أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - خلاصة تجربة إبراهيم مالك














المزيد.....

خلاصة تجربة إبراهيم مالك


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6067 - 2018 / 11 / 28 - 20:31
المحور: الادب والفن
    


خلاصة تجربة إبراهيم مالك



المتعة والسلاسة من مقومات العمل الجيد، ودائما نقول إذا حضرت المتعة فقد تم تحقيق المهمة الرئيسية، أن نقرأ أدبا يعني ذهاب إلى عوالم مختلفة، في هذا الكتاب سنجد الأسطورة والتراث، وسنجد اللغة الجميلة الحاملة للأفكار المطروح، ونجد نصوصا تتناسب والطبيعة عصر السرعة والنت، وعندما يستخدم الكاتب/ الشاعر الإيحاء أو الرمز ويبتعد عن الطرح المباشر، فإن هذا يعني احترامه لعقلة المتلقي الذي يفكر ويتوقف عند ما يقرأ، وأن يقدم لنا صورة (محايدة) لأفكار كانت مقدسة، يشير إلى قناعة السارد/ الشاعر بقارئه:

"(عينات ـ 1)

ما أعظم ما توحي به وتتحدث عنه أسطورة سومرية

تروي أن مجلس الآلهة انعقد ليُسائل أحد آلهته:

عمن أعطاه الحق أن ينتهك أحد أبسط حقوق صبية

رآها من عليائه تستحم عند ضفة نهر

فانقض عليها وانتزع عذريتها بصلف غرور" ص11.

رغم قسوة الحدث إلا أن طريقة تقديمه كانت ناعمة، فالشاعر لم يبدأ بالحدث المؤلم، بل بتقديم جميل ومشوق "ما أعظم" كما أن البعد الزمني بيننا وبين الحدث السومري يريحنا، لأنه غير متعلق بنا، فهو متعلق بعالم ماضٍ، يعتمد على الأسطورة، وهذه إضافة أخرى تحررنا/ تخفف من وقع الحدث علينا، فطريقة التقديم مهمة كما هو الحال بالنسبة للفكرة التي تقدم، هذا المشهد يمكننا أن نسقطه على واقع الاحتلال الآن، ويمكن أن نسقطه على تحرش الأقارب بالفتيات أيضا، وهنا تكمن أهمية طريقة تقديم الفكرة، فهي توافق أي حالة نريدها/ نتعرض لها، كما أن اللغة جاءت بسيطة وسهلة تنساب بسهولة إلى المتلقي.

"أنكيدو يا ابن الطبيعة الحياة

ويا نقيض كل ما كانه كلكامش وحاشيته

من قضاء عسكر، وكتبة قصر، بغايا وكهنة معبد،

فقدت حريتك وأفقدتنيها

لحظة سقطت في شباك من أغروك

بمتعة جسدية عابرة!" ص12

يقدمنا الشاعر من ملحمة جلجامش وما فيها من أفكار إنسانية، فحالة أنكيدو وما تعرض له من ظلم، إن كان من خلال سبب خلقه من الآلة، أو من خلال الطريقة التي تأنسن فيها، أو من خلال

موته، حتى أن مغامراته كانت قاسية، الجميل في هذا المقطع أن الشاعر يجعلنا نتوقف عند أحداث الملحمة، فهناك أكثر من حالة ظلم حدثت في الملحمة، منها البغي التي ضاجعها أنكيدو لسبعة أيام متتالية، ثم لعلنها بعد أن وقعت عليه لعنة الآلهة، كما أن هذا المرأة التي تحملت مضاجعة وحش بري أُهملت من سارد الملحمة وكأنها غير موجودة، علما أنها هي من أنسنة الوحش أنكيدو وتحملته بوحشيته، والمذهل في المقطع أنه يعطينا فكرة (تفاهة) المتعة بعد أن نحصل عليها، فهي أقل من أن نعطيها كل هذا الاهتمام، وهذا الوقت، التفكير، الأرق، لأننا سنجدها عادية وغير ذات قيمة كما كنا نتوقعها، وهذه المتعة/ الشهوة نجدها تافهة من كلا الطرفين، أنيكدو والبغي، فكلهما وجد تفاهة وسطحية الجنس بعد أن مارساه، وكأن الشاعر يريدنا أن نصل إلى فكرة أن على الإنسان أن يشبع/ يقتنع/ يتوقف عن السعي للشهوات؛ لأنها تزول بمجرد الوصول إليها.

ويقدم فكرة اجتماعية المجتمع فيقول:

"قلت يا عبد الله

علمتني أسطورة "القرية الضائعة" الأشبه بقريتي

أن سر ضياعها، فقدانها واندثارها هو إنسانها

"سادتها الأحرار" وعبيدهم" ص15

الجميل أن الطريقة تقديم الدعوة للعمل جاءت بشكل محايد، فالشاعر يتحدث عن موضوع بعيد عنا "قرية ضائعة" وهي أسطورة، وهنا تكمن أهمية الشكل في تقديم الفكرة، فالشكل مهم وضروري، خاصة في عصر فقدت فيه الخطب والمواعظ المباشرة أثرها ولم يعد يهتم بها.

رغم الألم والقهر الذي يثقل كاهل الفلسطيني، إلا أن الشاعر قدمه لنا بطريقة شبه محايدة، يقول في (عينات ـ2):

"كم استنزفني الحنين الموجع إلى طفولتي المسروقة،

لأعود كالأطفال أحفن حباب ترابك يا وطني!

وأخفيها عميقا في عتمة روحي

فلا يسطو قراصنة البر على ما تبقى من تراب." ص47

الجميل أن الشاعر يتحدث عن طفولته، وعن ألمه الشخصي، وحنينه لمرحلة الطفولة، وخاصة اللعب بالتراب، لكن الشاعر في المقطع الأخير نجده يشير إشارة إلى "القراصنة"، وكأنه بهذا اللفظ يؤكد امتعاضه وسخطه على كلمة "احتلال"، لهذا لم يرد حتى أن يوردها في نصه، لكي لا تشوه/ تلوث النص، ولا تعكر مزاج الشاعر والقارئ.

المسيح الفلسطيني حاضر في هذا الكتاب، فالشاعر يضمن كتابه العديد من أقوله منها:

"كم يبهرني قوله

"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان

فمن يومها بات خبزي كفاف يومي

وبت أعيش وقتي

بحثا عن زيت حياة" ص20

هذا الاستخدام يقربنا من السيد المسيح ومن تعالمه وأفكاره التي تمردت على التمسك بالشكل/ بالنص الحرفي للشريعة، فالشاعر يجد في هذا القول طاقة تقدمه إلى الأمام من هدفه الأدبي، لأنه غذاء الروح والعقل والنفس.

والشاعر لا يتعامل/ يأخذ الإنجيل ككتاب مقدس جامد بلا روح، بل يأخذه كما هو، كما جاء متمردا على أولئك الذين تعاملوا مع الشريعة كحجر مقدس، وليس كروح/ كشيء قابل للتكيف مع الواقع والعصر، من هنا يقدم لنا هذا المقطع:

"أحبوا كارهيكم، فليس ثمة ما نكره في هذه العامرة، حين تخلص من شرور الجشع وما يترتب عنه من عنف ووجع" ص69، فالشاعر يقدمنا أكثر من الفكرة التي أرادنا المسيح أن نعمل بها، "أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين سيئون إليكم ويطردونكم"، بحيث أنه لا يريد لهؤلاء المؤذين أن يكونوا أصلا، ومن هناك ينتهي/ يتوقف العمل بقول السيد المسيح، لأنه لم يعد هناك أشرار، وهذه الثورة التي قدمها "إبراهيم مالك" ما كانت لتكون دون وصوله إلى هضم واستيعاب وفهم ما وراء كلمات المسيح، لهذا قدمها لنا بهذا الكل الثوري الجديد.

الكتاب من منشورات مطبعة سما، معليا، الطبعة الأولى 2015.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللفظ والمضمون في قصيدة -من أنا- سلطان الخضور
- الأهل والأصدقاء
- مناقشة ديوان -أمشي إليها- للشاعر سامح أبو هنود
- -غوايات الماء- سامح كعوش
- قصيدة -ضياء تشرين- موسى الكسواني
- الفعل والحرف في قصيدة -أنا من تعبت- جروان المعاني
- جلد الذات في رواية -درب الحيب- باسم سكجها
- المسؤول
- مناقشة قصائد عمار خليل
- دور القصيدة في ديوان -حارس المعنى- أحمد الخطيب
- المد في رواية -بحر تموت فيه الأسماك- ممدوح أبو دلهوم
- قصائد عمار
- الأيتام مشاريع العظماء خليل حمد
- التنوع والتعدد الأدبي في مجموعة -مسا ... فات- سمير الشريف
- مسرحية زمن الخيول البيضاء
- مناقشة قصائد مختارة للشاعر أمل دنقل
- المسرح الفقير في مسرحية -رأس عروس-
- البطل الجماعي في مسرحية -مروح ع فلسطين-
- أمل دنقل
- مهرجان فلسطين الوطني للمسرح -مسرحية سراب-


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - خلاصة تجربة إبراهيم مالك