أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - هل بات العراق عصيا على الديمقراطية ؟















المزيد.....

هل بات العراق عصيا على الديمقراطية ؟


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6069 - 2018 / 11 / 30 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية هي نظام حكم يشارك فيه الشعب بإدارة حكومته, في مختلف شؤونه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وممارسته الحرة لتقرير مصير بلاده السياسي, من خلال ممثلين منتخبين عنه, إذ لا فرق هنا بين أمير وغفير أو بين غني وفقير أو بين عالم وجاهل , الكل سواسية فيما يتعلق بتسيير دفة حكم بلادهم. ولا يقتصر وصف الديمقراطية على نظام الحكم فحسب، بل يمتد ليشمل المجتمع بأسره,مما يتطلب ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية مجتمعية تحترم فيها جميع الأراء والأفكار والمعتقدات, والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الأنتخابات التي تجري بصورة دورية منتظمة , وفي أجواء آمنة ومستقرة يدلي الناس فيها بأصواتهم دون إكراه.
يعود منشأ الديمقراطية إلى اليونان القديم حيث كانت الديمقراطية الأثينية أول ديمقراطية نشأت في التاريخ البشري. تستند الديمقراطية على عدة مبادئ ومفاهيم اهمها : التداول السلمي للسلطة بمشاركة جميع السكان لإختيار ممثليهم بمجلس النواب ومجالس الحكومات المحلية على وفق قوانين إنتخابية واضحة ومحددة, وحكم الغالبية السياسية مع إحترام الأقلية السياسية, وفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , وسيادة القانون وضمان حرية الرأي والعدل والمساواة, والنزاهة والشفافية بإتخاذ القرارات , وحرية العمل النقابي والمهني والصحفي, والحفاظ على أمن الفرد والمجتمع والأموال الخاصة والعامة , وبذلك تستمد الحكومة شرعيتها السياسية من الشعب كونه مصدر السلطات. ويتوهم كثيرا من يعتقد إن الانتخابات بحد ذاتها تعني الديمقراطية , ما لم يصاحب ذلك قدرا معقولا من الثقافة المجتمعية الديمقراطية في جميع مفاصل الحياة ,وهذه مسألة ليست يسيرة في الدول ذات الأرث الإستبدادي التي إعتادت أن يكون إنتقال السلطة فيها عبر العنف أو الإنقلابات العسكرية.
يلاحظ المتتبع للنظم الديمقراطية في العالم , أنها نظم رأسمالية يهيمن فيها القطاع الإقتصادي الخاص على معظم أنشطة الحياة,مع الأخذ بنظر الإعتبار مصالح الفئات الفقيرة بصورة أو بأخرى من خلال نظم الرعاية الإجتماعية التي تضمن الحد الأدنى للمعيشة دون حد مستوى الفقر, بهدف ضمان السلم الإجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة وديمومة النظام الرأسمالي ومنعه من الإنهيار. بينما فشلت الدول الشيوعية والدول ذات النهج الإشتراكي والدول ذات النظم الشمولية , بتحقيق أي قدر معقول من الحرية والديمقراطية لشعوبها, إذ إنها إكتفت بتسمية دولها "بالديمقراطية الشعبية" وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية والشعبية كما هو الحال في جمهورية كوريا الشمالية, وأخرى إخترعت مصطلح "الديمقراطية الموجهة" بهدف حجب الحرية عن خصومها من منطلق أن لا حرية لأعداء الشعب كما كان عليه الحال في أندونيسيا سوكارنو , وأخرى إخترعت مصطلح " الديمقراطية المركزية " بهدف تكريس سلطة الحاكم الفرد كما هو الحال في عراق صدام حسين.
وقد عصفت رياح التغيير التي شهدها العالم في اواخر عقد الثمانينيات من القرن المنصرم بمعظم هذه الدول, في إطار ما عرف بالنظام الدولي الجديد والذي نجم عنه إنهيار جدار برلين ,وتوحيد الألمانيتين وإنهيار منظومة دول حلف وارشو وتفكك دول الإتحاد السوفيتي, وبروز الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها القوة الأعظم في العالم التي باتت تتحكم بمسيرة أحداث العالم والتدخل بشؤون الدول على وفق مصالحها . ومن هنا يمكن فهم غزو العراق وإحتلاله من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للعراق عام 2003 وقيامها بتدمير كل مقومات حياته ومعالمه الحضارية بل ومحاولة محو ذاكرته التاريخية بدعاوى باطلة شتى , تارة بدعاوى أسلحة الدمار الشامل ,وتارة بدعاوى محاربة الإرهاب , وأخرى بدعاوى تحرير شعبه من براثن الإستبداد ونشر الديمقراطية وتحقيق أمن ورفاهية شعبه الذي ما زال يعاني الأمرين حتى يومنا هذا .
ولكي يعتمد بلدا ما الديمقراطية لابد من تحقيق عدة شروط أبرزها :
1. تحلي غالبية الشعب بالثقافة الديمقراطية ورغبته بنظام الحكم الديمقراطي وألإحتكام لصناديق الإنتخابات وقبول نتائجها.
2. أن يكون البلد حرا وآمنا ومستقرا وخاليا من الفتن والصراعات الداخلية, ويمتلك إرادته السياسية.
3. أن يسود القانون في جميع مفاصل الحياة.
4. أن تكون غالبية الشعب متعلمة بدرجة معقولة.
5. أن لا تكون غالبية الشعب تعاني من الفقر والجوع والحرمان.
أولت حكومات بعض البلدان النامية وبخاصة البلدان ذات الإقتصادات الضعيفة وحتى الإقتصادات المتوسطة , التنمية الإقتصادية الأهمية القصوى في مرحلة تخلصها من حقبة التسلط الإستعماري في عقد الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم, دون الإكتراث بموضوع الديمقراطية كثيرا, ربما لتخوفها من مداخلات مخابرات الدول الإستعمارية وعبثها بشؤونها الداخلية , أو لإعتقادها بعدم أهلية شعوبها لممارسة الديمقراطية . وبذلك تحولت هذه الدول تدريجيا إلى دول مستبدة ينخر نظمها الفساد ولم تتمكن من تحقيق التنمية الإقتصادية المنشودة, ولعل الهند وسنغافورة وماليزيا تمثل حالات إستثنائية حيث تمكنت هذه الدول من تحقيق قدرا مقبولا من الديمقراطية وتنمية إقتصادية جيدة. وثمة مسألة أخرى جديرة بالملاحظة , هي أنه يصعب على الدول الضعيفة والفقيرة وبخاصة الدول التي تمزقها الحروب والفتن والصراعات , إعتماد النظام الديمقراطي لكونها مخترقة من قبل مخابرات الدول الأجنبية التي تتلاعب بكتلها السياسية ومجاميعها العرقية والدينية والطائفية بحيث تصبح حكوماتها عبارة عن دمى تحركها الأصابع الأجنبية على وفق أهواءها ومصالحها.
حاولت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ نشأة دولة العراق الحديث عام 1921 وحتى يومنا هذا, تطبيق بعض أشكال نظم الحكم الديمقراطية تحت ضغط سلطات الإحتلال تارة وتحت ضغط المد الشعبي أحيانا , إذ طالبت سلطة الإحتلال البريطاني بموجب معاهدة الإنتداب المبرمة بينها وبين الحكومة العراقية عام 1922 , بسن دستور مدني حديث يساير دساتير ذلك العصر كما نصت على ذلك المادة الثالثة من المعاهدة : " يوافق جلالة ملك العراق على صياغة مشروع قانون أساسي يعرض على المجلس التأسيسي العراقي ,ويكفل تنفيذ هذا القانون الذي لا يحتوي على ما يخالف نصوص هذه المعاهدة المذكورة , وأن يؤخذ بنظر الاعتبار حقوق ورغبات ومصالح جميع سكان العراق, وسوف يضمَّن القانون الأساسي للجميع حرية الرأي وحرية القيام بمختلف شعائر العقائد على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب, وينص على عدم التفريق بين سكان العراق بسبب قومية أو دين أو لغة ، ويؤمّن لجميع الطوائف الاحتفاظ بمدارسها لتعليم أفرادها بلغتها الخاصة بما يتفق مع حاجات التعليم العامة التي قد تتطلبها حكومة العراق ، ويجب ان يعيّن هذا القانون الأصول الدستورية التشريعية والتنفيذية التي بمقتضاها تتخذ القرارات في جميع المسائل المهمة بما في ذلك الشؤون المرتبطة بالمسائل المالية والاقتصادية والعسكرية ". وقد أنجز المجلس التأسيسي القانون الأساس بتاريخ 10 تموز سنة 1924م ، وتمت المصادقة عليه في 21 آذار سنة 1925م.
وبعد سقوط النظام الملكي في تموز سنة 1958 وما تلاه من أنقلابات عسكرية , صدرت عدة دساتير وصفت جميعها بالمؤقتة , كان أولها دستور العراق المؤقت لسنة 1958 , وبعده دستور العراق المؤقت لسنة 1963 , ودستور العراق المؤقت لسنة 1964, ودستور العراق المؤقت لسنة 1968, ودستور العراق المؤقت لسنة 1970. وبعد غزو العراق وإحتلاله عام 2003 , قامت سلطة الإحتلال بسن قانون إدارة الدولة العراقية لسنة 2004 , لتستبدله فيما بعد بدستور العراق الدائم الذي تمت الموافقة عليه في إستفتاء في تشرين الأول سنة 2005 بنسبة (78% ) من إجمالي سكان العراق , ودخل حيز التنفيذ سنة 2006. ويعد هذا الدستور أول وثيقة قانونية تقرها جمعية تأسيسية منتخبة وإستفتاء وطني.
يلاحظ صدور سبعة دساتير منذ تشكيل أول حكومة عراقية ,خمسة منها مؤقتة , وجميعها تتحدث عن الديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد , ولكن لم يشهد العراق قدرا معقولا من الديمقراطية حتى يومنا هذا ,عدا حالات نادرة جدا في العهد الملكي حيث سمح بإجازة الأحزاب السياسية عام 1946 وممارسة الصحف العراقية حرية النشر دون رقيب, ومشاركة بعض أحزاب المعارضة بإنتخابات مجلس النواب عام 1954 وفوز بعض قادتها بعضوية المجلس, الأمر الذي دعى الحكومة حل المجلس بعد تشكيله بمدة قصيرة. يمكن أن نعزي عزوف النظم السياسية في العراق عن الديمقراطية لأسباب شتى , أبرزها :
1.عدم إيمان النخب السياسية أساسا بالديمقراطية إذ أنها لا ترى فيها سوى أنها وسيلة للوصول إلى سدة الحكم وإحتكاره لصالحها فيما بعد.
2.عدم إيمان الأحزاب السياسية بالديمقراطية في بنيتها التكونية القائمة على الولاء والطاعة المطلقة لقادتها .
3.ضعف أو إنعدام مفاهيم الديمقراطية لدى معظم جماهير الشعب الذين إعتادوا سنين طويلة على نظام سلطة الحاكم الفرد ورئيس العشيرة .
4.ضعف الوعي السياسي لدى قطاعات واسعة من الناس بسب الجهل والفقر.
5.الترسبات العشائرية لدى فئات واسعة من الناس على الرغم من مظاهر التحضر والتمدن مما يعزز الولاء للعشيرة أكثر منه للوطن .
ونظرا لغياب الديمقراطية والحكم الرشيد العادل , وعدم التوزيع العادل للثروات بين مناطق العراق من جهة , وبين المواطنين في عموم مناطق من جهة أخرى , شهد العراق صراعات حادة بين الحكومات المتعاقبة وخصومها تمثل بسلسلة إنقلابات عسكرية دامية , فضلا عن عصيان مسلح هنا أو هناك . لم تتمكن الأحزاب السياسية منفردة أو مجتمعة الإطاحة بأي من الحكومات العراقية في الحقب المختلفة دون الإستعانة بالقوات المسلحة عبر الإنقلابات العسكرية أو من خلال قوات غزو أجنبية, وهو أمر أدركه النظام السابق حيث قام ببناء القوات المسلحة على وفق عقيدة الحزب الحاكم مما فوت الفرصة على خصومه بإستخدام الجيش للإطاحة بنظامه. ولولا تهور النظام بدخوله في حروب عبثية لما كان بالإمكان الإطاحة به من قبل خصومه حتى بعد تعاونها السافر مع قوات الغزو الأمريكي عام 2003.
أن ما يعنينا هنا موضوع الديمقراطية التي بشر بها الغزاة الشعب العراقي وما تحقق منها على صعيد الواقع, وهنا نقول إبتداءا أن الديمقراطية ليست هدفا بحد ذاتها , إنما هي وسيلة لتحقيق أهداف إنسانية نبيلة أهمها : العدالة الإجتماعية بتوزيع الثروة الوطنية وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة, وتأمين حق الناس في العيش الكريم بتوفير فرص العمل اللائق بهم وصيانة كرامتهم الإنسانية,وإتاحة فرص التعليم والصحة للجميع , وضمان أمن البلاد وإستقرارها, وحرية إبداء الرأي وممارسة المعتقدات الدينية , والتكافؤ في الحقوق والواجبات, والتداول السلمي للسلطة , والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
فهل يا ترى تحققت هذه الأهداف من قبل حكومات ما بعد الغزو ؟ , لا يحتاج المرء اي عناء للإجابة بالنفي , فعراق ما بعد الغزو يعيش فوضى عارمة ويطبق عليه جهل مطلق نظرا لتردي جودة التعليم وتسرب آلاف التلاميذ من مدارسهم في سن مبكرة لمساعدة عوائلهم بتوفير لقمة العيش لهم, وتفتك به الأمراض في ضوء إنعدام الخدمات الطبية ونقص الأدوية والمستلزمات الصحية, وينخره الفساد وينعدم فيه الأمن والآمان حيث تعبث بمقدراته عصابات الجريمة المنظمة والمليشيات الحزبية المسلحة حيث بات العراق يصنف أكثر بلدان العالم فسادا وأسؤها عيشا, وتتصارع على أرضه مخابرات الدول الأجنبية لتصفية الحسابات فيما بينها على حساب مصلحة العراق الذي أنهكته هذه الصراعات حتى بات بلدا ضعيفا لا يقوى على حماية نفسه من أصغر دول الجوار, فالعراق اليوم بلدا مهددا بوجوده وفاقدا لمقومات هويته الوطنية الجامعة لجميع مواطنيه بصرف النظر عن إنتماءاتهم العرقية والدينية والطائفية, وتتلاعب الدول الأجنبية بمصيره عبر تشكيلات سياسية وأحزاب يبلغ عددها حاليا ( 36 ) حزبا لا يعرف أحد مصدر تمويلها , ولكل منها قناته التلفزيونية الخاصة به والتي يبلغ عددها حاليا ( 53 ) قناة فضائية وارضية, وهو ما لم تجده في بلد بحجم العراق , فضلا عن (33 ) صحيفة ورقية و( 6 ) صحف ألكترونية.
وربما يتساءل المرء أين يكمن الخلل بتعطيل الديمقراطية ؟ وهل أن العراق بلدا عصيا على الديمقراطية ؟ . وهنا إبتداءا نقول أن العراق بلدا من بلدان العالم الثالت ,عانى من إستبداد النظم الشمولية لفترة طويلة شأنه بذلك شأن معظم هذه البلدان التي ما زال الكثير منها يواجه صعوبات جمة في عملية التحول الديمقراطي , إلاّ أن هناك ثمة ظروف ذاتية وموضوعية عراقية تحول دون التحول الديمقراطي بالطريقة التي تم فيها تغيير نظامه السياسي من قبل قوة أجنبية غاشمة محتلة ومتحكمة بمقدراته, ندرج هنا أبرزها :
1.أن الديمقراطية ليست سلعة يمكن تصديرها من دولة إلى أخرى كيفما إتفق , بل أنها تتم عبر ولادة طبيعة في بلدها بعد تهيئة الظروف الذاتية والموضوعية لنموها , والتي في مقدمتها إيمان غالبية الشعب بجدواها ورغبته بتبنيها كوسيلة للحكم والتدوال السلمي للسلطة . وهو أمر لم يكن متوفرا في العراق عند غزوه وإحتلاله عام 2003 حيث لم تمارس الحكومات المتعاقبة في العراق وجميع التنظيمات السياسية الموالية منها والمعارضة منذ تأسيس دولته عام 1921 أي شكل معقول من أشكال الديمقراطية حتى داخل تنظيماتها.
2.لم تكن سلطة الإحتلال على دراية كافية بواقع العراق السياسي , حيث إنها لم تتمكن من إختراق نظامه السياسي وبخاصة منظوماته العسكرية والأمنية والمخابراتية لتحديد مكامن ضعفه وقوته , وزادت الطين بلة بهدمها جميع مؤسسات الدولة بعامة , والعسكرية والأمنية بخاصة , بدلا من توظيفها لأداء وظائفها لضبط أمن البلد , الأمر الذي أفقدها القدرة على تسيير شؤون الدولة , لتعم الفوضى في مفاصلها , وتتصاعد عمليات المقاومة المسلحة ضدها,
وتفقد البلاد أمنها وإستقرارها والتي هي أهم متطلبات أي نظام حكم ديمقراطي .
3.لم تتمكن الجماعات السياسية المتعاونة مع قوات الإحتلال من إدارة البلاد , لضعف كفاءتها وفسادها وقلة خبرتها لاسيما أن قادتها لا يملكون أية قاعدة شعبية لهم داخل العراق عند تشكيل مجلس الحكم والحكومات التي إنبثقت عنه فيما بعد.
4.أدخلت سلطة الإحتلال نظاما سياسيا هجينا قائم على المحاصصة الأثنية والطائفية عبر تشكيل مجلس الحكم , وتكريسه فيما بعد بدستور العراق والحكومات التي تشكلت بموجبه فيما بعد , وهو أمر يتعارض مع مبدأ المواطنة الأساس الصحيح لبناء أي نظام حكم ديمقراطي .
5.أدى نظام المحاصصة الطائفية والأثنية إلى تأجيج الصراع بين الطوائف والقوميات والديانات والإقتتال فيما بينها على أساس الهوية بدلا من التكاتف لبناء العراق الذي أنهكته الحروب والصراعات سنيين طويلة , ناهيك عن التوجه لبناء عراق ديمقراطي حر يتمتع فيه الجميع بخيراته بأمن وأمان.
6.فتح نظام المحاصصة شهية الدول الإقليمية والدولية للتدخل بشؤون العراق وتأجيج الصراعات بين أبناء البلد الواحد لأسباب شتى , منها دوافع طائفية , ومنها سعيها لإفشال المشروع الأمريكي الذي يهدد دولها بدعوته لبناء شرق أوسط جديد متخذة من العراق نقطة إنطلاقها .
7.تعدد ولاءات قادة التنظيمات السياسية التي إستلمت سدة الحكم بعد غزو العراق , فمنهم من هو مرتبط بسلطة الإحتلال , ومنهم من يدين بالولاء لهذه الدولة أو تلك من دول الجوار التي تمولها بالمال والسلاح بهدف بث الفرقة بين أبناء البلد الواحد لتحقيق موطئ قدم لها ونفوذ في العراق لخدمة مصالحها التي لا تمت بصلة لمصلحة العراق.
8.لا يمتلك الكثير من قادة التنظيمات السياسية حسا وطنيا نقيا مرهفا لا تشوبه أية شائبة بسبب تمتعهم بجنسيات دول أجنبية , متخذين من هذه الدول موطنا لهم ولعوائلهم وكأنهم في نزهة في العراق او في رحلة عمل مؤقتة لجني أرباح سريعة وطائلة من أموال سائبة, والعودة من حيث أتوا بعد إنتهاء المهمة.
9.قيام قادة التنظيمات السياسية بتعطيل منظومات التعليم ليعم الجهل بين الناس, وتعطيل القضاء العادل والنزيه ليعم الفساد ونهب المال الخاص والعام وعبث العصابات المسلحة والجريمة المنظمة.
10.إشغال الرأي العام بأمور هامشية وصراعات تافهة لا تقدم ولا تأخر , وإفتعال أزمات حياتية يومية يبدو لا نهاية لها,تارة أزمة كهرباء أو أزمة وقود, وأخرى أزمة شحة مياه صالحة للشرب , وتارة سيول وأخرى جفاف , أو مواد أغذية أو أدوية فاسدة ومنتهية الصلاحية , فضلا عن حالات الخطف والسلب والنهب .
وإزاء أحول كهذه كيف يمكن لأي بلد بناء نظام ديمقراطي حر ومستقل والناس يكابدون الأمرين, حيث يفتك بهم الفقر والجوع والمرض وتنتشر في صفوفهم الأمية ويعم الفساد في جميع مرافق الحياة ومؤسسات الدولة وينهب المال العام جهارا نهارا دون رقيب أو حسيب , وتباع وتشترى فيه المناصب الوزارية والقيادية وعضوية مجلس النواب في سوق النخاسة جهارا نهارا. إن ما حاصل حاليا في العراق هو تقاسم سلطة بين جماعات باتت تمتلك من المال والسلاح والسلطة ما يضمن لها الإستحواذ على الحكم بعيدا عن الحساب والمساءلة, في بلد تسوده فوضى عارمة وليست فوضى خلاقة كما وصفتها الإدارة الأمريكية عند غزوها وإحتلاله العراق, وهكذا يبدو العراق اليوم عصيا على الديمقراطية ولو إلى حين.



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة العشائرية في العراق ... عودة جاهلية
- التلوث البيئي في العراق ... مسؤولية من ؟
- التربية والتعليم في العراق ... جمود فكري وتخلف حضاري
- ثقافتنا هويتنا
- التظاهرات الإيرانية .... قراءة موضوعية
- الديمقراطية وأحزاب العراق السياسية
- فوضى التعليم العالي في العراق... التعليم الأهلي إنموذجا
- كركوك وتداعيات إستفتاء إقليم كردستان
- إستقلالية الجامعات
- نظرة في التركيبة السكانية لدول الخليج العربي
- إنقلب السحر على الساحر .... وإنكشف المستور
- لمصلحة من تقرع طبول الحرب ؟
- مكافحة الإرهاب : هل أضلت قمة الرياض طريقها ؟
- نسمع جعجعة ولا نرى طحينا .... الإصلاح أفعال لا أقوال
- بعض تداعيات قانون الحشد الشعبي
- التواجد التركي في العراق .... كيف نفهمه ؟
- تحرير الموصل ومعاول التفتيت أ.د.داخل حسن جريو عضو المجمع الع ...
- أحزاب الإسلام السياسي والمؤسسة العسكرية التركية
- الأحزاب السياسية العراقية وقدرتها على التغيير
- التشكيلة الوزارية العراقية الجديدة ... مدخلا للإصلاحات المنش ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - هل بات العراق عصيا على الديمقراطية ؟