أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام شنتوفي - الدين أفيون الشعوب...!















المزيد.....

الدين أفيون الشعوب...!


هشام شنتوفي

الحوار المتمدن-العدد: 6055 - 2018 / 11 / 16 - 01:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



أهم ما يميز ردات الفعل،والتصريحات والتدوينات التي يدلي فيها ٲصحابها برٲيهم فيما يخص بعض الأحداث التي تهم العلاقة الجدلية بين الدين والسياسة في العالم العربي هو الاستنكار وعدم القبول ، إن لم يتعد ذلك للتصفية الرمزية والتخوين! مثل هذه السلوكات تؤشر على وجود ٲزمة فكرية بنيوية لدى الكثيرين خاصة الذين ينصبون ٲنفسهم حراسا للمعبد سواء كان في محراب هذا المعبد ماركسيا ٲو إسلاميا ٲو حداثيا...
لهذا فالسؤال المطروح هو لماذا تتسم ردات فعل الكثيرين بالشراسة ،وٲحيانا التطرف، كلما جدّ جديد في الساحة السياسية و الاعلامية العربية و كان الموضوع علاقة الدين بالسياسة؟
هذا ما سٲحاول ٲن ٱجيب عليه وإن كانت الإجابة على هذا السؤال تستدعي إجراء بحث سيوسولوجي-نفسي يحترم الضوابط العلمية والقواعد المنهجية.
ٲول ما يثير ٱنتباه المتتبع لردات الفعل التي صاحبت بعض الأحداث،كمنع بعض المؤتمرات والمحاضرات مثلا،هو حدة التصريحات والتدوينات التي تكشف عن وعي فكري وسياسي مشوش في الكثير من الدول التي لازالت تتلمس طريقها لبناء مجتمعات يكون الاختلاف فيها مصدر قوة وإثراء للواقع الفكري والثقافي. فبالرغم من ٱمتشاق مصطلحات كالتنوير والحداثة، والحرية الفكرية، والدينية ؛وإدعاء الإخلاص لمبادئ حقوق الانسان كما هو متعارف عليها عالميا، فإن الكثيرين لا يتورعون عن الايغال في الانتقاد،الذي قد يبلغ حد المطالبة بالتصفية السياسية والفكرية تحت ذريعة عدم الاخلاص لمبادئ هذا الحزب أو ذاك. لكن المشكل لا يكمن هنا بالضرورة ،سواء حللنا النوازل من وجهة نظر جوانية ٲو برانية، وذلك لان العديد من التصريحات والافكار والآراء هي نتيجة لعدة ٲسباب يمكن التطرق اليها بشكل موجز كالتالي:
طغيان الشفهي على المقروء: ٲغلب من يدافعون عن بعض الطروحات التي تمتح من إيديولوجيات ضاربة في التاريخ السياسي العالمي لا يتبنون ما يرونه كحقيقة و أسلوب تدبير للشأن العام عن دراسة شاملة ومعرفة عميقة. فنحن نعلم جميعا أن الأمية لازالت الخيط الناظم بين العديد من البلدان العربية ،الشيء الذي يشجع على التناقل الشفهي للأفكار والمقولات والمعتقدات دون تمحيص وتفكير نقدي.
لتأخذ على سبيل المثال الطريقة التي لازالت معتمدة لدى الكثيرين ممن يؤمنون بالماركسية كحل لمعضلة التقدم الحضاري و الاقتصادي والفكري .فالكثير من هؤلاء يظنون ٲن الدين يتعارض تعارضا جذريا مع المرجعية الاديولوجية للٱحزاب التي تتخد من الماركسية مرجعية لٲدبياتها ومبادئها دون الأخد بعين الاعتبار بتداعي الأفكار وإمكانية وجود بعض التقارب في الطروحات. وإن سٱلت ٲحدهم عن الدليل فإنه يقول لك وبآختصار شديد "الدين ٲفيون الشعب"(كذا) ! فهذه المقولة التي تلوكها ٱلسن العديد من النشطاء السياسيين ٲصبحت تشكل قنطرة جاهزة للهروب إلى الامام ،ومحاولة قتل ٲي نقاش جدي يمكن ٱن يكشف عن سوء فهم كبير،ويقضي على أي محاولة لإيجاد أرضية مشتركة يكون الصراع فيها صراع الأفكار دون إلغاء البعد الإنساني في عملية التواصل والتدافع . فالمقولة التي سئمنا من تكريرها لا يمكن ٱن تفهم إلا في سياقها وكل محاولة لبترها من سياقها كما هي في نص ماركس مجرد بتر للاطراف إما عن جهل ٱو سوء نية ٲو دون ذلك. ولكي نكون على بينة ندرج المقولة الماركسية كما وردت في كتاب
‏Marx, K. 1976. Introduction to A Contribution to the Critique of Hegel’s Philosophy of Right. Collected Works, v. 3. New York:
‏"Religion is the sigh of the oppressed creature, the heart of a heartless world, and the soul of soulless conditions. It is the opium of the people) Marx, K. 1976. Introduction to A Contribution to the Critique of Hegel’s Philosophy of Right. Collected Works, v. 3. New York."
"الدين هو زفرة المخلوقات المضطهدة، قلب عالم بلا قلب،روح ٱوضاع بلا روح. إنه ٲفيون الشعب "
المقولة يمكن أن تترجم بصيغ ٲخرى تتماشى مع تستدعيه الترجمة من حذر، لكن الٲهم هو ما تشير إليه من المعاني التي استشعرها ماركس في زمانه، والتي لم تزدها السنون إلا قوة. فكلمة زفرة ٲو تنهيدة توحي بٲن الانسان لم يعد له أفق يتطلع إليه في عالم رٲسمالي متوحش يؤمن بتسليع كل شيء ما دام الهدف الاول والاخير هو الربح.زد على ذلك وصفه للعالم الرٲسمالي بٱنه بلا روح وبلا قلب ؛يعني ٲن هذه الروح وهذا القلب قد فقدا في مجتمعات الاستهلاك المفرط والاعلام المضلل كما يحدث في زمننا، وٲن الملاذ الاخير للمضطدهين هو الدين! هل هناك موقف ٲكثر إيجابية من الدين من موقف ماركس الذي آعتبر الدين كٲفيون يخفف عن الانسان آلامه ومآسيه في عالم فقد القلب والروح!لكن هذا لا ينفي أيضا أن الدين يمكن أن يتعرض للفلترة ويصبح أداة في يد من يملكون وسائل إنتاج "المعنى" وبناء الواقع وتشكيل الوعي ،وبذلك يتحول إلى مسوغ لتبرير الاستبداد والمحافظة على الوضع الراهن status quo maintenence

عدم مسايرة التغيرات الفكرية والاديولوجية:
الطرح الذي دافعنا عنه فيما سبق يتماشى مع ما ذهب إليه العديد من المفكرين المحدثين من بينهم هوارد زين الذي يقول في كتابه "حول ماركس والماركسية" ٱن ماركس لم يكن له موقف سلبي من الدين باعتباره ٲفيونا،و"لكن كانت له كذلك نظرة إيجابية باعتباره تنهيدة المضطهدين وروح عالم بلا روح "كما ٲسلفنا. بالاضافة لهوارد زين، يمكن اعتبار نظرة الفيلسوف الٲلماني يورغن هابرماس ٲكثر عمقا وراهنية. فبعدما ٲصيب غلاة العلمانية بخيبة ٲمل كبيرة جراء عدم إضمحلال الدين من الساحة السياسية والفكرية، وعدم" ذبول الموروث الديني تحت ضغط التحديث" ،ٲصبح هابرماس من الاوائل الذين يدعون لضرورة تبني وجهة نظر مابعد علمانية "postsecular stance" .ومن بين الامور الجوهرية التي يتبناها هابرماس في دفاعه عن أطروحته لدور الدين في المجال السياسي والفكري هو اعتبار الدين أو الموروث الديني مصدرا لقيم يمكن تبييئها وتحويرها لكي تتماشى مع المعطيات والمتغيرات الفكرية والسياسية لمجابهة الرأسمالية المتوحشة. بل الاكثر من ذلك هو اعتباره للموروث الديني كحليف لا مناص عنه في بناء واقع سياسي وفكري يضمن للجميع الحق في العيش المشترك،مشددا على التفريق بين المعرفة والمعتقد أو الايمان.ففي محاورة له سنة(2010) مع إدواردو منديطا ،أكد هابرماس منذ البداية ٱنه "يجب التعويل على الحيوية المستمرة للديانات العالمية " في تشكيل الوعي. نفس الطرح دافع عنه في محاضرة له مع فلاسفة كبار من طينة جوديث باتلر وتشالز تايلر بمهد المعارف العامة Institute) of Public Knowledge ) في جامعة نيو يورك. ففي هذه المناقشة يعيد هابرماس التأكيد على مسألة جد مهمة تتمركز حول قبول الآخر وعدم إقصائه تحت ذرائع قد تكون ناسفة لكل ما ندافع عنه من قيم. نفس الطرح أكد عليه المفكر الكندي تشالز تايلر عندما قدم نظرته الجديرة بالتأمل للدولة العلمانية. فالدولة العلمانية حسب تايلر لا يجب أن تعاني من الهوس بعلمنة كل شئ وتفرض بذلك وجهة نظر أحادية لا تقبل أي آختلاف أو تجاذب في الأفكار،مكرسة بذلك نوع من التحامل على كل ما هو ديني.الدولة العلمانية حسبه على النقيض من ذلك؛ لٱنها يجب أن تكون حاضنة جامعة لكل الأفكار بحياد تام.
يمكننا أن نستشف من أفكار فلاسفة كبار مثل هابرماس وتايلر إذا ما حللنا على ضوئها الكثير من الطروحات التي يدافع عنها أصحابها بآستماتة أن عدم مسايرة التغيرات الفكرية والفلسفية يؤدي إلى مطبات كثيرة تعيدنا إلى شعارات تجتزأ الواقع الفكري والثقافي والسياسي في بضع كلمات من قبيل الإسلام هو الحل أو العلمانية هي الحل.
يبدو أن عدم مسايرة الركب الفكري في تاريخ نخبنا من المحيط الى الخليج تتقاسمه كل الدول ؛ فما يحدث الآن لكل من تبينت له الحقيقة في غير ما كان يؤمن به سبق وأن حدث لغيره وإن ٱختلفت السياقات التاريخية ،والفكريةالسائدةللحدث.فالهجمات التي التي يتعرض لها كل من يحاول مناقشة بعض الأفكار التي تكلست في دماغ الكثيرين تذكرنا بما تعرض له الشاعر الكبير السياب عندما نشر مراجعته الأيديولوجية وأعلن آنسحابه من الحزب الشيوعي. فقد تعرض لوابل من الانتقاد والتقويل والتخوين. حدث هذا قبل أكثر من نصف قرن في بيئة مختلفة عن ما هو سائد في الكثير من الدول العربية، و في فترة تاريخية،فترة الحرب الباردة، لا تمت بصلة لحقبتنا التاريخية الموسومة بالتبادل المفرط للأفكار اللهم في عقل بعض ممن لازالوا يتمسحون بتابوت بعض المسلمات المغلوطة كما يتمسح المتصوف بأسمال شيخه الممزقة. لهذا تكون السلفية في هذا الصدد ليست حبيست الفكر الديني فقط وإنما تتعداه إلى نظم فكرية أخرى لازال العديد من المخلصين لها يعيشون في الماضي.



#هشام_شنتوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام شنتوفي - الدين أفيون الشعوب...!