أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الدولة العميقة والقيادة















المزيد.....

الدولة العميقة والقيادة


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 17:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نواة الدولة العميقة تضم العسكر وأصحاب النفوذ السياسي والمصالح المالية، ويتبعهم الإعلام بداهة قبل ثورة الإنترنت، وبسبب هذا التلاقي بين النفوذ العسكري والسياسي والمالي، فإن أساليب الدولة العميقة تجنح في الأغلب للعنف والقمع.. ولكن بعد تكرّس الديمقراطية، تصبح "الدولة العميقة" حامية لها باعتبارها وسيلة التغيير السلمي بدل المواجهات التي تضر أكثر من يملك أكثر ليخسره، كما يجري الآن في أميركا للتصدي لسياسات ترامب، ويجري في الانتخابات الأوربية التي قد تأتي بمتطرفين قوميين أو تودي بهم، أي أن "الدولة العميقة" ذاتها كائن متغير وليست هيئة مقدسة تسبغ الشرعية بفضل هذه القدسية. تستخدم الدولة العميقة أدوات متعددة منها: تدخل المؤسسة العسكرية في الاقتصاد والجهاز الإداري والتنفيذي للدولة وذلك من خلال امتلاكها للشركات الاستثمارية والتي تتمكن من خلالها من التأثير على السوق، وكذلك إشرافها على المشروعات الاقتصادية وبذلك تصبح لاعب أساسي في الحياة الاقتصادية، أضف إلى ذلك سيطرتها على الجهاز الإداري ومعظم المؤسسات الحيوية من خلال تعيين رجال القوات المسلحة المتقاعدين في المناصب العليا، وفي بعض الدول لا تحتاج القوات المسلحة إلى تعيينهم في الجهاز الإداري، فنفوذهم يمكنهم من اختراق الجهاز الإداري وتحقيق أهدافهم دون اللجوء للتعيين، وبذلك تتمكن المؤسسة العسكرية من حماية مصالح الدولة العميقة كما حدث في الاتحاد السوفيتي سابقا. وتقوم الدولة العميقة أحيانا بانتهاج الحيل والخداع على المواطنين من أجل الحفاظ على النظام العام ومنظومة القيم والمعتقدات المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر للدولة. ويستخدم مفهوم «الدولة العميقة» لوصف السلطة التنفيذية التي تعمل سرا باعتبارها جزءا من الدولة، وتقوم بأعمال وعمليات غير مشروعة وبشكل سري، وإذا ما ظهرت هذه العمليات السرية للعلن، لا أحد يتحمل مسؤوليتها، وبهذا المعنى فإن «الدولة العميقة» عادة ما تواجه مشكلة تتعلق بالشرعية، ويتم حل هذه المشكلة عن طريق إبقاء عملياتها سرية. استخدام الجهاز الاداري “البيرقراطية” يعد أحد أدوات الدولة العميقة، وهو فرع عن القانون من أجل إطالة العمليات الادارية على المواطنين والتي من خلالها يعمل الموظف على الحفاظ على النظام العام وعدم إعطاء للمواطن الفرصة بالاعتراض أو احداث خلل في تلك المنظومة. و تقوم الدولة بامتلاك أدوات الاقتصاد والتحكم في الاسواق من أجل الحفاظ على شبكات المصالح الاقتصادية التي تستفيد بشكل ما أو بآخر ببقاء النظام العام على ما هو عليه وفي سبيل ذلك تقوم بافتعال الأساطير والحكايات التي من خلالها تتحكم في مسألة العرض والطلب واتجاهات السوق. الدولة العميقة، كيان حقيقي ، وأنها تظهر في حالات الضعف والتحول غير المكتمل، بحيث تنشأ علاقة عكسية بين الدولة القائمة والدولة العميقة، فكلما ضعفت الدولة القائمة قويت الدولة العميقة، والعكس صحيح. ولا سبيل إلى اضعاف قوة الدولة العميقة إلا بالحكم الرشيد القائم على الديمقراطية الحقيقية، وتبني سياسات تنموية عادلة، وتطبيق القانون على الجميع، والتمسك بالشفافية والمحاسبة والمساواة في الحقوق والواجبات، كل ذلك من شأنه أن يضعف قوة الدولة العميقة.
والتجربة التركية أظهرت وجهًا آخر لمفهوم الدولة العميقة، وجه لا يرتبط بالمؤسسة العسكرية التي طالما حاولت الحفاظ على امتيازاتها، وعلى الطابع العلماني الراديكالي للدولة، فبعد فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية المقاعد في البرلمان لمدة عشر سنوات، ونجاحه في تأسيس مرحلة جديدة وسيادة الاستقرار في تركيا، قام باتخاذ خطوات عززت من قوة السلطة التشريعية، واستقلالية القضاء، ورقابته على السلطة التنفيذية، فضلا عن اتخاذ بعض الخطوات تجاه حرية الصحافة والحريات السياسية، هذه الخطوات جعلت حكومة حزب العدالة والتنمية في حاجة إلى عمليات أخرى منفصلة، وبعبارة أخرى، شجعتها على إيجاد «الدولة العميقة»، فرغبة الحكومة في استمرار قوتها وضمان الاستقرار يبرر لها قمع كل القوى المعارضة عن طريق استخدام الأساليب التي تعتبر قانونية في مظهرها، ولكن مشكوك فيها عندما يتعلق الأمر بمدى قانونيتها .
نشأت الدولة القومية الحديثة بعد معاهدة ويستفاليا للصلح عام 1648، وكان هدف قيام هذا النموذج هو الحفاظ على القوميات والحدود ووضع أطر واضحة للعلاقات بين الدول وشعوبها، وإنهاء حالة الصراع التي كان أحد أسبابها وفق نظرة من أبرموا هذه المعاهدة هو وجود الامبراطوريات وعدم وجود ترسيم واضح للحدود مما يؤدي إلى زيادة الصراعات بين الشعوب وأنظمة الحكم المختلفة في ذلك الوقت. إن الدولة القومية الحديثة ترتكز على مبادئ ومن أهمها مبدأ “السيادة”، وهذا المبدأ يعد من المبادئ المشكلة والرئيسية لفهم دور الدولة القومية، ففي إطار السيادة تمنح الدولة السلطة والحق المشروع في استخدام العنف والقوة وما في وسعها للحفاظ على النظام العام، إذا فهي لا تتحكم بالمؤسسات فقط ولكنها أيضا تتحكم في المواطنين، مما يستتبع أن الدولة هي المشرعة للقوانين وهي التي ترى تنفيذ القانون في إطار ما تراه مناسبا للحفاظ على النظام العام، فهي تحتفظ بحقها في خرق القانون متى تتطلب ذلك. ساعد هذا النموذج على نشأة شبكات معقدة من العلاقات والمصالح التي على مر الزمان تتجذر في مفاصل وأجهزة الدولة المختلفة والتي -وفي لحظة تاريخية معينة- لا يمكن أن يحدث تغيير دون اقتلاع هذه الدولة من جذورها، فهي تدافع عن مصالحها بشراسة من خلال العديد من الوسائل والأدوات التي تمتلكها بفعل مفهوم السيادة الذي من خلاله تقوم بتبرير وشرعنة أفعالها.
و الى جانب الدولة العميقة التقليدية أو الكلاسيكية التي تولت ادارة امريكا لعقود كان هناك مايسمى حكومة الظل في تلك الأعماق .. وهي بقية الأثرياء والقطاعات الصناعية والراسمالية التي أوجدت تفاهما بينها وبين القوى العميقة الكلاسيكية التي تولت ادارة البلاد لعقود طويلة .. وكانت قوى الظل منكفئة طالما أن مصالحها لاتتأثر ولايتم الاعتداء عليها من قبل مؤسسات الدولة العميقة المنشغلة بمكاسبها. وترامب ليس من مرشحي المؤسسة التقليدية العميقة بل هو مؤشر على تحرك حكومة الظل الموازية وربما نهوض دولة عميقة أخرى لم تعد لامبالية بما تفعله الدولة العميقة التقليدية بل صارت ترى أن من حقها أن تقرر أيضا شكل الرئيس ولونه ولسانه وتكتب له خطاباته وشعاراته .. وعلى هذا الاساس فان ترامب اما أن يكون نتيجة انشقاق ضمن الدولة العميقة التقليدية أو أن هناك نهاية لدولة عميقة كلاسيكية حكمت عقودا طويلة ولكنها تتعرض الآن للتحدي من دولة عميقة تشكلت بهدوء في الظل خلال العقود الأخيرة ووجدت أنها كبرت بما فيه الكفاية لتكون لها حصة في القرار السياسي بعد ان كانت مكتفية بأن تراعي القوة القديمة مصالحها المالية .. الى أن حدث الانهيار الاقتصادي الذي هدد مصالحها ووجدت أنه آن الأوان للحلول محل القوة القديمة او مقاسمتها السلطة للحفاظ على مصالحها لأن مغامرات القوة العميقة العسكرية من أجل مكاسبها الخاصة أدت الى نمو غير متكافئ في الاقتصاد الاميريكي حيث انتعش اقتصاد السلاح والنفط وتآكل الاقتصاد الباقي الذي لايبيع السلاح والنفط .. وهذا ماتسبب في أن ينمو اقتصاد العالم وخاصة في الصين على حساب الاقتصاد الاميركي الذي لاينتمي الى صناعة السلاح وتجارة النفط والمال .. وهنا بدأت طبقة من الأثرياء الجدد الذين نأوا بأنفسهم عن السياسة وقبلوا بحكومة الظل وصارت ترى أنها الأحق بقيادة الدولة والسيطرة على القوة العميقة التقليدية .. وهذه الطبقة التي تقود الاقتصاد الاميريكي المتضرر من سياسات صناعة الحروب تجد ان الحروب تفيد جزءا من النخب الرأسمالية الاميركية وخاصة في المجمع العسكري الصناعي وشركات الطاقة والنفط العابرة للقارات .. وهي حروب لاتعود كثيرا بالنفع على أثرياء حكومة الظل.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزاهة والشفافية والحفاظ على المال العام لاجل دولة مستقرة س ...
- الترتيبات التي تحاول الولايات المتحدة ان تمهد بها لتمرير صفق ...
- موقع المرأة في مجتمعاتنا الذكورية وموقف الاسلام منها
- الحرب الاقتصادية التي يقودها ترامب ضد الجميع
- لا ينتهي التنافس الأقليمي والدولي على الارض العراقية
- الحصار الاقتصادي والمردود السلبي على المؤسسات المالية العالم ...
- العوامل التي تتحكم بقوة وضعف الدولة
- اساليب العمل الديمقراطي ودور جماعات الضغط
- ما أشبه اليوم بالامس
- الذكرى الستين لثورة 14 تموز
- ألتحالفات الانتخابية
- المساعدات الخارجية للدول الفقيرة وتأثيرها على قرارها السيادي
- العقوبات الاقتصادية والحصار لا يمكنهما إسقاط نظام سياسي
- تأثير الاوضاع الامنية والاقتصادية على الاستقر السياسي
- لأجل ترميم الخراب الذي عمّ العراق منذ عقود
- عندما تكون الميليشيات اقوى من الجيش الوطني
- لا يمكن بناء الديمقراطية بدون الاصلاح السياسي
- لأجل التغيير الإقبال الواسع على صناديق الإقتراع
- الازمات والتدابير الصحيحة الآنية لمعالجتها
- تأثير ألآيديولوجية على المجتمعات


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الدولة العميقة والقيادة