أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - هروبٌ إلى ضفة الموت .














المزيد.....

هروبٌ إلى ضفة الموت .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 6072 - 2018 / 12 / 3 - 03:28
المحور: الادب والفن
    


انتظروا الليل بفارغ الصبر . ليرخي خيوطه ، فيسدل على الكون لوناً كاحل السواد .
طهروا جروحهم بدموع أبويهم الكاشفة لمكنونات ذواتهما المقهورة .
وضعوا آهاتهم داخل حقائب السفر القسريِّ . وثقوها بأحزمةٍ من نسيج المرارة و القسوة ، ليغامروا برحلةٍ قد تقصيهم من حضن الأبوين بغيابٍ أبديٍّ . أو ترميهم وسط مياهٍ غبيةٍ بلا قلبٍ ، أو على الأرجح تبتلعهم إلى أعماق مقبرتها الأبدية . أو جثثاً تطفو على سطحها ، لتلفظهم إلى شواطئها هامدةً .

هكذا اعتادت أمواجها المسعورة الرعناء أن تتعامل مع الهاربين من جحيم بلدانهم - كالطيور المهاجرة إلى ألأوطانٍ الدافئةٍ - بلا توضيحٍ لفعلتها المجنونة . أسوةً باللاعبين على ملاعب أوطانهم بكرة الموت .
لعل التزامها بالصمت حيال ضحاياها الذين باتوا في خبر كان هو الاقتداء باللاعبين أصحاب قلوبٍ خلت من الرقة ، و غدت قاسيةً كالحجر .

لا قيمة لوطنٍ اجتاحه موجٌ باردٌ ، ليطرد الدفء من حضنه ، فيعتكف فيه ، مستمداً شرعية وجوده من مبادئ قانون الغاب .
و لا هيبة لبلدٍ حكامه التهموا موارده كالجراد ، فأغمى عليه من الإفلاس . و شحذوا سيوفهم لذبحه من الوريد إلى الوريد .
وسوسوا عقل الكهرباء حتى استكثرت عليه بنورها ، ليعيش في الظلام . و يدون اسمه على رأس قائمة بلدان العتمة .
و لا خير لأبناء بلدٍ واحدٍ يقتلون بعضهم بضراوةٍ . منقسمين لفريقين أحدهما معارضٌ و الآخر مؤيدٌ .
أما الذين لا ناقة لهم في الاقتتال المجنون ، و لا جمل لهم في الحرب الضروس بين أقطاب القوى العظمى ، و لا دخل لهم بمن ينتصر ، أو يحكم ، أو يهزم .
فهمهم الوحيد هو الركض وراء أحلامهم يالهجرة إلى ملاذٍ آمنٍ . حيث لا قتال و لا دماء و دمار .

بدأت رحلتهم في الهزيع الأول عقب رحيل الشمس ، و سحب خيوط أشعتها . بعد رفضهم الانصياع للنصائح التي تحثهم على البقاء في بلاد العتمة .
لم يأبهوا لتلك التحذيرات . بل استجابوا لنداء تجار الهجرة و سماسرة الحروب .
انفقوا أموالاً طائلةً لعبور حدود دولٍ تستغل هروب المتوافدين على شواطئها بكثافةٍ . كورقة ضغطٍ على الدول المستضيفة ، لتحقيق مكاسب اقتصاديةٍ ، و مآرب سياسيةٍ .

أكملوا المسيرة في رحلةٍ مضطربةٍ ، وهم على يقينٍ ربما تكون الأخيرة في الحياة ، أو تشكل المرحلة النهائية من هروبهم إلى موتٍ محتمٍ .
ركبوا قارباً مطاطياً ، تفتقد لأبسط معايير السلامة ، مكدسين كالخراف .
سار بهم القارب البائس متوجهاً نحو الضفة الأخرى .
أوشكوا على الوصول ، إلا أن المطاط المهترئ لم يتحمل ازدحام الفارين و ثقل همومهم .
انفجر بهم ، و أفرغ حمولته على الفور .
صاحت طفلةٌ في العاشرة من عمرها ، على الشاطئ الآخر . كانت قد عبرت المياه بأمانٍ :
لقد غرقت شقيقتي .
صيحتها كانت صرخةً دوت أرجاء سكون الترقب و الحذر .
كانت صرخة عجزٍ و شعورٍ بالوحدة لأول مرةٍ في حياتها .
صرخة قلبٍ مهزومٍ ذاب من الوجع .
صرخة ألمٍ أحدثت شرخاً واسعاً لروحٍ أحست أنها بقيت بلا سندٍ .
صرخة وجعٍ أحرقت أحشاءها ، كطفلةٍ ناضجةٍ عاشت الموت بكل تفاصيلها . داهمها شعورٌ مرعبٌ على أن رحلتها انقلبت مأتماً .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل مصائب المرأة تأتي من النصوص المقدسة .
- عكس هذا الظلام أسير .
- ينفثون سمومهم حتى في الدورات التعليمية .
- لا تدع عزيمتك مرتعاً لهواجس الخوف .
- فوق رؤوسنا ، يخوضون حروبهم .
- همسات قطرات المطر .
- قوانيننا سيفٌ مسلطٌ على رقاب المرأة .
- بريقٌ مزيفٌ .
- قلوبٌ بهالة السواد مغلفةٌ .
- ظلالٌ مخيفةٌ ، بلا ملامح .
- ضبابٌ يحجب الرؤية ، منذ قرونٍ .
- الامتثال للحزن انهزامٌ للنفس ، و إحباطٌ للعقل .
- ساعاتٌ قليلةٌ و تهدأ العاصفة .
- ذبول الحب بعد الزواج .
- شعوبٌ تشنق ذاتها .
- حبس المرأة لمشاعرها حياءٌ أم مكابرةٌ .
- حينما يتجمد الشوق .
- لشبكة الانترنت فوائدٌ جمةٌ ، و متاعبٌ كثيرةٌ .
- أوطانٌ مفخخةٌ ، و شعوبٌ تهذي .
- عمل المرأة خارج المنزل نعمةٌ لها ، أم نقمةٌ .


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - هروبٌ إلى ضفة الموت .