أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشطري - قصة قصيرة........ الذي مات














المزيد.....

قصة قصيرة........ الذي مات


أحمد الشطري
شاعر وناقد

(Ahmed Alshtry)


الحوار المتمدن-العدد: 6049 - 2018 / 11 / 9 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


اختاروا نقطة في منتصف النهر وفي منتصف المدينة تحديدا لتكون مقرا للتمثال الذي نحته افضل نحاتي المدينة لذلك الرجل الذي رأوا فيه رمزا ومثالا يحتذى به يتطلعون له كل صباح ومساء عرفانا منهم لتضحياته ودرسا للآخرين، فقد تبرع الرجل بجميع ما يملكه من اموال لإطعام اهل المدينة وإعمارها اثناء الحرب والحصار الذي فرض عليها والفيضان الذي اغرق بيوتها وشوارعها.
بقي التمثال لعقود ينتصب وسط المدينة ويحظى باهتمام اهلها يتعهدونه كل فترة بازالة الرواسب الملحية عن قاعدته واقدامه التي يغطيها الماء حد الساقين، وظل الناس يتناقلون الاحاديث حول الشخصية الحقيقية للرجل من جيل الى جيل، حتى تحول الى اسطورة تضاف اليها الكثير من مخيلة الناقلين لأخباره. ومع مرور الزمن بدأ الاهتمام بالتمثال ورعايته يقل تدريجيا مع ان اسطورته لم يخب بريقها غير انها اصبحت عرضة للنقاش والتكذيب لما تراكم حولها من اضافات وصلت حد الخرافة. غير ان سحر شخصية صاحب التمثال بدأت تفقد تأثيرها على الاجيال المتأخرة وقد ادى ذلك الى الاهمال التام للتمثال الذي راحت امواج النهر والاملاح المترسبة على خرسانته تأكل شيئا فشيئا بالقاعدة التي يرتكز عليها وبدأ التآكل يأخذ حيزا اكبر في اقدام التمثال الغاطسة في الماء.
في مساء ليلة من ليالي الشتاء كانت السماء قد تلبدت بغيوم سوداء محملة بسيول من الامطار والعواصف المرعبة والتي استمرت ليومين كاملين حتى ان احدا لم يخرج من منزله وبقيت شوارع المدينة خالية تماما من المارة. في اليوم الثالث انقشعت الغيوم وعادت اشعة الشمس تمسح الدموع من وجه المدينة الكئيبة وتمنحها ابتسامتها المعهودة. وعاد الناس يملؤون الشوارع بأجسادهم واصواتهم وكأن شيئا لم يحدث، فهي ليست سوى امطار غسلت شوارع المدينة من الاتربة، لم ينتبه احد من اهل المدينة الى ما حصل من تغيير فيها. كل شيء كان يسير بشكل طبيعي غير ان رجلا مجنونا عرف عنه الهدوء والصمت الذي يكاد يكون شبه دائمي ظل يقفز من مكان الى اخر وهو يصرخ بأعلى صوته: (مات .. لقد مات) وهو يشير الى جهة النهر الذي ظلت مياهه تنساب بهدوء وسكينة.
لم يفهم احد من اهل المدينة ماذا كان يقصد ذلك المجنون بصراخه، وظلوا حائرين مما طرأ على تصرفاته من تغيير، ولكن الرجل المجنون لم يتوقف عن صراخه و تنقله بحركات سريعة من مكان الى اخر.
في اليوم الثاني فوجئ اهل المدينة بالرجل المجنون ممددا على جرف النهر دون حراك. ولأنه لا اهل له فقد حمله بعض المتبرعين ودفن في قبر لا شاهدة له.
ولكن حديثه بقي يتداوله الناس، وبقي السؤال الذي لم يعرفوا اجابة له. من هو الذي مات؟



#أحمد_الشطري (هاشتاغ)       Ahmed_Alshtry#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابعاد الجمالية، والسيميائية في نص (احراق الكتاب) لعبد الزه ...
- الحدث
- حركات التجديد في الشعر بين التبعية والا بتداع


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشطري - قصة قصيرة........ الذي مات