أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد كشكار - جولةٌ علمية داخل المخ صحبة دليلٍ عالِمٍ اسمه جان دِيدْيي فانسان














المزيد.....

جولةٌ علمية داخل المخ صحبة دليلٍ عالِمٍ اسمه جان دِيدْيي فانسان


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6051 - 2018 / 11 / 11 - 10:45
المحور: الطب , والعلوم
    


المخ قارّة لم نكتشف كل تضاريسها بعدُ. المخ هو مركز الأنا (Le Moi, le Je)، وهذا الأنا هو الآخر. لا يمكن أن أكون أنا ما لم يكن مخي متصلا بالآخر، وما لم يكن الآخر يعرف أنني أعرف عن طريق الخلايا المرايا (Les neurones miroirs). مخنا مرآة تعكس صورة الآخر. مخ الأنا هو مخ جمعي، ولِنكون، نحن في حاجة للآخر.
المخ مركز العقل والعواطف أيضًا وفيه ومنه ومعه يعبّر الجسم عن إدراكه وأحاسيسه، ودون مخ لا يساوي الجسم شيئًا.
المخ مركز الروح ولو أن هذا التعبير لا يروق لزملائي العلميين:
Les scientistes qui affirment que l`âme voire la vie ne sont plus des objets de laboratoire. Henri Atlan médecin biologiste et philosophe
المخ ليس فقط ماكينة تتفاعل مع المحيط عن طريق سلوكات لاإرادية (Les réflexes)، هو أكثر من ذلك بكثير.
الأخطاء التي ارتكبها عن حسن نية بعض علماء علم فراسة الدماغ (Gall et la phrénologie, 18e) هي نفسها التي مهّدت الطريقَ لاكتشافات علمية صحيحة، مثل نظرية تحديد المراكز المخية (Broca et l`aire du langage appelé l`aire de Broca, 19e). يبدو أن الفكرة أهم من التجربة، وعادة الأولى تسبق الثانية بقرنٍ أو أكثر، ورغم نقص الحجج والأدلة في عصره، أسّس داروين نظرية التطوّر (La théorie de l`évolution).
عامل أمريكي فَقَدَ جل فصه المخي الأمامي في حادث (Le lobe préfrontal)، ورغم ذلك لم يفقد قدراته الذهنية بفضل المرونة المخيّة (La plasticité cérébrale)، لكنه أصبح مدمنًا مستهترًا ومعتلاًّ اجتماعيًّا (Sociopathe). يبدو أن الجزء المفقود هو مَن يتكفّلُ بحراسة الأخلاق، لذلك نشبّه مخ المدمن بجبّانة آثار.
للمخ مناخُه وله جهازٌ لتنظيم الحرارة 37د (Thermostat: l`hypothalamus).
للمخ علاقة تفاعلية أولى مع الجسم عن طريق الأعصاب والهرمونات والمناعة، وثانية مع المحيط عن طريق الحواس واللغة والدين أو الإيديولوجية. لا وجود لمخ معزول، فهو الذي يَمنحُ معنًى للأشياء التي حوله وبها ومعها يكوّن عالَمَه الخاص (Son Umwelt).
كل السلوكات تحكمها العواطف، خذ مثلاً: لو قُدِّم لك صحن مشوي قبل الغداء فسيتغير جسمك وتنهمر الإفرازات الفيزيولوجية، هرمونات ودوبامين ولُعاب وأنسولين، عوامل كيميائية تخلق لديك شهية قوية، لكن لو قُدِّم لك نفس الطبق بعد غداء دسم فسيتغير جسمك أيضًا لكن في الاتجاه المعاكس. جدلٌ قائمٌ بين الجسم ومحيطِه. الفردُ ليس جمادًا، هو متحرِّكٌ دائمٌ بين ماضٍ ومستقبَلٍ. يشارك الحيوانات والنباتات في 70% من موروثه الجيني، هو خلاصة التطوّر (Le résultat de l`évolution).
الانفعلاتُ ستةٌ، ثلاثةٌ منها إيجابيةٌ (الغضب، الفرح، الدهشة)، وثلاثةٌ سلبيةٌ (الحزن، الخوف، الاشمئزاز)، نضيف إليها في بعض الأحيان العار والأنانية. مشاعر تظهر على وجهك وفي داخلك، تجعلك تتأرجح بين المتعة والألم: نهرٌ من الدوبامين (ناقل عصبي) يشق جسمك، يثير فيك الشهوة والمتعة التي تسبق فعلك. فعلٌ قد يصدّه المراقب العام والضابط الأخلاقي (فص المخ الأمامي، ثلث المخ تقريبًا)، يكبحك لو كان فعلك مخالفًا للعُرف والقِيم ويضع الأصفادَ في مِعْصَمَيْكَ، أو في الحالة المعاكِسة نهرٌ من السيروتونين، فألمٌ وعنفٌ.
نصل الآن إلى دهاليز المخ حيث يربض جهاز تنظيم السلوكات الجنسية وملتقى طرق الأحاسيس، الغدة تحت المهاد (L`hypothalamus).
مُخٌّ يخزن إساءة مَن ظلموه ويردها إساءة لمَن لم يظلموه: كبيرٌ يَغتصِبْ أتى من صغيرٍ اغتُصِبْ، كبيرٌ يَضرِبْ أتى من صغيرٍ ضُرِبْ.
مُخٌّ يقدر على تحريك الأشياء في الهواء قبل أن يلمسها حتى يعرف مسبقًا وضعَها فوق بعضها. لا وجودَ للأشياء خارج عالَمِ المخ. إصابة في الفص المخي الأيسر قد تحجب عن المصابِ الجانب الأيمن من الأشياء، ولو طلبتَ منه أن يصوّر منزلاً (بابٌ ونافذتان)، لَرسمَ نصف الباب والنافذة اليمنى فقط وكأن اليُسرى لا وجود لها.
لم ينته الإعجازُ المخي بعدُ!
للمخ خلايا مرايا، خلايا تنشط عندما نقوم بحركةٍ ما، وتنشط أيضًا عندما نرى شخصًا آخر يقوم بحركةٍ ما، نوعٌ من محاكاة حركات الغير يقومُ به المخ دون المرورِ للتنفيذ الفعلي لهذه الحركة. أنتَ مرآة الآخر. تضحك الأم لرضيعها، يحاكيها في مخه، يتعلم أن الضحكة تمنح متعةً، فيفعلها ويكررها كلما تبسّم له أي شخصٍ، وفي شهره الثامن عشر يعرف نفسه في المرآة. كل السلوكات تمهّد لها أساسًا العواطف.

خاتمة: نحن مخ كله عواطف، الكل في العواطف، ولا يكون الإنسانُ إنسانًا إلا إذا تخلى عن أنانيتِه وأحبّ لأخيه ما يُحب لنفسه، وتقاسَمَ معه كل ما يملك. لا أؤمن بثنائية الجسم والروح، فالجسم والروح واحدٌ لا اثنين، والكلمة للفلاسفة لا لعلماء المخ وستبقى للفلاسفة دون غيرهم.

المصدر:
Une conférence de Jean Didier Vincent, neurobiologiste. Durée: 1h 55 sur You Tube

إمضائي
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضرتُ اليوم بحمام الشط حفلاً دينيًّا بَهائيًّا
- عركة حامية الوطيس بين المخ والقلب!
- أحداثٌ طريفةٌ وَقعت لِي أثناء ممارستي لمهنة التدريس؟
- كِذبة هجرة الفقراء من الدول الإفريقية إلى الدول الأوروبية!
- هويتي: هويةٌ واحدةٌ أم هويةٌ متعددةٌ؟
- تمجيدٌ ودفاعٌ عن مجانية الخدمات.
- ردٌّ وديٌّ وموضوعيٌّ على نصيحةٍ صادقةٍ قدّمها لي زميلٌ متديّ ...
- عقدة أوديب (الابن يتمرّد على أبيه): يبدو لي أن حزب النهضة ال ...
- يساريي غير ماركسي وغير ملتزم حرفيا بمقولات اليسار الماركسي ا ...
- محاضرة علمية -هل نُدرّسُ معارفَ أو قِيمًا في حِصَصِ العلومِ؟ ...
- ما هي العناصر المتوفرة في بيئة جمنة الخمسينيات التي تركت أثر ...
- كلمة حق في جار حق: جمنة الخمسينيات تعطي درسا في الجيرة الطيب ...
- شهادة على العصر: تجربتي كأستاذ تونسي متعاون في الجزائر.
- دعوة ثقافية
- جمنة وكل قُرَى تونس الستينيات تعطي درسًا في التنمية المستديم ...
- بعضُ مسبّبات الغش والعنف التلمذي؟
- حذار من مرض السكري؟
- الحزب الشيوعي والبوكت والوطد، هم وحدهم تقريبًا الذين يتحمّلو ...
- الضريرة المستنيرة.
- إهمال العامل الداخلي العربي المتسبب في الاستعمار و الإمبريال ...


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة الفجر الجزائرية على الأقمار الصناعية ...
- “أمتع قنوات الطبيعة“ تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2024 نايل ...
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي حول عدم نشر الأسلحة النوو ...
- موسكو: رفضنا المشروع الأمريكي حول منع نشر أسلحة الدمار الشام ...
- موسكو: نريد فرض حظر شامل على نشر الأسلحة في الفضاء
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول ...
- الديوان الملكي يُعلن مغادرة الملك سلمان المستشفى بعد إكمال ا ...
- طريقة عمل الآيس كريم في المنزل مثلجات صيفية بمذاق الفاكهة ال ...
- واتساب تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنتر ...
- العلاج بالكتابة يساعد مرضى السرطان على مواجهة مخاوفهم


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - محمد كشكار - جولةٌ علمية داخل المخ صحبة دليلٍ عالِمٍ اسمه جان دِيدْيي فانسان