أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الهم الكبير وبساطة اللغة .. في رواية (ذاكرة الوجع) للكاتب صباح مطر














المزيد.....

الهم الكبير وبساطة اللغة .. في رواية (ذاكرة الوجع) للكاتب صباح مطر


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 6041 - 2018 / 11 / 1 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


كانت هذه الرواية الثانية للكاتب صباح مطر، والذي كان مفاجأة للوسط الثقافي في الشطرة، حيث عرفناه كاتبا مقالياً في شؤون الفكر والسياسة، لذا كان اسلوبه كروائي تغلب عليه البساطة والوضوح في تناوله للاحداث التي لها مساس في الواقع.. وهنا في روايته الجديدة (ذاكرة الوجع) يقف عند الحدث بفعل التذكر والاسترجاع رابطا بين الاسباب السابقة بمسار يأخذ عنه آثارا، لتكون له اسبابا لاحقة، وبين هذه السوابق واللواحق، يبدأ الكاتب بناء الحدث متوترا بين زمن الحكاية وزمن ترتيبها ناهيك عن زمن الواقع الضاغط عليه.. (وقد كان الزمن ولايزال يثير الكثير من الاهتمام في مجالات معرفية متعددة، فارسطو يعرف الزمن بمقدار الحركة فيما يتعلق بـ"القبل والبعد"، فهو يعرفه على اكثره اتساما بطابع الفيزياء ويربط بينه وبين الحركة الفيزيائية، فلم يعد الزمان يعرف ميتافيزيقيا على انه صورة للابدية او حركة النفس، بل اصبح يعرف ـ كما يمكننا القول ـ فيزيائيا أي كنظام عددي يبين اتجاه الحركة ، يبين ما يتقدم وما يتأخر)ص199، و(ان المشكلة التي يثيرها الزمن في القصة ، هي بحد ذاته المشكلة التي يثيرها الزمن في الواقع الانساني)1 ، والزمن في خبراتنا الشخصية يأخذ ابعادا من الضعف تارة، والاخرى له مكانة عميقة في انفسنا.. وبقى صراع الزمن بين العيش في خضمه وتلمس حركته، وبين النسيان واللاوعي في مروره، والظاهر ان الكاتب صباح مطر عاش زمنه الماضي في الرواية، وحاول دراسة الاثر وتتبع الحدث، راكبا ظهر الحكايات الواضحة من خلال زمن التذكر، ليروي اوجاع البطل منذ طفولته الى مراهقته ورجولته بخط مستقيم متصاعد من الوجع والضيم والالم، راسما معالم حياة بسيطة ساذجة لبطله، الا انها معقدة بوجعها وحرمانها، هذا الوجع والحرمان ترك بصماته المؤلمة على حياة البطل، منذ وفاة والده الى زواج امه، حيث تبدأ حياته اشد ايلاما، وهكذا تتفاعل احداث رواية (ذاكرة الوجع)، وهي تدور حول البطل وتتصاعد بفعل التذكر واسترجاع احداث تاريخية حدثت في الزمن الماضي، الا ان الكاتب حاول ربط مسبباتها بالزمن الحاضر، فمسار حياة البطل مسار من الوجع والضيم من طفولة شابها حرمان حنان الأبويين الى الجوع والعوز الى الحب في زمن تصاعد الحرمان.. الى الشخصيات التي عاشت مع البطل وكانت لها تأثيرات وبصمات على حياته، وعلى لسان البطل حيث يقول : (اعد السنين ، سني عمري ، فبحسابها قد اكون بلغت ذروة الشيخوخة بعد وربما لم ادنو منها غير ان نازلة حلت بجسدي فاحالته رمة متهالكة، كيان طوى صفحة الكهولة مبكرا، لتخلخل اعضاءه وعطب اجهزته واندثار خلاياه، فغرق في لجج الشيخوخة بكله، الا تلافيف عقله، وثمة ذاكرة صمدت بوجه العاديات واحتفظت بخزينها من الوقائع، وقائع لازال صداها يتردد في ححجرات سمعي وصورها تتراءى امام نواظري بزمانها ومكانها، بل بامكنتها المنتشرة من اقصى البلاد الى اقصاها وممتدة الى خارج الحدود، يا للذكرى .. كم مرة اخطأني الموت فنجوت منه او انه اكتفى مني باصابة تركت لي فسحة من الحياة) هذا النص وغيره يكشف لنا الصراع الذي عاشه البطل، بالادوار الذاتية والموضوعية، طفولته، مراهقته، ثم رجولته والتحاقه بالجيش ودخوله الحروب، وبسالته التي يكرهها، كونها جاءت على غير قناعة بالحرب وصراعات اوجاعه.. وهكذا فان الشخصيات التي تعتبر قوية في داخل الرواية، هي شخصيات مسلوبة الارادة، ودوما تعيش حالة الهروب من الواقع، حتى خاله الواعي المثقف اختفى بعد مقتل زوجته هروبا من واقعه، ولم يواجه الحياة بحلوله هو، انما بحلول غيره، ولم يكشف الكاتب الفكر الذي يُسير هذه الشخصية وفحوى كتاباتها، رغم ان الرواية كشفت عنه المثقف الوحيد في القرية.. وتصاعد الصراع في الرواية وتتابعت احداثها بوجع مستمر وبخسارات كشفتها الحروب التي دخلها البطل.. وعلى لسان بطل الرواية ننقل التالي : (تزاحمت في مخيلتي مشاهد احداث وصور لراحلين غائبين، مهاجرين، مهجرين، اموات، احياء طفت معها مسلسلا الى حيث تجرني، لم يقر لها قرار، جالت بي تجرني من زمن الى زمن، من مكان الى مكان، كأنها تجمع نتفا متفرقة، عينات مدببة توخزني ان انا توقفت، تخنقني بغصة تطبق على مسارب صدري وتضيق انفاسي، لم تعد تؤنسني، لم تكن سبيلا للتسلية، اهيم بين مسالكها هروبا من ضجري وبؤسي)، الحقيقة هذه حال بطل الرواية، الذي عاش كل حياته وجعا في وجع.. مسلوب الارادة جائعا، محروما، وحتى حياته مع حبيبته بهيجة كان يشوبها الكثير من هذا الضيم والقهر، وهذا يظهر لنا بدون ادنى شك، ان رواية (ذاكرة الوجع) من الروايات التي تدين الحقب الزمنية التي مرت على العراق، ولاسيما حقبة الدكتاتورية، التي هي من اشدها ايلاما على الشخصية العراقية، بل وعلى شخصية المجتمع وتماسكه، واقول لابد من الرواية كونها وثيقة تقترب من التاريخ ان تدين وتفكك، وتضع صورة لأوجه الحالات التي تضعها بدائل، لما قدمت من صور الوجع والضيم والحيف، بحيث يخرج القاريء بحصيلة جمالية ، توفر له متعة وتشويق وموقف ورؤية يشترك بها مع الكاتب.. وتبقى الروايات والقصص لها قوة بالغة التأثير في المجتمع ، وهي تقوم على فكرة اللعب والتخفي وابتكار الحيل، التي من شأنها تعميق روح المتعة في البحث عن البدائل التي تساهم في حل بعض المشاكل الاجتماعية، رغم انها عمل تدور في عالم الخيال، وان العلاقة بين العالم الموضوعي الذي نعيشه والعالم الخيالي الذي يصوره لنا الكاتب، كونه يثير اسئلة العلاقة بين عالم الحقيقة وعالم الخيال، وهذا ما حاوله الكاتب صباح مطر في النزول الى قاع العالم الموضوعي المعيش، مما خلق اشكالية الوضوح في معالجاته لرؤيته ..

مصادر البحث :

1 ـ كتاب (التجريب في القصة العراقية القصيرة) حسين عيال عبد علي /دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد ـ الطبعة الاولى 2008م ص199 ـ 200

2 ـ رواية (ذاكرة الوجع) للكاتب صباح مطر / دار تموز / دمشق سوريا /الطبع الاولى لسنة 2012



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضواء الروح..، ديوان (موسيقى الصباح) أنموذجا
- أنا وسيجارتك/ فاطمة نعيم
- المرحوم التشكيلي حسين الهلالي، ووهج اللون بين الخط والحرف
- الكاتبة أطياف سنيدح تخلق عوالما من المقاربة الإنسانية، ومجمو ...
- الناقد امجد نجم الزيدي، يؤسس لتجربة نقدية مرنة .. كتاب (تمثل ...
- الشاعر محمد عبدالله البريكي، يتنفس الواقع بروح جمالية..!
- اسيا رحاحليه، بين الرومانسية وفلسفة الحب الثابتة!!
- د . هويدا ناصيف تمتم : لتتجمّر اللهفة من لهفتي !!
- قصة (مسبحة أبي)، القصدية وتجربة المنحى ..
- الشاعر زين العزيز، والتطهر بالجواب ..! ديوان (خطأ في رأسي) أ ...
- تراتيل العكاز الأخير .. الحلم والألم
- الشاعرة ليان عمر، تُطاول شامخةً، غير عابئةٍ بالأفول ..!
- القصيدة الشعبية ..، بصورتها الساخرة ..!!
- القاصة فوز الكلابي تبث رسائلها للجسد وعبره وفوقه ..!
- ساناز داودزاده فر/قصائد قصيرة جدا
- تمرين قراءة لقصيدة الشاعرة ذكرى لعيبي (ظننتكَ لي وحدي)
- الشاعرة اديبة حسيكة، الحلم و ناسوت الجسد ..
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه ..!
- الشعر وصراع الواقع !!!
- الشاعر صفاء ذياب، ودلالات المكوث، رغم اوجاعه التليدة !!


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الهم الكبير وبساطة اللغة .. في رواية (ذاكرة الوجع) للكاتب صباح مطر