أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله - الدوله المصريه والمصريون المسيحيون















المزيد.....

الدوله المصريه والمصريون المسيحيون


رفعت عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 6083 - 2018 / 12 / 14 - 15:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ مجيئ العرب لمصر في منتصف القرن السابع الميلادي اصبح المصريون المسيحيون اهل ذمة، أي في ذمة وحماية المسلمين حاكما ورعية ، فلا يُسمح لهم بحمل السلاح والدفاع عن انفسهم ، ولا الانخراط في الجيش ، ولا ركوب الخيل ، ولا حتي لبس الملابس العامة ، فعليهم ان يلبسوا ملابس تدل علي كونهم ذميين وليسوا مسلمين . واذا هُدم او تقادم بناء في كنائسهم فليس لهم ترميمه او تجديده ، وعليهم دفع الجزية في مذلة ، ويلاحقهم الوصف بانهم كفار ومشركون . وكانوا في احايين كثيرة يتعرضون لبطش جيرانهم من الرعية المسلمة او لبطش الحاكم او الوالي فلا يجدون من يرد عنهم العدوان . كانوا رهن رضا او سخط الرعية والحكام ...... هكذا كانت أحوال المصريين المسيحيين طوال عصور الدولة الإسلامية ، ولكنهم في بعض الاحايين عوملوا بإنصاف وتقدير وخاصة من قبل بعض خلفاء الدولة الفاطمية .
استمر هذا الحال المزري حتي مجيئ محمد علي وبداية تأسيس الدولة المصرية الحديثة . نظر اليهم هذا الحاكم المستنير نظرة انصاف فرأينا رجالا منهم يتبوأون المناصب ويسهمون في بناء مصر الحديثة. وفي عهد محمد سعيد باشا اُسقطت عنهم الجزية ، وتجندوا بالجيش المصري ، فكانت هذه خطوة كبري نحو مساواة المصريين المسيحيين بالمصريين المسلمين .
بعد الحرب العالمية الاولي والتي انتهت في سنة 1918 طالب المصريون برحيل الانجليز، والغاء الانتداب البريطاني . وتشكل وفد مصري للسفر لمؤتمر الصلح بباريس لعرض المطالب المصرية. بيد ان السلطات الإنجليزية رفضت السماح لهم بالسفر واعتقلت سعد زغلول وصحبه ، فإندلعت وعمت البلاد المظاهرات الضخمة واشترك كل المصريين فيها عمال وطلبة وازهريون وقساوسة وموظفون وفلاحون ، فكانت ثورة كبري بحق ، مما اضطر الانجليز للإفراج عن سعد وصحبه وكان بعضهم من المصريين المسيحيين .
فاوض الانجليز الوفد المصري علي الاستقلال ، فكان تصريج 28 فبراير سنة 1922 والذي بمقتضاه أصبحت مصر مملكة مستقلة ، ذات سيادة مع شروط أربعة اخلت بمفهوم الاستقلال التام .
كتب المصريون دستورا حديثا " دستور 1923 " علي غرار الدساتير الاوروبية الحديثة ،وأجريت الانتخابات التشريعية وصار لمصر مجلس نواب وصار لها وزارة مسؤولة امام البرلمان.
في ظل دولة المواطنين الحديثة شارك المصريون المسيحيون في كل جوانب الحياة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا ، ولم تكن هناك تفرقة . فرأينا وزراء بل رؤساء وزارة من المصريين المسيحيين .
ورغم وجود تيار اصولي قوي تمثل في جماعة الاخوان المسلمين إلا ان علمانية الدولة المصرية آنذاك حمت مصر من تفشي الأصولية الإسلامية وما يستتبعها من التفريق بين المواطنين علي أساس ديني .
في عام 1937 عدلت حكومة الوفد برئاسة مصطفي النحاس من قواعد القبول والالتحاق بالكلية الحربية "المدرسة الحربية "والتي فيها يتخرج ضباط الجيش المصري . فقد كانت قواعد القبول بها تقصر الالتحاق علي أبناء الطبقة الارستقراطية ، فجاء التعديل ليسمح لأبناء الطبقة الوسطي والدنيا بالالتحاق . وهكذا التحق بتلك المدرسة العسكرية أبناء صغار الموظفين ، فاستطاع جمال عبد الناصر ابن وكيل مكتب بريد ان يلتحق بها ويصير ضابطا ،هو وغيره . وهؤلاء الضباط المنتمين اسريا للشرائح الدنيا من الطبقة الوسطي ،كانوا غير راضين عن الملك وطبقة الباشوات ، ولا عن الأحزاب السياسية ، وكانوا علي صلة بتنظيم الاخوان المسلمين الاصولي .
نظموا ما يسمي يتنظيم الضباط الاحرار ، وبالتنسيق مع جماعة الاخوان المسلمين استطاعوا ونجحوا في الانقلاب علي الملك والامساك بمقاليد الحكم في مصر .
أولئك الضباط الذين لم يكونوا راضين عن شكل ومضمون الحكم في مصر ، الغوا الأحزاب السياسية وكرسوا حكم الفرد ، وتنكروا لتقاليد الحداثة في مصر ، ونظروا نظرة شك في ولاء المصريين المسيحيين . والدليل الدامغ على ذلك عدم وجود ضابط واحد مسيحي في تنظيم الضباط الاحرار.
بدافع من عدم ايمان اولئك الحكام الجددبقيم المواطنة والتساوي، وبدافع من تأثير جماعة الاخوان جري تهميش المصريين المسيحيين واقصائهم من مواقع العمل والنفوذ .
رويدا رويدا انعزل المصريون المسيحيون ، وانسحبوا من المجال العام .
رفع عبد الناصر لواء القومية العربية ، ونادي وعمل علي تكوين كيان عربي واحد . ومنطقي ان العروبة تستند للاسلام ، وهذا لم يكن مشعورا به في زمن عبد الناصر ،ولكن مع انكسار المشروع الناصري في هزيمة يونيو 1967 قوي واشتد عود المد الديني الإسلامي حتي انهم ارجعوا الهزيمة لتخلي الدولة والمجتمع عن الإسلام استمساكا باليسار والاشتراكية .
مات عبد الناصر وجاء السادات رئيسا بعده . أراد ذلك الحاكم ان يؤسس تيارا خاصا به مخالف لتيار عبد الناصر . ولما كانت الكوادر اليسارية والاشتراكية والناصرية هي المهيمنة علي الشارع المصري ، عقد الرجل اتفاقا مع الاخوان لكي يحلوا محل الاولين ويسيطروا علي الشارع المصري. فاخرج الاخوان من السجون الناصرية ،وفتح لهم أبواب الجامعة والمدرسة والنقابات المهنية ليأسلموا المجال العام في مصر مع رفع لواء دولة العلم والايمان ،واخلاق القرية المصرية .
فكان منطقيا ان يستهدف الإسلاميون المصريين المسيحيين ، فكانت احداث الخانكة وبعدها الزاوية الحمراء وغيرها والدولة( ذات المنحي والتوجه الإسلامي) لا تحرك ساكنا ،ولا ترد عدوانا ،ولا تطبق القانون .
استمر الحال هكذا بعد رحيل السادات مقتولا بيد من فتح الباب لهم ، فعقد خليفته حسني مبارك اتفاقا ضمنيا مع الاخوان وكل الجماعات المتأسلمة علي ترك المجال العام لهم شريطة ألا ينازعونه في الحكم .
هكذا استشري فعل تنظيم الاخوان وامتد وظهرت جماعات اخري مثل الجماعة الإسلامية وغيرها. وظهر السلفيون وعبروا عن رفضهم لوجود المسيحيين في مصر بحسبانهم اهل كفر وشرك. وانتشرت الفضائيات التي تعرض وتندد بالعقيدة المسيحية ،وتعرض خطباء المساجد للمسيحية ووصفوها باٌلذع النعوت ،بل وظهرت مدارس إسلامية تعلم التلاميذ كراهية جيرانهم المسيحيين.
وشيئا فشيئا تكون عقل جمعي مصري مسلم يرفض المصريين المسيحيين ويحمل لهم مشاعر النفور والاستعلاء .
في ظل هذه الأجواء نمت وتضخمت احداث العدوان علي الكنائس وممتلكات واحيانا أرواح المصريين المسيحيين ، وشهدت قري الصعيد احداثا ووقائع حرق وتدمير وسلب ونهب وقتل للمصريين المسيحيين .
كل هذا والدولة ممثلة في المحافظ وقوات الامن وأجهزة الحكم المحلي لا تحرك ساكنا ، بل تمكن الجاني من الهروب من تبعة جنايته ، وتكرس لجلسات الصلح العرفية فتضرب القانون والدولة المدنية في مقتل .
رغم توالي هذه الاحداث والجرائم بسرعة ، وانتشار وتكرار إلا ان الدولة لا تفيق ولا تفعل شيئا .
الإشكالية هنا ليس في وجود الجماعات المتطرفة الكارهة والرافضة للمصريين المسيحيين ،ولكن في الدولة التي تتخلي عن مسؤوليتها في حماية بعض من مواطنيها من عدوان بعض اخر ، وفي تغييب القانون فلا يُعاقب جانى بل يحصل علي قوة وجراة فيكرر جريمته .
الدولة بغضها الطرف عن كل هذا هي تنكر نفسها وتفتح الطريق للقضاء عليها ،الدولة التي تسمح بحدوث ما يحدث بأستمرار ليست دولة.



#رفعت_عوض_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسلام السيسي واسلام شيخ الازهر
- ازدواجيه
- هل مصر دوله ؟
- اقباط المهجر والاخوان
- ماذا لو لم تنجح ثورة 23 يوليو
- حول حديث شيخ الازهر في ليلة القدر
- من قتل ابونا سمعان؟
- على من يحل غضب الله ؟
- ميتافيزيقا المعرفه وميتافيزيقا الاخلاق
- زواج المسلمه من غير المسلم
- هل نحن عقلاء ؟
- الخطاب الدينى والحياه
- حتى لا ننسى فرج فوده
- آلهه تمشى على الارض
- هذا الازهرى
- اعتذار زائف
- الدين والالحاد والتطور
- براءة الازهر
- المقدمه والنتيجه
- الاصلاح الدينى بين الغرب والشرق


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله - الدوله المصريه والمصريون المسيحيون