أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الله عنتار - القهر والثورة: أية علاقة ؟ (2) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» لمصطفى حجازي














المزيد.....

القهر والثورة: أية علاقة ؟ (2) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» لمصطفى حجازي


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 6070 - 2018 / 12 / 1 - 23:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


4ـ مرحلة القهر والرضوخ
خلال هذه المرحلة التي تمتد زمنا طويلا يشكل زمن الرضوخ والاستكانة عصر انحطاط، وتكون قوى التسلط الداخلي والخارجي في أوج سطوتها وحالة الرضوخ في أوج درجاتها، إنه انهيار لقيمة الإنسان المقهور وطغيان تمركزية المتسلط التي تأخذ أبرز أشكالها وضوحا وصراحة، إذ تكون الجماهير في حالة قصور واضح في درجة التعبئة التي تؤهلها للرد والمقاومة، فيبدو وكأن الاستكانة والمهانة هي الطبيعة الأزلية للجماهير، هذا ما تحاول قوى التسلط على غرسه في نفسيتها، في حملة تيئيسية منطمة تقطع السبيل أمام أي انتفاضة أو أمل في الانتفاضة، إن سكون الموت المخيم لا تقطعه سوى فقاعات تمر بشكل فردي، ولا تلبث أن تغيب مخلفة وراءها مزيدا من القناعة في استحالة الخلاص من خلال المجابهة، نظرا لما تقابل به من ردود فعل عنيفة تأخذ شكل البطش الذي تمارسه الفئة المتسلطة.
إن هذه العلاقة وما يتبعها من إحساس بالعجز والدونية سواء من طرف الطبيعة أو المتسلط، فإنها تولد مجموعة من العقد في نفسية الإنسان المتخلف، وأهمها عقدة النقص، وعقدة العار، واضطراب الديمومة، وهذه المشاكل كلها تدفع الإنسان المقهور نحو اتكالية استسلامية وطغيان الخرافة في التفكير، ولابد إذا من وقفة قصيرة لكي تكتمل صورة الإنسان في مرحلة القهر :
أ) عقدة النقص:
تميز مشاعر الدونية موقف الإنسان المقهور من الوجود، فهو ضعيف أمام الطبيعة وأمام السلطة، ومصيره معرض للتغير ويتميز بالاعتباطية ويعيش حالة تهديد لأمنه وأمن عياله، كما يفتقر إلى ذلك الإحساس بالقدرة على المجابهة، وكأن هناك انعداما لتكافؤ بين قوته وقوة المظاهر التي يتعامل معها، ويفتقد للطابع الاقتحامي في السلوك، وبذلك يفقد موقفه العام من الحياة ويفقد أيضا الطابع التغييري الفعال، ويقع في أسلوب التوقع والانتظار، هناك انعدام الثقة بالنفس، وهذه القاعدة تعمم على كل الآخرين أمثاله، ويصل الأمر حد انعدام الثقة بقدرة الجماهير والفعل والتأثير، مما يؤدي إلى بروز الاتكالية والاعتماد على منقذ سحري يتمثل في المهدي المنتظر أو يسوع المسيح أو زعيم مستبد، وهذا يجعلنا نفهم: لماذا العالم المتخلف عدو الديمقراطية ؟ إن عقدة النقص تولد الخوف لدى الإنسان المقهور: الخوف من السلطة، الخوف من قوى الطبيعة، الخوف من شرور الآخرين، فيسقط في النهاية، في انعدام الكفاءة الاجتماعية والمعرفية.
وتتجلى عقدة النقص في موقفه من العلم والتكنولوجيا، فهو يضع نفسه في وضعية العاجز عن استيعاب التكنولوجيا، فهي بالنسبة إليه كيان سحري يمت إلى عالم يتجاوز عالمه، ولذلك يقابلها بما يسمى الصد والامتناع المعرفي، ومن هنا تشكل هذه الأمور عقبة في وجه التطور وتسقطه في التقليد . وتلعب الفئة المتسلطة دورا بارزا في تكريس هذا المعطى، إذ تعمل على تغذية عقدة النقص لدى الجماهير حتى تظل مستكينة وتابعة وجاهلة وخاملة، ولا تأخذ زمام المبادرة من أجل الثورة والتمرد، وعلى سبيل المثال: يعمل المستعمر على غرس وهم تفوقه في العلم والتقنية لكي تظل الشعوب المستعمرة في حالة عجز وتبعية، وكذلك يعمل النظام الاستبدادي العربي على غرس مظاهر الجهل والخوف في الشعوب العربية حتى تبقى خاملة .
ب) عقدة العار:
تشكل هذه العقدة التتمة لعقدة النقص، فالإنسان المقهور يخجل من ذاته، إنه دائما ضد افتضاح أمره نتيجة العجز والبؤس، ولهذا فالسترة هي أهم حاجز بالنسبة إليه، ولذلك فإن جدلية الحياة الحميمة والمظاهر الخارجية تمثل جدلية ما يخفي وما يعلن، فيعيش في حالة امتحان دائم، وهمه الأول اجتياز الامتحان والاحتفاظ «بالسترة»، وتجنب نظرة الآخرين وتعليقاتهم.
ومن خلال هذه العقدة يمكن حسب عالم النفس مصطفى حجازي أن نضع الأصبع على ما نستطيع تسميته بالجرح النرجسي وهو أكثر المواطن ضعفا، إنها الكرامة المهددة، وهي أساس خطاب الإنسان المقهور: إن بقاء الرأس مرفوعا والاحتماء من كلام الناس هو أهم قضية بالنسبة له، ويمكن للإنسان أن يعيش دون خبز ولكن يصعب عليه أن يفقد كرامته.
إن فقدان الإنسان المقهور لكرامته، تجعله يسقط العار على المرأة، فيطلق عليها مجموعة من الأحكام والأوصاف الدونية من قبيل: المرأة العورة، فيربط شرفه كله وكرامته كلها بأمر جنسي ليس له أي مبرر من الناحية البيولوجية، ونعني بذلك ربط الشرف بالحياة الجنسية للمرأة، وليس من الصدفة أن تحاط المرأة بهذه الأساطير التي تعبر عن الشرف المهدد، ففي الشرق حيث القهر والاستبداد والتبخيس يتم جعل المرأة شماعة لتفريغ أزمة القهر التي يعاني منها الرجل الشرقي المهدور وجوديا، ويصل الأمر إلى القتل (جرائم الشرف)، إنها انتفاضة لاستعادة الكرامة المهدورة، ويحق لنا التساؤل مع عالم النفس مصطفى حجازي: أليس ذلك تحويلا للأنظار عن مصدر العار وسببه وهو الاستغلال وما يفرضه من قهر للإنسان ودوس على كرامته ؟ إن الإنسان المقهور بدل أن يثور ضد مصدر عاره الحقيقي، يثور ضد من يمثل عاره الوهمي وهو المرأة المستضعفة، هذا بينما تحتفظ الفئة المتسلطة والمستغلة لنفسها بلقب الشرف والنبل، إن الكثير من التصرفات الاستعراضية التي تشيع في البلدان النامية تهدف إلى التستر عن عقدة العار من خلال الإدعاء بالمال والحظوة التي لا أساس لهما في الواقع، إن إنسان العالم المتخلف هو أسير المظاهر مادامت تخدم غرض التستر على العار الذاتي، وليست عقدة العار وقفا على الفئة المقهورة، بل هي عامة في المجتمع وتشمل الفئة ذات الحظوة، وإن كانت المظاهر التي تحتمي بها أقوى وأصلب، إن القوى المتسلطة ليست بمنأى عن الخوف من الفضيحة الذي يكشف هزال وجودها، كما أنها لا تخلو من عقدة النقص أمام الأجنبي، وطالما الإنسان المقهور يتشفى في المرأة لكي يستر عاره، فإن الإنسان المتسلط يفرض سلطته على المستضعفين من الناس، فمن خلال بطشه يحس بالمتعة بطريقة سادية، ساترا بذلك نقصه وعاره.

تابع



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (1) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- وضعية الأقليات الدينية وغير الدينية بالعالمين المغاربي والعر ...
- ليس كل تجاور تجاورا
- نقطة في مسار أو حينما تلتقي الموت والحياة !!
- ما وراء البحر كسؤال وجودي وحضاري
- الرحيل
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (2 )
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )
- حكاية فلاح متقاعد: من الكمنجة إلى الجماعة، فإلى الوحدة والعز ...
- بوعلي ياسين : نحو علمنة الدولة بالعالم العربي ، قراءة في كتا ...
- لا إنسانية كاملة دون تحرير الجنس والدين وتفعيل الصراع الطبقي ...
- قلبي كاد يحترق، رحماك يا فينوس!
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : أفق الإمكان .
- رسائل ساحلية: أورانوس / غايا (4 ) - التشظي-
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا (3 )
- رسائل ساحلية: غايا/ أورانوس (2 )
- رسائل ساحلية: غايا /أورانوس
- الحب ليس جريمة !
- من ورزازات إلى أكادير : البحث عن المتعة والحياة
- رحلاتي : بحث عن المجهول


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الله عنتار - القهر والثورة: أية علاقة ؟ (2) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» لمصطفى حجازي