أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد وادي - أحمد طليمات* قاص وروائي بنفَسٍ شعريْ















المزيد.....

أحمد طليمات* قاص وروائي بنفَسٍ شعريْ


جواد وادي

الحوار المتمدن-العدد: 6049 - 2018 / 11 / 9 - 15:53
المحور: الادب والفن
    



أحمد طليمات* قاص وروائي بنفَسٍ شعريْ
جواد وادي
توصلت ممتنا من القاص والروائي أحمد طليمات بمجموعة قصصية تحمل عنوان "الهدى هولدينغ" أسماها أقاصيص، ولعله ينوي احالتها الى جنس القصة القصيرة متوسطة الطول والنفس السردي "القصصي" بصيغة جمع مفردة "أقصوصة" بتوظيف لغة تتوزع بانسيابية فاتنة بين القص والشعر والتناول التاريخي والتحليل النفسي، بنزوع صوفي، تنم عن مدارك موسوعية وثقافة اطلاع تحيل القارئ الفطن إلى حالة من التفكر مشوبة بالإرباك امام كاتب يعرف جيدا أدوات الكتابة الإبداعية ويمتلك دربة في الحكي والتناول بأسلوب يشي منذ اللحظة الأولى وانت تلج هذه البحبوحة القصصية الفاتنة، بأنك أمام كاتب يحتكم على مرجعيات ثقافية ومعجمية وخزين من التجربة الإبداعية الخازنة لأطباق دسمة من العطاء، قد تغاير المألوف بسبب انشدادك لأول وهلة لأحداث القصة الواحدة، بانتقالات ممتعة تطرد حالة الرتابة التي تكون أحيانا نقيصة لدى الكاتب لعدم قدرته على الإمساك بنسقية الحدث وتراتبية الحكي الذي يتطلب خبرة لغوية سلسلة وبمعجمية قريبة للصياغات الشعرية ليمنح حالة القراءة اريجا، عادة ما يبحث عنه القارئ المتشبع بخزين معرفي من القراءة الراصدة، تمنحه القدرة على التعامل مع العمل الإبداعي بندية وتواصل غير ممل ليتواشج مع الكاتب، الذي هو بدوره يتقصد خلق جو من المؤانسة المطلوبة بين ثلاثية العمل الممتع: الكاتب، القارئ والعمل المقروء.
المجموعة القصصية من الحجم الصغير تتوزع على 63 صفحة صادرة عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال بمراكش، بطبعة انيقة تتصدرها لوحة غلاف جميلة توقفت عندها طويلا، من انجاز الفنان التشكيلي المبدع عبد العزيز العباسي.
وعنوان المجموعة قد يخلق ارباكا لفهم ما يقصده المبدع، ولكنك ما ان تلج متون العمل حتى تكتشف، أن الكاتب يتحدى بأسلوبه الأدبي المبطّن برفض السائد المقيت، أنه يريد أن يقول "لا" للموروث المقيِّد لحركة التاريخ واعمال العقل في رفض موانع التفكير الإنساني الذي من شأنها أن تحيل المتلقي أو الوضع الراهن بجله، الى مجرد اجترار للموروث والمكوث في ذات الدوامة التي ما نفعت طيلة قرون موغلة في التخلف والتراجع وبقاء العقل الإنساني رهين وحبيس لحالة من التردي والتراجع ومواصلة التخلف التي حولت الانسان الى مجرد مجتر ومقلد بليد لما لقنوه من فكر ومعتقدات ابقته متراجعا لقرون عن ركب الحضارة والتقدم الإنساني بكل عناوينه وعطاءاته الإنسانية الراهنة.
يطالعك اهداء لعله موجه للكاتب والقارئ على حد سواء يقول:
"استشر وجدانك... استشر ضميرك..." لجان جاك روسو... (من عظة قس بجبل السافوا) ويبدو لي أن الكاتب اختار هذه العظة ليمنح نفسا صوفيا لمجموعته، كمدخل ينبه القارئ بأنه قادم لقراءة عمل فيه من التماهي مع الذات بنزوع روحاني طاهر، وهذا ما وجدناه فعلا من خلال قراءتنا للقصة الأولى التي تتصدر المجموعة والموسومة "كرونولوجيا رأس" ومن خلال الولوج تدريجيا بعناوين المجموعة يكتشف القارئ أن جلها اختيارات يغلب عليها الالتباس والغرائبية بطريقة أخاذة.
نكتشف من قراءتنا للقصة الأولى، أن الكاتب يوظف لغة مشاكسة بحضور ذهني بمفعول وسطوة قوية ليخلخل ذهن القارئ الباحث هو بدوره على التحدي والمناكفة الإبداعية في فك طلاسم نوايا الكاتب المخاتلة، من خلال استحضارات ذهنية تختزن في دواخل الكاتب لتنتفض على حين غرة دون قصد، لتخلق عنصر المفاجأة وتتوقد أمام قارئ يبحث عن كيفية اقتناص حالات تحفز فعلا لخلق انتقالات بنزوع فلسفي بتوظيف الموروث بكل ملامحه وتفاصيله، ليبحث عن بديل راهن يزيح ما تراكم في ذهن الكاتب لتشكل مفرداته حالات إنسانية بحلوها ومرها، سابقا وراهنا، قد يتقصد لتلك الإضاءة وذلك الحضور للإحساس بانكسارات تشكل هما يوميا يريد التخلص منها وانتزاعها من أناه الحسية، الى حيث العمق الإنساني الأسمى.
هكذا اجد العمل الذي بين يدي وما ينازعه الكاتب وبقوة للتخلص من جلباب قديم ليتحرر من موروث ثقيل وممض، والاشارة تنسحب تقريبا على عموم القصص التي تحملها المجموعة، إنها برأي سيرة ذاتية قد تقتصر على مبدع العمل ولكني أرى أنه يريد اشراك قارئه بذات الهموم والتفاصيل بخلق علاقة حميمة ليفك الاشتباك اللصيق بزمان ومكان الحكاية بانتقالات تتسارع حينا وتتثاقل أحيانا أخرى، وهي لعبة سرد تحاكي الذات المثقلة بالأسى والأحاسيس اللذيذة لا على تعيينها، وهنا يحقق الكاتب قصديته الفاطنة في لذة قراءة تشكل سمة للمبدع المتفرد حقا وشرطا هاما لفاعلية المنجز الابداعي.
لعلنا ونحن نتابع تسلسل الحكايات أن الحمل الثقيل يشكل هما حقيقيا للكاتب، يريد من خلال انتزاعه من ذاته الكسيرة، أن يجمّل حالة القراءة بهالات وجد انساني باهر، ليذكرنا بمقولة الكبير ناظم حكمت " إذا انت لم تحترق وانا لم احترق، فمن يضئ الدرب للآخرين" ذلك هو النضال الحقيقي للمبدع والهدف الأسمى لما يسطره على البياض ليزيح رتابة اليومي ورثاثاته التي باتت قدرا يوميا لعينا للمثقف المبتلي بالبالي والموروث الخادع والمعوق لكل نشاط ذهني متنور.
قصة قصيرة نسبيا فتنتني في تناولها والكاتب يستحضر التجربة الصوفية ليسقطها على طقوس دينية انجيلية، تحيلنا الى حالات التصوف الإسلامي، لأن موضوعة التصوف هي حالة توحد بين الله وبين الصوفي ليزيح كل الوسائط الكونية الأخرى، ليظل مختليا بربه مناجيا وحبيبا، بتجليات صوفية لتحقيق وحدة الوجود، نقتطف هذه الفقرة التي تقترب تماما من الفكر الصوفي وما اريق بسببه من سفك للدماء الزكية وازهاق للأرواح الطاهرة، ظلما وتعسفا وبطشا سلطويا غادرا:
"... وعندما اجبرني القسس على الإيمان بكل ما يقولون، معقولا كان أو غير معقول، وجدتني أرفض كل ما يقولون..."
وكأننا هنا نستحضر محنة الحلاج شهيد النقاء والزهد والثبات على المبدأ، برفضه كل الوسائط الأرضية ليمنعه من التقرب لربه، صديقا وحبيبا ومناجيا. الأمر الذي عدّه فقهاء الظلام والتخلف، مروقا وكفرا وتجاوزا على القدرة الإلهية. فدفع الحلاج ومن شاكله موقفا وتصوفا نقيا، حيواتهم، ثمنا لهذا الإيمان الرباني البعيد عن تصورات رجال الزيف والمخادعة.
تتعدد مسارب الرحلة مع متون المجموعة بعناوينها الصادمة والمنتقاة بحرفية وتمكّن وفهم فلسفي، لنصل الى آخر قصة وليست اقصوصة كبقية الأقاصيص، أسماها الكاتب "حانوتيون من الهدى هولدينغ" تتوج العمل برمته، كونها تشكل تحديا للكاتب من الراهن والموروث والاستسلام لفنتازيا الغيبيات بروح تهكمية، ليظل رافضا للسائد الأجوف، بقناعات فكرية لا تقبل التراجع او المداهنة، شأنه هو وبقية من انارت الثقافة المغايرة عقولهم وطردت غبار الماضي بكل سوءاته وبلاويه، مشككا بما ورثناه من قوالب فكرية حشرها المراؤون في عقولنا وواصلوا الخداع عبر حقب غائرة في زمن الزيف، الذي كانوا هم من يجني ثماره، أما البائس والمغلوب على أمره فكان نصيبه الخيبات وأمصال الخدر التي ما خفّتْ يوما جرعاتها القاتلة.
تؤثث المجموعة ستة عشر نصا قصصيا متفاوتة الطول والتناول واللغة المحكية ولذة السرد الفاتن.
ولنا عودة في انصاف تجربة المبدع احمد طليمات التي قد لا تلقى ما تستحق من اهتمام ورعاية وتكريم في وسط يغيظه مثل هكذا مبدعين.
وبكل محبة واعجاب
*روائي وقاص وشاعر مغربي








#جواد_وادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنقذوا الثقافة أيها المعنيون بها
- نصوصٌ شعريةْ
- لنترحم على ارواحنا
- الخريطة السياسية في العراق بتصميمها الطائفي
- نريد فقط معرفة الحقيقة
- ما حصل في الجزائر كان امرا متوقعا
- لا تتركوا البصرة كسيرة الجناح
- قيم الركاع من ديرة عفج
- البصرة تستصرخ الضمائر الحية
- لماذا كل هذا الاستقتال على المناصب؟
- شتان ما بين الوطني الحقيقي وذلك المدّعي
- قصائد للاغتراب
- مبروك لتحالف سائرون بكل تشكيلاته الوطنية الحرة
- النداء الأخير قبل الصمت الإنتخابي
- العزوف عن الانتخابات يبقي الفاسدين واللصوص على دفة الخراب
- أيها الناخب عزوفك عن الانتخابات خيانة للعراق
- كل عام وحزبنا الشيوعي العراقي أبهى واقوى شكيمة
- متى يعي شركاؤنا بأن الوطن فوق الجميع؟
- هل أصبحت الطائفية قدرا لعينا يلازم السواد الأعظم من العراقيي ...
- إلام نظل موزعين بين الموت والوطن والمنفى؟


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد وادي - أحمد طليمات* قاص وروائي بنفَسٍ شعريْ