أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (8)














المزيد.....

كَهِينَا (8)


سلام محمد المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 6037 - 2018 / 10 / 28 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


عادت كهينا بسرعة، سمعتُ وقع خطاها.. صغيرتي كانت تهرول.. تجري، كانت سعيدة وكنتُ أسعد..
قالت: "هيا، قم يا كسول، لنتعشى.."
قلتُ: "حسنا فعل زوجكِ عندما رحل سريعا، وحسنا فعلتِ بمحو كل ذكرى له عندي"
قالت: "وحسنا فعلتَ بأن لم تكن ككل الأطفال.. ككل الأبناء.. أنا جائعة وأنتَ؟"
قلتُ: "سأجوع الوقت التي أحضّر لكِ فيه شيئا.. لا تقلقي"
قالت: "سأفعل"
قلتُ: "كانت ماما تقول أني يجب أن أتعلّم كل شيء لأستطيع التعويل على نفسي، أجادتْ تعليمي لدرجة أني اليوم أستطيع العيش في غابة دون أي تموين.. دعيني أعوّل على نفسي إذن، وفي نفس الوقت أردّ لها القليل.."
قالت: "أستسلمُ!"

قفزت من مكاني، وأسرعت للمطبخ.. لم تأكل طوال اليوم.. كنتُ مطالبا بتحضير شيء يعجبها وفي أسرع وقت، رهان تدربتُ عليه كثيرا منذ سنوات.. بدأ ذلك في السنة الأخيرة من مكوث كريمة معنا، في سنتي الخامسة عشرة.. اليوم كبرتُ وصرتُ أعرف كل شيء، جل الفضل يعود لها وبعضه لي؛ كانت المعلِّمة المتمرسة وكنتُ التلميذ الذكي..
لم نتكلم، لم تقل شيئا لكنها غنّتْ.. ثلاث أغنيات، اعتدتُ سماعها عندما كنت صغيرا، في الفراش قبل النوم.. لم أكبر، لا أزال صغيرها، رضيعها، ولا تزال تُغني لي مثلما كانت تفعل كلما أخذَتْني للفراش عندما كنت صغيرا.. كنت سعيدا؛ أسعدُ دائما عندما تُشعرني أني صغيرها وتسعد دائما عندما أشعرها أنها الأصل.. المصدر.. صغيرتي.
بعد أن أكملنا الأكل، استغربتُ من سؤالها عن كريمة، لكني أجبتها وقلت لها كل شيء؛ قلت أني أعرفها منذ خمس سنوات، قصصت عليها كل ما حدث عبر الشات، وكيف وجدتُ نفسي أمام منزلها في صباح ذلك اليوم.. استغربتُ أكثر لردها: "اتصلْ بها واعتذرْ منها".. قلت أني لم أخطئ لأقدّم اعتذارات، ردتْ: "افعلْ ما قلتُ لك ثم قَبِّلها في أقرب فرصة، لا تجعلْ صبرها ينفذ فتندم".. لم أفهمْ موقفها، لكني عزمتُ على فعل ما قالت.

شاهدنا فيلما بعد ذلك، والتحق كل بغرفته.. الموبايل كان على سريري، وجدتُ أن كريمة اتصلتْ عديد المرات وأرسلتْ رسائل عديدة.. اتصلتُ بها واعتذرتُ، قلتُ لها أنها إنسانة جيدة وتستحقّ كل خير لكني لا أعلم هل سأستطيع اسعادها أم لا.. قالت لي كلاما جميلا، قالت أني أسعدتُها ذلك اليوم وأنها لا تأمل أكثر، قالت أنها ستقبل مني كل شيء وستتفهّم كل شيء، طلبتْ أن نلتقي في الغد فلم أعدها، لكني سألتها هل ستُقَبِّلني إن التقينا؟ فلم تعدني لكنها قالت: "اصنع لي قلادةً من الياسمين، وواعدني في مكان جميل وسنرى.."

عندما أفقتُ في الغد، وجدتُ أنها لم تنمْ؛ أمضتْ الليلة تكتب لي، الرسالة الأخيرة قالت فيها أنها تنتظر متى أستيقظ لأتصل بها.. أعجبني ذلك منها، لكني شعرتُ بضيق؛ رائعة أخشى ألا أستطيع مبادلتها ما تشعر به نحوي، رقيقة أخاف أن تسقط آمالها في أي لحظة..

لم أتصل.. حملتُ معي إبرة وخيطا أبيض، قطفتُ الياسمين من عند بعض الجيران وصنعتُ عقدين..
عندما وصلت لمكتب كهينا، أعطيتُ عقدا للسكرتيرة وطلبتُ منها أن تقول لها "هدية من رجل يرغب في لقائكِ".. عندما عادتْ، كانت مبتسمة وقالت: "أظنها تعرّفتْ عليكَ".. عندما دخلتُ، وجدت كهينا واقفة أمام النافذة تنظر إلى الخارج، والعقد فوق مكتبها.. قالت: "أكملْ.."، فأخذت عقدها، وقفت وراءها، وضعته مكانه، ثم ربطتُ الخيط من تحت شعرها وقبلتُ العقدة ورقبتها.. استدارتْ وسألتني عن كيف سأمضي يومي، فأعلمتُها أني سأعمل بنصيحتها فباركتْ.. ثم ناولتني مفاتيح السيارة وبعض الأوراق النقدية، وقالت: "لا تُقبِّلها أنتَ، دعها هي تفعل.."، فذكّرتُها أنها البارحة قالت العكس فردتْ أنها غيّرتْ رأيها: "كلنا نخطئ ونتعلّم من أخطائنا، ليس عيبا أن نقول خطأ؛ العيب أن نواصل دون أن نتعلّم فنخسر كل شيء".



#سلام_محمد_المزوغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كَهِينَا (7)
- كَهِينَا (6)
- كَهِينَا (5)
- كَهِينَا (4)
- كَهِينَا (3)
- كَهِينَا (2)
- كَهِينَا (1)
- كنزة (3)
- كنزة (2)
- كنزة (1)


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (8)