أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - محمد كشكار - صديقٌ نهضاويٌّ، قال لي: أنتَ لستَ يساريًّا!















المزيد.....

صديقٌ نهضاويٌّ، قال لي: أنتَ لستَ يساريًّا!


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6084 - 2018 / 12 / 15 - 11:44
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


قال لي:
- كل أصدقائك اليساريين ماركسيين وأنت لست ماركسيًّا.
- كل أصدقائك اليساريين يعشقون ماركس، أنجلس، لينين، ستالين أو تروتسكي، ماو وڤيفارا، يقدّسونهم كلهم جملة وتفصيلا، ولا فرق بين ماركسي وماركسي إلا بمدى تعصّبه للماركسية. أما أنتَ فتنقد كل هؤلاء الرموز، وفي المقابل أراكَ تَكِنّ تقديرًا كبيرًا للمناضلة الاشتراكية، الناشطة السياسية، المحرِّضة في صفوف العمال، المنظِّرة الماركسية الوحيدة المهمَّشة في الأدبيات الحزبية الماركسية، العظيمة روزا لوكسنبورڤ (ولِدت سنة 1871 - اغتالها العسكريون سنة 1919، بسبب زعامتها للانتفاضة السبارتاكية الألمانية)، تحترمُ شجاعتها، تتبنى نقدها للثورة الروسية في بداياتها وفي قمة انتصاراتها، تؤيد وتثمّن وقوفها فكريا وسياسيا ضد لينين، وتحيّي فيها انحيازَها للديمقراطية الشعبية القاعدية عوض المركزية الديمقراطية اللينينية.
- جل أصدقائك اليساريين نشطاء سياسيين منضبطين محترفين، وأنت مفكرٌ هاوٍ ناقدٌ حرٌّ.
- جل أصدقائك اليساريين ينتمون إلى تنظيمات سرية أو علنية، وأنت تغرّد خارج السرب.
- جل أصدقائك اليساريين يسعون إلى تسلّمِ السلطة، وأنت تسعى إلى "التغيير الذاتي-الاجتماعي للمفاهيم غير العلمية" (Changement conceptuel progressif )، تطمح إلى تحويل هذه المفاهيم إلى مفاهيم علمية، ولا شأن لك البتة بالسلطة لا من قريب ولا من بعيد، بل أنت تعتبر نفسَك معارضًا دائمًا للسلطة مهما كانت هذه السلطة، يمينية أو يسارية، ثورية أو رجعية.
- كل أصدقائك اليساريين يُقصونك من اجتماعاتهم السرية والعلنية، ويَرَوْنَكَ يساريًّا مشبوهًا، يساريًّا غير ملتزم بالإيديولوجيا الماركسية وغير منضبطٍ.
- جل أصدقائك اليساريين يحقّرون من شأنك، وفي المقابل بعض أصدقائك غير اليساريين يُعلون من شأنك.
- جل أصدقائك اليساريين لا يهتمّون بما تكتب ولا ينصِتون لِما تقول، وفي المقابل بعض أصدقائك غير اليساريين يقرؤون ما تكتب وينصِتون بانتباه لكل ما تقول.
- جل أصدقائك اليساريين حذرين سياسيا، وأنت درويشٌ سياسيا.
- جل أصدقائك اليساريين كتومين متسترين، وأنت إذاعة متنقلة.
- كل أصدقائك اليساريين لا يهضمون النهضاويين عمومًا، وأنت صديقٌ لعديد النهضاويين بمسقط رأسك جمنة، وبمحل سكناك حمام الشط.
- جل أصدقائك اليساريين يميّزون بين الجلسات الخاصة (الجلسات اليسارية الصافية) والجلسات العامة (الجلسات المفتوحة المختلطة)، وأنت ببلاهة، لا تفرّقُ وتردد نفسَ الخطاب أمام الخاص والعام.
- جل أصدقائك اليساريين النقابيين "يُكَنْبِنُونَ" بذكاء كبير دون كسب كبير، وأنت كـ"الأطرش في الزفّة".
- جل أصدقائك اليساريين ينقدون كل الناس وغالبًا ما يستثنون أنفسهم، وأنت دائمًا تبدأ بنقد نفسك ثم تمر إلى غيرك.
- جل أصدقائك اليساريين ينقدون خصومَهم السياسيين غير اليساريين بعنفٍ لفظيٍّ شديدٍ (في تسعة وتسعين فاصل من وقتهم) ويفعلون في الواقع (في صفر فاصل من وقتهم)، وأنت تنقد برفقٍ، لكن لا تفعل شيئا ولو صفر فاصل.
- أنت تجلس على الربوة، ترى من الربوة، تناضل من الربوة و تدّعي أنك تؤدي واجبا ضروريا، تكتفي بالنقد وتعتبره مؤسسة مستقلة بذاتها وكيانها، ولا تتجرأ أبدًا على تقديم البدائل قائلا أن البدائلَ تُبنى ولا تُهدى. هم يناضلون وسط النخبة البورجوازية الصغيرة المثقفة أو المتعلمة (مدرّسون وموظفون)، يزعمون أنهم منحازون إلى مصلحة القاعدة البروليتارية التونسية المعادية عقائديا للماركسية، يدّعون أنهم طليعة المجتمع، ويقدّمون بدائل جاهزة لكل مشكلات المجتمع مهما استعصت، مِثلهم مِثل الذين يستهدفونهم بنقدهم، أعني بهم الإسلاميين الأرتدوكسيين المتطرّفين النصّيين المتعصّبين الدوغمائيّين الديماغوجيّين التكفيريّين الإقصائيّين المدّعين امتلاك الحقيقة المطلقة.
- لكي لا أطيل عليك، أنتَ أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يَمّنت أو يَسّرت ستبقى رغم أنفك يا وَلَدِي نتاجًا لتربيةٍ تقليديةٍ ريفيةٍ محافظةٍ، أما هم فمكبَّلون فكريًّا، لكنهم متحرّرون سلوكيًّا من كل عُقدك الرجعية.

قلتُ في نفسي:
مهمومٌ، أخوكمْ، مهمومْ، من اليمين مظلومْ ومن اليسار مَكلومًا مَكلومْ، رغم أنني ما ضمرتُ يوما لأصدقائي الماركسيين إلا الود والمحبة والنقد.
مَن أنا إذن؟ أنا يساري رغم أنفي ورغم أنف الماركسيين ورغم أنف اليمينيين. مُفقّرٌ مَضطهَدٌ، منحازٌ لنفسي وأقاربي وأصدقائي، عمالا كانوا أو مثقفين. معارضٌ سلميًّا للرأسمالية، عالميةً كانت أو وطنيةً، معسكرةً أو سائلةً (المراقبة السائلة، زيجمونت باومان). يساريٌّ، لم أختر وجهتي ولم أصنع مصيري، يساريٌّ بالمنطق والضرورة، يساري حتى النخاع لأنني ببساطة لا يمكن أن أكون يمينيا. يساريٌّ مؤمنٌ بالمواطنة العالَمية دون تمييز ديني أو عرقي أو جنسي أو اجتماعي أو أيديولوجي، متعصّبٌ للعدالة الاجتماعية، كافرٌ بديكتاتورية البروليتاريا في صيغتها اللينينية والستالينية والماوية والكاسترية (تروتسكي لم يحكم، أتعاطف فكريًّا معه ومع أتباعِه)، ومُعجبٌ بالتعليم الأسكندنافي والقوانين الأسكندنافية والسلوكيات المتقشفة لوزراء البلدان الأسكندنافية. أنا أفقر من أفقر المثقفين الماركسيين، أنا فقير، أبي وأمي كانا فقيرَين، وأخويَّ وأخواتي كذلك، وكل أصدقائي وزملائي المعلمين والأساتذة فقراء معارضين مسحوقين رغم عدم انتمائهم إلى الطبقة البروليتارية، الطبقة الوحيدة المقدسة عقائديًّا لدى النشطاء السياسيين الماركسيين، النشطاء المنتمين إلى طبقة البورجوازية الصغيرة، فئة بورجوازية قال فيها ماركس ما لم يقله مالكٌ في الخمرِ.

إمضائي، مواطن العالَم، يساري غير ماركسي
على كل خطابٍ يساريٍّ غير ماركسيٍّ ترونه سيئًا، رُدُّوا بخطابٍ ماركسيٍّ جيدٍ.
أنا مواطنُ العالَمِ، مواطنٌ مُتصالحٌ-مُختلفٌ مع حضارتي الأمازيغيّةِ-الإسلاميّةِ-العربيّةِ، مُتصالحٌ معها دومًا أنتروبولوجيًّا واجتماعيًّا وعاطفيًّا، وفي نفسِ الوقتِ مُختلفٌ معها دومًا إبستمولوجيًّا وفلسفيًّا وجدليًّا، لا أتباهى بها على الغيرِ ولا أقبلُ فيها ثلبًا من الغيرِ.
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"الأساتذةُ لا يَفهَمونَ أن تلامذتَهم لا يَفهَمونَ" باشلار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 1 أوت 2012.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَعاليمٌ دينيةٌ نبيلةٌ، أعجبتني؟
- حضرتُ اليوم صباحًا مظاهرة الأساتذة بشارع بورقيبة بالعاصمة
- انظُرْ إلى أيّ مَدَى وصلَ الاستهتارُ بقِيمِ التضامن والودِّ ...
- جمنة تدقُّ أولَ مِسمارٍ في نعشِ العَلمانيةِ في تونسَ
- سَلعنةُ القِيمِ في الدولِ الغربيةِ: هل سَتقضِي على ما تَبَقّ ...
- فكرةٌ قد تضخُّ الماءَ في رُكَبِ العَلمانيينَ العربِ، لا أستث ...
- حضرتُ أمس أمسيةً ثقافيةً بحمام الشط
- سُكوتْ... أنا سَكْرانْ... والله العظيم أنا -شايَخْ- نَشْوانْ ...
- طالبتُ وما زلتُ أطالبُ بِمجانيةِ التنقلِ في جميعِ وسائلِ الن ...
- هل أنتَ مَعَ أو ضِدَّ حَثِّ الأطفالِ على المطالعة بمقابِلٍ م ...
- سَلْعَنَةُ الأخلاقِ والقِيمِ في المجتمع الأمريكي
- الجديدُ في عِلمِ الوراثةِ: هل تُحدّدُ الجينات مسبّقا صفات ال ...
- ظاهرةُ تعدّدِ الأربابِ البشريةِ!
- حضرتُ أمس جِلسةً حواريةً ثنائيةً حول كتابِ - المراقبة السائل ...
- كيفَ قسّمنا إرثَ أمي وإرثَ خالتي؟
- هل تغيرَ الزمنُ أم أنا الذي تغيرتُ؟
- ذكرياتي المقتضبة عن تسع سنوات دراسة متقطعة بجامعة كلود برنار ...
- معلومات دقيقة حول شيعة تونس، أكتشفُها لأول مرة في كتاب صديقي ...
- أعتذرُ!
- جاراتُ أمِّي ورفيقاتُ دَربِها في جمنة الستينيات!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - محمد كشكار - صديقٌ نهضاويٌّ، قال لي: أنتَ لستَ يساريًّا!