أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إياد الغفري - كلمات عن رجال تحت الشمس















المزيد.....

كلمات عن رجال تحت الشمس


إياد الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 6082 - 2018 / 12 / 13 - 05:21
المحور: الادب والفن
    


نُسَلِم جدلاً بأن الإسرائيلي يقرأ في السنة عشرات أضعاف ما تقرأه قرية عربية، نُسَلِم بأن سلعة الكلمة في أمصارنا سلعة لا تساوي قيمة الورق الذي تكتب عليه....
لكن القراءة تبقى الحل الوحيد أمامنا للخروج من عنق الزجاجة، محاولة لكسر قيود الجهل والتخلف التي رضعناها بدل حليب أمهاتنا، بالتأكيد فإن الكم لا يغني عن النوعية... فالإسرائيلي الذي يقرأ أسفاره لا يختلف عمن يقرأ كتباً صفراء.
قضية النخب تؤرق مضاجع من يطالب بالتغيير، فالنخب المتوفرة على الساحة العربية تتفاوت بين نخب مرتزقة أو نخب شديدة الارتزاق إلا بعض من عصم ربي.
حتى الآن أنا مقتنع بأن التغيير لا يكون بالثورات بل بالكلمة.....
يخيل لي بعد طباعة الجملة الأخيرة بأنني أخون الثورات عندما أقلص من قيمتها، لكن ما هي الثورة، وهل الثورة فعل مقدس؟؟؟
الثورة لغوياً وحسب تاج العروس:
" الثَّوْر: الهَيَجانُ. ثار الشَّيءُ هاجَ ويقال للغَضْبان أَهْيجَ ما يكونُ: قد ثارَ ثائِرُه وفارَ فائِرُه إذا هاج غَضَبُه.
الثَّوْر: الوَثْبُ وقد ثارَ إليه إذا وَثَبَ. وثارَ به النّاسُ أَي وَثَبُوا عليه
الثَّوْرُ: السُّطُوعُ. وثارَ الغُبَارُ: سَطَعَ وظَهَرَ وكذا الدُّخَانُ وغيرُهما وهو مَجازٌ
الثَّوْرُ: نُهُوضُ القَطَا مِن مَجَاثِمه. ثارَ الجَرادُ ثَوْراً وانْثَار: ظَهَرَ.
الثَّوْرُ: ظُهُورُ الدَّمِ يقال ثارَ به الدَّم ثّوْراً كالثُّؤُورِ بالضّم والثَّوَرانِ محرَّكةً والتَّثَوُّرِ في الكُلّ"
****
لا أرى في تعريف القاموس أي شيء له علاقة بالبناء، بل حركة عشوائية لا أكثر ولا أقل هيجان فوران والكثير من الدماء...
****
ما نحتاجه اليوم في واقع الخراب الذي نعيشه هو ثورة على القيم التي أدت لتخلفنا، ربما ثورة على تاج العروس الذي أورثنا هذه المعاني.... ثورة على القيم ومحاولة جدية للبناء، بناء الواقع...
ما نحتاجه هو كلمة تنقض النواميس التي فطرنا على أنها الحق المطلق... بما فيها الأديان والوطن؛ الوطن الذي يحتاج لسواعد ترفع أنقاضه وليس لثورات تعيده إلى الوراء،
الأنقاض ليست ركام أبنية تدمرت فحسب... بل هي أنقاض موروث تاريخي خلق الأنظمة الشمولية، وفرض طاعة ولي الأمر، ثقافة الذي "يسير الحيط بالحيط ويطلب السترة"، و"من يتزوج أمي أقول له عمي"، و"الإيد اللي ما بتقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر".... الثورة المطلوبة هي على هذا التراث وهذه الثقافة... ونحن بحاجة لنخب تستخدم الكلمة لبناء جديد... بعد أن تنقض الموروث، تهوج، تثور على الثقافة السائدة.
كتب غوته قدس الله سره ما معناه:
"مكتوبٌ... في البدء كانت الكلمة
أعلَقُ... من يساعدني؟
الكلمة يصعب تقديرها
عليَّ ترجمتها بشكل أخر
لو كنتُ مستنير الروح
فالمكتوب: في البدء كان الحس
تَفكَّر ثانية قبل أن تتسرع ريشتك
أهو الحس الذي يفعل ويخلق؟
يجب أن يُكتب: "في البدء كانت القوة".
لكني بكتابة هذا يحذرني شيء
كيلا أبقى على هذا المعنى.
تساعدني الروح وأرى الحل
واكتب مرتاحاً
في البدء كان الفعل."
****
أي فعل سيتطلب الأمر لإعادة بناء الأرواح التي فقدت بريقها، ألا يكون البدء بالكلمة التي ستقود لهذا الفعل؟
مآسينا العظام بدأت بالكلمة، كلمة الله... وللأسف فإن ما نسطره اليوم من كلمات فقد معانيه.
حسب مولانا غوته فإن ترجمة النص المقدس أخطـأت باستخدام الكلمة...
يحتار الشاعر بترجمته "الكلمة، الحس، القوة" ليصل في النهاية لقناعة "في البدء كان الفعل"

الفعل الثوري الحقيقي يبدأ بالكلمة وليس بالبندقية... والنخب يفترض بها أن تعتمد الكلمة... لكن كلمة عن أخرى تختلف.
في حديث مع صديق البارحة عن تيار بناء الدولة، الذي يعتبر أقل مكونات المعارضة فساداً... علمت بأنه هناك محاولات جادة لإحياء جثة التيار، الفكرة بحد ذاتها نبيلة.... لكن وكما قال سيدنا غوته، الكلمة، الحس، القوة أم الفعل...؟
أشعر بصراع في داخلي... يشجعني لمحاولة بث الحياة في الجثة...
لكنها جثة!
في دورة للإسعافات الأولية علمتنا المدربة أنه في حال توقف القلب يتوجب على المسعف الضغط على القفص الصدري لعشرين مرة ثم النفخ في رئة الضحية... ومعاودة العملية لحين وصول الإسعاف.... سألتها... لكن الشخص قد يكون ميتاً...
أجابتني بعفوية ولؤم... أنت لست طبيباً... الضغط والنفخ لن يؤذي الجثة... لكنه قد يحيي الميت.
****
في رجال تحت الشمس عرض كنفاني ملخصاً عن الثوري العروبي، اختصر نخب المشرق والمغرب بشخصية واحدة.... أبو الخيزران....
العقم الذي ابتُلي به أبا الخيزران قد يماثل عقم النخب التي ابتلينا بها.
الرجال في خزان الصهريج سلموا حياتهم لأبي الخيزران... الرجل قدم أفضل ما بوسعه، هرَّج لرجال الجمارك... ركض... طار بشاحنته في صحراء الوطن... لكن من أمنوا بأنه سيوصلهم لبر الأمان... ماتوا ميتة بشعة في الخزان... ليس ذنبه... لكنهم ماتوا.
أتكون الشعوب العربية في ربيعها قد اختُزِلت في ركاب شاحنة الموت تلك؟

لم يحدد كنفاني في رجال تحت الشمس سبباً حقيقياً للموت، لم يحمل أبا الخيزران المسؤولية مباشرة... بل حمل الضحايا المسؤولية بصمتهم....
عقم الرجل كان إشارة لفقد الحياة، الخيزران أجوف... قد يصدر صوتاً إن نفخ فيه... قد يصدر إيقاعاً إن ضرب عليه.... لكنه أجوف.
فاقد الشيء لا يعطيه.... عقم الرجل رمزي... هو عقم نخبنا وقادتنا.
الكلمة التي أحسب فيها أكثر من حجمها... تبقى قاصرة وعاقر،
ينقصها الحس.... القوة.... والفعل.

نحن بحاجة لثورة على الموروث، كلمة تهدم ما سبقها من كلمات، حس يستشعر الموت ويبكي الدم على جثث دفنت على عجالة في رمال الصحراء... جثث ارتفعت أيديها لطلب النجدة، لكن حناجرها بقيت صامتة،
بحاجة لقوة تجتث رجال الجمارك، والمفكرين ورجال الدين والساسة والرمال والأسباب التي دفعت ركاب الصهريج للهروب متخفين من أجل لقمة عيش...
نعم نحن أولاً بحاجة للفعل.... فعل استئصال....
لكنا لا نجيد إلا سطر الكلمات... وأحياناً نكون خيزراناً في كلماتنا هذه.

أبو الخيزران – ألمانيا
13 كانون الأول 2018



#إياد_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماريشال
- قولوا والله
- دمشق - باريس - دمشق
- مطولة تشرينية
- صف حكي
- من الفرات إلى النيل خواطر عن دولة إسرائيل الكبرى
- الحوار المتمدن
- الظريف والشهم والطماع
- الثورة العاقلة
- الإدمان
- رسائل إلى سميرة (1823)


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إياد الغفري - كلمات عن رجال تحت الشمس