أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند الخيكَاني - الكثرة النوعية وتعدد شخصيات الكاتب / زهير كريم مثالا















المزيد.....

الكثرة النوعية وتعدد شخصيات الكاتب / زهير كريم مثالا


مهند الخيكَاني

الحوار المتمدن-العدد: 6083 - 2018 / 12 / 14 - 23:55
المحور: الادب والفن
    


صدر للقاص زهير كريم خلال قت قياسي ، ( ماكنة كبيرة تدهس المارة )، 2017 ، بعدد صفحات لا يتجاوز 103 ، بواقع 10 قصص ، عن دار المتوسط . ومن ثم مجموعتين قصصيتين خلال وقت قياسي ايضا ، هما ( فرقة العازفين الحزانى ) بواقع ١---٢--- قصة ، ١---٥---٦--- ص ، لسنة 2018 عن منشورات دار الرافدين و ( رومانتيكا ) ، بواقع 208ص ، مؤلفة من 30 قصة وستصدر في مطلع سنة 2019 ، أي بعد شهر من الآن .
بمثل هذه النتاجات الرصينة الكثيرة ، يتحول مفهوم الكثرة المبتذل الى جمال مضاعف ، تكتنزه المكتبات ، وتتذوقه العقول والقلوب --- لأن الأمر ببساطة يعود الى وجود هذه النصوص في حيز التخمير منذ وقت طويل ، وهي ليست نتاجات آنية ، غير مطبوخة جيدا ، أو تعود لتجربة مستعجلة وهشة ، كما نرى اليوم في الوسط الأدبي ، هناك من يطبع نتاجاته لمجرد انi يكتب كميات كثيرة من النصوص ، دون انتقاء او فلترة ! . بينما عندما تأخذ التجربة وقتها ونصيبها من النضج والطغيان في المراس والخبرة ، فإنها تتحول الى اكثر من جاهزة للطباعة ، ذلك ان الكم هنا سيساوي النوع ، وعلى الرغم من أن هذا القول ليس شرطا ، لكنه يغلب على التجارب المثابرة والدؤوبة والعاشقة لفعل الكتابة أكثر من طموحها في الطباعة المستعجلة .
هذا وقد كسر زهير بقصصه الطويلة ، نمطية التواصل الاجتماعي المرتكزة على التشذير والنصوص القصيرة ، من خلال نشره المتواصل المثمر ، حتى وصل الى مرحلة تمكن معها من صناعة قارئه الذي يريد ، وها هو اليوم عندما ينشر قصة ، يبلغ طولها ٣--- صفحات واكثر ، يتوافد اليها القراء من كل صوب ، متجاوزا بذلك التلقي السريع واللحظي الذي اسست له وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث أعادت
نصوص زهير القصصية الى المتلقي شيئا من نفسه الطويل والمتصبر لإيقاف عجلة التلقي الوامض أو تخفيف حدتها . فليس هناك سريع وبطيء في التلقي ، لكن هناك التلذذ ، ولا يوجد تلذذ في السرعة مطلقا ، لا في ادب ولا في قُبلٍ ولا في الطعام الذي نحب . التلذذ يرتبط جوهريا بالامعان ، والامعان يستدعي الوقت للتفحص ، وهما بدورهما يستدعيان البطء .
تمتاز سرديات زهير بكونها متأنية جدا في طرحها ، ايقاعها الجملي كثيرا ما يكون شبيها بقارب يمضي في نهار يوم مشمس ، لا ترتفع ولا تنخفض ، مأخوذة بتلك الوتيرة الواحدة ، وكثيرا ما تساءلت عن سر لجوئه الى هذه السردية البطيئة الممعنة ، و إذا بها طريقة لانتزاع الثيمة من جذورها حيث تكوينها الفكري ، وتجسيدها بدقة ورصانة تلائم ما تريد قوله وما تهدف الى معالجته . فمعظم الثيمات التي يشتغل عليها زهير هي ثيمات من النوع الثقيل ، واقول ذلك موقنا ، حتى في اختياره لموضوعات هامشية لا تاريح طويل عنها ، ولا تفاصيل تغنيها ، فإنه يعمد الى تحويلها مادة دسمة ، غنية بالتفاصيل ولها تاريخ مؤسس في السياق الحكائي ، يتحسسه القارئ اثناء القراءة ، وهو شيء من خبرة ومراس الكاتب ، في اجتذاب الأشياء ضئيلة الحضور ، ومن ثم ختمها بالرؤية الفنية والخبرة ، ومن ثم تحويلها الى ثيمة دسمة ، تبدو وكأنها موجودة منذ زمن بعيد ، لكنك اذا امعنت جيدا ستجد انه زمن القص لا اكثر ، معضدا بالتخييل في حدوده المنطقية ، والتفاصيل في اطار يشبع السياق . تجربة القص لدى زهير تتعدى كونها واقعية او واقعية سحرية او فنتازية فقط . بل هي تجربة ملونة بكل هذه التصنيفات فمرة هي واقعية حد اللعنة ، وينتصر فيها الحق والصواب المنطقيين ، ومرة هي فنتازية في حدود لا تتطاول على ما تريد ايصاله الى المتلقي ، فتدور بين تهويمات نفسية ، واخرى شعرية في اطار حكائي متقن وسردي متين ، يمضي به الى النهاية ، مثقلا بما فيه من عاطفة انسانية وانفتاح على الحياة ، والأجمل من ذلك عندما يمتزج اليومي الحياتي ، بالماضي والخزين في الذاكرة ، فيحضر الزمن بكله داخل الزمن الحكائي الفني ، ويحتفظ بذلك الاستدعاء في كل مرة سنقرأ ذلك النص ، هذا المزج بين التفاصيل والخلط بين المتغيرات على اختلاف مواضعها ، تجعلنا امام بنية فكرية متكاملة تأخذ على عاتقها تحقيق ما يرد في المتن السردي من محاولات مستمرة ، في دفع عجلة التلقي الى القارئ .
ومن الجدير بالذكر أن القاص زهير كريم ، عندما يكتب ، فهو يستحضر زهيرا كاتبا ، وزهيرا قارئا ، فأغلب ما نطالعه في كتاباته يكون منفتحا ومبسطا وسلسا ، غير منغلق على نفسه بحجة الأسلوب والفرادة على حساب القارئ ، فزهير يعي جيدا ان القص والسرد بشكل عام ، المطول منه خاصة ، يحتاج الى ان يكون مفككا من الأساس ومنظما ، ومفخخا بالاشارات هنا وهناك ، التي تستدعي القارئ الى مرحلة ثانية من التفكيك ، وبذلك نحن نشير الى وجود قراءتين ، الاولى تحدث بمجرد ان يكمل الكاتب قصته ، والثانية يكملها القارئ ، اعتمادا على ما أسس له الكاتب منذ البداية ، فالكتابة الأدبية في آخر الأمر هي كيف تصنع فخا وكيف تصطاد عقل المتلقي ، وهو ما يجيده زهير ويتفوق فيه كثيرا ، وقد اثبت ذلك خلال وفرة من سردياته وما لاقته من اعجاب لافت من مختلف طبقات القراء . ومن ثم هناك المتعة متعة الكاتب في صناعة الأفخاخ ، ومهارته في جذب مختلف الأذواق اليها ، هو أمر لا غنى عنه ، فهو الادمان الوحيد الذي ينتج فنا راقيا ورفيعا .
وتمتاز اليات زهير في العنونة بكونها آليات غير مركبة في الغالب ، أي أنها لا ترتكز الى الاشتغالات المألوفة والتعقيد في الصياغة بغرض تخليق الغريب والمختلف ، بل أنها تذهب ببساطة الى صياغات مفتوحة الأفاق ، سهلة المعاني ، سلسة المفردات ،وقد تكون مؤلفة من كلمة واحدة كما في مجموعته ماكنة كبيرة تدهس المارة ، مثل ميشو ، الحالم ، ناتالي ، مونيكا . ويمكن الانتباه من خلال العنوانات القصصية لدى زهير بأنه يستخدم أسماء مختلفة محلية وغير محلية ، لا تختص في حيز جغرافي معين ، وهو بذلك يطمح سواء في الأسلوب أو العنوان ، الى صبغ نصه القصصي بصبغة العالمية المتجردة من ضيق الانتماء والأدلجة المفرطة المتزمتة المحصورة في اطار مكاني وزماني محدد ، لا يتعدى بيئة الكاتب ولا بيئة الكتابة . وهذا غير أنه يظهر مرة ككاتب فقط ، ومرة تعلو روح الفيلسوف داخل النص ، ومرة يبدو الكاتب رغم انتظام جمله وبلاغتها لكن مجنونا يقف خلف ذلك النص . هذا التنويع في التجربة في شخصية الكاتب نفسه لا في شخصياته القصصية فقط ، هو ما يضفي الكثير من التغيير والاختلاف ، وبلا شك في اغلب الأحيان ، تستفز الثيمة شخصية من شخصيات الكاتب الملائمة لها ، فيظهر لنا بشكل جديد لا نعرفه ولا يشبه ما عرفناه عنه . إذن هناك علاقة وطيدة واستدعاءان باتجاهين متعاكسين ، مرة من قبل الكاتب للشخصية ومرة من قبل الشخصية ، يتنازعان بينهما ، في حدود احترافية يدركها الكاتب جيدا ، فلا يفلت من يديه المقود السردي .



#مهند_الخيكَاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد الإنسان
- فصول في المحنة
- نبيٌ من الجانب الآخر
- نصوص ليست للسرقة
- قصة قصيرة /
- متحف الحمير
- المقدس والقراءة المغلوطة : الفنتازيا في الشعر الحسيني مثالا


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند الخيكَاني - الكثرة النوعية وتعدد شخصيات الكاتب / زهير كريم مثالا