أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6060 - 2018 / 11 / 21 - 20:39
المحور: الادب والفن
    


كما سبق القول، بدأت مغامرته المغربية حينَ كان بعدُ في السويد، من خلال تعرّفه هنالك على بعض مواطني بلد الأطلس. قبل ذلك، في موسكو، كان من بين زملائه في معهد اللغة عدد من المغاربة المنتمين لأحزاب يسارية. " زهراء "، وكانت إحدى أولئك الطلبة، التقى بها في حجرة بالمسكن الجامعيّ تقيم فيها زميلة كردية وأخرى يمنية. لفتت نظره فوراً، بما كان من ميلها إلى المزاح والمرح، لدرجة أنه دُهش لما علمَ بعزمها على دراسة الأدب الروسيّ. وكانت فتاة جميلة، فضلاً عن ذلك، بوجه حنطيّ متورد بالصحة وبدن متفتح الأطراف. ولكن شعرها الفاتح اللون، الناعم، كان قصيراً على طريقة قصّة الغلمان. في مساء اليوم التالي، بادرت " زهراء " إلى المجيء لحجرته وكان يتقاسم السكنى فيها مع زميل سوريّ. وبينما كانت تنقل بصرها فوقَ عدد من لوحاته الكاريكاتورية، الملصقة على الجدار بإزاء سريره، راحَ هوَ يتأمل سحنتها المليحة القسمات. ثم ما لبثت أن ثبتت فيه عينيها الخضر من وراء النظارة الطبية، لتقول له بإعجاب بيّن: " رسوماتك متقنة، وقد حسبتها لأول وهلة نسخاً من أعمال ناجي العلي "
" هل هوَ معروف ثمة، في بلدك؟ "
" نعم، بالطبع. نحن في المغرب نتابع كل ما يتعلق بالفلسطينيين، إن كان فناً أو أدباً، وذلك بسبب اهتمامنا الشديد بقضيتهم الوطنية "، أجابته بلهجتها المميّزة. وأردفت ضاحكة، طالبة منه أن يرسمها كاريكاتورياً. إلا أنه أقترح عليها إنجاز بورتريت بقلم الرصاص والفحم، مؤكداً أنه لن يستغرق أكثر من ساعة. على الأثر، لاحَ الضيق على سحنتها حينَ طلب منها أن تنحّي جانباً النظارة الطبية. قالها بنبرة جدية، فيما كان يُعدّ دفترَ الرسم ذا الأوراق الكبيرة الحجم والسميكة. الرسم المنجز، كان موفقاً حتى أنه أضحى صباحاً موضوعَ حديث الفتاة لزميلاتها على طاولة الفطور في بوفيه المسكن. فيما بعد، رافقت " زهراء " إلى حجرة صديقها السوريّ فتاةٌ أردنية من أصل فلسطينيّ. هذه الأخيرة، وكانت ذات ملامح ذابلة شاحبة، جاءت تحمل ألبوماً لمواطنها، الكاريكاريست الشهير: " أريدك أن تنتقي بنفسك لوحة مناسبة، كي تنسخها لي بريشتك البارعة! "، قالتها مع ابتسامة فاترة. وإنها هيَ، صاحبةُ الوجه الكئيب، مَن راحت في فترة لاحقة تشيع في المسكن حكايةً شائنة عن رفيقة حجرتها، المغربية، وكيف ضبطتها في وضع حميم مع الزميلة اليمنية تلك.
عقدٌ كامل كان قد تركه وراء ظهره، آنَ أجتمع " دلير " في العاصمة الروسية بأحد أبطال السيرة المراكشية. آنذاك، لم يكن يُدرك ماهية ذلك الشاب ذي اللحية الشقراء، المغطية جلّ وجهه الكئيب، والمقدَّم له باسم " فرهاد ". في وقت آخر، وبفضل السيرة ولا غرو، علم حقيقة الشاب علاوة على أشياء ضافية عنه؛ وبشكل خاص، حقيقة كونه صديقاً للفتاة السويدية " تينا ".

***
لغرائب الاتفاق، أن العقدَ الموالي سيشهدُ هذه المرة تعرّفه على امرأة مغربية تحمل أيضاً اسمَ " زهراء ". هيَ من مراكش؛ سمراء بملامح متناسقة، وقامة قصيرة ممتلئة.
أحياناً، كان يلمحها في مركز الضاحية السويدية، التي يقطنها كثيرٌ من الأجانب عرباً وعجماً. ولأن شرفة شقتها الأرضية كانت مطلّة على ملعب الأطفال، فإنه كان يراها ثمّة وهيَ مستمتعة بإزعاج جيرانها بصخبٍ من الأغاني العربية، المتدفقة من جهاز ستيريو. ثمّ تعرّفَ عليها لاحقاً في صالة الغسيل، ليعلم منها بعضَ تفاصيلٍ تخصّ حياتها: لقد سبقَ وانتقلت من ستوكهولم على أثر طلاقها، تاركةً ابنها الصغير بعهدة والده.
ذات يوم، صادفَ أن كان " دلير " عائداً ظهراً إلى شقته، الكائنة أيضاً في الدور الأرضي. رآها جالسةً قدّام باب شقة جارته السويدية، المسلمة ذات الحجاب والمقترنة بأجنبي من شمال أفريقيا: " صديقتي ليست في بيتها، على ما يبدو "، قالت له وهيَ تتناهضُ بخفّة. حينما فتحَ بابَ شقته، دعاها للدخول على سبيل المجاملة. فدلفت خلفه دونما تردد، ثمّ سارت أمامه باتجاه الصالون. ولأنّ الوقتَ كان صيفاً، فإنه فتحَ بابَ البلكون مقترحاً على الضيفة الجلوس في الجنينة المنمنمة، الملحقة به. يتعيّن القول، بأنهما في لقاءات سابقة، هنا وهناك، كانا يتبادلان أحاديثَ عادية غير حميمة. على ذلك، فإنها فاجأته عندما أبدت استعدادها لمساعدته في تدبير زوجة مناسبة من موطنها. ثمّ أردفت ببساطة، أنها موجودة: " هيَ صديقتي، بيضاء شقراء وجامعية..! "، قالتها فيما كانت تُخرج موبايلها كي تبحث عن صورة الفتاة المعنيّة.
مضى ما يزيد عن الشهر، منذ آخر لقاءٍ جمعه بجارته السمراء. في الأثناء، كان " دلير " قد تعرف على أحد كرد تركيا بمناسبة مساعدته له في تركيب صحن ستالايت. كان رجلاً ساذجاً، على الرغم من أنه في حدود الخمسين وافتتحَ المطعمَ تلو الآخر. والكلام هنا عن سذاجة الفكر، المُدعّمة بمَكرٍ متأصّل في المنبت. في إحدى المرات، وخلال قعدتهما على البلكون في الشقة، حدّق الأخ بعينيّ " دلير " وسأله ما إذا كان يعرف مَن دعاها " زهرة ". ثم أردفَ، أنه رآها مرةً تجلس هنا في البلكون. أجابه المضيفُ بلهجة غير مكترثة: " كانت طليقتي في ذلك اليوم تجلب الأطفال، وبما أن الأخرى جارة قديمة فإنها جاءت كي تسلّم عليها! ". قال له متنهّداً، أنه بدَوره كان يعرف تلك الجارة السمراء. ثمّ ما عتمَ أن راحَ يسرد حكايته معها، مختتماً إياها بالقول وهوَ يهز رأسه متأثراً: " ياو، لم أظفر منها بطائل. اشتكتْ أنّ موبايلها قديم، فاشتريتُ لها أحدث موديل. اشترطت عليّ أن أشتري لها ذهباً، فجلبتُ لها عيار 24 من اسطنبول..! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 5
- طريدة منفردة
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4
- تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
- تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 1
- تورغينيف وعصره
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2