينكانسن، هم الذين يطلقون سراح الشمس
- قامشلو
- لا، هذا ليس رثاء يا أمي


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منير المجيد - كيوتو (٢)، هم الذين يطلقون سراح الشمس