أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - عولمة الخناثة (2)















المزيد.....

عولمة الخناثة (2)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6037 - 2018 / 10 / 28 - 23:33
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


وديع العبيدي
عولمة الخناثة (2)
(1)
أولا: اشكر الصديق الدكتور طلال الربيعي على تواصله الحميم ونحن نلتقي كثيرا في العموم في هذا الموضوع وخارجه، وأشكر تنااوله للأمر من وجهة نظر (علمية/ طبية) وهذا موضوع لا يخصني، بقدر كونه ظاهرة اجتماعية أولا، وقضية اتساعها ورواجها في ظل ما يدعى بالعولمة أو المنظور الأمريكي للتاريخ والراهن.
الخناثة اصطلاح عربي تراثي قديم، واصطلاحات الجندر والمثلية متأخرة جدا ومنتج غربي محدود، روجته الكولونيالية الامبريالية لآنه يخدم مشروعها السياسي العنصري لتهجين البشرية. وقد تمنيت من الصديق الربيعي أن ينظر لما ورد في مقالتي، كجزء من سلسلة طويلة لتفكيك اليات العولمة ومشروعها السياسي، وكلنا نرى اليوم شيوع ظواهر اجتماعية وثقافية، تنتشر كالنار في الهشيم، عبر اليات هندسة الاعلان وعلم نفس المستهلك، لتضليل قطاعات كبيرة من الناشئة، والجماعات الهشة التكوين والتعليم، أو المنخلعة من بيئاتها الطبيعية، والمضطربة نفسيا واجتماعيا، بعد تدمير قواعد الاستقرار البيئي والاجتماعي لبلاد كثيرة، وفي صدارتها العالم العربي، يتقدمها العراق ضحية المشروع الاميركي العنصري، والذي يفكك الكثير من ثوابته وحصونه، ويحيله الى عجينة بلا لون ولا طعم ولا هوية. وهذا هو مغزى كتاباتي التي تتناول العولمة والحداثة، ومنتجات كل منهما.
بل أن علم النفس وهندسة الوراثة و(الجنتكنيك) هي من منتجات ما عرف بالحداثة، بل هي من أحدثها ظهورا.
وقد ذكرت في موضوعات سابقة، أن ليس كل ما يقوله الغرب حقائق نهائية مقدسة.
وأن خصائص العلمية والاكادمية، تحولت الى سطوة تضاهي بل تزيد على صفة (المقدس) في الفكر الديني.
وهذا هو مطب قاتل في مشروع الحداثة كلا وتفصيلا. وهو الذي يفترض انه يعتمد العقل والتجريب، وليس الخلاصات النهائية الجازمة.
فضلا عن أن كل منتجات العلوم والتكنولوجيا والانسانيات، أخضعت ايديولوجيا لمنهاج (المركزية الغربية).
وما هي المركزية الغربية، هي نظرة (التفوق الأوربي) العنصرية، وهي الاطار العام للرأسمالية الامبريالية التي تشهد أعظم تجلياتها في الأمركة/ العولمة مع بداية الالفية الراهنة.
العالم والباحث العلمي ينظر لموضوعه من زاوية تخصصه العلمي والاكاديمي المحدود، ولكن المثقف الشمولي والفيلسوف ينظر لجملة الحراك الاجتماعي والسياسي والفكري، ويشخص نقاط الانسجام والاضطراب والتخلف والتقدم في مسار البشرية.
وما يحدث اليوم هو ردة فكرية اجتماعية، مما شخصه فلاسفة غربيون، وهو مدار بحث وعمل حاليا، في اطار ما يدعى اليوم بنقد الحداثة، ومراجعة أخطاء مشروع التنوير.
ان العالم العربي والثقافة العربية/[الثقافة بالمعنى الشمولي الذي يتضمن الاداب والفنون والعلوم] المعاصرة، هو أكبر ضحايا الحداثة والتنوير.
وما هي الحداثة والتنوير والعولمة، هي الثقافة الكولونيالية الامبريالية، ومرجعية المركزية الغربية العنصرية، التي تضع العرب في المراتب الدنيا من مدرج الاعراق والثقافات. ولابد ان ننتبه كل منا، لموقعه في التراتبية العالمية، وموقف الآخرين منه.
وقد ترددت في اوساط الثقافة الغربية والعربية، صورة النازية الهتلرية، والجدول النازي لتراتبية الأمم التي تضع اليهود والعرب و.. في قاع السلّم. سؤالي، هل مكانة العرب في الجدول الانجليزي لتراتبية الأمم أفضل من موقعهم في الجدول الهتلري؟. السؤال الأهم هو من الذي اشاع فضائح النازية في اوساط العرب والعالم، اليس الامبريالية الانجليزية التي ينظر لها عرب اليوم حليفا ستراتيجيا.
(2)
ان كل فرد مقيم في انجلتره، يراجع الطبيب أو المدرسة الابتدائية، أو يتقدم لأي معاملة رسمية، عليه أن يملأ استمارة تتضمن تصنيفه العرقي والجنسي والفكري، هل هو أسود أو أبيض أو أسمر أو غيره، هل هندي أم أفريقي أم هندو افريقي أم أسيوي أو اصفر أو أو.. وهذه أكبر فضيحة عنصرية ومخالفة لكل المواثيق والاعراف. هاته الاستمارة غير واردة في بلد اوربي اخر. ولكن يجوز للندن ما لا يجوز لأخرين.
وفي العام الماضي، أدخل حزب المحافظين فقرة الجنسانية والجندرية، وصياغة العبارة في الاستمارة معيبة وعدوانية ومخالفة لميثاق حقوق الانسان. وفي الاستمارة الالكترونية لا يمكن العبور للسؤال اللاحق دون اجابة السؤال –يتكرر ثلاثة مرات في الاستمارة- المشين والمنافي للاخلاق والأداب العامة، حسب المصطلح الرسمي.
الهوموسيكس والهتروسيكس والمثلي السالب أو الموجب، مفردات يمكن تصورها في الشوارع الخلفية والمباءات المنحطة، وليس في مجتمع مستقر سليم وصالح، أو تعامل قانوني يلتزم احترام الانسان والاعراف العامة.بل ان الانظمة الغربية منعت التداول الرسمي لبعض الالفاظ التي تعتبرها غير لائقة، ولكنها تروج وتفحم الناس باصطلاحات وممارسات مشينة، وغير مقبولة. وهذا يعكس قزمية الدمقراطية وحقوق الانسان في ظل العولمة، بحيث تمنع حتى الكنيسة على الاحتجاج.
وللعلم، فأن الوصايا الاخلاقية للانجيل والتاناك تعتبر المثلية من الخطايا التي تفرض اعتزال اصحابها واخراجهم من المجتمع الديني الأصولي.
لماذا اطيح بالاخلاق والقيم الاجتماعية والدينية مرة واحدة، لاشاعة مظاهر الوثنية الوحشية التي كانت سائدة في الغرب قبل العصر المسيحي، حيث كانت (العبودية والانحرافات الجنسية) تترافق تحت سلطة طبقات النبلاء والارستقراطية والبلاط .
ولعل الدكتور طلال الربيعي وبحكم تخصصه، يعرف الكثير عن المدرسة الغريزية والمدرسة السلوكية في علم النفس والعلوم الاجتماعية، أو ما يدعى علم نفس الاجتماع، التي تتدخل في التصميم الاجتماعي والنفسي والبيولوجي لبناء الانسان والجماعة السياسية، بالشكل الأمثل الذي يضمن أفضل خدمة وأفضل ضمانة أمنية سياسية لنخبة الحكم.
ان المجتمع الأمريكي نموذجا والمجتمع الانجليزي السياسي ليس فيه شيء يمكن اعتباره [طبيعي، طارئ، صدفة]. والسياق المرسوم لكل فرد هو القبول والرضا. انه صورة العبد المستخذي، غير القادر على الاعتراض أو الرفض أو التمرد أو العصيان. وهي حالة لم توجد في الفكر الديني، حيث اتاح الخالق لادم وحواء خيار البقاء أو الخروج من الجنة، وكما يصفها الصديق الشاعر زاهر الجيزاني، ان تناول الثمرة كان تمردا اراديا ووسيلة للخروج من الفردوس.
لكن الاعتراض والعصيان، غير متاح في النظام السياسي الانجليزي الناعم من الخارج، والوحشي من داخله. وهو غير متاح في منظومة العولمة التي تتجسس على البشرية والضمير الانساني بامن الالكتروني الاحتكاري.
(3)
سؤالي هنا، أين كانت المثلية ومرادفاتها قبل العولمة، وقبل استفراد الاميركان بقياد العالم. ما أعنيه هنا، المثلية كظاهرة اجتماعية ومادة للتفاخر والتمايز، بعدما انكرت الروادع الاخلاقية والثوابت الاجتماعية وقواعد الاستقرار في العراق والمنطقة عموما. ألا يعتقد القارئ، بغض النظر عن موقفه الديني، بخطورة شرعنة المثلية وتطبيعها الاجتماعي على تهديم قواعد المجتمع الديني والايمان الديني؟..
ومتى كان المتمرد اجتماعيا يتفاخر ويروج لنفسه، قبل سقوط هيبة الدولة ومظاهر التسلط الأميركي؟..
لماذا، لأن الدين ضمان للاستقرار الاجتماعي والطمأنينة النفسية التي يحتاجها الانسان الطبيعي.
وهذا ما جعل بعض المعالجين النفسيين يستخدمون علم النفس التعويضي، باستخدام النص والايمان الديني لمعالجة الشخص المضطرب أو القلق. والعلاج بالانجيل مدرسة معروفة في الولايات المتحدة اليوم. أما المشورة واتباع جدول سلوكي وعادات يومية ثابتة، فهو طريق آخر للعلاج النفسي، وهو يضاهي تكرار العادات والمراسيم الدينية، التي تمنح الشخص نوعا من الاستقرار والطمأنينة.
اما المثلية ورواجها في بعض المجتمعات، ودعمها من قبل ما يدعى بالمجتمع المدني، أو تضمينها جزافا في مشروع الحداثة والعولمة، فهي اداة من أدوات تدمير الهيئة الاجتاعية/(العائلية والمجتمعية)، وبالتالي، تقويض قواعد الدولة، والكرامة والوطنية.
ومن المؤسف ان تتحول قطاعات من مجتمعاتنا، لاستهلاك مجاني لمنتجات الغرب وصادرات النظام الرأسمالي، وكأنها مظاهر وقيم مقدسة.
ان المجتمع الغربي نفسه، ومنه مجتمع لندن يرفض كل مظاهر المثلية ويدينها. ولكنه مقهور عليها بسطوة القانون والمحاكمات القضائية. وفي مدرسة كنسية عينت معلما مثليا، اضطرت عوائل عديدة لنقل اطفالها الى مدرسة اخرى. والمدرسة الكنسية مقهورة على الامر بحكم القانون. والأمثلة كافية في هذا المجال. صورة هندي مثلي استمرت لمدة شهر في الصفحة الاولى لصحيفة اعلانات مجانية في لندن!.
كل شيء طبيعي، في العالم الطبيعي، وهذا يشمل كل مجالات ومستويات النشاط البشري والفكر الانساني، يخضع للتطور الطبيعي.
كل الظواهر الاجتماعية والفكرية والدينية تطورت من خلال الطبيعية، وهي المدرسة والمجتمع الأصيل. وكان احرى بالمثلية ان تظهر وتتطور وتنتشر في الحاضنة الطلبيعية، لو كانت طبيعية حقا.
وقد وجدت عبر التاريخ في كثير من المجتمعات ولكن بشكل استثنائي محدود جدا، ولا يكاد يشكل تهديدا أو تأثيرا على السياق الاجتماعي.
لو كانت المثلية أو أي ظاهرة وموضة رأسمالية طبيعية، وفي سياق الطبيعة، لما احتاجت لتقنينها وفرضها ارهابيا، ودعمها بسطوة القانون.
المدافع عن المثلية عليه أن يقدم احصائية دقيقة عن نسبة المثلية في المجتمع الانجليزي مثلا، أو اي مجتمع غربي. لماذا تتدخل الدولة الرأسمالية التي تزعم الدمقراطية والحرية وعدم تدخل الدولة في الاقتصاد والمجتمع ووو، لماذا تتدخل بعنف قانوني قمعي لترويج التشوه وتطبيعه، ومعاقبة رافضيه علنا. وثمة أكثر من قضية قضائية في هذا المجال.
ثمة ترويج مقصود ومخطط لذلك، ولعل الباحث المعني يدرك أثر عوائل السنغل والعوائل غير المستقرة اجتماعيا أو اقتصاديا، في انتاج تلك الظاهرة.
النفي ليس للظاهرة، وانما لاستخدامها رأسماليا وترويجها بين العوائل والجماعات المحافظة، لاستخناث المجتمع.
(4)
اعيد تذكير الدكتور الربيعي بموضوعه عن (الشجاعة)، غير المنفصل عن موضوع الخناثة.
فغياب الشجاعة الأدبية والبدنية والوطنية في ظل (العولمة)، لا يعود لقوة الامبريالية الوهمية، وانما لجملة البرامج الاجتماعية والبيولوجية التي تقوم بترويجها تحت عناوين مراوغة للايقاع بالمجتمعات، وبالتالي، نزع المقاومات الطبيعية وردود الافعال الطبيعية تجاه الظواهر.
ان ما يحصل في عصر العولمة، هو تهيئة وتطهير بيولوجي فكري نفسي واجتماعي، لنزع عوامل المقاومات الطبيعية وداينموات القوة والشجاعة القومية، لتأمين ديمومة السيادة الرأسمالية الامبريالية الانجلوميركية على المناق الحيوية والستراتيجية في العالم.
ألا يكفي ان العراق الذي عرف بحركة المظاهرات والانتفاضات والثورات الوطنية والانقلابات العسكرية والحزبية، طيلة القرن العشرين، يعيش حالة من خنوع وذهول في مواجهة الاحتلالات والبرامج والمؤامرات التخريبية الهادفة لاذلاله وتهجينه.
هاته الظواهر والتشوهات والانحرافات في كل القطاعات ليست متجردة، وانما هي مترابطة عضويا مع الوضع السياسي والتسلط الامبريالي على العالم والعراق.
فنحن بحاجة للعقلانية والموضوعية في النظر للآمور امتعلقة بحياتنا وثقافاتنا وبلادنا. ثمة اشكاليتان، ضمن اشكاليات كثيرة ومعقدة، تحيط بالحالة العراقية، وتفرغها من مضامينها الحقيقية والحيوية، وهما الموقف من (الوطنية)، والموقف من (الاحتلال والامبريالية).
أما الاشكالية الأكثر تعقيدا، فهو عدم الوضوح في الموقف من الرأسمالية الامبريالية من جهة، والتطبيع والترويج مع منتجات الرأسمالية الامبريالية، ليس المادية والاقتصادية فحسب،ـ وانما منتجاتها الفكرية والاجتماعية العامة، وهذا التناقض يسجل تاريخيا للماركسيين والشيوعيين وكل جماعات اليسار عراقيا وعربيا وعالمثالثيا. كيف ترفض وتعارض وتقاوم طرفا سياسيا، وانت تستهلك وتروج صادراته وثقافاته؟؟؟؟!!.
بالنسبة لي، أقول بكل تواضع وكل وضوح: أنني ضد العولمة جملة وتفصيلا، وأعتبرها مشروعا معاديا للبشرية وتدميريا للطبيعية ومستقبل الانسان.
قبل اقامتي في الغرب واختبار أفكاره وشعاراته ميدانيا، كنت اعتبر نفسي حداثيا ولبراليا. ولكني مع تراكم خبراتي واختباراتي الغربية، ودخولي في مماحكات مباشرة رسمية وغير رسمية، في مجالات متنوعة ومتعددة، اكتشفت قدر الزيف والازدواجية في الفكر والسياسة الغربية، وحجم سوء فهمنا وتطرفنا وتشوهنا في تفسير شعارات الحداثة والتنوير. وقد دغعني واقع الصدمة، الى مراجعة قراءة الغرب، قراءة نقدية اختبارية مباشرة، وبلغاتها الأصلية، الالمانية والانجليزية.
فما أكتبه هنا، هو نتاج دراسة واختبار ومراجعة للمشروع الامبريالي الرأسمالي والصليبي، الذي تم تسويقه اعلاميا وتجاريا، بمقدمات متعددة من الاغراءات. وليس على جميعنا اليوم، الا أن ينظر الى ثمار الدمقراطية والحرية والشعارات الفضفاضة المزورة غير الموجودة في مجتمعات الغرب نفسه، إلا في صور الدعاية والتزييف.
فالمقراطية الغربية لم تنتج غير الانحطاط الاجتماعي والفساد الاداري وفوضى الاعلام. والمغزى هو اضعاف مؤسسة الدولة، وفتح الفضاء لتخرصات الغرب.
(5)
لماذا لا يسمح القانون الغربي والعالمي توجيه نقد للصهيونية والامبريالية الامريكية وأشياء كثيرة متعلقة بها، من ضمنها المثلية!.
لماذا ترفض الجامعات ودور النشر والاعلام نشر أو ترويج أي مادة تتعارض والتابوات المقدسة، وسلسلة الممنوعات القانونية؟..
لماذا يحاكم الشخص على رايه وقناعته بشيء يخص الصهيونية او الاميركانية وامور تتعلق بالتاج والمعارضة السياسية، وهل يختلف ذلك عن تاريخ المحاكم الكنسية ومحاكم التفتيش ومحاكم الضمير؟!!..
الذين رفضوا الدكتاتوريات الدينية والوطنية واجراءاتها القمعية، بحاجة لمراجعة ممارسات الدكتاتورية الامبريالية واجراءاتها القمعية المهينة، ونحن العرب، لدينا اشكالات تاريخية وستراتيجية تجاه الصهيونية والامبركية، وللا يجوز لنا التعبير عنها.
ان البطولة ليست في تأييد المظاهر السلطوية الحاكمة، وانما في المعارضة والرفض والتعبير عن الرأي الخاص!.
العولمة الاميركية فضحت مشروع الحداثة، وكشفت الوجه الاخر للافكار والفلسفات، والجوانب التخريبة للحداثة والتكنولوجيا والثورة الصناعية التي بهرتنا لأول وهله.
وعلينا اليوم أن نصحو، ونبدأ المراجعة والنقد والتصحيح، لابتناء قواعدنا المعرفية المستقلة عن الثقافة الغربية جملة وتفصيلا.
من المؤسف القول ان طرقنا في تقمص الافكار والمظاهر الغربية، واسقاطها على حياتنا ومجتمعاتنا، تشكل اليوم عارضا، في طريق التطور أو الخروج من المأزق الكولونيالي.
وما ييسود اليوم في مجتمعاتنا من انحياز للغرب والانتقال للاقامة في اوربا، هو دالة ضعف وهزيمة وظاهرة طفيلية، فضلا عن أثرها التدميري على بلادنا، وخدمتها للقوى الكولونيالية، التي كان أباؤنا وأجدادنا يعارضونها.
وأحرى بنا، اعادة بناء بلدانا وتصحيح مسارات وقواعد التنمية الوطنية والاجتماعية، ولا نترك مجتمعاتنا المحلية تتخلف وتموت، بينما نشارك في ازدهار القوى الامبريالية.
(6)
ذكرت في مقالتي السابقة، طبيعة نظرتي لما يدعى العلوم الاوربية، وأسواء وضعها موضع (حقائق مقدسة)، لا يجوز تجاوزها أو مخالفتها، ولابد للمثقف والاكاديمي المعني في مجاله، اعادة النظر في قواعد تخصصه وفق منهج تجريبي شخصي أولا، وباعتماد على موروثنا التاريخي، الذي سبق لبعض الغرب اعتماد جوانب منه. وأعتبركل الناتج الغربي من معارف وافكار وتقنيات جزء من مركزيته العنصرية واسلحته للتفوق وتهميش الآخر.
أما علم النفس، وهو بحسب المؤرخين، آخر العلوم الغربية المستحدثة، والمنسوب لفرويد، فمن غير الصواب تصنيفه في باب العلوم والحقائق المطلقة، وهي لا تتعدى تجارب شخصية وخبرات عائلية ثقافية، وتأويلات اجتهادية خاصة لظواهر وأعراض، تتجنى على الطبيعة، عبر تسلطها المطلق على ما يدعى (العقل الباطن).
ويبقى السؤال، ما هو الخير الذي قدمه علم النفس والتحليل النفسي منذ ظهوره،ولماذا ترادف ظهوره مع رواج العهد النازي. ولماذا صار ومازال هتلر هو المادة المركزية لطروحات علم النفس والتحليل النفسي، أو أنه مجرد اسقاط تجارب شخصية وعقد يهودية على مخالفيهم. طبعا لا أقصد الدكتور الربيعي شخصيا!!.. مع العذر..
ان فهما حقيقيا لهذا العلم، يتطلب قراءة نقدية تحليلية لأسفار التاناك، وملاحظة الاصدارات والمواقف المكررة فيه حول مجتمعات المحيط الذي عاش بين ظهرانيه العبرانيون.
وهذا يقود لتساؤل أخر، حول الصفقة الستراتيجية بين اللوبي اليهودي والتاج الانجليزي في زمن قوته، ومثله مع السيادة الاميركية اليوم؟..
ان فشل الحكام العرب والمسلمين في تحصين مواقفهم وبلدانهم ضد الامبريالية الغربية، وانتهاءها لما هي عليه اليوم، ليس مبررا لاستسلام مجتمعاتنا للتسليم للأمر الواقع، والتملص من قضية الانتماء والوطنية، وخصائص القوة والشجاع والثقة بالذات!.
(7)
ما ورد هنا هو جانب من معتقداتي وخلاصاتي الفكرية، والمدعمة بما حصل لبلدي العراق واقامتي في الغرب لاكثر من ربع قرن، في مجال تبادل الافكار والمعتقدات، وهي عامة التوجه، وبالتأكيد لا تعني الصديق الاستاذ الدكتور طلال الربيعي حصريا، مع اعتزازي الشخصي وشكري العميق لاهتمامه في التوضيح العلمي للمصطلح.
وأقول أخيرا.. يجوز لنا كل ما يجوز لأميركا والقوى الامبريالية.. يجوز لنا كل ما يجوز لأعدائنا.. يجوز لنا كل ما يجوز للأخرين وفي كل المجالات والصعد..
يجوز للضحية استخدام كل الوسائل على الاطلاق لتحرير نفسها والحياة حسب رؤيتها المستقله للوجود، لاحتلال مكانتها اللائقة والمساوية للأمم حقا وحقيقة، وليس على الورق الأصفر فحسب. وهذا يشمل منظمة الامم المتحدة وكل المنظمات والجمعيات والسياسات والاتفاقات الدولية العامة والثنائية مع العراق!..
والله من وراء القصد!..



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عولمة الخناثة..
- دارون والعنصرية الانجلوميركية..
- دولة بلا أخلاق/ Amoral State
- من دولة العسكر إلى دولة المأفيات..
- البلادة/ ASimpathy
- علم بلا أخلاق/ AMoral Science
- عولمة بلا أخلاق/ AMoral Globalization
- ما قبل الكولونيالية..
- ما بعد الامبريالية..!
- من رأسمالية الدولة الى دكتاتورية الرأسمالية..
- عولمة.. فوضى ونفايات
- اكذب تضحك لك الدنيا!..
- عن اليتم والبصرة والشارع الوطني..
- القرصنة الثقافية وتهجين العقل
- المكان هو اليوتوبيا
- كاموك- رواية- (78- 84)- الاخيرة
- كاموك- رواية- (71- 77)
- كاموك- رواية- (64- 70)
- كاموك- رواية- (57- 63)
- كاموك- رواية- (50- 56)


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وديع العبيدي - عولمة الخناثة (2)