أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - خوسيه ميغيل بويرتا وعلم الجمال عند العرب















المزيد.....

خوسيه ميغيل بويرتا وعلم الجمال عند العرب


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 6055 - 2018 / 11 / 16 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


تعرفت على المستعرب الإسباني "خوسيه ميغيل بويرتا" الأكاديمي المتميز، من متابعتي لنتاجه الغني والمتنوع، بعموميته المتسعة الملمة بجوانب كثيرة من الحضارة الأندلسية، المرتبطة بمواضيع شديدة الخصوصية والعمق، منها فن الخط العربي وعلم الجمال عند العرب، بكل ما فيه من كنوز معرفية، تتسم برحابة المدى ودقة البحث.

حاولت الإتصال به خلال السنوات الثلاث الماضية، بحثت عن عنوانه الإلكتروني وللأسف لم أتمكن من الحصول عليه، وشاءت الصدف أن يزودني به "انتونيو لاثارو غوثالو" مدير معهد ثربانتس في عمّان، وحين وجهت في نيسان الماضي خطام مطيتي إلى غرناطة، التقيت به وجهاً لوجه، وخلال لقائي الأول معه لم أتمالك نفسي من الفرح، عندما أخبرني عن حيثيات حياته الذاتية بأن له علاقات أسرية مع بلاد الشام، فزوجته نيروز بكور عربية الأصل من مدينة يبرود السورية، وعديله سعيد نسيبة، فلسطيني ينتمي إلى عائلة مقدسية، تحمل مفاتيح كنيسة القيامة منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب، وهو تقليد مستمر حتى الآن.
بينت له أن امتداداته الأسرية توحي بالتأمل، تعبر عن إعادة الوصل بين الأندلس وبلاد الشام، من خلال علاقات أسرية خاصة في قالب عصري.
بدأنا لقائنا الأول، بالتحدث في مواضيع لا تحدها محددات ، أطلق لمخيلته العنان بالتحليق في غرناطة الأمس واليوم، وفي لحظة حدثني عن الشاعر الأسطوري لوركا، أدخلني في تجاذب مع تفاصيل حكايا كثيرة تخصه، استحضر فيها معلومات منقوشة في ذاكرته، استطعت استشفاف جزيئات منها، تؤكد على أنَّ الشاعر الغرناطي قد تأثر تأثراً كبيراً بعمر الخيام، ويظهر ذلك بجلاء من فحوى أول قصيدة نظمها في حياته بعنوان "أغنية حلم والتباس" مؤرخة بتاريخ 29 يونيو 1917، وفي أول مقالة له كتبها في شهر أكتوبر من العام نفسه بعنوان "تعليقات حول عمر الخيام" التي وقعها باسم "أبو عبد الله".
فاجأني"خوسيه" بإحضاره نص أول مقالة كتبها لوركا ونص أول قصيدة نظمها، وقد ترجم المقالة والقصيدة إلى اللغة العربية وأرفق مع المقالة تعقيبه عليها، كما أحضر عدة كتب من مؤلفاته باللغة العربية ، قدمها هدية لي بمناسبة زيارتي غرناطة.
طفق يتحدث باللغة العربية عن لوركا وعشقه لغرناطة وعن نهايته المأساوية، أسمعني عنه ما لم أسمعه من قبل، وفي لحظة وجدتني أساله عن سرّ تحدثه باللغة العربية بطلاقة واضحة، ولدهشتي علمت أنه تعلمها بعصامية فائقة خارج نطاق الدراسة الأكاديمية، اعتمد على جهوده الخاصة لعدم وجود مدارس رسمية ونظامية لتعليم اللغة العربية، مستعينا بالكتب وسماع الإذاعات والفضائيات العربية.
أكد لي أنه تعلم اللغة العربية كي يتعرف على الكتابات المنقوشة على جدران قصر الحمراء، بكل ما تنبض به من مفردات عذبة الإيقاع.. سحره القصر مبكراً ومن أجله درس تاريخ الفن، وكان عنوان أطروحته لنيل درجة الدكتوراه، "تاريخ علم الجمال عند العرب" ، كرس عشر سنوات من عمره لإنجازها، وقد بلغ عدد صفحاتها ألف صفحة، قدم فيها مادة متشعبة في مضامينها استهلّها بالشعر الجاهلي وحتى ابن خلدون، وقد تم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية في العام الماضي، وصدرت في كتاب تم إشهاره بحضوره في جامعة نيويورك في نيسان الماضي.
بين لي أنه لا يوجد علم واحد للجمال عند العرب، وإنما يوجد اتجاهات متعددة ، تتشعب في مجالات العقلانية والصوفية والروحانية والدينية، استمتع بالتعرف عليها، من خلال قراءته أعمالاً لكثير من الفلاسفة من أمثال الكندي والفارابي وأبو حيان التوحيدي، وابن رشد وابن باجه وابن طفيل وابن خلدون وغيرهم.
بعدها حدثني عن عمله في الزمن الراهن بعد انضمامه إلى جامعة غرناطة قبل ستة عشر عاماً، حيث يعمل أستاذاً في تاريخ الفن، وينصبُّ اهتمامه في عمله على تعريف طلابه بكل ما يتعلق بملامح الجمال عند العرب في فنونهم المختلفة، وبكل ما يتعلق بجماليات الخط العربي، وساعده عمله هذا على تثبيت دعائم علاقات متميزة مع المستعربين الإسبان، والكثيرين من أهل الفكر والبحث من العرب، العاملين في الجامعات والمراكز الثقافية في داخل الدول العربية وخارجها، منهم صديقه كمال بُلاطة الرسام التشكيلي الفلسطيني المعروف، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.
واتضح لي مما سمعته منه، أنَّ إنجازاته متشعبة في مواضيع متعددة في مجال الأدب والتراث الأندلسي، أصدر حتى الآن مجموعة من الكتب، منها كتاب بعنوان "البنية الطوباوية لقصور الحمراء" ويعني بالطوباوية هنا المثالية، وكتاب عن الخط العربي باللغة الإسبانية عنوانه "مغامرة القلم" وكتاب باللغة الإنجليزية "Reading The Alhambra" ورواية "فقير في بلاط الحمراء" باللغتين الإسبانية والعربية، وكتاب "الحمراء عن قُرب الدليل المصور لزيارة الحمراء وجنة العريف"، وهو إنجاز مشترك مع آخرين، يعتبر اول دليل لقصر الحمراء باللغة العربية.
ومن كتبه أيضاً "شعرية الماء في الإسلام" باللغتين الإسبانية والإنجليزية، و"معنى قرطبة الفني" بالإسبانية والإنجلزية، و"النزعة الإنسانية والفنون الجمالية في الثقافة العربية" و"معنى فنون وعمائر قرطبة الأموية".
وفي مجال الترجمة، له إنجازات ملحوظة، منها روايتان للروائي الفلسطيني غسان كنفاني، "عائد إلى حيفا" و"رجال في الشمس" كما ترجم روايتين للروائية السورية غادة السمان: "بيروت 75" و"القمر المربع"، وترجم لأدونيس كتاب" الصوفية والسريالية".
ومن الاستدلالات التي تؤكد تميزه، كتابه "مغامرة القلم" وهو من الكتب النادرة، أصدره في عام 2007، ويقع في 424 صفحة، بين لي أنه وثّق فيه تاريخ الخط العربي بأشكاله وعناصره الفنية والجمالية، وعرف خطاطيه من الخطاطين والخطاطات الذين اشتهروا بهذا الفنّ الجميل، من خلال أربعمائة سيرة ذاتية مثقلة بموروث قيّم من المعلومات، استمده من دراسات وكتب مرجعية ورسائل كثيرة حول الخط العربي منذ ابن مقلة وحتى الزمن الراهن، وفيه تعريف تفصيلي بأنواع الخط الأندلسي، المعروفة برشاقتها وعناصرها الزخرفية المتعددة.
علمت منه أيضا أن له إنجازاته المشتركة مع الغير، وبخاصة مشاركته بالتأليف والإشراف مع "خورخي ليرولا" من جامعة المرية، في إنجاز موسوعة "مكتبة الأندلس" ساهم في إنجاز هذا المشروع الضخم الذي استمر العمل فيه أحد عشر عاماً من2000-2011، بمساهمة حوالي 166 مستعرباً من إسبانيا وخارجها، بينهم باحثون عرب منهم بكري علاء الدين، أستاذ سوري في جامعة السوربون الفرنسية متخصص بالمخطوطات، وباحثون من جامعة أوكسفورد الإنجليزية، تعاونوا مع فريق الموسوعة في مجال أعمال محيي الدين بن عربي.
أعلمني أنَّ الموسوعة تتضمن كامل السير الذاتية والإنتاج المكتوب لثلاثة آلاف من المؤلفين الأندلسيين، ممن ولدوا في الأندلس أو أقاموا فيها فترة من الوقت، وهم مجمل المؤلفين الذين توجد معلومات عنهم وعن مؤلفاتهم في المصادر العربية، تم تعريف مئات منهم بهذا العمل الضخم لأول مرة، ، كما تتضمن الموسوعة عشرة آلاف من المؤلفات الأندلسية، وقد جرى استكمالها وتمَّ إصدارها في تسعة أجزاء من الحجم الكبير، عن دار ابن طفيل للنشر في المرية، كل مجلد منها يقع في 600-700 صفحة، وهو إنجاز بكل المقاييس غير مسبوق.
دُهشت لما ذكره عن هذا العمل المتميز، ودُهشت أيضاً لأن دار النشر التي أصدرت الموسوعة، تحمل إسم ابن طفيل، وعندما استوضحته عن سبب تسميتها بهذا الإسم، أجابني، بأنه من أطلق عليها هذا الاسم لتقدير لوركا بابن طفيل وإعجابه بفكره وفلسفته.
استوضحته ثانية عن أكثر المؤلفين إنتاجاً في أعمالهم من المذكورين في الموسوعة، فأعلمني بأنه محيي الدين بن عربي، لديه أربعمائة عمل دُونت على اتساع 185 صفحة من الحجم الكبير، علماً بأنه يُنسب إليه ألف عمل، ويأتي بعده ابن حزم الظاهري فقد دُون له في الموسوعة مئة وأربعون عملاً ويُنسب له أربعمائة عمل، وكتابه الشهير "الُمحلّى" وحده يتكون من أحد عشر جزءاً، كما أن لابن رشد في الموسوعة ما يقرب من سبعين عملاً.
وفيما كنت منهمكاً في تسجيل ما ذكره عن الموسوعة على أوراقي، أضاف معلومة مهمة مفادها أنه تم مع الموسوعة إنجاز خمسة عشر كتاباً، في مواضيع علمية مختلفة من أيام ازدهار الأندلس، تعطي مدلولات واضحة عن جوانب مهمة من النهضة العلمية الأندلسية، توفر للقارئ المعاصر مفاتيح قراءة تلك النهضة، ممن ساهموا في رسم معالمها وتأسيسها.
ونستشف من كل هذا، أن نتاجات خوسيه تؤكد على أنه كاتب كبير، يجيد المزج بين معالم الحضارة الأندلسية، ودور العرب فيها في كل مناحي المعرفة، تمكن في كتاباته من إزاحة الستار عن مفاتن الجمال وسحر التراث الأندلسي، بما يتضمنه من تفاصيل دقيقة، كما ألقى أضواء مهمة على مواضيع بالغة التعقيد، أحالها بأسلوبه الشيق إلى أنساق فكرية بالغة المتعة.



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية العشق المر
- المناضل نجاتي صدقي بعيون إسبانية
- محمود صبح قنطرة وصل بين الإسبان والعر ب
- الصعود إلى أعلى
- ترجمة وديع البستاني لرباعيات الخيام
- أمين معلوف يتأفف من كلمة الجذور
- إميل البستاني عاشق حيفا
- كتاب نحن من صنعنا تشافيز- تاريخٌ شعبيٌ للثورة الفنزويلية
- وداعاً للتشيخوفي عدي مدانات
- حيفا الكلمة التي صارت مدينة
- مي صيقلي : مؤرخة من حيفا
- لابد من تطوان وإن طال السفر
- أيام في المغرب
- أيامٌ في الناصرة
- رواية - دنيا - للروائي عودة بشارات
- بلغاريا بين الأمس واليوم
- كتاب اعترافات قاتل اقتصادي
- أيامٌ في براغ : مدينة الجواهري
- شباك غرفة نومي
- الأزهر وداعش وما بينهما


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - خوسيه ميغيل بويرتا وعلم الجمال عند العرب