أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (1)















المزيد.....



قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (1)


ناصر بن رجب

الحوار المتمدن-العدد: 6063 - 2018 / 11 / 24 - 20:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدّمة
بعد أن نشرنا منذ بضع سنوات، هنا في موقع الحوار المتمدّن، أوّل مقال بهذا العنوان على أمل أن يكون فاتحة سلسلة من المقالات والدّراسات حول سيرة محمّد يقع تناولها على ضوء الكتابات المقدّسة الأخرى وبالأخصّ منها سِيَر أنبياء ورُسُل العهديْن القديم والجديد. إلاّ أنّ مشاغل أخرى حالت بيننا بين المواصلة في هذا المشروع.
وقد تعرّضنا في ذلك المقال، كافتتاح لسلسلة المقالات التي كنّا عازمين على إنجازها، للرّوايات الإسلاميّة حول مولد نبيّ الإسلام وما حفّ بذلك الحدث من معجزات وخوارق كونيّة، رُوِيَ أنّ بعضهم رآها رؤيا العين، كدليل على خطورة هذا الحدث الجَلَل وما سيكون له من انعكاسات مستقبليّة على سكّان المعمورة بأسرها؛ وقد عقدنا بعض المقارنات لما جاء في الأناجيل بخصوص ميلاد عيسى بن مريم (يسوع المسيح) وما حَبلت به كتب التّراث الإسلامي في هذا الموضوع ورفعنا الغطاء عن العناصر المشتركة بين هذين التّقليديْن.
ولكن قبل أنّ نغوص في هذا الموضوع الذي يطمح لإقامة مقارنات بين المأثورات اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة لغايتين رئيسيّتين: الكشف عن القواسم المشتركة من حيث المحتويات، وأساليب التبليغ، وعلى الأصول اليهوديّة والمسيحيّة لأقدم السّرديّات الإسلاميّة؛ وبالتّالي إقامة الدّليل على أنّ تدوين التّراث الإسلامي لم يتمّ بمعزل عن الوسط الثّقافي، والاجتماعي، والديني لمجتمع الشرق القديم وبمعزل عن التقاليد التي كانت سائدة في تلك الفترة؛ وذلك على عكس ما روَّج له أولئك الذّين أعطوا الإسلام ملامحه الأولى وأسّسوا قواعده التّي بنى عليها من جاء بعدهم من أخباريّين، ومُحدِّثين، وفقهاء... وما يُروِّج له "حماة الهيكل" الإسلاميّون المعاصرون.
من الشفوي إلى الكتابي:
إنّ المرويّات الشفويّة، التي دُوِّنت بعد سنوات وحتّى قرون من زمن حدوثها المُحتَمَل، تطرح قضيّة المعاينة الفعليّة من طرف شهود عيان نقلوا لنا مباشرة مواصفات وظروف هذه الأحداث "التّاريخيّة" والمعجزات الخارقة. فمثلا، القصص التي احتفظت لنا بها أقدم المأثورات المسيحيّة عن حياة يسوع المسيح لم تظهر إلى الوجود إلاّ بعد حوالي أربعين سنة تقريبا على وفاته (مع إنجيل مرقص)، ناهيك عن القصص والأساطير المتعلّقة بأنبياء بني إسرائيل الضّاربة في القدم. أمّا تدوين السّيرة المحمّديّة فإنّه تمّ حوالي 150 سنة بعد وفاته فيما دوّنه لنا ابن إسحاق. والملفِت للنّظر أنّ بعض مَن كتبوا في دلائل النبوّة كانوا في كلّ مرّة يطرحون السّؤال التّالي: "ومَن سَلَّم لكم أنّ هذا قد كان على ما وَصفْتُم لنا؟ وكيف علِمتم هذا؟ وما طريق العلم به؟ (عبد الجبّار الهمذاني، تثبيت دلائل نبوّة نبيّنا محمّد، ص 48)، أسئلة في غاية الأهميّة. ولكن السّائل يقف هنا ولا يتقدّم قيد أنملة. وجوابه الوحيد على هذا أنّ الحدث، الإسراء في هذه الحالة، جاء في القرآن، وهذا يحتِّم التّصديق به، أو أنّ مَن رواه لنا هُم رجال ثِقاة، أي سلسلة الإسناد ذائعة الصّيت المتكوِّنة من صحابة وتابعين وتابعي التّابعين... إلخ
هناك حجّة أخرى لا ينفكّ المدافعون على صحّة التّراث الإسلامي، وحتّى غير الإسلامي، وسلامته من التّحريف تتمثّل في تأكيدهم على أنّ الذّاكرة، وخاصّة في المجتمع القَبَلي العربي، كانت من القوّة والأمانة في النّقل إلى درجة يصعب معها الطّعن في الذّكريات التي ترويها لنا، والتّشكيك في سرديّاتها المتعلِّقة بالأحداث، والأماكن والأزمنة التي دارت فيها، والأشخاص الذين خاضوها.
هنا، ولكي نفهم جيّدا ما إذا كان باستطاعتنا أن نُعطي الذّاكرة، حتّى وإن كانت "قويّة" أو زُعِم أنّها كذلك، ثقة تامّة في النّقل بحيث يُعوَّل عليها بلا أدنى تردّد، لا بدّ لنا من وقفة مطوّلة مع الباحث بارت أهرمان في كتابه "يسوع قبل تدوين الأناجيل" « Jésus avant les Évangiles ». فالكاتب يطرح بكلّ جديّة إلى أيّ حدّ يمكن أن نثق في الذّاكرة وكلّ الرّوايات التي نقلها لنا التّراث الشفوي المسيحي والذي كوّن المادّة الأساسيّة لتدوين الأناجيل في السّنوات وحتّى القرون اللاّحقة. إنّ ما تعرّض له أهرمان بخصوص تدوين سيرة يسوع ينطبق انطباقا ملحوظا، مع مراعاة بعض الخصوصيّات هنا وهناك، على الظروف والملابسات التي حفّت بتدوين السيرة المحمّديّة والتّراث الإسلامي عامّة.
يقول أهرمان في مقدّمة كتابه المذكور آنفا:
"لقد انْصَبّ اهتمامي بيسوع التّاريخي منذ اللّحظة التي بدأت فيها دراسة العهد الجديد في منظور أكاديمي جامعي، في نهاية السّبعينات. في تلك الفترة، كان بعض من أساتذتي يدرِّسون ما يمكننا سماعه حتّى في أيامنا هذه: أصل الأناجيل يتمثّل في تقارير شهود عيان؛ ولهذا فإنّها يمكن أن تُقبَل باعتبارها موثوقة تاريخيّا؛ فشعوب ذات الثّقافات الشفهيّة (مثل ما هي الحال في العالم الروماني القديم) كانت تتمتَّع بذاكرة أفضل من ذاكرتنا نحن اليوم؛ ومثل هذه الشّعوب حافظت باستمرار وبكلّ دقّة على تقاليدها الماضية، وذلك بحكم أنّها لم تكن تعرف لا القراءة ولا الكتابة وبالتّالي لم يكن متاحا لها أن تنقل كتابيّا تصوّرَها للماضي.
هل هذه الأطروحات ما زالت محلّ ثقة؟
قبل بضع سنوات، استطعت أن أدرك مدى ما كانت تقدّمه دراسة الذّاكرة، التي يقوم بها مختصّون لم يكونوا يبحثون تحديدا في العهد الجديد، من معلومات ذات قيمة رفيعة بخصوص هذه المسائل التّاريخيّة والأدبيّة. يتعلّق الأمر بمختصّين من مختلف الميادين التي تتمتّع بحضور جيّد في البحوث الجامعيّة من علم النّفس إلى علم الاجتماع وبالأخصّ الأنثروبولوجيا. فقد اتّضح جليّا أنّ معلوماتهم تتمتّع بأهميّة خاصّة لفهم كيف استطاع المسيحيّون الأوائل رواية وإعادة رواية الحكايات المتعلّقة بيسوع، بعد موته ولكن قبل تأليف الأناجيل. خلال هذه الفترة الغامضة من النّقل الشفهي كانت الحكايات تدور بين شهود العيان، وأكثر من ذلك بين مَن كانوا يعرفون شخصا كان لِإِبْن عمّه جارٌ كان قد تحدَّث مرّة مع شريك له في الأعمال كانت أمّه، لخمسة عشر عاما خَلَت، قد تحدّثت مع شاهد عِيان الذي كان قد أسرّ لها ببعض الأشياء بخصوص يسوع... [نتعرّف هنا على سلسلة العَنْعَنة الشّهيرة التي تُشكِّل الركيزة الأساسيّة لمصداقيّة التّراث الإسلامي (المترجم)].
والسّؤال المطروح هو كيف لهؤلاء، في نهاية فترة النّقل هذه، كانوا يتعرّفون على قِصَصِهم حول يسوع؟ فهل كانوا يتذكّرون جيّدا ما كانوا قد سمعوه من الآخرين (الذين كانوا هم أنفسهم قد أُخْبِروا من طرف أشخاص آخرين، الذين هم بدورهم كانوا قد أخبروا بأناس مغايرين آخرين)؟ هل كانت هذه القصص التي كانوا يروونها عبارة على محاضر جلسات دقيقة لما كانوا قد سمعوه؟ أم هي أحاديث ضبابيّة لما يمكن أن يكون يسوع قد قال وفَعَل؟ إلى أيّ درجة يمكن أن تكون هذه القصص قد تغيَّرت وتحوّرت خلال المدّة الممتدّة بين أربعين وخمس وستّين سنة التي تفصل بين موت يسوع وأولى الرّوايات عن حياته؟ ما هي نسبة ما احْتُفظ به بكلّ دقّة وموثوقيّة؟
(...)
اليوم، يتذكّر النّاس، المؤمنون وغير المؤمنين، يسوع بأشكال شتّى. وكانت هذه هي الحال دائما، حتّى عند أولئك الّذين كانوا أوّل من تذكَّروه، وحتّى عند حواريّيه، وعند كتّاب أناجيلنا. بعض هذه الذّكريات هي صحيحة بدون شكّ؛ وبعضها الآخر يمكن أن يكون قد حُرِّف. ولكنّها كلّها مُفيدة لإعادة بناء الماضي وفي نفس الوقت لفَهم القُوى الشخصيّة والاجتماعية التي تدفع النّاس لتَذَكُّر الماضي بالطّريقة التي يقومون فيها بذلك.
إحدى الصّعوبات التّاريخيّة التي تضعها الأناجيل تتمثّل في كونها لم تُدوَّن في حياة يسوع، ولا في الأسابيع أو الشهور أو حتّى الأعوام التي جاءت بعد موته. إنّ الباحثين المتخصّصين في العهد الجديد أظهروا منذ مدّة طويلة أنّ الأناجيل كانت قد كُتِبت لاحقا بعد موت يسوع بعشرات السّنين. فهم يعترفون منذ أكثر من قرن أنّ أقدم هذه التّقارير التي كُتِبت عن أقوال وأفعال يسوع هي مبنيّة على قصص كانت قد انتشرت شفويّا خلال الأربعين أو الخمسة وستّين عاما التي تَبِعت موتَه.
وهذا يثير سلسلة من التّساؤلات الهامّة جدّا والتّي لم ينتبه لها أبدا الكثيرون: من كان يروي هذه القصص؟ هل هم فقط الحواريّون الإثنا عشر وشهود عيان آخرون؟ أم كان هناك أشخاص آخرون؟ وأولئك النّساء والرّجال الّذين سمعوا هذه الحكايات من شهود عيان، هل قاموا هم أيضا برواية هذه القصص؟ هل من الممكن أن تكون هذه الأخبار قد كانت قد رُوِيت من قِبل أشخاص كانوا يعرفون أشخاصا آخرين زعموا أنّهم سمعوها من أفواه أشخاص آخرين يكونون قد عرفوا أشخاصا آخرين الذين كانوا هم أنفسهم قد التَقوا بشهود عيان؟ ما هي الحالة التي تُصبِح عليها هذه الشّهادات عندما تتداول هذه الأخبار شفهيّا من شخص إلى آخر يوما بعد يوم، وعاما بعد عام وعقْدا بعد عِقد، قبل أن يقع تدوينها كِتابة؟
لم يقع التّفكير دائما بأنّ الأمر كان يتعلّق هنا بموضوع خطير ومثير للقلق، بالرّغم من أنّه بكلّ تأكيد يمثّل مشكل هائلة. فنحن نعرف جميعا من خلال تجربتنا الشخصيّة إلى أي حدّ تتغيَّر الأخبار وهي تنتقل من شخص إلى آخر، وحين يُعاد قَصُّها من جديد (ناهيك عن الحكايات التي تهمُّنا شخصيّا)، حتّى بعد بضع ساعات، أو بضعة أيّام، أو أسابيع، أو أشهر، أو سنوات وحتّى بعض العقود. فكيف يمكن أن نتصوّر أنّ الأخبار التي وقع تداولها بخصوص يسوع لم تعرف هذا المسار من التّحوير والاختلاق الذي نجرّبه نحن أنفسنا باستمرار؟
ومع هذا، هناك بعض الأشخاص، بما فيهم بعض المختصِّين، أكّدوا على أنّ هذا المسار كان مختلفا مع يسوع. يجب أن نتصوّر نقلا مُغايِرا ومُبتَكرا مع يسوع، هذا الرّجل الذي عاش في فلسطين في القرن الأوّل. فحسب هؤلاء لا تكون الأناجيل قد كُتِبت بالاعتماد على معلومات، وشهادات من طرف أشخاص آخرين، وقع تناقلها على امتداد عدّة عقود من الزّمن. ولكنّها تكون قد كُتِبت من قِبَل شهود عيان على حياة يسوع. ولكن كيف يمكن أن نَعْرف حقيقة ذلك؟ هذه المسألة جديرة بأن نسبر أغوارها.
وذهب البعض الآخر إلى التّأكيد على أنّ سياق النّقل والاستلام كان مغايرا تماما في ذلك الوقت لما هو عليه في زماننا الرّاهن، إذ أنّه كان يتمّ داخل ثقافة شفويّة. فلا بدّ أنّ حواريّي يسوع كانوا قد سهروا على ضمان دقّة القصص والشّهادات التي وقع تبليغها وتداولها.
وبالنّسبة لآخرين أيضا، كانت شعوب الثّقافات الشفويّة قد طوّرت قدرة مُميَّزة على التذَّكُر، واحتراما كبيرا للتّقاليد حتّى تستطيع المحافظة عليها دون أن تدخل عليها أدنى تحوير أو تلاعُب. فهذه الشّعوب، بحكم افتقارها للكتابة، لم يكن باستطاعتنا التّعويل إلاّ على النّقل الشفهي، وكانت بالتّالي مُجبَرة على التأكّد من عدم دخول أيّ تحوير جوهري على سياق سرد الخبر وعلى إعادة سرده.
كما تخيّل للبعض أنّ حواريّي يسوع، بالخصوص، كانوا قد حَفِظوا عن ظهر قلب تعاليمه زمن حياته [نفس الحجّة عند المُنافحين على خلّو المأثور الإسلامي من التّحريف والفبركة (المترجم)]. وهذا يفترض أنّ يسوع، رَبّي من ربّانيّي القرن الأوّل، كان عازما شديد العزم على أن يرى أقواله وقد حُفِظت بكلّ أمانة الشّيء الذي يؤدّي إلى روايتها بدقّة فائقة وبصحّة كبيرة. وعلى هذا المنوال يُفتَرض أن تكون كذلك الأخبار المتعلِّقة بأعماله قد ثُبِّتت وسُلِّمت مُبكِّرا جدّا للذّاكرة قبل تدوينها في الأناجيل. ولكن هل نحن متأكّدون من كلّ هذا؟
[وهذه التّساؤلات حول المشاكل التي لازمت المرور من الشفهي إلى الكتابي ليست جديدة] فقد أصبحت هامّة جدّا في البحث، أي هاجسا أكاديميّا بشكل من الأشكال، ظهر منذ أكثر من قرن عند المختصّين الألمان في العهد الجديد والّذين عُرِفوا بتأسيسهم "التّاريخ النّقدي للأشكال (لفظة "شكل" هنا تشير إلى الصبغة الأدبيّة لعنصر إنجيلي محدّد)". كان رودولف بولتمان من بين هؤلاء العلماء، وكان مختصّا في دراسات العهد الجديد وأستاذ في جامعة ماربورغ. لقد كان بولتمان وزملاؤه في حيرة من الطّريقة التي بدأت فيها التّقاليد المتعلّقة بيسوع تُتداوَل وتنتشر، ودعموا (خلاف ما يعتقده كثير من النّاس) فكرة أنّ أقوال يسوع والأخبار التي رُوِيت حول حياته طرأ عليها تغيير عميق، ووقع تحويرها و"تهذيبها" [كما هذّب ابن هشام "سيرة" ابن إسحاق (المترجم)]، وحتّى اختِلاقها من طرف قصّاصين، خلال السّنوات التي سبقت تدوينها في الأناجيل".
(...)
ولكن يمكننا أن نتساءل ما إذا كان تغيير الأخبار والقصص عندما تُروى أو تُعاد هي بالضّرورة عمليّة سلبيّة؟ حتما لا. ألا نقوم نحن غالبا بتحوير خبر وفْقا للسّياق الذي نرويه فيه؟ وتَبعا للنّاس الذين نرويه لهم؟ وأيضا بحسب ما نعتبر أنّه الأهمّ في الخبر، والأكثر إثارة وجاذبيّة للمستمِع؟ فنحن، إذ نفعل ذلك، لا نبحث بالضّرورة على المخادعة. فنحن نقوم في الأغلب بشيء مُفيد: روايةُ حكايةٍ على ضوء وضعيّة معاصرة نعيشها، وحسب حاجيات مُخاطبينا. فهل يا ترى كان الشيء مختلفا مع أوائل الرّواة الذين كانوا قد نقلوا الذّكريات المتعلّقة بيسوع؟
إنّ دراسة الذّاكرة لا تقودنا فقط إلى التعرُّف على التغييرات والتكييفات التي طرأت على هذه القصص على مرّ الزّمن؛ فهي تحثّنا كذلك على الاهتمام بالأشكال التي يتذكّر فيها النّاس الأشياء. وبناء على ذلك، يكون من الممكن إذن أن ندرس كيف أمكن تقديم ذكريات متأخّرة أكثر عن يسوع لمستَمِعين مختلفين لكي يساعدنا هذا على فهم النّقاط التي كان الرّواة يعتبرونها الأكثر أهميّة وفقا للسّياقات الخاصّة. وبالتّالي سنكون ربّما قادرين على تكوين فكرة على مَن كان القصّاصون ومُستَمعيهم يتعاملون وعلى ما كانت عليه تجربتهم مع الالَم.
إنّ هذه التّساؤلات تشكّل بالنّسبة لي أكثر المشاكل إلحاحا وأكثر أهميّة التي يمكن طرحها بخصوص موضوع يسوع وأولئك الذين جاؤوا بعده في السّنوات الأولى بعد وفاته. أعيد وأكرّر، نحن لا نمتلك اطّلاعا مباشرا لما قاله يسوع، وما فعله وجرّبه، ولكن فقط لدينا أخبار رُوِيت عنه في وقت متأخِّر جدّا. كما أنّنا نتساءل ما إذا كان مؤلِّفو الأناجيل هم أنفسهم شهود عيان. وحتّى وإن كانوا كذلك، فإنّ الأخبار التي أوردوها ما كانت لتكون بالضّرورة أخبارا صحيحة وموثوقة. فشهادة شاهد عيان هي غالبا ما تكون محلّ شكّ. لقد تناول مُطوَّلا هذه المسألة بالدّرس والتّمحيص أخصّائيون في القانون وعلم النّفس. وأجوبتهم في هذا هامّة ومفيدة لكلّ مبحث وتحقيق يتعلّق بحياة وموت يسوع.
فعندما روى شهود العيان الأوائل أخبارهم بخصوص يسوع فمن الأكيد أنّ مستمعيهم أعادوه على مسامع أناس آخرين ولكن بكلماتهم وأسلوبهم الخاصّ بهم بطبيعة الحال. ثمّ أنّ الذين تلقّفوا هذه الأخبار الجديدة أعادوا صياغتها هم أيضا على طريقتهم وبكلماتهم الخاصّة بهم. ثم جاء آخرون أيضا، وأيضا، سنة تِلو السّنة. لقد وقع تداول الأخبار حول يسوع في "التّقليد الشّفوي" قبل أن يُحرِّر مؤلِّفو الأناجيل قصصهم. فماذا نعرف نحن عن التّقاليد الشّفويّة كما كانت شائعة في الثّقافات الأميّة أو نصف الأميّة؟ فهم كانت هذه الثّقافات الشفويّة تنزع نحو الحفاظ على تقاليدها بكلّ دقّة، وذلك بالرّغم من عدم قدرتها على تدوينها كتابيّا لكي تؤمِّن لها دوامه واستمراريّتها؟ لقد تناول علماء الأنثروبولوجيا مطوّلا هذه المسألة. وأجوبتهم تُنير بقوّة درب كلّ مَن يهتمّ بالتّقاليد الشفويّة المتعلّقة بيسوع.
فالنّاس الذين رووا أخبارا بخصوص يسوع – سواء كان منهم شهود العيان أم أولئك الذين أخذوا ذلك عن شهود العيان، أو أولئك الذين أخذوا عن أناس كانوا قد أخذوا عن أشخاص كانوا بدورهم قد نقلوا مباشرة عن شهود عيان – كانوا يتذكّرون ما كانوا قد رَأوْه وسمعوه. وقصصهم بحدّ ذاتها كانت مبنيّة على هذه الذّكريات. ولكن ماذا نعرف نحن بخصوص هذه الذّاكرة؟ لقد درس علماء النّفس بصورة مكثّفة هذه المسألة منذ نهاية القرن التّاسع عشر. واكتشافاتهم في هذا المجال كانت في الغالب غير مُتوقَّعة، ولكنّها شديدة الصّلَة بالموضوع المتعلّق بالذّكريات المسيحيّة الأولى عن يسوع. فإذا ركّزنا اهتمامنا على الأخبار الكامنة "خَلْف" الأناجيل، يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ما يقوله العلماء في موضوع كيفيّة اشتغال الذّاكرة.
هذا بالإضافة إلى أنّ الذاكرة ليست فقط قضيّة استحضار فردي لأخبار تتعلّق بمثل هذه الشخصيّات التاريخيّة، إذ نجد فيها بكلّ تأكيد مُكوِّنا اجتماعيّا. فالفئات الإجتماعيّة بشتّى أشكالها – العائلات، المنظّمات، الأمم- "تتذكّر" الأشياء وفقا لمحيطها الذي تعيش داخله، وكذلك العلاقات الاجتماعيّة والثّقافيّة. لقد درس علماء الاجتماع هذه الظّاهرة منذ عشرينات القرن الماضي. ولهذا فلا بدّ من أخذ هذا البعد في الحسبان إذا ما أردنا أن نفهم الكيفيّة التي اعتمدتها جماعات (الكنائس والمجموعات المسيحيّة الأولى) لكي تتذكّر يسوع.
(...)
ثم يختم أهرمان مقدّمته بطرح عديد التساؤلات التي يجب وضعها نصب أعيننا في كلّ دراسة تتعلّق بحياة وموت يسوع؛ وهي أسئلة في اعتقادي تظلّ أساسيّة في كلّ البحوث والدّراسات المتعلّقة بالشّخصيّات التاريخيّة وبالخصوص منها الشخصيّات الدينيّة التي راكمت عليها جموع المؤمنين بها، عبر العصور وفي مختلف المناطق التي اعتنقت فيها الشّعوب العقائد التي بشّرت بها هذه الشّخصيّات، ما لا يُحصى ولا يُعدّ من الأخبار والرّوايات الخارقة التي كانت مقبولة في وقت من الأوقات، ولا تشكّل أي إحراج في عقول النّاس، ولكنّها اليوم وفي ظلّ التطوّر الهائل للمعرفة في شتّى الميادين والقفزات النوعيّة التي حقّقتها العلوم الإنسانيّة، أضحت صعبة التّصديق وتطرح تساؤلات شائكة أدّت ببعض المجتمعات، وخاصّة الإسلاميّة، إلى رفض الطّعن فيها رفضا قاطعا، ومجرّد إثارتها وابداء اعتراضات على بعض جوانبها اللاّمعقولة أو التي تصطدم صراحة مع القيم الكونيّة المعاصرة يقود المتديّنين المتطرّفين إلى ممارسة العنف اللّفظي وحتّى التّصفية الجسديّة لمن تُخوّل له نفسه المساس بهذه الشّخصيّات المقدّسة.
يقول أهرمان: "كيف يمكن للذّكريات المتأخِّرة أكثر والمتعلّقة بيسوع أن تساهم في إثبات وقائع حياته، وكذلك أقواله وأفعاله؟ وضمن أيّ تغييرات طرأت على كلّ ذلك وفي حدود أي تعديلات؟ هل تعرّضت الأخبار التي تداولها التّقليد الشفهي إلى تحويرات جذريّة؟ وإلى اختلاقات؟ باختصار، هل كانت بعض الذّكريات حول يسوع على هذه الدّرجة من الهشاشة؟ أو كانت خاطئة؟ هل في مقدورنا أن نحدِّد لماذا تطوّرت الذّكريات عن حياة وموت يسوع على مرور الزّمن؟ وإذا كان هذا هو الحال، هل يمكننا أن نحصل على فكرة بخصوص حياة، وقِيَم، وارتباطات، وصراعات، وهواجس أولئك الذين اتّخذوا القرار بشأن ذاكرة وذكريات أتباع يسوع وبتّوا فيها؟"
إذا سلّمنا بأنّ "الذّاكرة الجَمْعيّة هي بالأساس إعادَةُ بناءٍ للماضي غايتها المواءمة بين صورة الأحداث التّاريخيّة وبين معتقدات الحاضر وحاجيّاته الرّوحيّة"، فإنّه يُصبح من الصعب جدّا أن نقرأ ما مدّنا به التّراث بنفس قراءة السّلف وأن نُلقي عليه نفس النّظرة وأن نسلِّم بكلّ ما جاء فيه دون أن نطرح كلّ أو على الأقلّ بعضا من التّساؤلات التي طرحها أهرمان.

هل الذّكريات تحافظ على وجود أقوى في الثّقافات الشفويّة
غالبا ما قِيلَ لي إنّ قصور ذاكرتنا مرتبط بكوننا نعيش في ثقافة كتابيّة، وذلك على عكس شعوب ما قبل التّاريخ. فشعوب الثّقافات الشفويّة تقوم بصيانة الذّاكرة لأنّها تشكّل بالنّسبة لها ضرورة حيويّة. بالفعل، فهذه الشّعوب لا تستطيع الاعتماد على نصوص مكتوبة.
تمثّل هذه المسألة أهميّة قصوى لدراستنا حول الأخبار المتعلّقة بيسوع والتي كان النّاس قد تناقلوها مشَافهَة من شخص إلى آخر طوال فترة امتدّت من أربعين إلى خمسة وستّين عاما التي فصلت بين موت يشوع وأولى الآثار المكتوبة عن حياته. فإذا كانت شعوب الثّقافات الشفهيّة تحافظ بصورة طبيعيّة على الذّكريات بكلّ دقّة، من رواية إلى أخرى، فمن المفترض أن تكون أناجيلنا شاهدة على ذلك نظرا لكونها وليدة تقاليد شفهيّة. وبناء على هذا، تكون إذن الذّكريات المتعلّقة بيسوع قد حُفِظت بكلّ أمانة عند الأشخاص الذين كانوا لا يعرفون القراءة ولا الكتابة.
وحتّى نحلّل هذا الملف، من المهمّ الاعتراف بأنّ تعميم القراءة والكتابة يقلّل من أهميّة بعض أصناف من الذّكريات. فإذا كان باستطاعتنا أن نسجّل أشياء كتابيّا ثمّ نقرأها فإنّنا لم نعد نشعر بنفس الدّرجة من الحاجة لحفظها في الذّاكرة – اليوم لم نعد في حاجة لكتابة معظم المعلومات الضّروريّة لنا، نستطيع بكلّ بساطة أن "نُڤَوْڤِلها" [أي نبحث عنها ونقرأها في محرّك البحث الشّهير]. لقد تحرّرت عقولنا لصالح القيام بعمل أكثر عمقا وأكثر تطوّرا وتعقيدا. ليس من محض الصّفة أن تكون الإنجازات في ميادين العلم، والتكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات تمّت دائما داخل الثّقافات المُلمّة إلماما كبيرا بالقراءة والكتابة.
يبقى أن نعرف ما إذا كانت الشّعوب ذات الثّقافة غير المكتوبة تُطوِّر ذاكرة أفضل من غيرها. هناك افتراض مفاده وجود آليّات للذّاكرة خاصّ بالثّقافات الشفويّة، الشيء الذي يفسّر نقلا بالسّماع والمشافهة لا يطرأ عليه تشويه ملحوظ في مروره من شخص إلى آخر، ومن عام إلى آخر، ومن حقبة إلى حقبة، ومن قرن إلى قرن... وبحسب هذه الفرضيّة يكون يسوع وأتباعه قد حافظوا بهذه الطّريقة على تقاليدهم بشكل دقيق في سياق ثقافة شفويّة.
قبل كلّ شيء يجب أن نشدّد على أنّ هذا لا يمكن أن يكون صحيحا لأسباب بيولوجيّة. فكما يُوضّح عالم الأنثروبولوجيا الثّقافيّة يان فانسينا Jan Vansina: "لا يوجد إلى حدّ الآن أيُّ دليل على وجود اختلاف جيني وراثي على مستوى المدارك العقليّة بين مختلف الأجناس البشريّة". والإجماع الموجود سواء كان بين علماء الأنثروبولوجيا أو بين مؤرّخي الثّقافة يتعارض تعارضا تامّا مع ما يمكن أن نفترضه بخصوص الثّقافات الشفويّة. وكما أشار إلى ذلك دافيد هينيغه David Henige، فإنّ شعوب الثّقافات الشّفويّة "تنسى على العموم بنفس الدّرجة التي تنسى بها الشّعوب الأخرى". وبما أنّ هذا هو واقع الحال، فإنّ هذه الشّعوب التي تعيش في مثل هذه الظّروف تكون عرضة لأقصى الحرمان مقارنة بالشّعوب الحاليّة التي تعيش في ظروف ثقافات مُتعلِّمة. إنّ شعوب الثّقافة الشفهيّة كانت إذا نَسِيت شيئا فإنّها "تفقده إلى الأبد". أمّا بالنّسبة لنا نحن اليوم إذا نسينا شيئا فلا بعني ذلك بالضّرورة أنّنا فقدناه، إذ أنّنا نستطيع أن نبحث عنه في موادّ مكتوبة.
بالإضافة إلى ذلك، الثّقافات الكتابيّة تستطيع تقييم الحِفظ تقييما دقيقا. فنحن نستطيع نتأكّد من تحقيق شفوي أو كتابي. والمصادر المكتوبة يمكن أن تُقارَن. ولكنّ الوضع يختلف مع الثّقافات الشفويّة، كما أشار إلى ذلك هينيغه:" إنّ التّقليد الشفوي يُدمِّر ولو جزئيّا الرّوايات السّابقة عليه لأنّه يقوم بتعويضها والحلّ محلّها".
التّقاليد الشفويّة ليست مثبتة مرّة واحدة وإلى الأبد، ولكنّها تتغيّر بسرعة، وبشكل متكرّر، وفي العُمق. هذه النّقطة مهمّة جدّا عندما نتناول التّقاليد بخصوص يسوع والتي كانت متداولة في الكنيسة البدائيّة، وسط جماعة عموما أميّة، طيلة الأعوام الأربين أو الستّين الأولى من عمر المسيحيّة، وقبل تأليف الأناجيل.
(...)
وكخلاصة مؤقّتة، يمكننا أن نقول بأنّ هذه السّير، سير كلّ الأنبياء والقدّيسين، ليست وثائق تاريخيّة هدفها سرد الأحداث بموضوعيّة، بل هي بالأحرى تنتمي إلى "الثّقافة الشّعبيّة" بأتمّ معنى الكلمة من حيث هي تركيبات مصطَنَعة بشكل صارخ تتألّف من تراكمات لأخبار ومعتقدات، اختلط فيها ما هو واقعي ثابت بما هو شبه واقعي وما هو أسطوري خارق للعادة، نمت كلّها وترعرعت عبر العصور حاملة في طيّاتها هموم ومشاغل كلّ عصر مرّت به، وكلّ شعب تبنّاها، أو أُجبِر على تبنيّها، لكي تصل اليوم إلى المأزق التّاريخي الذي نشهده أمام أبصارنا، بدليل الصّراع المرير الذي يُصِرّ على خوضه المتزمّتون والمتشبّثون بقدسيّة هذه الأخبار وثبوتيّتها عندهم وخاصّة في معظم المجتمعات الإسلاميّة المعاصرة التي ظلّت إلى اليوم تسمع أكثر ممّا تقرأ، وتشاهِد أكثر ممّا تكتب، بمعنى آخر بقيت مجتمعات شبه أميّة. إلاّ أنّ هذه الصّور المفبركة للأنبياء والقدّيسين بدأت شيئا فشيئا تتمزّق إربا إربا وتتلاشى، ليس فقط تحت الضّربات الموجعة والحاسمة التي ما فتئت العلوم الإنسانيّة تكيلها لها بلا هوادة، بل أيضا بفعل المشاكل التّاريخيّة الملموسة التي تَطْرا الواحدة تلو الأخرى وتفرض حضورها في المشهد دون عقدة نقص أو شعور بالذّنب.
(يتبع)



#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورة الفيل والتّفسير المستحيل!
- مَكّابِيُّون وليسَ مكّة: الخلفيّة التوراتيّة لسورة الفيل(2)
- مَكّابِيُّون وليسَ مكّة: الخلفيّة التوراتيّة لسورة الفيل(1)
- سورة الفاتحة: هل هي مدخَل شعائري لصلاة الجَماعة؟ (2)
- سورة الفاتحة: هل هي مدخَل شعائري لصلاة الجَماعة؟ (1)
- لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (خاتمة)
- لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (6)
- لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (5)
- لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (4)
- لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (3)
- لماذا وكيف يصبح النّص مُقدَّسًا؟ (2) بعض الأفكار حول تاريخ ا ...
- لماذا وكيف يصبح النَّص مُقدَّسًا؟ (1)
- المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد (3)
- المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد! (2)
- المُطَّلِب: إِلَهٌ في نَسَب مُحمَّد! (1)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (4)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (3)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (2)
- سورة النّجم: قراءة سريانيّة-آراميّة جديدة (1)
- لَيْلَةُ القَدْر هيَ... أم ليلة الميلاد؟ (7/7)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناصر بن رجب - قراءات أفقيّة في السّيرة النبويّة (1)