أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بلال الهنا - تربية الرأسمال البشري بالمنظومة التربوية المغربية














المزيد.....

تربية الرأسمال البشري بالمنظومة التربوية المغربية


بلال الهنا

الحوار المتمدن-العدد: 6063 - 2018 / 11 / 24 - 22:17
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


تربية الرأسمال البشري!؟
في بعدها الاستراتيجي، على التربية أن تكون وسيلة لجعل الصغار يفكرون فيما هو أبعد من مستقبل الكبار. على أن مجتمع الكبار أضحى محكوما بشروط مادية قاهرة و فوضوية تتشابك فيها الغايات بالوسائل و تختلط فيها النتائج بمقدماتها و تناقض مخرجاتها جزءا كبيرا من مدخلاتها.
فتربية المستقبل الذي نريد ترتكز أساسا على الخروج من واقع فوضوي مرتبك إلى واقع استراتيجي منظم، أو بتعبير "لينين" من الحلم بواقع غبي إلى مثالية ذكية. و هؤلاء الذين يعيبون على هذه المثالية جنوحها لملء عقدة الهوة بين فقر الممارسة و تخمة التنظير لا يكفون بدورهم عن إعطائنا دروسا في فن الخضوع للأمر الواقع و الذوبان في النظام العام لسير الأشياء. هذا النظام الذي يحدد معالم الطريق و الخطوط الكبرى لممارسة فعل التربية و التنميط و الانصياع و الذي يجبر الخاضعين له على التفكير داخل دائرته و اعتبار كل تجديد في برامجه ينبغي أن يكون مشروطا بمدى استجابتها لإملاءاته. و إلا فإن كل شرود عن هذه المعالم يعتبر جريمة تستحق العقاب. مما يجعل أية منظومة تربوية لا تساير هذا النمط التربوي المفروض دوليا و أحاديا عرضة لتذيل الترتيبات و التصنيفات السوداء فيما يخص مجال التنمية البشرية و المعرفة.. و من ثم الحكم عليه بالتخلف و الشيطنة و الإقصاء الممنهج.
لم و لن تكون أية ممارسة تعليمية تعلمية تربوية إلا إذا تجردت من الحسابات اللاتربوية الضيقة، و في هذا الصدد نجد مثلا أن المجلس الأعلى للتربية و التكوين لا يكف منذ أن تم تأسيسه عن قرع جرس الإنذارات الموسمية و الإفصاح عن المؤشرات الخطيرة التي تعلن في كل يوم عن خروج قطار المنظومة التربوية عن سكته الصحيحة، فإذا بنا نكتشف أن هذا المجلس هو الآخر لا وظيفة له سوى إعادة ترديد نوتات الحزن و الأسى تلك التي يبكيها صندوق النقد الدولي و البنك الدولي على فلذات أكبادنا.. و يا للمفارقة عندما ينعي الجلاد ضحيته!!
فمن المغالطات الإبستيمولوجية التي ترتكب في حقل علوم و غايات التربية في بلدنا هو انتقال المدرسة من لعب دور تكوين مجتمع العلم و المعرفة إلى تكوين مجتمع الرأسمال البشري، أو ما يطلق عليه رأسملة الإنسان، أي تبضيعه و جعله وسيلة كسائر الوسائل التقليدية للإنتاج داخل سلسلة الربح السريع.
هذا الاختراق الرأسمالي الفج للنسيج الاجتماعي التربوي لمنظومتنا التعليمية سيكون بريئا لو أن هذه المشاريع التربوية كان الدافع وراءها وطنيا محضا يتغيا تحريك الجمود المعرفي و التقني في مجال تطوير الصناعات الوطنية المستقلة و مواكبة الكفاءات و الابتكارات في شتى العلوم الإنسانية و الدقيقة، و التي تعبر عن حاجة المغرب إلى الانعتاق من دوامة الخضوع لإملاءات أبناك القطب الاقتصادي المهيمن أو ابتكار حلول فعالة للحد من نزيف مراكمة الديون الخارجية و الداخلية التي تضع الوطن و أجياله المستقبلية رهينة في أيدي جلاديه و ناهبي ثرواته، مما يكرس السلبية في صفوف النشء الصغار و يدمر استقرار الصحة النفسية للآباء و الأبناء على السواء كما ينذر بقدوم مستقبل ضبابي أسود. اللايقين حسب تعبير "إدغار موران".
التوجه الممنهج نحو رأسملة المتعلم(ة) المغربي عبر هذه المخططات و الإملاءات التخريبية هدفه بالأساس جعل المدرسة المغربية وسيلة تفريخ رأسمالية تواكب المتعلمين عبر برامجها المنتقاة بطريقة مريبة حتى يصبحوا "خماسة" مؤهلين ليحترفوا حرفا يدوية عبر التكوين المهني أو تحصيل معارف تقنية روتينية آلية ليتم تشغيلهم بأجور زهيدة في ظروف إنتاج لا إنسانية لدى مقاولات أجنبية استغلالية، أو أجراء لدى مصانع و مؤسسات فئة قليلة من أبناء طبقة النفوذ المالي و الريع السياسي الذين تمكنوا في المقابل من ولوج مدارس البعثات الأجنبية و المعاهد العليا للتجارة و التسيير المالي و الإداري و إدارة الأبناك و التكنولوجيا المتطورة حيث تطغى فيها تعلم و اكتساب آليات و علوم الربح السريع و فنون الاستغلال و النهب و الافتراس في إقصاء شبه تام للجانب القيمي و الأخلاقي. و هذا ما يزيد من تفاقم المشكل و توسيع الشرخ الطبقي الذي يغذيه الإفراط في إقصاء كل ما له صلة بتدريس القيم و الأخلاق و الشعور بالانتماء الحقيقي للوطن و ثوابته، و ذلك ما من شأنه أن ينعكس سلبا على البنية الثقافية و الاجتماعية المتوازنة للمجتمع المغربي. كما من شأنه أيضا أن يخلق فئة من جيل عاطل عطالة لاإرادية عن الإنتاج و العمل، أو بالأحرى لا يريد المساهمة في الرفع من مؤشرات التنمية الحقيقية، مع إصرار فئة مستفيدة من تعليم فائق الخصوصية hyperprivate على أن تظل مقتاتة على عرق هؤلاء المتعلمين "الخماسة" الكدح و الذين لم يستشاروا يوما في صياغة أو تنزيل تلك الخطط العبثية التي أوصلتهم إلى مستقبل لم يكن فيما سبق إلا حاضر آبائهم. أو كما جاء في القرءان الكريم "كلما دخلت أمة لعنت أختها".
إن الذي يلزمنا للخروج من عنق الزجاجة هو الوعي أولا بخطورة هذا الانحذار و إدراك انعكاساته المدمرة لنفسية المتعلم المغربي على المديين المتوسط و البعيد. ثم التركيز ثانيا على تشجيع مبادرات التجديد و التطوير البيداغوجي من داخل كفاءات المنظومة التربوية المغربية بما يخدم الصالح المغربي الشعبي العام. مبادرات تحظى باستقلالية علمية و إجماع وطني شعبي.
كما على المجلس الأعلى للتعليم أن يضع في أولوياته الاهتمام بالبشر أولا و أخيرا عبر التخطيط لتربية المستقبل التي لا مجال فيها للارتجال و العشوائية. تربية هدفها بناء التوازن النفسي و الاجتماعي للمتعلم المغربي و تعليمه مبادئ الحياة المشتركة و التعاون التشاركي الهادف بدل التركيز على رأسملته و تسليع ذكائه و الإفراط في عزله عن محيطه، و جعله عقلا بناء لا معولا هداما.



#بلال_الهنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بلال الهنا - تربية الرأسمال البشري بالمنظومة التربوية المغربية