أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عامر صالح - أزمة تشكيل حكومة في العراق أم أزمة نظام سياسي















المزيد.....

أزمة تشكيل حكومة في العراق أم أزمة نظام سياسي


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6046 - 2018 / 11 / 6 - 11:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الحديث عن ديمقراطية التدوال السلمي للسلطة يعني بوضوح هو الحديث عن حكومة ومعارضة, الأولى تحكم والأخرى تراقب الأداء الحكومي للأولى وتشكل الأخيرة ما يسمى بحكومة الظل, وتتناوب الأدوار بينهما عندما تتوفر الشروط الموضوعية لذلك, سواء من خلال الدورات الأنتخابية واعادة تشكيل الحكومة من خلال تناسبات القوى داخل قبة البرلمان, أو تعثر الأداء الحكومي في منتصف الطريق او حتى في البدايات الأولى لتشكيل الحكومة عندما تكون هناك معوقات جدية تعجز فيه الحكومة عن الأستمرار في الأداء.

العملية الديمقراطية في تشكيل الحكومة في العراق فقدت مقوماتها من خلال خرق الدستور والمتمثل في عدم تسمية الكتلة الأنتخابية الأكبر, والتي تقوم بدورها بتسمية رئيس الوزراء لتشكيل كابينته الوزارية, وهي ليست المرة الأولى التي يغيب فيها المفهوم الدقيق للكتلة الأكبر, فقد جرى في الانتخابات البرلمانية السابقة تحديدا خاطئا لمفهوم الكتلة الأكبر والذي لا ينسجم مع الدستور, ولكن هذه المرة وبعد الانتخابات البرلمانية الرابعة التي اجريت في 2018ـ05ـ12 كان الأكثر خطرا على الديمقراطية هو تجاوز مفهوم الكتلة الأكبر وعدم الأعتراف بوجودها, وهو يشكل خطرا في المفهوم المركزي والأساسي للديمقراطية السياسية التي يبنى على اساسها الحكم وتشكيل السلطة الحكومية التنفيذية من خلال تسمية الكتلة الأكبر, مما مهد الطريق " لتعويم " العملية السياسية بالكامل, والعمل بمبدأ " الجميع يحكم " من خلال اجندة الأحزاب الأثنوطائفية السياسية التي اغرقت البلاد في مستنقع الفساد السياسي منذ الوهلة الوهلة الأولى وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003.

لقد سبق سيناريو " تعويم " العملية السياسية أجواء اضعفت ما تبقى له من شرعية إن وجدت في اذهان الناس, واسهمت في اضعاف بارقة الأمل في اعادة بناء العملية على أسس من تقاليد العمل الديمقراطي السياسي المعمول به في دول العالم المتحضر بعيدا عن نظام المحاصصة البغيض, وقد تجلت تلك في ضعف المساهمة في الانتخابات حيث بلغت نسبة المساهمة ما يقارب 20%, اعقبتها نتائج مشكوك في مصداقيتها في خارج العراق وداخله باعتراف الاجهزة الحكومية العراقية الامنية والأستخباراتية, ثم اعقبتها كارثة حرق صناديق الاقتراع للعبث في مصداقية النتائج واخفاء ما زور منها, ثم استبدال العد والفرز الألكتروني بالعد والفرز اليدوي, والذي لم يستجيب لطموحات التاس والمتضررين من النتائج بشكل خاص ولم يكن شاملا كما كان يجب عليه ان يكون بعد التهم التي وجهت لمفوضية الانتخابات في عدم دقة نتائج الانتخابات, وقد جاءت نتائج العد والفرز اليدوي مطابقا للألكتروني.

كل هذا جرى على خلفية فشل الأداء الحكومي خلال عقد ونصف من الزمن, في حقبة استشرى فيها الفساد الاداري والمالي الذي اتخذ من الفساد السياسي غطاء يحتمي به, وقد انعدمت خدمات الحد الادنى من مقومات العيش الكريم, من صحة وتعليم وكهرباء وماء, وانتشار للبطالة في اوساط الخريجين وغيرهم, وتعاظم نسب الفقر وما تحت خط الفقر والذي بلغت نسبته ما يقارب 40%, منزامنا مع كوارث بيئية وطبيعية, ابرزها شحة المياه ومخاطر الجفاف الشامل, وكذلك التلوث البيئي وتلوث مياه الأنهر وعدم صلاحيتها للأستخدام اليومي او لعيش الكائنات الحية فيه كالأسماك وغيرها, وكان هذا في مجمله يعكس ضعف الادارة السياسية لأدارة هذه الملفات الخطيرة جسدتها حالة الاحتراب والارتهان لأجندة اثنوظائفية سياسية داخلية واجندة اقليمية عرقلت وضع العراق على طريق السكة الصحيحة.

كان خيار السيد عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء هو خيار التسوية المحصصاتية الطائفية والاثنية وليست خيار الديمقراطية السياسية, وقد اتفقت عليه الاحزاب الطائفية السياسية والاثنية بعد فقدان الأمل في التأسيس لمفهوم الكتلة الأنتخابية الأكبر, كان خيار عادل عبد المهدي في ظاهره رحمة شكلية من خلال منحه " الحرية الكاملة " في اختيار كابينته الوزارية, ولكن باطنه مأزوما بقوة الصراعات الطائفية والاثنية التي فرضت اجندتها على الحقائب الوزارية, كما فرضت اجندتها على رئاسة البرلمان ورئيس الجمهورية من قبله.

لقد كان اقرار 14 وزيرا من كابينة مؤلفة من 22 حقيبة وترك 8 للصراعات المحصصاتية السياسية والاثنية مؤشرا سلبي واخلال كبير لمفهوم حكومة التكنوقراط, وهناك من الملاحظات الجدية التي تساق ضد ال 14 وزير الذين تم التصويت عليها, فهم لم يأتوا عبر النافذة الالكترونية التي فتحها السيد عادل عبد المهدي للترشيح لشغل منصب وزير, او ملاحظات خاصة بعدم دقة محتويات السيفي, أو وجودهم في وزارات في غير تخصصاتهم, أو شمول البعض منهم بقانون المسائلة والعدالة, أو تهم وجهت لأخرين منهم بالفساد الاداري والمالي وحتى تهم بالقتل او كانوا في السجون في فترات سابقة لأسباب جنائية, كما ارتبط العديد منهم بعلاقات قربى مع رموز سياسية وعشائرية, الى جانب كونهم عكسوا بهذا القدر او ذاك المسحة العامة للكتل الكبرى المحصصاتية المتخاصمة.

في إطار البحث الشكلي عن مخرج للازمة المستعصية في البلاد منذ عقد ونصف من الزمن, والتي عصفت في البلاد وأودت بالخراب الشامل لامكانيات البلد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية, يجري البحث عن حلول ترقيعية بعيدا عن البحث عن الاسباب الحقيقية للازمة العامة في البلاد, والتي كان سببها الاول والاخير هو النظام الطائفي المحصصاتي والاثني البغيض الذي شل حركة النهضة والحياة في بلد يمتلك كل المقومات الموضوعية والذاتية للنهضة الحضارية, باستثناء طبيعة النظام السياسي القاصر فكريا وعقليا والعاجز كليا عن استنهاض القوى الكامنة لشعبنا وقدراته وموارده الذاتية صوب التنمية البشرية المستديمة.

أن نظام المحاصصة عرقل جهود أي تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تقوم على منجزات العلوم الاقتصادية والاجتماعية ومنجزات التقدم التقني والتكنولوجي,وذلك من خلال إسناد المواقع الحساسة والمفصلية في الاقتصاد والدولة إلى رموز تنتمي طائفيا أو عرقيا ولا تنتمي إلى الكفاءات الوطنية أو التكنوقراط ولا تستند إلى انتقاء المواهب والقابليات الخاصة لإدارة الاقتصاد,بل حصرها بأفراد الطائفة أو إلى توافق من هذا النوع بين هذه الطائفة أو تلك ,أن هذه السياسة لا تؤسس إلى تنمية شاملة ,بل تؤسس إلى " إفساد للتنمية ",وقد عززت هذه السياسات من استفحال الفساد بمختلف مظاهره من سرقات وهدر للمال العام ومحسوبية ومنسوبيه وحتى الفساد الأخلاقي بواجهات دينية مزيفة لا صلة لها بالدين الحنيف,والأسوأ من ذلك حصر الامتيازات في دعاة كبار رجال الطائفة أو الحزب أو العرق وترك السواد الأعظم في فقر مدقع,أن أدعاء الطائفية والعرقية لتحقيق العدالة الاجتماعية هو ادعاء باطل ,وان الفقر وعدم الاستقرار والقلق على المستقبل يلف الجميع باختلاف دينه ومذهبه وطائفته وعرقه.

نقول هنا ان البحث عن حكومة تكنوقراط مؤلفة اعضائها من خبراء ومهنيين ومتخصصين في مختلف المجالات, ومن اساتذة جامعات وباحثين مرموقين, يستندون في نشاطهم الحكومي الى معطيات العلم والمعرفة الحديثة في مختلف المجالات ومستقلين نسبيا عن تأثير الاحزاب السياسية التي تقود البلد في مرحلة ما, هو أمر في غاية الصعوبة في ظل نظام محصصاتي يستند الى معايير الولاء للحزب او الطائفة او الاسرة الحاكمة او القومية والحزب القومي المهيمن, حيث اللجوء في اسناد المناصب الى معايير شاذة لا صلة لها في الكفاءة والمقدرة المهنية والتخصصية, وحيث النظر الى السلطة والمنصب هي استحقاقات محصصاتية وغنائم وفرص لا تعوض.

ومن هنا فأن عملية الحراك الاجتماعي والمتمثلة بكل الفعاليات السلمية المطلبية والطموحة الى التغير الجذري يجب ان تستهدف في نشاطها المتعاظم الى ما يفضي الى التأسيس للحلول الجذرية التي تسهم في فك الارتباط وانهاء العلاقة مع النظام المحصصاتي الطائفي والاثني, واعادة بناء العملية السياسية على اسس دستورية وقانونية جديدة تضمن الوطن والمواطنة والانتماء الى العراق بكل مكوناته الاجتماعية والثقافية والاثنية والدينية. وعندها يكون الحديث عن التكنوقراط وانقاذ البلد واعادة بنائه أمرا ممكنا في ظل مزاج الانتماء الى الوطن الأم.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشوراء الحسين بين الرمزية الأنسانية والأستغلال السايكوسياسي
- العراق: أزمة أخلاقية أم سياسية أم دينية
- الديناميات النفسية المتحولة في وعي الانتفاضة
- فاجعة غشاء - البكارة المطاط - وحديث عن العفة واضطهاد المرأة
- انتفاضة تموز العراقية 2018 بين غضب السلطة الجائر وغضب المنتف ...
- انتفاضة تموز العراقية 2018 وخلفيتها السايكواجتماعية
- في نتائج الأنتخابات البرلمانية العراقية: المعارضة خير من الح ...
- الأغتراب النفسي بين الناخب والمرشح في الانتخابات البرلمانية ...
- في سيكولوجيا القيمة الأخلاقية والتربوية للصوت الأنتخابي وليس ...
- في الذكرى الخامسة عشر لأحتلال العراق وسيكولوجيا أستعصاء أزمة ...
- في سيكولوجيا الأنتماء للحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه
- في سيكولوجيا تزوير الوعي الأنتخابي ومستلزمات النهوض به
- اليوم الدولي للمرأة وسيكولوجيا التحرش الجنسي
- في سايكوسوسيولجيا الصوت الأنتخابي العراقي !!!
- الحراك الأجتماعي الايراني بين المشروعية والآفاق
- العقلية الذكورية وتعنيف المرأة في مشروع تعديل قانون الاحوال ...
- لا لتأصيل سلوك الكراهية بين مكونات المجتمع العراقي
- خطاب الكراهية بين جذوره الفردية واسبابه السوسيوسياسية
- استفتاء كردستان .. نعم مع حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بما ...
- ارتفاع نسب رسوب امتحانات البكالوريا في العراق للعام 2017 من ...


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عامر صالح - أزمة تشكيل حكومة في العراق أم أزمة نظام سياسي