أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد سوسه - سياسة العراق الخارجية مع دول الجوار غير العربية1958-1963















المزيد.....


سياسة العراق الخارجية مع دول الجوار غير العربية1958-1963


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6040 - 2018 / 10 / 31 - 05:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اولاً : سياسة العراق الخارجية تجاه تركيا
واجهت العراق في العهد الملكي مشاكل معقدة مع تركية كان اهمها مشكلة الموصل التي كانت تطالب بها تركية وتعدها جزءاً من بلادها ، الا ان عصبة الامم حسمت هذه المشكلة لمصلحة العراق في السادس عشر من كانون الاول 1925م خفف من حدة التوتر بين البلدين . وفي عام 1929م اقامت تركية علاقات دبلوماسية مع العراق ، وتم تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، ففي تموز 1931م قام الملك فيصل الاول بزيارة تركيا فاسهمت هذه الزيارة بتوثيق الصلات بين الجانبين ، فعقدت تركية معاهدة تجارية مع العراق في العاشر من كانون الثاني 1932م زادت فيها تركية صادراتها الى العراق . وانضمت تركية الى حلف بغداد عام 1955م ووافقت على مشروع ايزنهاور عام 1957م لتصبح مع العراق جزءاً من الاحلاف الغربية في منطقة الشرق الاوسط .
ولما كانت السياسة الخارجية لحكومة الثورة في العراق تهدف الى الانفتاح على العالم الخارجي ، والابتعاد عن سياسة الاحلاف والانحياز للغرب فضلاً عن كسر طوق العزلة التي فرضتها السياسة البريطانية على العراق لذلك عملت على اقامة علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والحياد الايجابي ومصلحة الشعب العراقي ، فسعت لتوسيع نطاق علاقاتها لتضم دولاً شرقية وغربية الى جانب الدول العربية ودول الجوار .
وكان قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958م في العراق قد ادى الى انهيار كل ما خططت له تركية والدول الغربية حول سياسة الاحلاف ، لذلك فقد وصل رد الفعل التركي ازاء الثورة الى حد الاعداد لارسال جيش الى الحدود التركية – العراقية من اجل اجهاض الثورة واعادة النظام الملكي ، الا ان الموقف الامريكي المعارض حال دون ان يتحقق ذلك .
جاء اول رد فعل رسمي من جانب الحكومة التركية على التطورات السياسية في العراق على لسان وزير الخارجية التركي فطين رشدي زورلو ، في المؤتمر الصحفي الذي عقده في انقرة في السابع عشر من تموز 1958م حينما أكد أنه : ”بالنسبة لنا لا يمكن بحث موضوع حكومة العراق الجديدة ، ان رئيس الاتحاد العراقي الاردني اليوم هو الملك حسين ، وان الحكومة الشرعية هي تلك الحكومة التي كانت تحت ادارة الملك حسين ، وان تركية غير مستعدة للاعتراف بنظام الحكم الجديد في العراق“ .
لم تعترف تركية بالنظام الجديد في العراق . وبعد ان عقدت دول حلف بغداد اجتماعيها في لندن في الثامن والعشرين من تموز 1958م والذي تم فيه الاقرار بوجوب الاعتراف بنظام الحكم في العراق ، اعلنت تركية في الحادي والثلاثين من نفس الشهر اعترافها بالنظام في العراق خشية ان يؤدي امتناعها الى الاضرار بمصالحها وعلاقاتها مع الاقطار العربية المجاورة ، وافساح المجال للاتحاد السوفيتي لتعزيز نفوذه في المنطقة ، فقدم السفير التركي في بغداد في اليوم نفسه اعتراف حكومته الرسمي بحكومة الجمهورية العراقية الى وزير الخارجية الدكتور عبد الجبار الجومرد اثناء استقبال الاخير له . وصرح وكيل وزارة الخارجية التركية : ”ان بلاده ترغب في استمرار العلاقات الحسنة وديمومة المصالح المتبادلة وضرورة الحفاظ عليها بين تركية والعراق“ .
شهدت المدة التي اعقبت الاعتراف التركي بالعراق تطوراً في العلاقات
العراقية–التركية ، ولم يعكر صفوها سوى احداث قليلة ، فقد حاولت الحكومة العراقية عن طريق وزارة الخارجية اقناع الحكومة التركية بالعدول عن مساهمة ( مديرية انحصار التبغ التركية) في شركة اسرائيلية لانتاج سيكاير ( ينجه) بناء على توصية المؤتمر الثاني عشر الذي عقد للمكاتب الاقليمية لمقاطعة اسرائيل ، وتكليف الاقطار العربية للعراق للقيام بهذا المسعى الدبلوماسي لدى تركية بحكم الجوار الجغرافي معها وعلاقته الجيدة التي قد تثمر في التقليل من العلاقات الاقتصادية التركية – الاسرائيلية .
وافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد الدكتور نوري الكاظم مدير دائرة المساعدات الفنية والشؤون الثقافية لحضور اجتماع لجنة التعاون الثقافي العراقي – التركي في انقرة لتمثيل العراق في الاجتماع المذكور . وضم الوفد السيد هاشم الالوسي المفتش الاختصاصي في وزارة المعارف والدكتور عبد الرزاق الجليلي مدير العلاقات الثقافية والسكرتير العام للجنة التعاون الثقافي العراقي – التركي بديوان الوزارة . ووافق المجلس على قرارات اللجنة المشتركة بعد عقدها الاجتماع السنوي السابع لها . واوفدت وزارة الشؤون الاجتماعية اكرم جبرائيل مدير شركة دخان عبود الى استانبول للمشاركة في مؤتمر معهد العمل للشرقين الادنى والاوسط التي كان من المقرر عقده في الثاني من تشرين الثاني 1959م للاطلاع على التطور في مجال العمل وتوثيق علاقات العراق مع الدول المشاركة في هذا المؤتمر الدولي .
وعلى اثر خروج العراق من حلف بغداد في الرابع والعشرين من اذار 1959م ، واعلان ذلك رسمياً الغى العراق القانون رقم (17) لسنة 1955م ، الخاص بتصديق ميثاق التعاون المتبادل بين العراق وتركية في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في الثالث عشر من كانون الاول من عام 1959م .
وكانت الحكومتان العراقية والتركية تنتهزان كل فرصة ملائمة لتعزيز العلاقات بينهما فقد ارسل الزعيم الركن عبد الكريم قاسم برقية تهنئة الى رئيس وزراء تركية عدنان مندريس بمناسبة نجاته في حادث سقوط طائرته ، بالمقابل ابرق عدنان مندريس لعبد الكريم قاسم تهنئة لنجاته من محاولة اغتياله في تشرين الاول 1959م .
وعندما وقع الانقلاب العسكري التركي في السابع والعشرين من مايس 1960م ضد حكومة عدنان مندريس وتسنم الجيش التركي السلطة أعلن الزعيم الركن عبد الكريم قاسم تأييده له ، واعترفت الحكومة العراقية في الثلاثين من نفس الشهر بالحكومة التركية الجديدة برئاسة الجنرال جمال كورسيل . واكد عبد الكريم قاسم في مؤتمر صحفي ان العلاقات العراقية – التركية ستستمر على اساس الصداقة وحسن الجوار القائمة بين البلدين ، واثر قيام النظام الجديد في تركية بتسليم الجيش السلطة عقدت الحكومة العراقية مع نظيرتها التركية اتفاقية تجارية في ايلول عام1960م، لتعزيز علاقتهما الاقتصادية .
كما وجهت وزارة المعارف العراقية الدعوة الى وفد ثقافي تركي مكون من عشرة اشخاص لزيارة العراق والاطلاع على معالم النهضة العمرانية والثقافية فيه ، ولتعزيز علاقات البلدين في هذا المجال .
ووافق مجلس الوزراء العراقي على مساهمة وزارة الشؤون الاجتماعية في الحلقة النقاشية التي نظمها مكتب العمل الدولي في استانبول حول موضوع ادارة العمل ، واوفد لهذا الغرض السيدين ابراهيم الهاشمي معاون مدير العمل العام وتوفيق عبد الهادي جلال مدير عمل المنطقة الوسطى .
وعلى صعيد اخر ، تقدمت الحكومة العراقية في السابع من نيسان 1960م بطلب حمله السفير العراقي في انقرة لوزارة الخارجية التركية لمعارضة انضمام اسرائيل الى السوق الاوربية المشتركة ، ولبت الحكومة التركية هذا الطلب واكدت ان علاقتها مع اسرائيل تتقلص يوماً بعد يوم ، لا بل انها سحبت سفيرها في تل ابيب ولم تسمح بوجود سفير لاسرائيل في انقرة .
وشارك وفد تركي على مستوى رفيع في احتفالات الذكرى الثانية لثورة الرابع عشر من تموز تعزيزاً للعلاقات السياسية بين البلدين ، كما سمحت الحكومة التركية بتأثير من الحكومة العراقية التي كانت تدعم القضية الجزائرية على اقامة (اسبوع الجزائر) في بلادها دعماً لنضال الشعب الجزائري من اجل حريته واستقلاله .
ومع ذلك فان العلاقات العراقية – التركية في المجال الثقافي استمرت لان عدداً كبيراً من الطلبة العراقيين كانوا يتلقون علومهم في الجامعات التركية ، كما كانت للبلدين زمالات تقدر (20) زمالة سنوياً ، ووافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد عدد من الاساتذة لتمثيل العراق في مؤتمرات عدة في انقرة ، فقد اوفدت وزارة المعارف عزت احمد القيسي عميد كلية الطب ببغداد الى تركية لمدة عشرة ايام لتمثيل جامعة بغداد في مؤتمر امراض الاطفال الثاني لشرق البحر المتوسط لبحث اخر ما استجد من بحوث في هذا المضمار والافادة منه في العراق والاجتماع بالاساتذة المختصين لهذا الموضوع والوقوف على نتائج ابحاثهم ودراساتهم . واستقدمت وزارة المعارف احدى الفرق الرياضية التركية لتشترك في مباراة بكرة القدم في العراق لتعزيز العلاقات الرياضية بين البلدين ، كما استضاف اتحاد الملاكمة العراقي فريقاً رياضياً في الملاكمة من تركية واخر من لبنان لاقامة بطولة ثلاثية في هذا المضمار . واستضافت وزارة المعارف وفداً ثقافياً تركياً مكوناً من خمسة اشخاص لزيارة العراق لمدة اسبوعين للاطلاع على معالم الحياة الثقافية والاجتماعية في العراق وتقوية اواصر الصداقة بين البلدين .
انعكست بعض الاحداث السياسية التي شهدتها الساحة العراقية على العلاقات
العراقية-التركية، لاسيما المشكلة الكردية وقضايا الحدود التي كانت تظهر بين الحين والاخر، فقد ادى وجود الكرد على طرفي حدود البلدين الى اثارة القلاقل والمشاكل بين العراق وتركية ، فقد اتهمت حكومة جمال كورسيل التي تشكلت بعد الانقلاب التركي عام 1960م بعض المتنفذين من الكرد في تركية بوجود اتصالات لهم مع الملا مصطفى البارزاني ، لتأليف حكومة كردية مستقلة في تركية ، فتم القاء القبض على عدد منهم ومحاكمتهم في تركية ، الامر الذي دفع صحيفة "خه بات" لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق لنشر وارسال عدد من برقيات الاستنكار الموجة الى الرئيس التركي من اجل ايقاف هذه المحاكمات لكرد تركية .
وزار الملا مصطفى البرزاني ، مدينة كركوك في اواخر تشرين الاول 1958م ، الذي اعاده الزعيم عبد الكريم قاسم من منفاه الى الوطن مع اتباعه في الاتحاد السوفيتي . وحل ضيفاً في نادي الضباط بكركوك . وقد حضر لاستقباله اعداد كبيرة من الكرد ، وفي اثناء ذلك اطلق المندسون هتافات استفزازية ، منها ذلك الهتاف ”كركوك مدينتنا اتركوها ايها التركمان“ و ”يسقط الطورانيون ، يسقط التركمان عملاء تركية“ . لذلك ساد المدينة جوّ من التوتر الشديد .
وعلى صعيد اخر ، شهدت مدينة كركوك في السادس من اذار 1961م صدامات بين الاكراد والتركمان ، قتل فيها احد التركمان عند مروره بمحلة كردية ، وعلى اثر تشييع جنازته وقعت صدامات بين الكرد والتركمان اسفرت عن وقوع بعض القتلى والجرحى واستغلت ذلك الصحف التركية التي بالغت بذكر ارقام الضحايا ، ونشرت بعناوين بارزة وجود مذابح كبرى في كركوك ”وان التركمان فيها معرضون للذبح والقتل بالجملة تقرير خاص عن مقابلة السفير العراقي في انقرة طالب مشتاق لوزير الخارجية سليم ساربه الى وزارة الخارجية العراقية برقم ر/4/130 في 14/4/1961 ، الوثيقة رقم 1 – 4 . ، فقابل السفير العراقي في انقرة طالب مشتاق وزير الخارجية التركية في العاشر من نيسان عام 1961م واوضح له ان هذه الاحداث ليس اكثر من ”نزاع يقع بين فئتين متخاصمتين ، وان اجراءات الحكومة كانت سريعة وفعالة وسيطرت على الموقف في الحال ، واتخذت التدابير اللازمة لاحالة المعتدين الى القضاء“ .
اسفرت الحملات الصحفية التي قامت بها الصحف التركية في اثارة عدد من الطلبة الاتراك ، فقام طلبة جامعة استانبول بمظاهرة في الجامعة وهم يطالبون بضرورة المحافظة على ارواح التركمان في العراق ، مما دفع وزارة الخارجية التركية لعقد مؤتمر صحفي تكلم فيه ناطق بلسانها ، وايد فيه ما صدر عن الحكومة العراقية بهذا الخصوص واكد بشكل صريح وواضح بان ”الحكومة العراقية قامت بكل ما يجب القيام به من اجراءات كفيلة لحفظ الآمن وصيانة النظام في كركوك تقرير خاص عن مقابلة السفير العراقي في انقرة طالب مشتاق لوزير الخارجية سليم ساربه الى وزارة الخارجية العراقية برقم ر/4/130 في 14 / 4 / 1961 ، الوثيقة رقم 1 .
ان طول الحدود العراقية – التركية التي تمتد نحو198ميلاً (318) كم ووعورتها ووجود تداخل سكاني فيها لاسيما وان الكرد الذين تقع قراهم على طول حدود البلدين جعل من الصعوبة بمكان السيطرة على مشاكل الحدود ، فقد كان على القوات المسلحة العراقية او طيران القوة الجوية في حالة مطاردتهم لبعض الفصائل الكردية ان يدخلوا او ان يقصفوا ثغوراً داخل الاراضي التركية والعكس صحيح ، الامر الذي عقد من مشكلة الحدود بين البلدين وجعلها اكثر صعوبة من المشاكل الاخرى .
وبالفعل قصفت طائرات القوة الجوية العراقية بعض التجمعات الكردية على اثر قيام حركة مسلحة في التاسع من ايلول 1961م ، الامر الذي دفع تركية الى غلق حدودها لمنع انتقال الكرد العراقيين الى اراضيها ودفع ذلك ايضاً الى تعزيز قواتها على الحدود . ومع ذلك فأن غلق تركية لحدودها لم يمنع اعداداً من الكرد العراقيين للانتقال الى الاراضي التركية ، ففي الاول من تشرين الاول 1961م عبر (73) شخصاً الى تركية وفي الثامن والعشرين منه لجأ حوالي (300) كردياً عراقياً من عشيرة (البرواري بالا) الى تركية على اثر صدام مسلح مع البارزانيين وعندما حاولوا العودة للعراق ثانية تصدى لهم البارزانيون وقتلوا منهم (25) شخصاً، فطلبت الحكومة التركية من الحكومة العراقية اعادتهم . وذكر وزير الداخلية التركي للسفير العراقي في انقرة بان حكومته قامت من جانبها ”بكل عمل ممكن بمساعدة الحكومة العراقية في مواجهة المتمردين ، واننا نأمل ونتمنى ان تتوفق الحكومة العراقية في اعادة السلام الى تلك المنطقة ، لان ذلك يساعد على تأمين الحدود والطمأنينة في حدودنا ايضاً“ . وحاولت تركية منع تسلل الهاربين الى اراضيها وتهريب الاسلحة من داخل تركية واليها ، فتم ترحيل سكان القرى على طول الحدود مسافة (12) ميلاً الى الداخل وعدت هذه المنطقة ، منطقة محرمة ، وعززت الحكومة دوريات الحراسة فيها ، الا انها ، مع ذلك ، لم تستطع ان تمنع عمليات التسلل والتهريب بشكل نهائي ، وبسبب تجاوزات الحدود فان العلاقات العراقية–التركية قد تأزمت في احيان كثيرة وبلغ هذا التأزم ذروته في شهر اب 1962م، عندما طلبت الحكومة التركية من نظيرتها العراقية التوقف عن قصف القرى التركية الذي تسبب في مقتل جندي تركي وجرح اخر اثناء قصف مخفر تركي ، وما احدثه ذلك من اثارة الرأي العام التركي ومهاجمة الصحافة التركية حكومتها ووصفتها بالضعف والعجز وعدم اتخاذ أي اجراء حازم بهذا الصدد ، ووصل الامر بالصحافة التركية الى مطالبة وزير الدفاع بتقديم استقالته .
وتطور الموقف الى الحد الذي اسقطت فيه الطائرات التركية طائرة عراقية على الحدود، فقدم السفير العراقي في تركية احتجاجاً شديد اللهجة الى الخارجية التركية متهماً اياها باعتداء مقصود على العراق ، وتطورت الاحداث اكثر عندما حذرت الحكومة العراقية الحكومة التركية من انها سوف تتخذ الاجراءات التي تراها كفيلة بتأمين سلامة اراضيها ومواطنيها ورد العدوان عنه . وشهدت بغداد بسبب هذا الحادث مظاهرات معادية لتركية ورفض الزعيم عبد الكريم قاسم مقابلة السفير التركي في العراق ، مما دفع الحكومة التركية الى سحب سفيرها من بغداد ، وتبادل البلدان حملات صحفية واذاعية ومذكرات احتجاج متبادلة واستمر هذا التوتر حتى الثامن من شباط 1963م .
كما وافق مجلس الوزراء العراقي على دعوة اللجنة الثقافية التركية لعقد اجتماعها الدوري في بغداد مع نظيرتها العراقية ، ووافق المجلس ايضاً على المقترحات العراقية التي تضمنتها المباحثات الثقافية للجنة الثقافية العراقية – التركية المشتركة والتي تضمنت تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين وتبادل الزمالات وارسال الوفود لتبادل الخبرات لتعزيز اواصر العلاقات الثقافية بينهما . وتم ايفاد الاستاذ عباس العزاوي العضو العامل في المجمع العلمي العراقي الى استانبول لمدة اسبوعين لاستنساخ بعض المخطوطات الموجودة في خزائن مكتبات استانبول الخاصة باحتفالات مدينة بغداد والعالم العربي الكندي .
وعلى الصعيد التجاري قفزت قيمة الاستيرادات في عام 1960م الى (297698) ديناراً، ثم هبطت بسبب تأزم الاوضاع السياسية في البلدين عام 1962م الى ما يقارب (12) الف دينار ، في حين كانت الصادرات العراقية الى تركية ضئيلة ، اذ لم تبلغ اقيامها في اعلى حالاتها الى (4000) دينار عام 1961م .
وعلى صعيد اخر استمرت معاهدة عام 1946م الموقعة بين البلدين تنظم المياه المشتركة بينهما ، اذ كانت السلطات التركية تنبه الحكومة العراقية مسبقاً بفيضانات نهري دجلة والفرات لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لدرء اخطارها ، ودفع العراق في الخامس عشر من تشرين الاول 1959 مبلغاً قدره (1590) ديناراً عن حصته في تشغيل محطات مقاييس المياه في الاراضي التركية للسنة المالية 1958 – 1959م .
وعلى ما يبدو فان العلاقات السياسية بين العراق وتركية قد القت بضلالها القاتمة على العلاقات التجارية بين البلدين الامر الذي لا نلحظه على العلاقات العراقية-التركية فحسب ، وانما امتد ايضاً ليشمل العلاقات العراقية الايرانية ايضاً وهو ما سنتناوله .

المصادر
- فاضل حسين ، مشكلة الموصل ، ط2 ، بغداد ، 1967 ، ص59 ، 162 -170 .
- عوني عبد الرحمن السبعاوي ، علاقات تركية الخارجية ، من كتاب تركية المعاصرة ، مجموعة مؤلفين ، الموصل ، 1988 ، ص224.
- فؤاد الراوي ، المعجم المفهرس للمعاهدات ، الكتاب الثالث ، الفهرس السنوي ، ج1 ، بغداد ، 1975 ، ص139 .
- عبد الوهاب عبد الكريم التكريتي، العلاقات العراقية– التركية 1958-1968، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الاداب– جامعة بغداد ، 1998 ، ص50-60 .
- عوني عبد الرحمن السبعاوي ، العلاقات العراقية – التركية 1932-1958 ، الموصل ، 1986، ص81 .
- مقتبس من عوني عبد الرحمن السبعاوي ، تركية وقضايا المشرق العربي 1945-1967 ، اطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية الاداب – جامعة الموصل ، 1991 ، ص92 .
- د.ك.و. قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1959 ، القرار رقم (22) ، تاريخه 26/1/1959 ( ) - - د.ك.و ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1960 ، القرار رقم (3) ، تاريخه 30/5/1960 .
- طالب مشتاق، مذكرات سفير عراقي في تركية 1958-1965، ج2، بيروت ، 1969 ،
- فاضل البراك ، مصطفى البارزاني الاسطورة والحقيقة ، بغداد، 1989 ، ص43-50 ، 91-140 .
- سليم مطر ، جدل الهويات عرب .. اكراد .. تركمان .. سريان .. يزيدية . صراع الانتماءات في العراق والشرق الاوسط ، بيروت ، 2003، ص170 .
- ملفات وزارة الخارجية العراقية لعام 1961 ، د.ك.و. ، اسيوية 6805 -6805/9 ، تقرير خاص عن مقابلة السفير العراقي في انقرة طالب مشتاق لوزير الخارجية سليم ساربه الى وزارة الخارجية العراقية برقم ر/4/130 في 14 / 4 / 1961 ، الوثيقة رقم 1 .
- الجمهورية العراقية ، دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960 ، بغداد ، 1961 ، ص56 .
- وزارة التخطيط ، المجموعة الاحصائية العامة ، عام 1961 ، بغداد ، 1962 ، ص228



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية ج 2
- اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية ج 1
- اتجاهات العقلية العراقية في الحياة اليومية
- سياسة العراق الخارجية 1958-1963 ج .1
- سياسة العراق الخارجية 1958-1963
- سياسة العراق تجاه المنظمات الدولية1958-1963 ج 2
- سياسة العراق تجاه المنظمات الدولية1958-1963 ج 1
- سياسة العراق تجاه سورية 1961-1963م
- سياسة العراق الخارجية تجاه دول المغرب العربي1958-1963
- الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق خلال العه ...
- الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق خلال العه ...
- سياسة العراق الخارجية تجاه بقية دول المشرق العربي1958-1963 ج ...
- سياسة العراق الخارجية تجاه بقية دول المشرق العربي1958-1963
- سياسة العراق الخارجية تجاه ايران 1958-1963م
- سياسة العراق الخارجية تجاه الجمهورية العربية المتحدة (1958-1 ...
- العوامل والمؤثرات الرئيسة في تشكيل أسلوب الكتابة عند كامو ج ...
- العوامل والمؤثرات الرئيسة في تشكيل أسلوب الكتابة عند كامو ج ...
- العوامل والمؤثرات الرئيسة في تشكيل أسلوب الكتابة عند كامو .
- الفلسفة في فكر البير كامو ج 2
- الفلسفة في فكر البير كامو ج1


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد سوسه - سياسة العراق الخارجية مع دول الجوار غير العربية1958-1963