أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6045 - 2018 / 11 / 5 - 23:05
المحور: الادب والفن
    


كأنما السيرة المراكشية، بكل شخصياتها ووقائعها، حكايةٌ أختلقها خيالٌ جامح لكاتب من الكتّاب. فيما المكان، ( المدينة الحمراء )، حقيقة ماثلة للعيان وليسَ مجرد بيئة رمزية لتلك الحكاية. ماذا عن الزمن إذن، المفترض أنه أمتد في الحكاية دزينتين من السنين؟ وإنه زمنٌ مطابق تقريباً لسنّ ابنة " فرهاد " الوحيدة، المجهولة المصير كمعظم تلك الشخصيات. بصفته محقق السيرة، كان من الطبيعي أن يشعر " دلير " بالإحباط طالما أنه عجز عن لقاء أيّ من شخصياتها، المفروض أنهم ما زالوا مقيمين في المدينة: ثمة في الفيللا، سبقَ لمالكيها الجدد أن ابدوا جهلهم بعنوان سكن أصحابها الأوائل من آل " الفيلالي ". وكان صاحب الكشك، الملحق بالفيللا، قد وعدَ بمحاولة تدبير هاتف ابنهم الكبير.
" إلا أنني وحدي هنا، من يعبأ بمسألة كون السيرة حقيقة أو اختلاقاً "، فكّرَ بينما الأوراقُ تتقلّب بين يديه وهوَ في عزلة حجرته بالدور العلويّ. بيْدَ أنه لاحظ مع ذلك، كيفَ صار أفرادُ الأسرة المُضيفة ينظرون إليه بتعاطف متزايد ودونما أن يُدرك سببه. حتى باحَ له " إدريس " أخيراً بتفاصيل حديثه معهم عن الكتاب المراكشيّ، وبالأخص مسألة الإهداء الملكيّ السامي. كشّر " دلير " عند ذلك عن ابتسامة حانقة، ثم عقّب بالقول المأثور: " أمل إبليس في الجنة! ". وكانا يومئذٍ في باكورة الصباح، مختليين في الصالة العلوية، التي انتقلت منها حديثاً الابنة الصغرى للأسرة بعدما تحسنت حالة قدمها. ولكن الصهرَ بقيَ محتفظاً بحجرته، بما أنّ تغييراً آخر سيجدّ سريعاً في المنزل: الصالة الأرضية، سيتم هدمها وتعميرها من جديد كي تصبح مفتوحة على صحن الدار بعدما يُكسى سقفها وأقواسها بزخارف الجص، فيما جدرانها تلبّس بالسيراميك المغربيّ ( الزليج ). كون العمل سيستغرق قرابة الشهر، كان على بعض أفراد الأسرة السفر إلى الصويرة؛ ثمة حيث يقيم الابن الأصغر، الذي يعمل في أحد فنادقها.

***
" هذه الرحلة إلى الضاحية، ربما تكون آخر محاولة في سعيي لإثبات واقعية السيرة "، قال لنفسه في وقتٍ كانت فيه سيارة ابن حميه تندفع كالسهم على الطريق المنشود. لعل ما خففَ من إرهاقه بالفكرة، كانَ القلق الناجم عن السرعة المتهورة. ولكنه معتادٌ على طريقة قيادة " إدريس "، المُتخللة بشتائم طريفة منهالة يميناً وشمالاً على سائقي المركبات والدراجات النارية وحتى المشاة المارّة. الخلاء، الذي كان يمتد قبل ربع قرن بين المدينة والضاحية، أضحى الآنَ مساكن متلاصقة أو فيللات يفصلها عن بعضها البعض مزارع مزدهرة. مضت سيارتهما تشق طريقها بين هذه وتلك، يخيم عليها سماءٌ تلمع كاللؤلؤ بفعل شمس الأصيل. في الأثناء، كان يترامى خِلَل نافذة السائق الأصواتُ الأليفة للريف متماهٍ مع رائحته الحريفة.
بزغ أمام عينيّ " دلير " شريطٌ من ذكريات مَن سبقوه، الذين دأبوا على المرور جيئة وذهاباً عبرَ الطريق نفسه، سواءً أولئك المخلفين انطباعاتهم كتابةً؛ مثل " مسيو غوستاف "، " فرهاد "، " شيرين "، " سوسن خانم " و" سيامند ".. أو غيرهم من شخصيات السيرة، المارين عبرَ السرد؛ ك " الأميرة "، " مسيو جاك "، " الشريفة "، " حمو "، " غزلان "، آلان " و" زين ". الشقيق الكبير لهذين الأخيرين، كان قد أشترى ذلك المنزل الشبيه بالرياض، المملوء بدَوره بذكريات من ملكوه قبلاً. وها هوَ " دلير " في الطريق لمقابلة الرجل، أملاً في الحصول منه على معلوماتٍ تفيد مهمته.
ثم شق نداءُ " الله أكبر " عنان السماء، متبوعاً ببقية لازمة الأذان الداعي لصلاة العصر. وكانت السيارة عندئذٍ تتوغل في درب الضاحية، مثيرةً الغبارَ وفضولَ أولئك القابعين تحت أسقف الدكاكين والأكشاك، المتراصفة على الجانبين. تمهل " إدريس " كي يسأل أحدهم، ثم ما لبثَ أن قاد المركبة قُدُماً إلى العنوان المطلوب. هناك أمام منزل منيف، لاحت جدّة الترميم على واجهته، وقفت السيارة أخيراً. دلفَ منها السائق، وما عتمَ أن وضع إصبعه على جرس الباب. بينما انتظر صهره في مكانه، مكتفٍ بفتح باب السيارة سعياً لتلقي الهواء في هذا الجو الشديد الحرارة. نداءٌ آخر، صادرٌ من الأعماق، راحَ يطن في رأسه: " عبثاً كل هذا الجهد، عبثاً..! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 2
- جزيرة مهجورة
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 1
- زين وآلان: الفصل السابع 5
- شجرتان وأسطورة صغيرة
- زين وآلان: الفصل السابع 4
- زين وآلان: الفصل السابع 3
- أُضحِيّة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4